|
ضمان حقوق الأقليات مطلب وطني محمد علي محيي الدين لا يختلف اثنان على إن الفسيفساء العراقي بالاصطلاح الجديد والتنوع الديني والقومي يتطلب قوانين وتشريعات من طراز خاص يشارك في تشريعها وإقرارها أبناء الأقليات ذاتها بما يتوافق وحقوقهم المشروعة وحقهم في العيش بسلام موفوري الحقوق كاملي الأهلية لأن يكونوا مواطنين أصليين وليس من الدرجة الثانية كما يحاوله البعض من ذوي التوجهات المعارضة لحقوق الإنسان،وهذه التشريعات تنطلق من منطلق وطني بعيد عن أي توجهات ضيقة مهما كان لونها أو وجهتها،فالجميع شركاء في الوطن وأخوان في الإنسانية،ولهم أسهامهم في النضال الوطني الذي لا ينكره إلا جاحد أو مكابر ،ومنهم الكثير من الشخصيات الفكرية والأدبية التي تركت بصمات واضحة في مسيرة الحرف العربي،وتاريخ آداب اللغة العربية لا زال يضع الأب الكرملي في مقدمة الذادة عن العرب والعربية ،ومنهم من أسهم في المعارف والعلوم الأخرى عبر عشرات القرون وشكلوا معالم واضحة في الحضارة العربية،فليس من الهين تجاوزهم أو تهميشهم أو إنكار دورهم وخصوصا من الأطراف التي كانت تشكوا التهميش والإهمال في العقود الماضية. أن الواجب الوطني يدعو الجميع لمساندة مطالب هؤلاء العراقيين،السكان الأوائل لبلاد الرافدين وبناة حضارته التي ترتفع أعناقنا بالحديث عنها فلم يكن حمورابي عربيا أو كرديا ولا نوبخذ نصر سنيا أو شيعيا ،وأولئك كانوا سكان العراق الأصليين وبناة حضارته ،وقد وفدنا عليهم نحن العرب بطريق أو آخر لنشكل تكوينا سكانيا كبيرا ،تغلب على قلتهم فهل من المعقول أن نجعل منهم مواطنين غير أصليين ونعاملهم كما عامل الأمريكان الهنود الحمر بعد احتلال بلادهم. لقد كانت حقوق الأقليات مضمونة في الدستور الملكي وكان منهم الوزراء والنواب والأعيان وكبار موظفي الدولة ،وحتى اليهود عندما كانوا عراقيين أستوزر أحدهم لوزارة المالية ولا تزال بصماته واضحة على الاقتصاد العراقي فكيف نعود اليوم للارتداد إلى القوانين الشمولية وننفي حقوقهم المشروعة ،ونلغي ما كتبناه بأيدينا في الدستور الذي صوت عليه العراقيين،هل يحق لنواب الشعب إلغاء ما كتبه العراقيين بدمائهم في مسيرتهم الكبرى للتصويت على الدستور،أم أن لكاتبيه الحق بإلغائه دون الرجوع إلى من صوت عليه. أن مجلس الرئاسة الموقر عليه نقض هذا القانون كما نقض الذي قبله لأنه مس مواد دستورية لا يمكن تجاوزها أو تغييرها،وعلى المجلس العمل لصالح العراقيين جميعا على أساس المواطنة لا على أساس العرق والدين والمذهب،وأن يكونوا عراقيين لا قوميين أو طائفيين ولهم في رئيس الوزراء العراقي أسوة حسنة عندما دعا السلطة التشريعية إلى التراجع وضمان الحقوق المشروعة لجميع العراقيين بغض النظر عن أديانهم وقومياتهم ومذاهبهم. وعلى المحكمة الدستورية أو مجلس القضاء الأعلى أعادة القانون لمشرعيه لتعديله بما يتلاءم وحقوق الإنسان،وما أقره الدستور من حقوق لجميع العراقيين،وأن يكون المجلس في المكان الذي وجد من أجله ليقول كلمة حق،وكان الأولى بأعضاء مجلس النواب تقسيم المقاعد الفائضة على الأقليات لضمان تمثيلها في المجالس المحلية لا تقسيمها بين الكتل الكبيرة، لأن وجودها لا يؤثر على الأمور التي يحاول تمريرها الأكثرية،فصوت الأقلية لا يسمع ،وعليهم ولو من باب رفع العتب تزيين مجالس المحافظات بمثلين عن مكونات المحافظة،ليسهموا في بناء بلدهم أسوة بالآخرين. ويحضرني قي هذا المجال المثل الشعبي(رعية الخال وأبن أخته) الذي تعاملوا به مع أخوانهم فقد قيل أن أحدهم شغل أبن أخته راعيا في غنمه فكان الخال يحاول أن لا يعطي أبن أخته كامل الأجرة،وابن الأخت يتوقع أن خاله سيعطيه أكثر من الآخرين،وعذرا من هذا المثل فالمثال تضرب ولا تقاس والأقليات ليس أبناء أخت وإنما أبناء وطن واحد يفرحون لفرحه ويحزنون لحزنه،وقد رووا أرضه بدمائهم الطاهرة في الذود والدفاع عنه،واختلطت دمائهم بدمائنا ،ولا زلنا أخوة نتعامل بروح إنسانية بعيدا عن دعاوى العنصرية والتفرقة البغيضة.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |