|
الفرق بين سلطة الدين الشيعية ودين السلطة السلفية ... النبي والطاغوت!
حميد الشاكر ((1)) ماهي الفروق الجوهرية بين المشروع الديني بصورة عامة والمشروع السياسي باعتباره مدرسة فكر وسلوك في الحياة الانسانية ايضا ؟. الفروق الظاهرية بين المشروعين تتلخص بصورة أساسية بالاتي : اولا : الدين مشروع ينظر لبعدي الانسان الدنيوي والاخروي باعتبار ان هناك حياتين للانسان في هذا العالم بعكس السياسة التي تهتم فقط بهذه الحياة المعاشة للانسان !. ثانيا : الدين يضع الالية لمشروعه الانساني على اساس انها الية يجب ان تكون في كثير من ابعادها اخلاقية لانفعية مادية ولامصلحية بالمطلق، بينما تكون الاليات المتبعة في المشروع السياسي آليات مصلحية نفعية متضاربة في احيان كثيرة مع الاخلاقية الانسانية . ثالثا : للمشروع الديني نوع من شعار وهدف الاصلاح والهداية والتربية للبشرية، باعتبار ان الدين بالاضافة لدعوته الى اقامة الحياة على نظام معين الا انه وبالاضافة لذالك فأن للدين وظيفة هداية وارشاد وتربية روحية، بعكس المشروع السياسي الذي هو اختصار لهدف وشعار ادارة حياة الانسان ونظامه المعيشي والسياسي فقط !. رابعا: ان الدين قائم على ثوابت عقدية واخلاقية وانسانية وروحية في قيامه ومتحرك في الياته، بعكس السياسة التي تتميز بعدم الثبات في المبادي ووجود المرونة المطلقة في الاليات !. خامسا : ان المشروع الديني مشروع قائم بجناحي العقل والروح، والعواطف والمنافع، والاسطورة والخيال من جهة، والعلم والمنطق من الجهة الاخرى، بعكس المشروع السياسي القائم على اساس لعبة العقل وحده، والمادة والقانون والمنفعة والمصالح الحسية وعدم الالتفات للروح والمشاعر وباقي عناوين عالم اللامادة !. ان هذه الفروق والاختلافات بين مدرستي الدين من جهة والسياسة من جهة اخرى تبدو جلية وواضحة عندما نستعرض هذه المشاريع على ماطرحه الفكر القرءاني الاسلامي في تاريخه المقصوص بين الانبياء من جهة، والطواغيت والمتفرعنين والدنيويين فحسب من جهة أخرى، ومن هنا مايميز حالة الصراع التاريخية القرءانية انها حالة تتصادم بها دائما توجهات كلا المشروعين الديني بكافة عناصره ومميزاته المذكورة انفا، والسياسي بكل مبادئه وشعاراته ومقاصده واليات حركته ثانيا !. نعم مايقرره المشروع السياسي في رؤيته للادارة الاجتماعية الانسانية او مايراه للمصالح العليا لنظام الحكومة والدولة هو بالضرورة وفي احيان كثيرا متضارب او متناقض مع مايقرره المشروع الديني في نفس هذه التوجهات وتلك الرؤى المتصلة بحياة الانسان بصورة عامة، ولهذا كانت ولم تزل ظاهرة التصادم بين المصالح والرؤى الدينية مع الرؤى والمصالح السياسية شيئ يكاد يكون من بديهيات التواريخ المذكورة في حياة الرسل والانبياء والطواغيت والفراعنة في سياق حركة واحدة، من منطلق ودائما تضارب التوجهات والمصالح واليات العمل وكيفية الادارة وحسابات الربح والخسارة لهذين المشروعين !.
((2)) ان من الظواهر التاريخية الملفتة للنظر في دراسة المشروع السياسي وفي مقابله المشروع الديني المقصوص قرءانيا بين الانبياء والطواغيت هي ظاهرة (( الطغيان السياسي )) في جهة، وفي المقابل لها ظاهرة (( المطالبة بالعدل )) الرسالية من جهة اخرى، كما يذكره لنا القرءان على سبيل المثال في :(( ان فرعون علا في الارض وجعل اهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبّح ابناءهم ويستحيي نساءهم )) ففي هذا المشروع السياسي المتفرعن كانت الاهداف والاليات والمصالح مطبقة على انتهاج الظلم والعلو في الارض بالاضافة الى تمزيق وحدة المجتمع وتفريق لحمته الاجتماعية وتقسيمه الى طبقات من النبلاء والسادة المنتفعين واخرين من العبيد والمتضررين،وكل هذا بسبب اقتضاء المصالح السياسية الفرعونية لذالك، وفي مثل هذه الحالة من الوجود السياسي الطاغي يولد مشروع الدين والمطالبة في المجتمع كردة فعل طبيعية لايجاد مشروع مناقض لماهو قائم، فيأتي الدين باعلانه ومطالبته بمبادئ العدالة والمساواة ورفع الظلم ووجوب احترام حرية الانسان وادميته فتولد النبوة على شكل ارسال رسائل من قبل الله سبحانه وتعالى مفادها :(( لقد ارسلنا رسلنا بالبينت وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناسُ بالقسط ..)) فكانت غاية مشاريع الانبياء والرسل هي القسط والمطالبة بالعدالة بين الناس وفي الناس، مضافا الى هذه المطالب تكون اليات حركة المشاريع الرسالية قائمة على الايمان بالحجج العقلية، ووضع القوانين والدساتير التي تضمن حق الاجتماع الدستوري من جهة وتنظيم ادارة المجتمع روحيا وماديا من جهة اخرى فينتعش الاجتماع وتعود حياته للتوازن بعد الانتصار على مشروع السياسة الفرعونية !. الحقيقة ان هذه هي صورة الصراع القرءانية التي ينقلها لنا النص القرءاني باعتبار ان هناك دائما مشروعين في هذه الحياة الانسانية الدنيوية يتصارعان داخل المجتمع، مشروع تحكمه المصالح السياسية وتتقاذفه المنافع الحزبية مما يضطره الى انتهاج العنف والظلم وارساء دعائم الحكم بالقوة والخداع والقهر ..... وما الى ذالك من متطلبات المشاريع السياسية القائمة مرّة على الخداع ومرة على القوة، ومشروع يولد من رحم المعاناة الانسانية التي انتجتها السياسة القاهرة ليعلن ضرورة المطالبة بالعدالة والمساواة وحكم الانسان لنفسه وتحرير الذات من العبودية فيأتي الدين والمنقذ لانقاذ الانسان بشكل رسول ونبي برسالة من الله ربانية لاتعرف الفئوية ولاتضع القوانين لمصالح طبقة دون طبقة ولاتعير اهمية لتوازنات السياسة وكيفية ادارتها المشؤومة لحركة المجتمع، فيكون هذا المشروع النبوي المخلّص القائم على حكم القانون (( وانزلنا معهم الكتاب )) من جهة، وحكم الشعب بنفسه لنفسه :(( ليقوم الناسُ بالقسط )) من جهة اخرى !. نعم مايميز المشروع السياسي بوضوح عن المشروع الديني هي ميزة (( المرجعية )) الفكرية والادارية والنفسية والروحية والقانونية .....الخ، بحيث تكون مرجعية المشروع السياسي ودائما هي (( المصالح والمنافع )) وماتمثله من ادارة عقلية صرفة لايدخل في حسابها اي شيئ آخر غير تلك المصالح والمنافع للنظام السياسي القائم، بينما تكون المرجعية الفكرية والاخرى القانونية والادارية في المشروع الديني هي الدين او القانون والله سبحانه وتعالى بالذات، ومهما تغيرت نوعية المشاريع السياسية والاخرى الدينية في المواهي والجوهريات والاشكال، فسيبقى المميز الوحيد بين المشروع السياسي عنه من الديني هو مميز المصالح للسياسة، والثوابت الدينية الاخلاقية للدين !.
