الامام علي نفحة قدسية وهبة الله لهداية البشرية ... (6)

 

هلال آل فخرالدين

hilal.fakhreddin@gmail

 ( الامام علي في الذكر الحكيم)

 المحاربون لعلي الاخسرين اعمالا

جاء في الذكر الحكيم قوله سبحانه:(قل هل ننبئكم با لاخسرين أعمالا* آلذين ضل سعيهم في الحياة آلدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) الكهف:103-104  اخرج سفيان بن سعيد في تفسيره :إن ابن الكوا –زعيم الخوارج- سأل علي ابن ابي طالب عن قوله (بالاخسرين اعمالا) قال:هم أهل حروراء –الخوارج الذين خرجوا من الكوفة الى حروراء قرب المدائن واتخذوها مقرا لهم – تفسير سفيان بن سعيد ص137

وروى الامام ابن جرير الطبري في تفسيره عند قوله تعالى:(قل هل ننبئكم بالاخسرين ..) بسنده عن سلمة بن كهيل قال :سأل عبد الله بن الكوا عليا عن هذه الاية فقال علي:( ويلك أهل حروراء منهم)  جامع البيان في تفسير القران ج16ص: 24

وهؤلاء هم المارقون الذي امر رسول الله(ص) عليا بقتالهم ومن اخرجه ايضا العلامة السيوطي في تفسيره الدر المنثور ج3ص:253  وابن المغازلي في مناقبه ص:58

النبي(ص) قاتل على التنزيل والامام علي يقاتل على التأويل

روى ابن حجر العسقلاني في (الاصابة) عن الاخضر بن آبي الاخضر عن النبي(ص) قال:(أنا أقاتل على تنزيل القران وعلي يقاتل على تأويله) لازم هذا الدليل ان يكون علي هو العالم بالتأويل حتى يقاتل عليه

وأخرج المتقي الهندي في(كنز العمال) عن ابي ذر قال سمعت رسول الله(ص) وروى الحديث ج6ص:190-191 عن ابي ذر قال:كنت مع رسول الله(ص) وهو في بقيع الغردقفقال(ص) :(والذي نفسي بيده إن فيكم رجلا يقاتل الناس بعدي على تأويل القران كما قاتلت المشركين على تنزيله وهم يشهدون إن لااله إلا الله فيكبر قتلهم على الناس حتى يطعنوا عليا ولي الله ويسخطوا عمله كما سخط موسى أمر السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار وكان خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجادر لله رضى ..كما اخرج المتقي في (كنزالعمال) عن ابي سعيد الخدري:أنه قيل لرسول الله (ص) :ابوبكر اوعمر؟قال (ص):لا ولكنه خاصف النعل يعني علي

أخرج الحافظ الحسكاني الحنفي في (شواهد التنزيل ) قال:قال النبي(ص) :علي يعلم الناس بعدي من تأويل القران مالم يعلمون شواهد التنزيل ج1ص29 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص37 والمناقب لابن المغازلي 112 واخطب خوارزم الحنفي في مناقبه ص246 والحمويني في فرائد السمطين الباب 58 وابن حجر في (الصواعق) ص:75 و93 ومالذهبي في ميزان الاعتدال ج1ص205 والاستيعاب بهامش الاصابة ج3ص:35

 أصحاب علي المبيضة وجوههم وأعدائهم المسودة وجوههم

جاء في الذكر الحكيم قوله تعالى:(يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما آلذين آسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا آلعذاب بما كنتم تكفرون*وأما آلذين آبيضت وجوههم ففى رحمة الله هم فيها خلدون) ال عمران:106-107 روى الامام جار الله الزمخشري في تفسيره(الكشاف ) عن ابي أمامة ان الذين اسودت وجوههم ..) هم الخوارج الذين خرجوا على علي ابن ابي طالب ..ولما رأهم ابو امامة على درج دمشق دمعت عيناه ثم قال:كلاب النار هؤلاء شر قتلى تحت اديم السماء

فقال له أبو غالب:أش تقوله برأيك ام شيء سمعته من رسول الله(ص) قال:بل سمعته من رسول الله (ص) غير مرة  (انظر تفسير الكشاف تفسير سورة ال عمران)

والذين ابيضت وجوههم كما ان رسول الله(ص) هو الذي قال أكثر من مرة هم الذين قتلهم الخوارج والذين اسودت وجوههم هم الخوارج القتلة

علي أول من فتح ابواب الحوار وفرض حقوق الانسان

على الرغم من فتحه المنطق الحوار وفتق ابواب الكلام  والمحاججات  مع النصارى واليهود و المجوس والفلاسفة والدهريين وغيرهم وافحامهم ورد شبهاتهم وهرطقاتهم وكثيرا منهم اسلموا على يديه. الا انه كان يتعامل مع الاخر من منطلق الانسانية واحترم الاخر غاية الاحترام ويحافظ عليه ويرعاه ويحمية ويذب عنه ..لذلك نلاحظ الامام بلغ به التاثر غايته عندما طرق سمعه ان الغامدي –وهو احد قواد معاوية الذي كان يرسلهم لشن الغارات على الامنين ويقتل الناس ويسلب الاموال- قد سلب كتابية نصرانية قرطيها وقتلها فقال الامام علي :لوان الانسان مات كمدا او حسرت ماكان عندي ملوما وقال:هؤلاء دمائهم دمانا .اي لافرق بين الحرمات الثلاث الانفس والاموال والاعراض ...

