|
نحن حراس "كاك" النفط
ميادة العسكري كلما قرأت خبرا عن براميل النفط العراقية تذكرت التاميم والخط الاستراتيجي ومتعلقات كثيرة به. كان منزل اعز صديقاتي في طفولتنا مقابل للمنزل الذي كان قد استاجره مدير عام شركة الاي بي سي في منطقة العرصات في بغداد، وهو نفس منزل المرحوم محمد الطريحي المطل على النهر والمواجه لشعلة الدورة. وفي يوم تأميم النفط، عدت مع جلاء من المدرسة الى بيتهم، وكان والدها المرحوم اسماعيل حمودي الجنابي يقف في "الطارمة" يهز يده .. قال وكانه يكلمنا .."اليوم النفط امموه وباجر رقابهم يأممولهمياها ..." وفعلا.. دق اول اسفين لنهاية حكم البعث بعد تاميم النفط مباشرة عام 1972 .. غاب عن ادراك مهندس الخط الاستراتيجي ومهندس التاميم العراقي ان النفط سلاح استراتيجي دولي · ليس مسموح لنا استخدامه كسلاح · ليس مسموح لنا ان نحدد سقف انتاجه او اطلاقه · ليس مسموح لنا ان نحدد او نطلق اسعاره · نحن حماة "الكاك" في افضل الحالات .. وعندما تيقن الاخوة "الشركاء" بأننا لا ننفع حتى كحراس "كاك النفط" جاءوا ليحفظوا حقهم بايديهم .. ** في مقابلة اجريتها مع القائد العام للقوات متعددة الجنسيات في العراق، عام 2007، سألته: هل جئتم الى العراق من اجل النفط؟ اتذكر .. ولا تزال الاجوبة محفوظة في شريط الكاسيت الذي سجل اللقاء..بان العزيز بترايوس قال : لو كنا قد جئنا الى العراق من اجل النفط، لكان من الافضل لنا ان نجلس في بيوتنا ونشتري النفط منكم عوضا عن اراقة الدماء وصرف ملايين الدولارات يوميا .. يومها ادهشتني اجابته لما تشتمل عليه من المعية وصواب، فقد كانت تحيط به هالات النصر على القاعدة، وكانت الصحوات تتألق في طردها للقاعدة من الانبار بعد ان كانت الانبار معقل لقتل العراقيين على ايدي من كان ابناء المنطقة يأونهم سواء قسرا او حبا..كنا نعيش في حالة من "اليوفوريا" ..وكأن النجوم ستتدلى لنقطفها.. ** ولكن كما يقال.. بعد "الدوخة" و "الانبهار" تأتي الفكرة .. "باريس غاليري" محل عطور سبع نجوم كبير في دبي، وتوجد له افرع في كل المولات الصغيرة والكبيرة، في وقتها، كنت اتجه من نهاية مول اسمه الستي سنتر نحو مكتبة اسمها مجرودي داخل المول ، وفي الطريق الى المكتبة قفزت امامي روسية جميلة من فرع الباريس غاليري هناك ومدت يدها بقطعة ورقية صغيرة بعد ان "بخت" عليها من قارورة عطر في يدها الاخرى وناولتني الورقة، تسللت رائحة العطر وغلفت راسي.. سالتها : ما اسم العطر، قالت مدنايت رين (مطر منتصف الليل) ، فطرت على جناح العطر نحو منتصف ليل شتائي ماطر في بغداد، كنت اريد ان احضن الشوارع والنخيل والقلم طوز الذي اهترأ .. اذن ... قارورة مدنايت رين هذه = في سعرها برميل خفيف نفط البصرة!!! اسرعت مبتعدة نحو المكتبة.. وفكرة واحدة تدور في ذهني : لو ان النفط سينضب العام المقبل، كم سيساوي نفطنا اليوم؟ وهل سيكون من المجدي بمكان ان يخرج الجيش الاميركي عن بكرة ابيه ليرعى الكاك؟ بالتاكيد، سيكون مجد جدا.. ففي يوم من الايام، سيكون ثمن برميل النفط الواحد = برميل دم!!! مثله مثل الماء والارض ذات المناخ المعتدل. ** تأتيني كما تأتيكم ايميلات كثيرة يوميا، ولعل احدى الايميلات التي اثارت انتباهي كانت من شخص بعث بمقال عن نداء وجهه الدكتور عصام الجلبي الى العراقيين جميعا، بحرقة قلب، حول تبصير وتوضيح الحقائق 'والكشف عما يجري تحت أقنعة كاذبة من خطط للتنازل عن ثروات العراق النفطية والغازية وأناطتها من جديد لأيد أجنبية والتنازل عن جزء كبير من ايرادات العراق بحجج الحاجة للخبرات والرساميل الأجنبية والتكنولوجيا ... أمانة في أعناق كل من عمل أو واكب صناعة النفط العراقية على مدى ثمانية عقود من الزمن'. وامس قالت صحيفة الغارديان التي تصدر في لندن بان أكبر عملية بيع لمصادر نفطية عراقية ستجري في لندن حين تضع الحكومة العراقية 40 مليار برميل من احتياطيات العراق النفطية أمام العروض. وقالت الصحيفة إن شركات نفطية كبرى من بينها "بريتيش بتروليوم" و"شل وإكسون موبيل" ستحضر المؤتمر الذي سيعقد بفندق بارك لين في حين مي فير وسط لندن، إلى جانب وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني، مشيرة إلى أن حكومة المالكي اعطت مداخل حتى الآن إلى ثمانية حقول نفطية تمثل نحو 40% من احتياطي العراق من النفط . واضافت أن بيع احتياطي العراق من النفط في لندن سيُثير الجدل بشأن ما إذا كانت الإطاحة بنظام صدام حسين حرباً من أجل النفط اكملتها الآن الشركات النفطية الغربية الكبرى المتعددة الجنسيات من خلال إحكام سيطرتها على الإحتياطي الإستراتيجي للعراق من النفط. واشارت الصحيفة إلى أن وزير النفط العراقي الشهرستاني سيكشف عن اتفاقيات يمكن أن تستمر 20 عاماً على أن تقدم العروض الرسمية لحكومته في الربيع المقبل ويتم توقيع هذه الاتفاقيات صيف العام المقبل. ونسبت إلى غريغ موتيت من جماعة العدالة البيئية والإجتماعية (بلاتفورم) في بريطانيا قوله "إن الحكومة العراقية تمضي قدماً في خططها من دون أن تحظى على الدعم المطلوب من قبل الغالبية في العراق"، كما نقلت عن هينريتش ماثي مستشار شؤون الشرق الأوسط في مجموعة "كونترول ريسكس" قوله إنه "من غير المعروف الآن أي حزب في العراق مخوّل بمنح العقود النفطية للشركات الأجنبية". وتقول حكومة بغداد إنها تهدف من وراء الخطوة إلى رفع انتاج العراق من النفط الخام من 5ر2 مليون برميل في اليوم إلى 4.5 مليون برميل رغم أنها تواجه معارضة داخلية من الحكومات المحلية. ** هممممممم ؟؟؟؟ هل هذا الكلام صحيح؟؟؟ وان كان صحيحا فهو مؤسف حقاً .. · ولكني حرقت الجرح النفطي من يوم ان علمت بان شارع محمد القاسم شيد ب 8 مليون دولار اميركي، بينما يوم واحد من "الهجمات الايرانية " على القطعات العراقية، خلال حرب الثماني سنوات مع ايران كانت تكلفنا مليار دولار اميركي .. وكلها من نفط هو ليس ملكنا · ضمدت الجرح النفطي في نفسي عندما مررت بمنطقة كسرة وعطش في مغرب يوم ما عام 1998 وكانت طفلة جميلة للغاية ومتسخة الملابس والجسد للغاية، تلعب مع اخوتها في بركة من " السيان" الاسود، وعندما خفضت زجاج السيارة لاناديها واطلب منها ان تعود الى منزلهم او كوخهم او اي كان، ضربت وجهي رائحة وقود قوية، تذكرت على اثرها ، ان هؤلاء الاطفال يلعبون في بركة "الخيسة" وتحت اقدامهم برك عميقة من النفط .. ليست ملكنا اتمنى ان ننام ونصحو ونجد مشروع الاسحاقي وقد تم، والعراق سجادة خضراء من زاخو الى البحر، واتمنى لو ان نفطنا يتوزع من عمق اجتثاثه الى دول الجوار التي تحاربنا وترسل لنا المفخخات والانتحاريين اتمنى النفط للعدو قبل الصديق، بل لا اتمناه للصديق ابدا ...فالنفط عندنا مذلة وحروب وكراهية لا تنتهي ابدا
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |