|
ضياء من ضياءات ادعية الصحيفة السجادية الكاملة - مناجاة التائبين .. تعليق على ادعية الصحيفة السجادية للامام زين .. العابدين علي بن الحسين عليه السلام.. سلسلة من الحلقات – الحلقة الثامنة – من رمضانيات 2008 .. المناجاة الاولى - مناجاة التائبين
محمود الربيعي – كاتب وباحث عراقي مقدمة سر المناجاة تعتبر المناجاة قمة التواصل بين العبد وربه، وحديث العبد القلبي المباشر مع الله سبحانه وتعالى وفيه كل مافي داخل نفس الانسان من مشاعر صادقة لانه يؤمن الجور والظلم في ساحة الرحمن ذلك لان الله قوي لايحتاج الى ظلم ويسمع كلام عبده فيجيره ويجيبه ويسمع نداءه وانينه ودعاءه. تنوع المناجاة والامام السجاد عليه السلام اراد بهذه المناجاة المتنوعة التي تنسجم ومشاكل العبد ومعاناته وحاجته لبث همومه ومتاعبه وشكواه لرب الارباب وهو يعلم بان الله يرى ويعلم ماتحت الثرى، ويسمع كل الاصوات من دون ان تاخذه سنة ولانوم . وتعتبر المناجاة احد العوامل التي لو تفاعل معها العبد لعرف ان فيها اسرار واسرار لن تنكشف الا بالعيش في اجوائها في الساحة الرحيمية بين يدي الله سبحانه وتعالى. ممارسة المناجاة فلماذا لايجرب الانسان المؤمن هذه المناجاة، خصوصا في الاوقات التي يسدل فيها الليل سدوله وتغور فيها نجومه، ليبكي بكاء الحزين ويتململ كتململم الضعيف، يبتعد عن اجواء الدنيا ويتعلق باسباب السماء حيث يرتفع بنفسه الذليلة الى عز الله حيث يكون بعيدا عن الخطيئة وذل المعاصي، ولينزع لباس الذل ويعتصم بحبل الله ويقترب من ساحة النور السرمدية التي تمده بمقومات المشاعر الانسانية الرقيقة، ويعيش حياته الانسانية مع اليتامى والضعفاء واصحاب الحاجة يلاطفهم يوتودد اليهم ويقضي حاجاتهم مما انعم الله على النبيين والصديقين والصالحين من النعم الجسيمة واللطف الخفي. المناجاة وسيلة لاحياء القلوب ان من رحمة الله ان بعث الانبياء والمرسلين وانزل الكتب، ورغب في جنته للمحسنين وهدد بعقابه المسيئين والعاصين والمعاندين، ويحيا الانسان بحياة القلب ويموت بموته، وحياة القلب انما هي بحياة المشاعر والنفوس والاخلاق الكريمة، وموت القلب انما بالذنوب والمعاصي والاثام، ويبقى الانسان محتاجا الى رحمة الله فلا المسحن مستغن عن خالقه ولا المسئ، لكن الرحمة يمكن ان تتدارك المسئ اذا عاد الى ربه واقلع عن ارتكاب المعاصي والذنوب واحيى قلبه الميت بالتوبة والانابة. المناجاة وسيلة للقرب من الله سبحانه وتعالى وعندما يتعرض العبد الى الخطر والهلاك فلايكون في هذا الحالة من القرب له غير الله، فليس للعباد قدرة على انقاذه فهم انفسهم محتاجون لغيرهم وعاجزون عن دفع الضرر، فاذا كان الضرر هو عذاب الاخرة بسبب ارتكاب المعاصي فمن دفع عنهم هذا العذاب غير الله، اذ لاحل الا بالتوبة الى الله فهو الامل وهو الغاية اذ لاامل ولاغاية الا به واليه. فلاعز بغير الله ولن تجد من دونه جابرا لانكسار عز العبد اذ لاعز الا عزه، ولا غافرا سواه. اسقرار الايمان انتصار للفضيلة فلابد من الخضوع لله لاجل ان يعود العبد الى مولاه، وهذه العودة هي جزء من الرحمة التي تعينه لاكمال مسيرته بالطاعة ولزوم طريق الحق وانتصار الفضيلة، وهدوء النفس واستقرار الايمان. ان عصيان العبد عن عناد واصرار واستخفاف بطاعة الله، وتماديه في الباطل فانه هالك لامحالة، لكن رجوع العبد عن عصيانه وتوجهه لربه يفتح له باب الامل فان طرده ربه فلايمكن والحالة هذه يوم يقف بين يديه ساعة الحساب ان يلجا الى غيره بعد ان استحكم غضب الرب عليه، وعندئذ لابد من مواجهة الطرد والرد وحينئذ يفتضح العبد امام الخلائق في موقف مخجل بسبب ماارتكبه من الاعمال السيئة من الكفر والشرك والظلم والعدوان والتجاوز على الحرمات. لكن العبد مادام حيا وفيه نفس لابد عليه ان يبادر قبل فوات الاوان ليسال الله التوبة بالندم على مارتكبه من الحماقات التي توجب هتك ستره يوم الحساب يوم لاينفع مال ولابنون الا من اتى الله بقلب سليم، ليطلب العفو والمغفرة ليتجاوز الله سبحانه وتعالى ويصبح عن النادمين ويستر عليهم فاضحات السرائر من اجل ان ينعم ببرد رحمة الله والنجاة من حر ناره. الاهتداءالى طريق الحق يركز الامام عليه السلام في هذا الدعاء وفي غيره من الادعية اهمية التوجه الخالص المخلص لله سبحانه وتعالى، وحاجة الانسان الى رحمة الله ورافته حيث لامنقذ غير الله، ولاساتر الا الله.. وشبه الامام عليه السلام الستر بالغمام والسحاب لانه يغطي ضوء الشمس والقمر من كشف حقيقة الاشياء، وهكذا فان ظل الستر على العيوب والنقائص انما هو رافة ورحمة للعباد وطريق لتناول التوبة والانابة الى الله والدخول في ساحة رحمته المنجية، واول طريق التوبة الندم على الذنب، ثم الاستغفار لشق طريق التكفير عن الذنوب، والاهتداء لسلوك طريق الحق، والنجاة من سخط الله، وتحقيق رضاه سبحانه وتعالى. قدرة الله وحلمه وعلمه ويشير الامام عليه السلام بين حين واخر الى صفات الله الكمالية ومنها القدرة والحلم والعلم الخاصة التي تجعل العبد يطمع في رحمته تعالى، فالله وحده يملك حق قبول التوبة، والعفو عن العبد ذلك لان رحمته سبقت غضبه، ولانه اعلم بضعف مخلوقه الذي يحتاج عفوه والرفق به، وتقبل رجوع العبد بالتوبة والاستغفار التوبة النصوحة ان اهم مايميز الرحمة الالهية فتح باب التوبة النصوحة .. هذه الباب التي لاتغلق الا بنهاية حياة العبد، وهذا يعني ان الانسان غير معذور بعد خروج نفسه الاخير، فقد فسح سبحانه وتعالى مجال العفو حتى هذه اللحظة وقبل خروج النفس، وذلك يعني انه رغم قبح الذنوب فان عفو الله اعظم من قبح تلك الذنوب، فكم من مذنب مقصر نال عفو الله سبحانه وتعالى وقبول توبته بعد عصيانه! اذ ان معروف الله ليس له حدود، فهو الذي يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء، وهو الذي ينظر الى العبد بعين الرحمة فيكشف الضر، وهو الذي يسدي المعروف وينزل من بره واحسانه مايمنح العبد فرصة الخلاص والنجاة من غضب الله، فعلم الله احاط بكل شئ وهو وحده يعلم سر العباد ومدى استحقاقهم لقبول التوبة، فالله لايحب ان يفضح العبد التائب من ذنوبه لافي الدنيا ولا في الاخرة ويعاقب على من يسئ الى عبده. جود الله وكرمه ورحمته كما ان من صفته سبحانه وتعالى الجود والكرم والرحمة لذلك فان هذه الصفات تدفع العبد لان يطمع بذلك الجود والكرم، ويجعله يتوسل بسيده الذي هو وحده يمتلك حق منح هذه الرحمة. لاتياسوا من رحمة الله وينهي الامام عليه السلام درسه لطلاب منهجه ومدرسته بضرورة الدعاء، واللجوء الى الله تعالى، غير يائس من رحمته، لعل الله يتقبل توبته، ويكفر عنه خطيئاته، وبمن عليه بالرحمة. المصادر الصحيفة الكاملة السجادية للاما زين العابدين م علي بن الحسين عليهما السلام
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |