رحلة للتعرف على عالم التشيّع المتعدد الالوان .... التنين والغار

 

حميد الشاكر 

al_shaker@maktoob.com 

الكثير ممن لايعرف الشيعة والتشيّع الاّ من خلال كتب واعلاميات الجانب المناهض والمعادي للمسلمين الشيعة والمتشيّعة لاهل البيت ع  في التاريخ وحتى اليوم، يعتقد ان الشيعة والتشيع هما من غرائب الدنيا السبعة وليس من عجائبها، فالكثير من الجمّ الغفير من المسلمين غير الشيعة تحاك وتبنى في اذهانهم اساطير وخرافات مفزعة عن التشيّع والشيعة، ويكفي اليوم للتدليل على هذه النقطة ادراك وقع كلمة متشيّع على اي مسلم في هذه الارض لترى كيفية ردّة فعله الطبيعية تجاه هذه التهمة الفظيعة، فالشيعي والمتشيّع في اذهان معظم  المسلمين وعقائدهم وكذا اساطيرهم وخرافاتهم وكل ماحاكته ايدي الشياطين من الانس والجن ضدهم: انهم أناس حكم عليهم بالاعدام سلفا، ولهم عقائد دينية عجيبة غريبة، ويرجعون باصولهم وجذورهم العقدية لمرجعيات تختفي قبل ان تظهر، وكذا لهم سلوكيات باطنية ما انزل الله بها من سلطان، ولهم حب للكذب، وهم اشبه شيئ بمنظمة سرّية تريد هدم الاسلام من الداخل، وكذا هي اشكالهم شكل البني ادميين لكنهم ليسوا ادميين وليسوا من الجنّ ايضا، بل هم خلق آخر، لاترى حركتهم لكنّ تحسّ بوجودهم بقوة، يؤمنون بالخرافة وكل مايناقض العقل والمنطق، ولكن لاتتورط بالنقاش او الجدل معهم فان لهم حجج يخرجونها مثل العفاريت من باطن الارض لايصمد امامها اي نقاش، يكرهون الاسلام واهله، لايحبون الصحابة لانهم اهل الاسلام وحامليه، يدعون التشيّع وحب اهل البيت، لكنهم بالحقيقة يكرهون كل الاسلام ومايتصل به، هم ليسوا عرب وان كان خيرة شعراء العربية منهم وليسوا عجم لان من يؤمنون بهم ويتخذونهم اولياء من دون الله والعياذ بالله هم من اهل البيت القرشيين، مبثوثون في كل مكان في الادب وفي الشعر وفي الحديث، وفي الفن وفي الموسيقى وفي قصور السلاطين وعلى قارعة الطرق يستجدون وفي البازارات ومواقع التجارة، وفي الفلسفة وفي الحكمة وفي النحو وفي الطب وفي الفلك وفي التاريخ، وفي المسجد وفي المقصف ........ وفي كل شيئ تجد لهم موقع قدم، احذرهم انهم الشيعة !.

هذه هي في الواقع الصورة التي يحاول اعداء الشيعة والتشيّع  تأطيرهم فيها، وهي اشبه بسياسة الرعب التي يستخدمها من يريد استغلال الخوف داخل البشر لدفعه للانقياد اليه بلا تفكير يذكر، فالخوف سياسة قديمة تبنى معظمها على الخرافة والاسطورة والغاية منها تعطيل العقل من العمل والتفكير من التدبر، ولكنّ سرعان ماتتساقط هذه السياسية الطاغوتية عند اول خطوة من احترام العلم والعقل معا من قبل اي انسان !.

انَّ من يحاول الاقتراب من الاسطورة الشيعية المخيفة او يحاول التعرف على ملامحها يقمع بشدة من الساسة وقادة الحكم والدين في بلده، وليقال له تبريرا : خوفا عليك من غول الشيعة الذي يخرج في الليالي المظلمة لسرقة الاطفال وبيعهم في سوق النخاسة البعيدة !.

أما ان لم يرتدع من اسطورة الخوف وصممّ على معرفة امنّا الغولة المسماة شيعة وتشيّع، واظهر شجاعة الفتيان والجراءة والمغامرة وحب الاستطلاع، فأن نفس سلطته السياسية بتحالفها مع سلطة الدين والرجعية تتعامل معه بشكل آخر منها سؤال : هل تريد ان تتشيع ؟. أم تريد ان تكون من المتشيعين ؟.

عندها يندر الشجعان في هذه الساحة للجواب، وتتراجع الابطال في هذا الملعب، ويقتل حب الاستطلاع داخل العظيم من البشر ويكتفي معظم الناس بسلامة السمعة من شبهة الاطلاع والاكتشاف والعلم في الجانب الاخر من الاسلام الشيعي !.

وهكذا تغلّق جميع النوافذ على دائرة التشيّع والشيعة، فلايسمح لهم بالكلام ولايسمح لغيرهم بالاستماع،لايسمح  لهم بالدعوة ولايسمح لغيرهم بالقراءة، ولايسمح لهم بالظهورولايسمح لغيرهم بالمخالطة، ولايسمح لهم بالحياة ولايسمح لغيرهم باحترام حياتهم، ولايسمح لهم بالانتعاش ولايسمح لغيرهم باستظراف فكاهتهم، ولايسمح لهم بالتعايش ولايسمح لغيرهم بالتزاوج منهم، ولايسمح لهم بالحوار ولايسمح لغيرهم بفتح شباك او باب نقاش، ولايسمح لهم بالتقريب ولايسمح لغيرهم بالاعتراف بهذا التقريب،  ولايسمح لهم بالمصاهرة  ولايسمح لغيرهم بالفتوى بشرعية المصاهرة، ولايسمح لهم بالتجارة ولايسمح لغيرهم بالشراء،  ولايسمح لهم بطبع الكتب ولايسمح لغيرهم بالتأمل،  ولايسمح لهم باللقاء ولايسمح لغيرهم بالاستضافة، ولايسمح لهم بالدفاع ولايسمح لغيرهم بالتعاطف معهم ..... وهكذا الى ان وصلنا الى رحمة الانترنت!.

في انفجارات بشرية هنا وهناك يكسر القاعدة هذا الانسان المسلم او ذاك، ليسرق اللحظة وفي غرفة مظلمة وبعد ان يقع بين يديه كتاب او مقال او خطيب يخطب، ينزوي ليسمع ويتعرف ويفكر ويتأمل بعمق .....، وماهي الا لفتة ذهنية منه حتى يبصر الخديعة ويكتشف الاسطورة وترفع من عينيه غشاوة الكذبة ليكتشف حقيقة الغول الشيعي الخطير وليدرك : انه انسان حاله حال باقي البشر، يشعر ويحسّ، يفرح ويحزن، يصلي ويصوم، يحج ويزكي، يجاهد ويؤمن، يلعب ويتزوج، يأكل ويشرب، ينام ويصحو، يسرق ويتعفف، يصدق ويكذب، يفكر ويتغابى ..... وهكذا كباقي البشر الموجودين في بيت اي مسلم، عندها يكون الانقلاب الكبير لهذا المتمرد الذي لم يطع اسياده وكبرائه في عدم التعرّف على الشيعي والمتشيّعة، وليعلن انه اكتشف السرّ الخطير !.

أي سرّ خطير اكتشفه هذا الانسان الجريئ ؟.

انه سرّ انسانية الانسان الشيعي وادميته الطبيعية، والاخطر من ذالك اكتشف ان دين المتشيعة لايختلف كثيرا عن دين المسلمين، الا في بعض الاشياء التافهة من اختلافات العقول بصورة عامة، فهم يؤمنون بالله الواحد، وبرسوله محمد الخالد ص، وبكتابه المجيد المطهر القرءان الكريم، ويؤمنون بشيئ مختلف يسمى الامامة عند الشيعة المسلمين، ويعتقدون ان الصحابي العظيم علي بن ابي طالب رض هو خليفة المسلمين بوصية من رسول الله محمد الامين ص، ولايعتقدون بقداسة الصحابة الكرام وفي بعض عامتهم وقليل من علمائهم سوء ادب قديم مع الصحابة الكرام، وكذالك هم يؤمنون باليوم الاخر، وماعدى ذالك فاختلافاتهم عن المسلمين كاختلافات المسلمين بعضهم مع البعض الاخر !.

