النضالات الجماهيرية المطلبية كفيلة بعودة الحقوق دائما

ناظم ختاري

khalilkhatary@googlemail.com

أثبت تراجع القوى الأساسية المهيمنة في مجلس النواب، عن تصويتها لصالح إلغاء المادة رقم 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات، والمتعلقة بتخصيص نظام الكوتا الذي يضمن للأقليات بعض المقاعد في مجالس بعضا من المحافظات العراقية، جدوى التحرك الجماهيري ونشاطات قواها السياسية، فالأحزاب والكتل البرلمانية التي تجاهلت حقوق الأقليات عندما أقدمت على التصويت على القانون المذكور وإلغاء المادة المذكورة منه، بدأت تشعر الآن بمدى حراجة موقفها، جراء احتجاجات أبناء الأقليات على هذه القرصنة التي أضاعت حقوقهم  أو أرادت ذلك، والانتقادات الموجهة لها على نطاق واسع على المستويات الوطنية والدولية، والتي لم تكن تتوقعها، وأثبتت نضالاتها المتنوعة من مظاهرات وبيانات شجب واستنكار وتحريك المسألة دوليا، والتي خاضتها منذ اليوم الأول من إلغاء المادة  المذكورة، ووقوف القوى الفعلية المدافعة عن حقوقها إلى جانبها من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات سياسية وثقافية دورها الفاعل في ردع كل من يحاول إقصاء الآخرين والتملص إزاء حقوقهم الطبيعية  .

ولاشك إن التصريحات المتوالية في الأيام الأخيرة والتي أعقبت هذا النضال ألمطلبي من قبل غالبية أصحاب القرار في هذه الكتل والأحزاب التي ألغت المادة رقم 50  وضرورة عودتها والوقوف إلى جانب  حقوق الأقليات، والحلول والمقترحات التي تقدمت بها هذه الجهة أو تلك وتأكيد الجميع على هذه الحقوق، إنما تأتي من منطلق " الحق يؤخذ ولا يعطى " فقبل هذه التصريحات والتبجح بالدفاع عن حقوق الأقليات، وأثناء التصويت على القانون ومنذ بداية العملية السياسية ما بعد سقوط النظام، كانت هذه الأقليات موجودة وكانت تشكو كثيرا من إقصاءات وإسقاطات متكررة واعتداءات  شملت كل جانب من جوانب حياتهم الخاصة والعامة بل حتى وجودهم على أرض بلادهم، والذين يتعرضون إلى هجمة شرسة لتركها وراءهم والتوزع في دول المهجر، وكان لابد من هذه الحقوق، ولكنه ومن منطلق التعصب الديني والطائفي والعرقي أصرت هذه القوى على ممارسة أسلوب المحاصصة الذي غيب هذه الحقوق وهمش إشراك أبناء الأقليات في الجهد الوطني لبناء دولة العراق المدنية، وشوه مسيرة العملية السياسية التي تحتاج إلى مراجعة جدية وإلى تغيير أدواتها ومعالجة أغلب ما يرافقها من تصدعات لصالح الجماهير العراقية العريضة .

ولكنه رغم ذلك، أود القول هنا بأن هذه القوى الطائفية لا يمكن لها أن ترضخ بسهوله لمطالب الأقليات، وخصوصا إن ما تطرحه لحد الآن بهذا الخصوص لا يتعدى عن كونها وعود على شكل اقتراحات، ربما تتراجع عنها  في غفلة عن الآخرين، كما تراجعت أو تتراجع عن الكثير مما قالته في برامجها الانتخابية ووعدت جماهير الشعب العراقي بها، ولكن ما أن اشتدت قبضتها على دفة الحكم حتى بدأت هذه الجماهير التي صوتت لصالحها تشكو بمرارة عن حرمانها من أية إنجازات تحققت لها، لذا لابد من التأكيد هنا على ما يلي .

1- ضرورة استمرار هذه الاحتجاجات الجماهيرية المصحوبة بتأييد الأحزاب الوطنية لها، وكل المخلصين من أبناء العراق الغيارى، والسعي لتعزيز وتيرتها وتوسيعها حتى تشمل بقية الأقليات التي أحجمت عن المشاركة الفعلية واكتفت ببعض بيانات خجولة صدرتها في أوقات متأخرة .

2-  لابد لهذه الأقليات أن تقدم تعديلا موضوعيا أو بديلا آخرا عن المادة رقم 50 باعتبارها تشكل جزءا من حقوقهم التمثيلية في مجالس المحافظات، وليس كل حقوقهم، فمثلا لا يمكن أن يكون القانون منصفا عندما يجري تخصيص مقعد واحد لأبناء الأقلية الأيزيدية في مجلس محافظة نينوى وهكذا بالنسبة إلى مجلس محافظة دهوك، وكما هو معلوم بأن عدد نفوس الأيزيدية ربما يفوق الـ 500000  نسمة في محافظة نينوى.

3- لابد للقوى الوطنية والأحزاب السياسية الديمقراطية والعلمانية أن استفادت من هذه التجربة، والسعي بشكل جدي من أجل قيادة النضالات المطلبية للجماهير العراقية العريضة وخصوصا الأوساط الكادحة منها وأبناء الأقليات الدينية والقومية والمرأة والشبيبة والطلبة، التي تعاني المزيد من الحرمان بسبب تراجع أحزاب السلطة عن تنفيذ برامجها وجشع المتنفذين من رجالاتها وسطوتهم على أموال الشعب ومقدراته  وحقوقه، والمزيد من شرور إرهاب القاعدة والقوى المتحالفة معها وإرهاب الميليشيات التي لازالت تمتلك مقومات المبادرة والقدرة على إعادة الأوضاع الأمنية إلى مستويات سيئة  يكتوي بها العراقيون مرة أخرى، بسبب الخلل الذي يترافق عملية محاربتها، والسعي المتزايد من قبل جميع الأطراف الأساسية  للاحتفاظ  بميليشياتها أو تأسيس المزيد منها، كما عند مجالس الإسناد التي تتشكل بجهود السيد المالكي في مناطق الفرات الأوسط والجنوب.  

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com