((3)) في كثير من الاحيان نرى ان المشروع السياسي في العالم الانساني وباعتبار انه عقل نفعي وغاياته تبرر وسائله، نجده في صراعاته مع المشروع الاخر الديني، هو ايضا يتحول بثوبه من المشروع السياسي في بعض الاحيان الى الادعاء انه ايضا مشروع ديني اخلاقي ليعطي لنفسه صفة دينية هو بحاجة ماسة لها ان اراد ان ينتصر في معاركه الدنيئة مع مشروع العدالة والمساواة الديني، وربما لشعور المشروع السياسي ان قوة المشروع الديني متأتيةً من (( القداسة )) التي تتميز بها الاديان باعتبار انها متصلة بالله سبحانه وتعالى المقدس، فلا اشكال ان يتحوّل المشروع السياسي تلقائيا لاخذ قرار لبس ثوب الدين لاضفاء طابع القداسة والاخلاق على مشروعه السياسي، وليصبح فيما بعد لديه امتلاك لعنوان (( دين السياسة )) اي ان السياسة تتدين، وليس التدّين يتسيس !. ان للسياسة اديان ايضا، كما انه للاديان سياسة في المقابل، وهكذا هي ظاهرة المعركة الجديدة !. ولكن ماهو المائز الفعلي (( لندرك ونعرف ونفهم )) والفرق الجوهري بين مشروعي (( دين السلطة وسلطة الدين )) في هذه المعركة المصيرية بين الدين والسياسة ؟. الفروق واضحة تماما لادنى متأمل وصاحب فكر يريد ان يدرك المشروع الديني بخطوطه العامة من المشروع السياسي بخطوطه العريضة، وهذه المعرفة تأتي من خلال ادراكنا لهوية كلا المشروعين وماتنتجه هذه الهوية من انماط سلوكية في الحياة !. نعم ان من مميزات المشروع السياسي انه لايمتلك الثوابت اولا، وله توجه بحماية الطبقة السياسية الحاكمة على الطبقة الجماهيرية المحكومة ثانيا، وليس في اجندته اخلاقيات ترفع المعنويات على المكاسب المادية ثالثا، وهو مشروع موصوف بانتهاج القوة والعنف والظلم والعلو وعدم احترام القانون !. وهذه المميزات بالضد من مميزات المشروع الديني الذي يمتلك (الثوابت) القانونية التي على اساسها يكون النبي والانسان العادي سواسية امامَ قانون هذه الثوابت القانونية الدينية مثل قوله سبحانه :(( وما اريد أن أخالفكم لما انهاكم عنه ..)) فليس هو قانون مطبق على الشعب ومستثنى منه الحكومة والقيادة او النبي والخليفة، وهو مشروع تساوي وعدالة وليس هناك فيه طبقة حاكمة مترفة مقدسة موضوعة من قبل الله سبحانه ومطاعة الى مالانهاية وطبقة دنيا حقيرة ويجب ان تكون بالمنزلة الادون على اي حال، وهو مشروع متصف برغبة الاجتماع الفردية في الانتماء اليه والقبول به وتطبيقه من خلال الايمان والحب له، وليس من خلال الخوف والارهاب منه ..............الخ !. ان هذه التمايزات الماهوية بين المشروع السياسي والمشروع الديني هي التي تحفظ الدين من دسائس السياسة وان تلبست بلبوس الدين، وتفضح السياسة وان شاءت ان تستغفل عقل الانسان البريئ وعشقه الفطري للدين والتدين، وعليه ان وجدت هناك مشروعا هو في اساسه سياسي ولكنه يرفع الشعارات الدينية ويتظاهر باللبوس الديني فماعليك الا مقارنة اساليبه الفكرية والسلوكية على المبادئ الدينية التي ذكرناها توّا للدين، فأن وجدته يميل لتقديس الحاكم والفرعون والخليفة، فاعلم انه مشروع سياسي يحاول استغلال الدين، بعكس ما لو وجدت المشروع يدعو للمساواة والعدالة ولايعترف بخصائص قانونية تحمي الحاكم من النقد والمساءلة الشعبية والجماهيري، فان في هذه الحالة كن على يقين انه مشروع دين وان عمل بالسياسة واقتحم دروبها المزعجة !. تمام : الفرق بين دين السياسة هو توظيف السياسة للدين في حفظ مصالح الحاكم وطبقته وتقديسه ورفعه فوق النقد ومساءلة القانون،بينما تكون سياسة الدين هي العكس في اخضاع السياسة بطاقمها الحاكم لثوابت وقوانين الدين الاخلاقية التي لاتفرق بين حاكم ومحكوم، فهل فهمت الفرق بين سلطة الدين ودين السلطة ؟.
((4)) في شتى المذاهب الاسلامية والفرق الدينية ادعاءات كثيرة كل منها يدعي انه الدين الاسلامي الحق وباقي المذاهب والطوائف ماهي الاسراب وخدعة، وفي مثل هذه الحالات من التضارب لايركن الى دعوى المدعين وان كان يجب احترام جميع دعواهم على اي حال، ولكن ينبغي بالاضافة الى هذا الاحترام وضع ثوابت ومقاييس ومبادئ يتمتع بها الدين بشكل عام لتكون هي الحكم على مدعي من يدعي امتلاك الدين الحق، لتكون فيما بعد هذه الثوابت الدينية هي الفيصل بين السياسة والدين، وهي الفاروق بين الحق والباطل !. في كلمة هي من اروع الكلمات الاسلامية على الاطلاق لعليّ بن ابي طالب ع من خلالها يضع لنا القاعدة في فهم الديني والسياسي بشكل عام، يقول علي :(( اعرف الرجال بالحق ولاتعرف الحق بالرجال )) !. اي انك ينبغي ان تدرك السياسة بثوابت الدين لأن الدين هو الحق، لاان تعرف الدين بمتغيرات السياسة لأن السياسة هي الباطل والمتغير ان اردت معرفة الحق واهله !. او انه ينبغي عليك ان تعرض كل مايقوله ويفعله ويتبناه ويعتقده الانسان اي انسان من نبي الى كنّاس المدينة على الحق الثابت، لا ان تقلب المسألة لتعرض الحق الثابت على الانسان المتغّير والقلق والغير صالح لان يكون مقياسا للحقيقة ؟. تره : هذا هو نفس المنطق الرسالي القرءاني الذي يقول :(( وما اريد ان اخالفكم لما انهاكم عنه )) فالانبياء ايضا لديهم حقائق يلتزمون بها ويرجعون اليها حالهم حال باقي البشرية بلا فرق باعتبار ان الثابت والمقياس هو الحق، ولايريد حتى الانبياء ادعاء انهم هم الحق ويجب ان يدور الكون حولهم، بل ان الحق هو الثابت هو المنزل من قبل الله هو الدين هو القانون ورجوع جميع البشرية له، فلايريد الانبياء المخالفة في هذه القاعدة !. اذن مقولة عليٌّ بن ابي طالب دينية اسلامية مئة بالمئة، ولو كان عليّا سياسيا قبل ان يكون دينيا لقلب لك المسألة وقال لك :(( اعرف الحق بالرجال او اعرف الحق بي ولاتعرف الرجال بالحق )) او كما يرّوج اليوم عبّاد الطواغيت عندما يقولون لك :(( اعرف الدين بالصحابة ولاتعرف الصحابة بالدين )) او اعرف الحق بزيد ولاتعرف زيد بالحق .... وهكذا !. ان معرفة الديني من السياسي ليس بالامر الصعب والمستعصي تماما علينا نحن طلاّب الحقيقة وتابعي النجاة في هذه الدنيا، ويكفي ان اردنا ان نعرف اي المذاهب والطوائف هي الحقيقية او التي تمتلك البعض من الحقيقة والدينية ان ننتبه اولا لشعارات ومبادئ هذه المذاهب والطوائف وان ننتبه للنقاط التي ذكرناها انفا للثوابت الدينية وفروقها عن المتغيرات السياسية ثانيا، لاسيما فرق (( سياسة الدين )) واختلافها الجوهري عن مفهوم (( دين السياسة )) الطاغوتي الدنيوي المخادع، فان شممت سياسة تتلبس بالدين وتقدّس الحكّام وتجعل لهم حصانه الاهية وتدعوك الى عدم ذكر السياسي الدنيئ باي نقد او مساءلة قانونية وترفعه الى منزلة الخليفة المقدس هو وحقبة حكمه وزمنه الاغبر، وترّوج له باعتباره حامي الدين والمناضل من اجل المقدس ............الخ، وفي المقابل تجد ان واقعه السياسي كله قائم على الظلم والجهل والتمييز الطبقي والمؤامرات السياسية الخسية ... فاعلم ان هناك مؤامرة سياسية تحاول خطف الدين والمتاجرة به !. اما ان تلمست دينا يدعو للسياسة،: الحق شعاره كمرجعية لكل البشرية انبياء وتابعين، يقيم العدل ويدعوا الى الشهادة على الساسة :(( شهداء لله )) ويطالب المجتمع بالرقابة على الحكّام (( الامر بالمعروف والنهي عن المنكر )) وينتقدهم بالحق ويساءلهم بالعدل، ولايقدسهم ولكن يعينهم لاقامة القسط بين الناس، وان اخطأو يحاسبهم وان ابو الا الظلم والعدوان يطيح بهم ليستبدل غيرهم، لاتأخذه بالحق وبالله لومت لائم .....الخ، ووجدت هذا الدين بسياسيه على درجة عالية من الوعي والفهم والتقوى والسلوك القويم والحكومة الصالحة للشعب ....الح، فاعلم انك في رحاب سياسة الدين العادلة، وليس في حفرة دين السياسة الغادرة !.
(( 5 )) للمذهب الاسلامي الشيعي مميزات كثيرة، ولكن من اهمها انه يتميز بشعار (( سلطة الدين )) بعكس مناهضه في الوجود وعدوه في الحياة المذهب السلفي الذي يتميز بشعار (( دين السلطة ))، ولكلا المذهبين ان تأملناهما بعمق نمطين من التوجهات مختلف الاول عن الاخر بشكل كبير !. ان المذهب الاسلامي الشيعي منهج يذهب الى ان المرجعية للدين بثوابته الالهية العظيمة، وكل الكون والناس والانبياء والبشر والعالم والحكم والاقتصاد والحقوق والواجبات .... راجعة لهذه الثوابت الدينية ومستقية منها شرعيتها في الوجود، فكل شيئ معروف بالحق وجوده كما يقول عليٌّ بن ابي طالب ع، السياسة والتاريخ والحاكم والمحكوم والانبياء والبشر العاديون والحريات والواجبات .........الخ، كلها عائدة الى ثابت ومقياس واحد في مذهب التشيّع الاوهو الدين الحق، كما ان هذا الدين هو السلطة الحقيقية في رجوع التشيّع ومذهبه الاسلامي له، فالحاكم لايكون حاكما شرعيا ( مثلا ) اذا لم يأخذ شرعيته من الدين في النبوة بالارسال الالهي، وفي الامامة بالنص الديني، وفي السياسي بالالتزام بثوابت الشريعة الدينية والعلم بها، وفي حقوق الانسان والمجتمع وحرياته وحقوقه ..................... الخ لايكون لها شرعية ان لم يكن الدين هو اساسها ومنبع شرعية وجودها على الحقيقة ومرجعيتها المطلقة لتحقق بالفعل سلطة الدين في الحياة وعليها من مبدأ :(( ليقوم الناسُ بالقسط )) فالناس بحريتهم الممنوحة لهم دينيا يقيمون عدالة السماء في الارض، كما انه وبحريتهم الممنوحة لهم دينيا يكفرون بهذه النعمة ايضا :(( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) !. وهذا بعكس المخالفين لهم الذي يرون امكانية ان تكون الشرعية وخصوصا في الحكم هي لغير الدين وسلطته المباشرة، كالذي نراه عندما يقرر المذهب السلفي امكانية ان تكون مرجعية الحاكم وشرعيته في الحكم غير الدين، كأن تكون سلطة القوة او العصبة او المصالح السياسية التي تقتضي هذا ولاتقتضي ذاك او عنوان الصحبة .... او باقي المرجعيات التي منشأها سياسي اقرب منها للديني كي تكون شرعية الحاكم الحقيقية ومدار احقيته في الادارة الدينية، ليصبح الدين نفسه تبعا لشرعية السلطة، ويكون العنوان هو (دين السلطة ) وليس سلطة الدين هي الحاكمة بالفعل في فكر السلفية المذهبية !. ومن هنا نجد ان الفرق واضح على هذه الرؤية بين مذهب الفكر الاسلامي الشيعي ومايتمتع به من ذهنية منفتحة ومرنة ومؤمنه بأن السلطة ماهي الا اداة للحاكم الفعلي وهو الدين ( القانون بلغة العصر ) الذي اعطى حقوق الحكم وحقوق الانتخاب والمراقبة والشهادة للمجتمع، كما اعطى حقوق الحرية في التعبير والانتماء وحقوق الحياة وحقوق العيش وحقوق الكفالة الاقتصادية ....... وباقي حقوق الفرد والجماعة في هذه الحياة الدنيا، وبين مذهب اسلامي آخر سلفي الاتجاه يرى ان السلطة السياسية هي المرجعية الحقيقية لتشريع وتوزيع الحقوق والواجبات في المقابل بما فيها حق الدين نفسه في التنفس والتعبير عن ذاته وكيفية فهمه او تفسيره، وهذا بغض النظر من ان السلطة السياسية في الفكر الديني السلفي هي صاحبة القرار في منح حقوق الفرد والمجتمع والحريات و........... باقي الحقوق والواجبات الاخرى !. نعم على غرار هذين التوجهين في الفكر والمذهب والتوجه لكلا التيارين الشيعي الاسلامي الديني والسلفي السياسي الديني لابد ان نصادف مشروع التصادم بين كلا الفكرين والسلوكين والتوجهين السياسي الديني والديني السياسي، باعتبار ان هذين الخطين يسيران بتعارض واضح في التفكير والسلوك والتقييم والحركة، فبينما يرى الشيعي ان من حقه انتقاد الحاكم ومحاكمته ومراقبته والشهادة عليه، واعتبار ان هذا الحق هو حق اعطاه الله سبحانه له دينيا ليتمتع به ويطالب من خلاله بالعدل والمساواة في الحكم والدولة، نفس هذا الحق الذي يراه المتشيّع من حقه دينيا، يحاول السلفي السياسي ان يحرّم عليه هذا الحق ويطرح الجانب الاخر من المسألة تماما، ليكون الخليفة مقدسا ومنزها عن النقد ومرتفعا عن الشبهة، ولايحق لاحد ان يعدّل من مساره او يشاغب على سياسته وان ظلم او طغى او كان جاهلا او محابية لطبقة على طبقة ...... وهكذا، حتى يرى السلفي السياسي ان الدين نفسه جرّم الاعتداء على الخلفاء واصحاب السلطة بل واعتبرهم خلفاء الله سبحانه والحاكمين بامره وارادته والمتحركين بحكمته وتسديده، وعليه يكون اي نقد او اعتداء او توجيه او مراقبة للحاكم وحاشيته او مساءلة له او المطالبة بالتمرد عليه ...، كل ذالك في العقلية السلفية الدينية السياسية ماهي الا تمرد على الله وانتقاد لساحة القدس الالهية المقدسة ....... وهلم جرا !. هذا مايتعلق بالاختلاف النمطي الفكري السلوكي في مسألة الخلافة والحكم بين سلطة الدين الشيعية، ودين السلطة السلفية، فاولال يرى ان الدين هو من شرّع هذه الحقوق له واعطاه هذه الصلاحية والمساواة بينه وبين الحاكم، بينما يرى الثاني السلفي ان الدين السياسي هو الذي منع وجرّم على الانسان ان يتعرض للحاكم بسوء او يرى نفسه ندا للسلطان واصحاب الخلافة المميزين في الارض !. وهكذا ايضا في كل مجالات الحياة الانسانية ستجد ان هناك خلافات فكرية وتوجهية بين المدرسة الفكرية الاسلامية الشيعية والاخرى السلفية السياسية، تمتد لحقوق الانسان الجوهرية في التعبير وفي الايمان وفي المرأة وفي الفن وفي الاعلام وفي الاقتصاد .......... الى باقي جميع مجالات الحياة البشرية، هناك فروق جوهرية بين التشيّع والسلفية، الاول المتشيّع قائم على ان الدين نظّر للحقوق والواجبات لامور الحياة الانسانية واعطى كل ذي حق حقه، وليس من حق نبي مرسل او حاكم سلطان او عالم او فرعون من الطغيان ان يتدخل ليرفع هذه الحقوق المعطاة من قبل القانون الديني الثابت، والثاني السلفي ينظر للسياسة والوضع القائم كمرجعية هي صاحبة حق التشريع والتنفيذ والالغاء والرفع والوضع والمحو والاثبات ... لجميع مجالات الحياة الانسانية !. ومن هذا يرى المراقب والملاحظ لسير النمطية الفكرية والسلوكية السلفية انه تمتاز بميزة التقلب والتناقض والتضارب على مدى التاريخ الواقعي لوجودها، لالسبب الا لأن السياسة نفسها بقانونها الطبيعي هي متقلبة مع المصالح ومتلونة مع الزمن، وكلما ارتأت السياسة المصلحة والمنفعة في جانب من جوانب الحياة اعطته المشروعية الدينية ليتحول من ضمن اجندة دين السلطة الى دين مقدس، وبالتبع لهذه الرؤية ابتليت السلفية الدينية السياسية ايضا بالتقلب والتناقض في الافكار والتوجهات تبعا لمرجعيتها السياسية، فالسلفية مرّة هي ملكية في الحكم والخلافة، ومرّة هي شورية لعصبة من الناس، وأخرى هي بالتوصية من شخص لاخر، ورابعة هي بالقوة ومن ملك القوة والسيف فهو الحاكم، واخرى ....... وهكذا، في هذا الجانب وقس عليه جميع جوانب الحياة في الفكر السلفي ستجد ان التضارب واضح تماما في سير وسلوك هذا الفكر السياسي الديني الذي اسميناه ((دين السلطة)) والذي يشكل الحركة المعاكسة للتشيّع والذي اطلقنا عليه اسم ( سلطة الدين) انتهى !.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |