|
مقامة الواق واق
المهندس رياض الكفائي حدثنا عيسى بن هشام فقال : كنت بالنهروان، اشكو القيظ والحرمان، وشدة الجور والطغيان, فقلت لعن الله الشيطان, وأبعد عني الغثيان, وألهمني الصبر والسلوان. وانا في هذا الهذيان، اكتوي بناري و قهري، وأندب حظي ودهري ، فلا أملك أمري، ولا أعرف قدْري، وأصابني الهبري، وأمسى الهوى عذري، فعمً الغدر والشر، وضاق البحر والبر ، والناس في كر وفر، ضباب في برد وحر, فأما السكوت والصبر، وأما الكلام فالقبر. قال عيسى بن هشام : حدثني ابو الفتح الاسكندري، بإسلوبه التتري ، وحسه العنتري، قال : اذا كنت تخشى الغيبوبة، والعيش بصعوبة، اترك ارض العروبة، وارحل لديار غير منهوبة. واذا أردت أن تصبح قارون، وتحيا كاحمد بن طولون، وتشفى من مرض القولون، فأسعَ الى ملبورن. وبعد الاستشاره والاستخاره، وتدخين ستين سيكاره، ورشوة للوزارة, أهتديت للامر الرشيد، والرأي السديد، وبعزم من حديد، وقليل من القديد،اخترت البلد البعيد . فإن قيل في الأسفار ذل ومحنة ُ وقطع الفيافي وارتكاب الشدائد فموت الفتى خير له من قيامهِ بدار هوان ٍ بين واش وحاسد الامام علي بن أبي طالب ع لم يكن بد ُمن الرحيل، فعزمت السير بلا دليل، رغم شحة المال والزاد القليل، فتركت ارض العراق، و كان نهبا للسراق، لأجوب في الافاق, حتى نزلت ديار الواق واق، حيث لا توجد نياق، ولا ارى رفاق، وأعاذنا الله من شر الترياق، والنفخ في الابواق، والتسكع في الانفاق، سبحانك ياجواد، ما أعظم هذه البلاد، وما أجمل العباد, فلا يوجد كساد، وندرة في الحساد ، والناس في أحوال، و فائض في الاموال، وانحسار في الاهوال، والحمر يا ذا الجمال، والحب سهل المنال, فالعتب مرفوع، والحزن ممنوع، والدف مسموع، والكلب متبوع، ولا ادري ما الموضوع. قال عيسى بن هشام :أفترشت قارعة الطريق،علني أجد صديق، او بصيص بريق، ينقذ هذا الغريق، فاذا بي أمام رجل طاعن في السن . وله ملامح الجن، نظر فنظرت، ابتسم فابتسمت، ثم حياني بالسلام، فقلت فزت ورب الانام، إنه فصيح الكلام, فقال من أين أقبلت، وأين نزلت، ومتى وافيت، قلت : أنا من بغداد، قبلة الاجداد، و شعلة الأمجاد، و قد طغى بها الأوغاد، قوم ثمود وعاد، وكل شيء عاد ، أكثر من المعتاد. اقبلت بحثا عن الزاد، والتحليق بمنطاد، والتزود بالعلوم، كالتهاب البلعوم، والربح المعلوم، وفوائد الثوم، وكيفية العوم . ثم قلت : وانت ياأخ العرب من أي بلدة ؟ فقال : من سان كلده، وأتعاطى تجارة الزردة، نهاري للناس، وليلي للكاس، مرهف الاحساس، حليق الراس، كثير الوسواس ، أعمل كالمقياس، كي لا أنداس ، أو أعلن الافلاس، وفي الشدائد عَلاًس . قلت : أعاذنا الله من شر الوسواس الخناس. مثلُ الفتى عند التغرب والنوى مثلُ الشرارة إن تفارق نارها إن صادفتْ أرضاً أرتكَ خمودها أو واقعتْ أكلاً أرتكَ منارها المعري قال عيسى بن هشام : حدثني أبو الفتح الاسكندري، عبر هاتفي الخلوي ، وأنا بناري أشتوي ، أرحل الى فوكنر و برود ميدوز أو ثومستاون، فإنها تشبه أفغانستان، فستجد نفحة ساسان، وعبق كردستان،وشذى عماره ستان وعطر بصرة ستان، ورائحة أنبار ستان, وكأنك في بدرة وجصان، قارورة عطر واحد، لن تبصر فيهم حاقد، والله على قولي شاهد، فالكل بالدنيا زاهد ، ورأب الصدع السائد, يتوحدون في الدين، ويرحمون المسكين ، موائدهم معمورة، احوالهم ميسوره، ما عندهم مكسورة، عيونهم شاخصة للسماء، أهل جود وسخاء، وعهود ووفاء، كلمتهم سواء، يخشون الفناء، يبغضون الغناء، يجمعهم الشواء فمنهم من لديه عقل ودين واستقامة، ويعلم فقه الحجامه، ومنهم من يعمل في السمانة، ويسأل الله السلامة . واغلبهم يدرسون ، وفي التجارة يعملون، و لذويهم يبعثون، وفي النوائب يهرعون، فجميعهم كادحون الا الذين يستنقذون، وهم بحمد الله قليلون. فإن اردت ان تكون أكثر إحتراما وكياسة أوسعيت للظفر بالمناصب والرياسة، فلا تخوض حديث الآحزاب والسياسة، أو الأمور الحساسة، فالثوب الجميل من قياسه، والمبنى الاصيل من أساسه، وأعاذك الله من كل الساسة، والدساسه. أرى أناساً بأدنى الدين قد قنعوا ولا أراهم رضوا في العيش بالدون ِ فأستغن ِ بالدين عن دنيا الملوك كما أستغنى الملوكُ بدنياهم عن الدين ِ أبو العتاهية قال عيسى بن هشام : بعد التوكل على العزيز الباري، وانا في كامل وقاري وعطري الزنزباري، وبدلتي السفاري, امتطيت قطاري، وأستقبلني القوم وكانوا في جَلسَة، يبحثون موضوع المدرسة، فقطع الصمت شيخ جليل، وتحدث بالمنطق والدليل فقال : يا إخوة الايمان، قد جئنا اليوم لامر جلل، سيبعث في نفوسنا الأمل، ويدفع عن ليالينا الملل الا وهو إصلاح الخلل، وهو أمر كما تعلمون عظيم، والفرقة فيه تصلية جحيم، فلنا رب كريم، بكل شيء عليم، بمن عصاه حليم ، فلا تركنوا بالرأي للغلمان، وخفيفي العقل والصبيان، من ناقصي الحكمة والبيان، ومزعزعي الصفوف و الاركان، دون حجة أو برهان، فالله المستعان، ذو العفو والغفران، فما ذنب الاولاد، يهيمون في كل واد، فرحمة بالأكباد، أما لكم من هاد، فلنحتكم للعقل والرشاد ، ونوحد الأنداد ، ونجمع الأضداد، فلسنا من المريخ، لنختلف في الزرنيخ،أ وذبح البطيخ . فتعالى الصريخ من كل صوب وحدب، وسمعت عيارات من الشتائم والسب، وأعتلى المنبر كل من هب ودب، وأعلن النفير العام، والتوعد بتحطيم الجام. قال عيسى بن هشام : أذاعت قناة الجزيرة في خبر عاجل، أن الاجتماع كان فاشل، وتم القبض على القاتل، وكان الضحية، من خير البرية، شيخ يناهز المية، من الحوزة القادرية، جاء ليحل القضية، فتعرض للمرجعية، فنالته أ يادي الغدر الشيعية .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |