|
جلسة حوار حول المشروع الاسلامي العراقي
حميد الشاكر دار حديث ونحن في جلسة اخوية حول ماهية المشروع الاسلامي العراقي، وهل يعتبر بعد كل هذه التناقضات الحزبية السياسية للاحزاب العراقية الاسلامية، هل يعتبر ان مشروع الاسلام السياسي العراقي اصبح ميتا وبالفعل ؟. أم ان المشروع الاسلامي بغض النظر عن عراقيته او لبنانيته او مصريته، هو من المشاريع التي لاتقبل الموت، وانها من الاطروحات التي لاتقيّد بحركة حزب هنا وتيار انساني هناك ؟!. صديقي العتيق او المُعتق في الحركة الاسلامية العراقية بادر وعلى الفور من سماعه لماهية السؤال بالجواب : نعم ان المشروع الاسلامي في العراق قد انتهى على الحقيقة وليس هناك اي أمل في انعاش قلب المشروع في العراق بعد ان توقف عن العمل بالتمام بسبب تشرذم وتفكك وتناحر الاحزاب الاسلامية العراقية فيما بينها والبين الاخر !. أما انا وباعتباري دائما انظر للمواضيع من زاوية بعيدة وغريبة لااعلم لماذا، فكان رأيي مغايرا لصديقي الاسلامي صاحب التجربة الحزبية الطويلة، وكانت عقارب افكاري وهي تسمع هذا السؤال حول المشروع الاسلامي في العراق تتجه نحو اجراء عملية ولادة للسؤال بأسألة آخرى رأيت انه من المناسب ان اسأل صديقي الاسلامي حولها لتكون هي الجواب عن السؤال، فطرحت على الطاولة وامام جلستنا الاخوانية المتواضعة الاسألة التألية : اولا : مَن هو عدو المشروع الاسلامي العراقي ؟. هل هو اعداء الاسلام بصورة عامة من قوى هيمنة غربية وذيول علمانية تابعة لها ؟. أم ان العدو الحقيقي للمشروع الاسلامي العراقي هو الاختلافات الحزبية السياسية الضيقة التي ترى الاسلام من ثقب ابرة التحزّب فحسب ؟. ثانيا : هل عندما نطرح مصطلح ( المشروع الاسلامي العراقي ) فهل يجب علينا ان نفهم الفرق بين ان نكون حاملين لهذا المشروع الاسلامي وبين ان يكون المشروع هو الحامل لنا ؟. أم ان المسألة لاعلاقة لها بحامل ومحمول ؟. ثالثا : هل المشروع الاسلامي هو وفي حقيقته من صنع النخبة الحزبية السياسية العراقية المناضلة ؟. أم ان المشروع ومن زاويته الواقعية هو انتاج اجتماعي عام، بحيث ان النمطية السلوكية الاجتماعية هي التي تقرر ثقل المشروع وليس الطرح الحزبي النظري هو المقرر ؟. رابعا : ثم لوفرضنا ان الاحزاب السياسية الاسلامية العراقية غرقت في بحر الاختلافات، وذابت مع ثلوج التناحرات والمصالح الدنيوية الحقيرة وقدمت مصلحة الفئة على مصلحة المشروع الاسلامي العام !. فهل يعني ان سقوط الحزبية الانسانية وتنازلها عن مبادئها الاسلامية هو سقوط للمشروع برمته ؟. أم ان المشروع الاسلامي لايرتبط بالمنتمين اليه او اصحاب دعوة الانتماء اليه، بقدر مايكون المشروع الاسلامي مستقلا عن هذه المعمعات البشرية ؟. خامسا : لنفرض ان هناك انتكاسة للحزبية الاسلامية العراقية في مجال التطبيق والادارة، ولكن هل يعني هذا من جانبه الاخر القول بأن المشروع الاسلامي العراقي برمته قد سقط ؟. أم ان المسألة لاتعدو ان تكون لمنتمين لأسلام سياسي هم وفي حقيقتهم لايمتلكون لا الرؤية الاسلامية الحقيقية ولا الكفاءة المطلوبة لحمل المشروع الاسلامي ؟. ومن هذا كان التضارب بين المشروع وشعاراته من جهة، وبين اصحاب الدعوة والمتقدمين للصدارة وقيادة المشروع بلا مؤهلات تذكر من جهة ثانية ؟. سادسا : السؤال الاخير، عندما يقرر اي متحزب اسلامي ان المشروع الاسلامي العراقي قد سقط، فهل هو بنى قناعته الاستنتاجية هذه من خلال رؤية كاملة لما يعنيه مفهوم المشروع والاسلامي ؟. أم انه ولمجرد وقوعه تحت وطأة الخلافات السياسية اليومية الممّلة قد تخلّق لديه الانطباع بفشل مثل هذه المشاريع من منطلق فشل حملة المشاريع انفسهم في ادارة الاختلافات بشكل اخلاقي، ؟. ولهذا كانت النتيجة تبعا للانسان، ولم