هذه هي الحقيقة التي اكتشفها المتمرد الخطير الذي لم يسمع نصيحة ابائه السلطويين الحكوميين والدينيين، فلا لوم ان حكم عليه بالضلال المبين من قبل الحكومة الدينية والسياسية، باعتبار ان اكتشاف حقيقة الشيعة هذه غير معترف بها رسميا من قبل القيادة العامة لقيادة المسلمين، وما يسمى حقيقة للتشيّع لايراد لها ان تكون هوية لهذا التشيّع الخطير، بل ان لكل شيئ في عرف السلطة والدين الاسلامي الرسمي  اليوم حقيقة يكتسبها من الاوراق الرسمية وليس من ذاته ووجوده !.

فالماء سميّ ماءً لان الاوراق الرسمية اعطته هذه الهوية والحقيقة، وليس لان ذاته وهويته هي حقيقته، وعليه فالشيعة والتشيّع وحقيقتهما هما ليس منتج من ذات التشيع وحقيقته على الواقعية، بل حقيقة التشيّع هو ماتؤكده الاوراق الرسمية لدائرة المخابرات السياسية والدينية التاريخية والحديثية والفقهائية في الماضي وحتى اليوم، فهل فهم من يريد ان يعرف حقيقة شيئ اين يجد هذه الحقيقة في عرف المسلمين غير الشيعة !.

بمعنى اخر ان صاحبنا الخطير ذاك الذي اكتشف التشيّع وهوية الشيعة الحقيقية بنفسه لم يدرك انه اخطأ خطأين كبيرين جدا في عرف السلطة والدين الرسمي في الاسلام  عندما قام بهذه الرحلة نحو جزيرة التشيّع :

الاول : خطأ انه لم يسمع الكلام من الابوة السياسية والروحية ايضا بعدم السماح بالتعرف على التشيّع والشيعة !.

وثانيا : خطأ انه اعتقد ان الاشياء تحمل حقائقها في واقع الحال، بينما كان المفروض عليه في عالم مابعد الاسلام الخرافي ان يفهم ان  الوثائق الرسمية السياسية والدينية المتخلفة هي وحدها صاحبة الصلاحية لاعطاء حقائق وهويات المذاهب والاديان، وعليه ان قالت هذه الوثائق السياسية والدينية ان التشيّع سيئ ومتوحش وغير جميل، فيجب ان يكون كذالك !.

انها نفس الفكرة التي تقول ان للاشياء في هذا الكون وهذه الحياة حقائقا لاذاتية انما شرعية تشريعية رسمية كما هو في عقيدة المسلمين غير الشيعة، فالصدق ليس صدقا لذاته ولاهو جميل بصفاته او لان ماهيته تدل على الحقيقة، وانما الصدق اصبح صدقا لان الوثائق الشرعية تقول بانه صدق وانه جميل وانه جيد، اما في الحقيقة فليس هناك للصدق او للكذب او اي شيئ اخر حقيقة ماهوية جميلة اوقبيحة، وانما الشرع هو المقرر لجمال الصدق وقبيح الكذب، ولو قررت هذه الدساتير التشريعية ان الكذب جميل والصدق قبيح لكان هو الحق!.

هل رايت كيف انتقلت هذه الفكرة من العقيدة لتصبح سلوكا في حياتنا اليومية، وليصبح كل شيئ في حياتنا رهين بماتقوله دساتير الدولة ووعاظ السلاطين، فالحق له بطاقة وهوية رسمية تمنح للاشياء كما تراها السلطة ووعاظها الدينيين، فان قيل ان الشيعة والتشيّع ضلال وقبح ويجب رجم هذا المذهب، فعليه يجب ان يكون التشيّع قبيحا وهويته الحقيقية الرسمية هي هذه، وهذه واقعيتها، اما ان قيل ان للتشيع ماهية وحقيقة وهوية تحمل ذاتها بذات التشيع وتحمل حقيقتها من خلال وجودها الواقعي والفكري، نكون في هذا الكلام كالمتمرد على وظيفة السلطة وقوانين تجّار الدين ووعاظه ونستحق المحاكمة والاعدام ايضا، كالذي حاول اخذ رحلة لعالم التشيّع ذي الالوان المتعددة فاتهم بعمى الالوان من سلطة الكنيسة الاسلامية اليوم!.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com