التطرف المضاد

مجيد الطائي

assarrayali2007@hotmail.de

كل عقلاء عالمنا هذا والعوالم التي سبقتنا يدركون أن التطرف حالة سلبية في بناء المجتمع ولايمكن الأعتماد عليه في بناءه واستمرارعلاقات أبناء البلد الواحد على أسس صحيحة فيما بينهم وعلاقاتهم مع غيرهم

فالتطرف يحمل في طياته أخلاقية التعصب من قبل البعض للشريحة التي ينتمي أليها، وإن العنصرية التي يتحمس من أجلها المحاربون كانت ولازالت من أسوء النتائج الملزمة والمترتبة عن تفشي هذا التعصب

لأن التطرف هو تعطيل للعقل وحكمته و انصياع لمشاعر العاطفة التي تشتفي بالأنتقام وأرهاب الآخرين

والتطرف الديني الذي يكثر الحديث عنه اليوم وخاصة في الأعلام وكذلك في الكتابات المنشورة على صفحات مواقع الأنترنت وفي أحاديث الناس قد أصبح تهمة جاهزة بل أنها أحياناً من الأحكام المسبقة ، وهذا النوع من التطرف لم يكن هو الوحيد تاريخياً كما حدثنا المؤرخون، بل في نظرة موضوعية لواقع العالم اليوم ندرك أن للتطرف أنواع وشُعب، منها ماهو قومي كالعنصرية الآرية أو الفارسية أو العربية وغيرها وفي هذا الصدد نتمنى من الأخوة الأكراد في شمال العراق أن لايعطونا إنطباعاً بأنهم ليسوا بعيدين عنها،ومنها ما يتعلق بالوطن أو بسب لون البشرة أو العشيرة أو المذهب والأيدلوجية بل قد يصل هذا التطرف حتى بين العلاقات الأجتماعية في المجتمع أو في دوائره الصغيرة

ولو أردت أن أعد أنواع التطرف والعصبية لا أكاد أحصيها، إلى أنه من الجدير بي ذكره أن أسوء أنواع التطرف هو التطرف المركب من أكثر من سبب، كالتعصب للدين وللقومية واللون وغيرها ومثال ذلك هو ما يمارسه الفكر الصهيوني من قتل وإرهاب وإستعلاء على العالمين.

 

ولكني في الحقيقة أردت هنا أن أناقش نوع آخر من التطرف والتعصب، وهو قيام البعض باتهام الآخرين بالتعصب من باب وضع هذا الفرد أو الجماعة في خانة التطرف وغلق كل أنواع الحوار معهم باحكام مسبقة لاتقبل الطعن أو التأويل، وأذكر يوماً أن طبيبة المانية شيوعية قد نشأة علاقة حميمة بيننا كانت تعطيني جريدتهم ـ الراية الحمراءـ خلسةً وعندما سالتها عن سبب تخوفهم من الناس وسبب تخوف الناس منهم اجابتني قائلة ( أن الأعلام قد غسل أدمغة الألمان بحيث أصبحوا لايعرفون شيئاً عن معنى الشيوعية فقط أنها شيئاً سيئاً وقد يشتمون أحياناً شخصاً فيقولون أنه شيوعي )ـ

وقد يسمح هؤلاء المتطرفون بشتم الناس واستفزازهم والتهجم على الآخرين في معتقداتهم ورموزهم ليجعلوا قسم منهم متطرفين بردود أفعال غير متوازنه ليتهموهم أخيراً بالتطرف وقد يكون وراء ذلك دوافع سياسية أو ايدلوجية والمثال الكبير الشاهد أمامنا هو فوز الأسلاميين في الجزائر وأنتخاب حركة حماس من قبل الشعب الفلسطيني

 

والحال هذه تسري وللأسف اليوم وبشدة ضد المسلمين ودينهم وكل من يطرق هذا المجال يجب أن يُحمد بأنه متمدن ومسالم وقد يشهد الله على مافي قلبه أنه يريد بالناس خيراً

نعم أنا ـ كمتدين وأتخذ الأسلام منهجاً للحياة ـ أبغض ككل المتمدنين كل أنواع التعصب وهذه ليست بدعة أبتدعتها من نفسي لكن هذا ماعلمني ربي وديني وسيرة النبي والعلماء المتنورين، والقرآن الكريم يهتف في الناس إلى التعبد عن طريق العقل والحكمة بل أن الأمام الرابع من أئمة أهل البيت (علي بن الحسين) عليه السلام يعطي تعريفاً موضوعياً للعصبية حيث يقول أن ليس من العصبية أن تحب قومك ولكن من العصبية أن ترى شرار قومك خير من خيار الآخرين .

 

وفي الأيام السابقة قرأت مقالات للسيد صادق أطيمش التي تنبز المسلمين ورموزهم العلمائية أعتبرها أنا نوع من التطرف والعصبية , التطرف الذي يتهم الآخرين بالتطرف على سياق الأحكام المسبقة والغريب ان الكثير من الحيثيات والأدلة التي يدرجها هي من أراء وتعريفات ومايكتبه الغرب وما كتبه المستشرقون عن ديننا وبدليل أن الكلمة التي القاها في نادي الرافدين في برلين كانت تتضمن الآية التي تقول ـ ((ألم يأن للذين أمنوا أن تخشع قوبهم لذكر الله)) .... ـ ولكنه أوردها مترجمة للعربية من جديد ولعلها كانت في كتاب مستشرق ما بل حتى تفسيره للمعنى لم يكن مأخوذاً من الكتب المعروفة للتفسير وبهذا الصدد أنصحه بالأطلاع على تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي .

والأغرب من هذا هو أن يخوض السيد أطيمش في قضايا فقهية هي بالأساس موضع اختلاف بين علماء المسلمين بل أن العالم يعلم أن دوائر المخابرات الدولية ليست بريئة من دس من يسيء للدين بزي علماء للمسلمين ومنهم من يثير الأحقاد والتعصب بين المسلمين أنفسهم فضلاً عن باقي الملل

وشيئاً آخر أريد ذكره عن السيد أطيمش أنه أعترض يوماً وبشدة على قراءتنا للقرآن في لقاء إسن وقد تعودنا في مدينتنا التبرك بالقرآن في كل نشاطاتنا, وذلك لأن السيد أطيمش يعتبر ذلك من التطرف الذي يجبر الناس على إتباع الرؤى الأسلامية

لذلك أقول أن العالم بأسره وخصوصاً نحن العراقيون بحاجة الى الحوار

1- على أساس تفهم الرأي الآخر لأن الطائفية وبكل أنواعها كادت تهلكنا جميعاً

2- على أن لانستفز الآخر بالأستخفاف او التهجم على دينه ورموزه

3- الحوار الذي نحذر فيه من شرور الأعلام ومن من يريدنا أن لانتحاور

4- الحوار الذي تشيع فيه ثقافة التسامح والأدراك بأننا جميعاً في مركب واحد والبحر غير مأمون

ختاماً تحياتي للأخ الدكتور صادق أطيمش

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com