يكن الانسان تبعا لنتيجة الرؤية ؟. عندما انتهيت من طرح سؤالاتي البسيطة هذه لتكون مادة حوار الجلسة الاخوانية لمناقشتها بهدوء، ادركت ان كل واحد منا تكون استنتاجاته مختلفة عن ظواهر الحياة من حوله حسب وتبعا لما يحمله من رؤية مختلفة لتلك المواضيع، فصديقي بعد هذه الاسألة بقي مصمما على ان المشروع مرتبط بكوادره الحزبية السياسية، مما يعني ان فشل هذه الكوادر الحزبية يعني وبلا ادنى ريب انه فشل للمشروع !. بينما كنت انظر للموضوع من زاوية مختلفة جدا، فانا ارى ان المشروع الاسلامي غير مرتبط ولاهو بحاجة الى حفنة من المتحزبين المتحجرين فكريا، وليس المشروع الاسلامي من المشاريع الميتة او الكسيحة التي تحتاج الى من يضخ الحياة فيها او يدفعها للحركة والحياة والنشاط، بل ان المشروع الاسلامي ومن مميزاته انه مشروع حيّ في الحياة بل هو من يهب الحياة للمنتمين اليه حزبيا وليس المنتمين اليه سياسيا يهبون الحياة للمشروع الاسلامي هنا !. طبعا باعتبار انني منطلق من رؤية اقول ذالك، ولكن ياترى هل صديقي المتحزّب سياسيا واسلاميا يملك رؤية لما يقرره على المشروع الاسلامي برمته ؟. انا وعندما اقرأ قوله سبحانه :(( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا)) افهم ان مراد النص يريد ان يقول ان الحياة في المشروع وليس في الانسان وان كان رسولا وان الاسلام هو الحيّ الحقيقي وليس المنتمي والمؤمن به وان كان زعيما لحزب اسلامي، انا افهم ذالك وانطلق اليوم منه في قراءة المشروع الاسلامي العراقي، ولكن ياترى هل صديقي المتحزب الاسلامي يستطيع قراءة نص اسلامي قرءاني واحد ليصل الى هذه الحقيقة ؟. نعم وكذالك افهم ان المشروع الاسلامي هو في الحقيقة من يحيي اتباعه والمتحزبين له سياسيا، من واقع قول المشروع نفسه :(( استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم )) ولكن ياترى هل صديقي الاسلامي قد قرأ القرءان في يوم من الايام بالفعل ؟. أم انه ومع الاسف غارق في خلافاته السياسية القاتلة وما استنتاجاته حول المشروع برمته سوى ردود فعل ساذجة لمشاجرات المصالح السياسية الانية ؟. انا افهم ان اعداء المشروع الاسلامي العراقي هم اعداء الاسلام برمته، ولكن هل يستوعب صديقي الاسلامي هذه الحقيقة ام انه سيبقى مصمما على ان اعداء المشروع هم ابنائه من المتحزبين سياسيا واسلاميا والذي يختلفون معه في رؤية العمل واتجاهات المصالح وتجاذبات المقاعد وحصص البرلمان ؟. انا افهم ان من صنع المشروع هم ليسوا النخبة الحزبية الثورية المضحية والتي تقدمت بكل شجاعة لطرح المشروع بخطوطه العريضة عندما كان المشروع متواريا عن الانظار، وانما من صنع المشروع الذي لم تزل حركته فاعلة هم عامة الناس عندما اقتنعوا بالمشروع كنمط حياة وتفكير وسلوك في هذه الدنيا !. عند هذه النقطة التفت ليّ صديقي وبابتسامة ملئها السخرية من رأيي الساذج ليقول : ان عامة الناس همج رعاع ياسيدي وما حملة المشروع الا النخبة التي ضحت كثيرا فكيف تقلب المسألة رأسا على عقب ليكون الراس ذيلا والذيل راسا ؟. وعندها سألت نفسي بصمت : هل صديقي فعلا يملك رؤية اسلامية تجعله يدرك ان المشروع قرار امة وليس قرار حزب ؟. ام ان صديقي وكالعادة لايكاد يبين مايقول، ولايكاد يفهم من المشروع الا قشوره السطحية، بل ويعتبر المشروع الاسلامي حاله حال اي ايدلوجيا سياسية عصرية عندما تتوفر الكوادر والمنتمين نذهب لتسجيل المشروع في قوائم احزاب الدولة الحديثة ومن ثم لنعطي المشروع رمز الانتخاب ورقمه الانتخابي ايضا ؟. انتهى حوار جلستنا لأودع الاصدقاء بكل الحب والمحبة على أمل ان تكون الجلسة اثارت شيئ حول موضوع المشروع الاسلامي العراقي وكيف ينبغي ان نقرأه من جديد !.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |