السيد راوندوزي هل العراق دولتين ام دولة واحدة
 

محمود المفرجي

almifarji55@yahoo.com

اشد على يد النائب فرياد راوندوزي بدعوته للحوار بشأن المناطق المتنازع عليها في مقالته الموسومة (حلقوم العفريت والمناطق المتنازع عليها) المنشورة في جريدة الاتحاد.

فقد استعرض راوندوزي عرضا تاريخيا للمناطق المتنازع عليها والتي كانت بمجملها متنازع عليها بين دولتين وليس بين الدولة الواحدة كما يحدث الان في العراق، وبالتالي فان الامر مختلف على اعتبار ان الدولة بمفهومها العام محتفظة بالاراضي المتنازع عليها، في حين ان الصراع الدولي على منطقة ما يتم اما بالسلاح واما عن طريق اتفاقية بين هاتين الدولتين.

وبالرغم من تركيز راوندوزي على مبدأ الحوار والتفاهم بهذا الامر الا انه لم يتطرق الى الاليات الدستورية العراقية في تسمية المناطق المتنازع عليها وبالتحديد المادة 140 الخاصة بهذا الامر.

فالمناطق المتنازع عليها حسب الدستور تشخص من قبل مجلس النواب ثم ترفع الى هيئة الرئاسة واذا لم تتفق الرئاسة على التسمية ترفع الى المحكمة العليا، واذا لم تتفق المحكمة العليا، فيجب ان نأخذ قرارا ونذهب للامين العام للامم المتحدة من اجل تسمية شخصية مرموقة لتعالج الموضوع ووضع توصيات بهذه المسألة، واذا لم تصنف هذه المناطق بانها متنازع عليها فيجب ان تبقى السلطة فيها بيد الحكومة المركزية.

وهذا الامر يمكن ان يعمم على كافة مناطق العراق، الا كركوك التي شخصت كونها منطقة متنازع عليها حسب المادة 140 من الدستور العراقي.

وبالرغم من ان كركوك سميت كمنطقة متنازع عليها الا انه لم يتوصل القادة السياسيين الى حل هذه المنطقة المعقدة، لاسيما بعد انتهاء الفترة المخصصة لتطبيق هذه المادة، والتي لايمكن لاي جهة عراقية او غير عراقية ان تقوم باجراء تعديلات عليها الا بعد مراجعة المحكمة الاتحادية العليا التي تختص بتفسير نصوص الدستور حسب المادة 93 من الدستور خاصة ان قرارات هذه المحكمة باتت ملزمة للسلطات كافة وان عليها حسم الخلافات حول مصير المادة 140 من خلال اعلان تفسيرها لنصوص ومصير هذه المادة.

واذا كنا قد استعرضنا بصورة مختصرة الاليات الدستورية للمناطق المتنازع عليها، فاننا نرى ان الحوارات بين الاطراف السياسية المختصة بهذه المناطق تنطلق خارج الدستور ولا تعير له اي اهمية، وخاصة من جانب الاخوة الاكراد الذين لا يلتفتون الى الدستور في هذه المسألة من خلال حسمهم للامور مسبقا بدون اخذ باقي الاراء من شركائهم السياسيين، وهذا ما لاحظناه جليا في مشكلة خانقين التي اثيرت مؤخرا، فبالرغم من ان قضاء خانقين هو جزء من محافظة ديالى التي لا تزال جزءا من المحافظات غير المرتبطة باقليم، اي انها مرتبطة بالحكومة المركزية، الا ان الاخوة الاكراد تصرفوا تصرفا غريبا باعتراضهم دخول القوات الامنية العراقية الى القضاء، وهذا يؤكد ما ذهبنا اليه انفا بانهم حسموا خانقين منطقة متنازع عليها بدون ان تدخل هذه المنطقة الى الاليات الدستورية.

وبهذه التصرفات فان الاخوة الاكراد اعطوا انطباعا بانهم لا يهتمون بشيء بقدر اهتمامهم بمصالحهم والتطلعات الواضحة ببناء اسس دولة كردية، وليس اهتمامهم بالعراق الذي من المفروض هم ينتمون اليه قبل انتمائهم للاقليم .

فما جاء لسان رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان فؤاد حسين الذي يدعو فيه الحكومة العراقية بالتشاور مع الأكراد والأطراف الأخرى قبل اتخاذ قرار شراء الطائرات الحربية، فضلا عن مطالبة رئيس برلمان إقليم كردستان عدنان المفتي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا بأن تشترط في بيع الأسلحة للعراق بالطلب من الحكومة العراقية عدم استخدام هذه الأسلحة ضد الأكراد وبقية مكونات الشعب العراقي، سابقة خطيرة وعقبة كبيرة تقف بطريق بناء الدولة العراقية، وهي ولادة لمخاوف كبيرة تنذر بكارثة مستقبلا اذا لم يتم معالجتها.

فهذه التصريحات والمواقف لا تلائم ما يطلقه القادة الاكراد بان العراق الجديد هو ليس كالعراق القديم ؟، ولا تلائم الرغبة العراقية العامة ببناء عراق ديمقراطي ؟ فبدلا من ان يعملوا على تقوية العراق عسكريا، يقوموا بمحاولة اضعافه علنا، وهم لا يعلمون ان قوة العراق العسكرية هي قوة لهم قبل غيرهم وحماية لهم .

ولكن السؤال، لماذا بدأت الهواجس الكردية تظهر شيئا فشيئا، خاصة بعد قانون انتخاب مجالس المحافظات الذي توقف عند عقبة كركوك، ولماذا هذه الهواجس تصاعدت اكثر بعد قضية خانقين التي لا يملكون فيها اي تبرير قانوني ودستوري يعترضون فيه على دخول قوات الحكومة الاتحادية .

والجواب يأتي مؤلما بان الاخوة الاكراد يستغلون ضعف الدولة الحالي وعدم قدرتها على مواجهة هذه الامور السيادية الحساسة وخاصة مع اقليم كردستان الذي يعتبر مشاركا رئيسيا بالعملية السياسية، فضلا عن عدم قدرتها على فتح مشكلة اخرى بوسط المشاكل الكبيرة التي يتعرض لها البلد على كافة الاصعدة.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com