وكان الامام علي يكرر قائلا لو ثنيت لي الوسادة لافتيت اهل التوراة بتوراتهم واهل الزبور بزبورهم واهل الانجيل بانجيلهم حتى يقول الكل قد عدل ابن ابي طالب ..فهل امكنوه او امهلوه من اكمال مشروعه الانساني الحضاري .. الذي يحترم الاخر مهما كان ذلك الاخريعتقد او يدين ومهما كان جنس او لون ذلك الاخر ..؟ وكان الامام علي شديد البغض للتطرف ومصادرة حرية الفكر والعنف خصوصا في خصوص سيرته ومدى حرصه على السلام والسلم وهذا مؤشر واضح في سلوك الامام وتصرفاته القولية والفعلية معا ويمكن ان نطلق عليه بجدارة رجل السلام والانسانية والمدافع عن القيم والمباديء فقد جاء في كتاب (غرر الحكم ودرر الكلم ) التي جمعت له فه هذا المصنف فهو يقول:( من ركب العنف ندم) ويقول :( من رفق بمصاحبة وافقه ومن أعنف به أخرجه وفارقه) وقال ايضا:( لايجتمع العنف والرفق) وقال ايضا مشددا على عامله الاشتر : (فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام فان ذلك مما يضعفه ويوهنه بل يزيله وينقله ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل عمد) وكان دائما يؤكد على الرفق (مادخل الرفق في شيء الازانه وما دخل العنف في شيء الا شانه ) سلام الله عليك يامام الرحمة وارفق والسلام .

 وقد سن مبداء الحب للاخر كما يحب الانسان لنفسه من خير ومن وصيته لابنه الامام الحسن :يابني اجعل من نفس ميزانا بينك وبين غيرك فاحبب له ما تحبب لها واكره له ما تكره لها ..اليست الحياة الا الحب في نفس ومباديء ابن ابي طالب ..؟ التي سبق بها ليس فقط عصره بل حتى العصور المتأخرة عنه

وفي عصر خلافة الامام علي شرع قوانين ليس فقط تحترم حقوق الانسان بل جعلها فرضا لازما وامرا واجب الاتباع من سن مبادرة انسانية فريدة من التسوية بالعطاء بين الاسود والابيض والقريب والبعيد على حد سواء ليس لاحد ميزة على احد والغى العطاء الطبقي الذي ابتدعه ابن الخطاب في خلافته ..وفتح باب العطاء للمعوقين والعجزة من اصحاب الديانات الاخرى كما سن الامام في زمن خلافته بالكوفة وفي عز وعنفوان اكبر دولة في ذلك الزمان اي قبل 1400 عام قانون رعاية وحفاظ الاماكن المقدسة ودور العبادة اليهودية منها والمسيحية وحرية اقامة الشعائر والطقوس الدينية فيها لارباب تلك الديانات وهذا مايؤكده المستشرق الفرنسين ماسنيون في كتابه خطط الكوفة وقد ترجمة تلك الوثيقة الكنيسة الارمنية في جلفا في اصفهان وقد رأيت النسخة الخطية من تلك الوثيقة في متحف قصر (جهل ستون ) في اصفهان وقد ذكرنصوص منها  جملة من المؤرخين ..اذن كان الامام علي اصدق صوره  عرفها التاريخ البشري  لحب الانسان لاخيه الانسان واشعاره  بكرامته  وثقه  الانسان  بالانسان  والتفاؤل  الذي لا ينشاء  عن غفله  او  ضعف  او غرور  وانما ينشاء  عن معرفه  وقوه  وحسن  تقدير ...

سبق الامام في اقرار الرفق بالحيوان ورعاية النبات

 حتى ان الامام علي ذهب ابعد من ذلك حيث كان همه اشاعت الرحمة والعطف وارفق حتى مع البهائم حيث منع من التفريق بين الحيوان وامه (لاتفرقوا بين الفصيل وامه ..ولاتحملوا الحيوان فوق طاقته ..ولاتضربوه ...) بل وامر الرعية بالمحافظة على النبات وهوام الحيوانات بسقي الماء وتقديم الغذاء قائلا :(وانكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم ).

فالعدالة عن بن ابي طالب تحظى باهتمام كبير وعناية خاصة وعامة وشاملة لكل الخلائق وليس من اجل نفع سياسي او ضجيج اعلامي بل نابع من سمو روحه القدسية ونظرته الانسانية .

العودة الى الصفحة الرئيسية