مشروع قانون الخدمة والتقاعد العسكري .. محاولة جديدة لتحطيم النظم والتقاليد العسكرية العراقية

 

 

عبد الخالق ياسين

yaseen2468@gmail.com

أفادت مصادر عليمة في الأوساط السياسية العراقية بأنّ حكومة المالكي أعدت مسودة قانون جديد للخدمة والتقاعد العسكري، وقدمته إلى الأمانة العامة لمجلس النواب من أجل إقراره.

وقد اطلعنا على نسخة من المشروع. ونقول إنّ الذي يقرأ نصوص المسودة يصل إلى قناعة واحدة وهي أنّ الهدف منها هو تأكيد سلطة القائد العام على القوات المسلحة فحسب، دون أي اعتبار لبناء هيكلية عسكرية وطنية محترفة، أو الدفاع عن حقوق العسكريين، التي جاءت كنتائج عرضية.

ومن الملاحظات الأخرى التي تم تثبيتها على مشروع القانون ما يأتي:

ـ  الالتفاف على التقاليد الرسمية الخاصة بتعيين الضباط بمرسوم جمهوري أو ملكي حسب النظام، حيث تم إلغاءها وتحويل الصلاحيات إلى رئيس الوزراء.

ـ  استخدام عبارة أنْ يكون عراقياً بدلاً من أنْ يكون من أبوين عراقيين كما هو معمول في السابق، وهذا التعديل يفتح الباب على مصراعيه أمام تعيين ذوي الأصول الأجنبية الذين اكتسبوا الجنسية العراقية في الجيش العراقي، مما يمثل تهديداً مباشراً للأمن الوطني العراقي.

ـ  أما الإشارة في صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة بمنح رتبة أو قدم ممتاز، للشخص الذي يقوم بأعمال بطولية للبلد، فلا إشكال في ذلك، ولكن مثل هذه الصلاحيات تم استخدامها زمن النظام السابق وأعطت مردودات سلبية انعكست على كفاءة منتسبي القوات المسلحة بالإضافة إلى الجوانب النفسية والمعنوية الأخرى. إذ يمكن تكريم العسكري الذي يقوم بأعمال بطولية مادياً ومعنوياً بأوسمة وأنواط وليس برتب عسكرية يقفز بها على أقرانه من الضباط.

ـ  أما بالنسبة للتطوع فقد تم اعتماد شرط أساسي هو أنْ يكون المتطوع حاصلاً على الشهادة الابتدائية، مما يعني تكوين جيش من الجهلة والأميين والفاشلين، في وقت تؤكد فيه المعاهد العسكرية الراقية على أنّ الجيوش الحديثة تتطلب عناصر تمتلك الإمكانيات والخبرات الفنية العالية للتعامل مع الأسلحة والمعدات الفنية الحديثة.

ـ  أما قضية الإحالة على التقاعد فقد وردت نصوص تشير إلى أنها ستكون مبكرة جداً بالنسبة للضباط من مختلف الرتب مما يعني حرمانهم من تراكم الخبرات العسكرية التي تتطلب سنوات خدمة طويلة. مع العلم أنّ الكثير من دول العالم فتحت أبواب الخدمة أمام ضباطها إلى حين طلبهم التقاعد.

ـ ركز القانون الجديد على عدم شمول الضباط المتقاعدين السابقين بأحكامه، مما يحرم أولئك الضباط من بعض الامتيازات التي يحصل عليها المتقاعدون الجدد، رغم تضحياتهم الكبيرة في الدفاع عن الاستقلال والسيادة الوطنية.

وعندما عرضنا الموضوع على العديد من الضباط المحترفين من الجيش العراقي سواء منهم ممن لا يزالون في الخدمة أو المتقاعدين، فقد أكدوا على أنّ بعض نصوص هذا المشروع الجديد تعد مدخلاً لتدمير التقاليد والنظم العسكرية العراقية، وبالتالي شرعنة وجود ذوي الأصول الأجنبية في وسط الضباط الوطنيين مما يمس بالأمن الوطني بشكل مباشر.

إنّ الخلاصة التي يخرج بها أي قارئ لمشروع القانون الجديد، هي أنه تحت غطاء إصدار قانون للخدمة والتقاعد العسكري، عزز من الصلاحيات المطلقة لشخص واحد هو القائد العام للقوات المسلحة وبدون ضابط أو رقيب قانوني يحد من تلك الصلاحيات.

 وهنا نتساءل ... أي جيش هذا الذي يتحكم فيه شخص واحد.. في دولة تدعي أنها تعتمد النظام الدستوري الديمقراطي ؟؟!!...

أما المطلوب من أعضاء مجلس النواب الذين يفترض بهم أن يمثلوا ضمير الشعب بكافة شرائحه ومنهم العسكريين ضباطاً ومراتب، فهو الوقوف بحزم ضد كل المحاولات المشبوهة الرامية لتسخير المصالح الوطنية العليا لمصالح شخصية أو حزبية أو طائفية مهما كانت مسمياتها... وكذلك ضرورة الفرز بين النصوص القانونية الإيجابية التي تخدم العسكريين، وتلك التي تحمل غرضاً خفياً... فمن غير المقبول أنْ ينساق النواب وراء مخططات مكمِّلة لما اتخذه بريمر من إجراءات إجرامية حطمت كيان وتراث أجهزة الدولة العراقية الحديثة التي تمتد لأكثر ثمانين عاماً.

 ولن ينسى العراقيون من يتصدى لمثل هذه النوايا.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com