خطيب جمعة العراق اليوم عليّ بن ابي طالب ع يحذرالعراقيين  : تفرقكم وتجمعهم

 

حميد الشاكر 

al_shaker@maktoob.com 

في خطبة من خطب أمير المؤمنين عليّ بن ابي طالب ع في نهج البلاغة، وبعد ان قدم عليه عاملاه على اليمن هاربين من امام هجمة بسر بن أرطاة واستيلاءه على البلد، وتنكيله بشراسة بشيعة علي ع وذبح طفلي عبيد الله بن عباس، قام أمير المؤمنين خطيبا متثاقلا ضجرا في الكوفة فقال :((أُنبئتُ بُسراً قد اطلع اليمن، وءانّي والله لأظنّ أنّ هؤلاء القوم سيدالون منكم : بأجتماعهم على باطلهم وتفرّقكم عن حقّكم، وبمعصيتكم ءامامكم في الحقّ، وطاعتهم ءامامهم في الباطل، وبأدائهم للامانة الى صاحبهم وخيانتكم، وبصلاحهم في بلادهم وفسادكم، فلو ائتمنت أحدكم على قعب لخشيت ان يذهب بعلاقته / خطبة 25 ))

 *******

 ذكر خطيب جمعة العراق اليوم عليّ بن ابي طالب ع في خطبته هذه عدة محاور تتعلق بالشأن العراقي الحالي بعد تغيير نظام المقبور صدام حصين، وما يعانيه العراق من هجمة ارهابية شرسة جدا بقيادة الارهاب الاموي التكفيري الحديث، وجاء في خطبة امير المؤمنين لجمعة هذا الاسبوع في مسجد الكوفة التأكيد على النقاط التالية :

اولا : خطر أمكانية سيطرت الارهاب على العراق من الجديد !.

وجاء هذا المعنى في الخطبة الشريفة عندما ذكر عليٌّ ع في مقدمة خطبته قوله :(( وءاني لأظن أن هؤلاء القوم سيدالون منكم )) مما يعني ان أمير المؤمنين لايستبعد ان تكون الدولة من نصيب الارهاب الاموي الضارب اليوم في العراق  ان بقيت حالة التذبذب القائمة على ماهي عليه لفترات اطول من ذالك، فالاختراقات الامنية المتكررة وكذا نجاح عمليات الارهاب بين الفينة والاخرى بضرب ولايات العراق، وعدم تحسن الوضع الامني للبلاد بسبب فشل الحكومة القائمة بالاستفادة من التجارب الماضية ....، كل ذالك يؤكد ان هناك مؤشرات حقيقية على عودة  دولة الارهاب على العراقيين من جديد ان لم يتغير الواقع القائم، لاسيما ان خرقا امنيا كالذي قام به بسر بن ارطاة في الماضي على شكل هجمات ارهابية خاطفة على المدينة ومكة والطائف واليمن واليمامة في السابق، او الذي تقوم به مجاميع الصداميين والتكفيريين الوهابية اليوم في العراق في الموصل او بعقوبة او العمارة او كركوك ..  تشير وبعمق الى ان الدولة ستؤول للارهاب المنظم امام فوضى الدولة العراقية القائمة، ولهذا اشار خطيب جمعة العراق عليّ بن ابي طالب ع بلهجة التحذير الشديدة التأكيد  الى اخذ هذا الظنّ وهذا الاحتمال على محمل الجدّ الواقعي في تغيير معادلة النظام السياسي القائم وتحوله من يد دولة الشعب العراقي الى دولة الارهاب والرعب والجريمة !.

ثانيا : في معرض ذكر المؤشرات والدلائل التي على اساسها بنى خطيب جمعة العراق الامام عليّ بن ابي طالب ظنونه واحتمالاته التي تؤكد امكانية عودة دولة الارهاب على العراق من جديد، ذكر الخطيب عليّ بن ابي طالب ع عدة ظواهر اساسية تشير الى حالة قلب المعادلة السياسية اليوم في العراق ومن اهمها الظواهر التالية :

أ - : اجتماع قوى الارهاب على باطلهم وتفرّق اهل العراق عن حقهم !.

فقد رأى خطيب الجمعة الامام امير المؤمنين ان بناء الدول وتحقق الانتصارات في واقع الحياة السياسية لايبنى على اساس النيات الصالحة والاحلام والتطلعات ...  فحسب، وانما قيام النظم وانتصار الدولة في الحروب  يقوم على مبدأ (( الوحدة )) في الاهداف وفي الرؤى وفي الجهود وفي العمل، والابتعاد عن (( التمزق )) الذي يوهن القوة ويشتت التركيز والانتباه وينتج الضعف والخور أمام التحديات الصعبة، وعليه يشير امام جمعة العراق اليوم الى انه لو فرض تجمع اكثر من مئة مليون نبي ورسول في عراق اليوم وهم متفرقين متشتتين ومتناقضين في توجهاتهم السياسية وخططهم الحكومية ونواياهم العملية، أمام بضع مئات  الالاف من الشياطين الدنيويين  وكانوا على قلب رجل واحد في التخطيط والعمل والسعي والهمة ... لانتصر حتما شياطين النظام والوحدة على انبياء الفرقة والتشتت !.

فعلي بن ابي طالب ع اليوم هو كأمسه يرى ان النصر قرين الوحدة ورديف القانون الاجتماعي العام الذي يرى ان لكل مقدمة نتيجة حتمية في العمل كباقي قوانين الطبيعة والتاريخ، فالوحدة تمثل قوة كمقدمة لنتيجة النصر، وهكذا الفرقة تمثل الضعف كمقدمة حتمية لنتيجة الهزيمة ....وهكذا، ولاعلاقة من بعيد او قريب لكثرة مصلين المسجد وشدّة دعائهم في معادلة النصر في الحرب، كما انه لادخل لقلة الارهاب والشيطنة ان كان النظام والقوة هما الهدف الموحد لحركة طالبي النصر !.

وعليه كان خطيب مسجد الكوفة علي بن ابي طالب ع واضحا تماما  بطرح موازين الحرب في الانتصار والهزيمة لذا قال :((بأجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم )) اي باجتماع الارهابيين على اهدافهم وغاياتهم ونشاطهم وتخطيطهم ... الباطل الذي يهدف لاسقاط العراق والتجربة، سينتصرون على تفرقكم عن حقكم ايها العراقيون وانتم بلا تخطيط مجتمع ولااهداف محددة ولا نوايا متحدة ولا سعي وايدي متكاتفة، ثم لاينفع حق في نصر ولايضر باطل في هزيمة !.

ثالثا : كذالك عرّج خطيب جمعة العراق هذا الاسبوع علي بن ابي طالب ع على موضوعة اخرى تعد من ضمن المؤشرات الصريحة على امكانية هزيمة العراق بحقه وانتصار الارهاب بباطله، الا وهو مؤشر (( عصيان اوامر القيادة الرشيدة )) عندما قال ع :((   وبمعصيتكم ءامامكم في الحقّ، وطاعتهم ءامامهم في الباطل  )) فقد راى الخطيب ع : ان التخاذل عن طاعة الامام الاعلى للدولة ومايصدر عنه من تعليمات وقوانين واجب تنفيذها من قبل جميع دوائر الحكومة التنفيذية ايضا يعد مؤشرا اكيدا على فشل الدولة وعدم انتصارها في معركة عراق اليوم، فليس من الممكن وحسب رأي الامام الخطيب ان تكون جميع اوامر الدولة ومراسيمها العامة والقانونية بمافيها الارشادات العليا للامام معطلة وغير ملتزم بها من قبل اجهزة الدولة وافراد الشعب، ثم بعد ذالك ينتظر نجاح الدولة وانتصار شوكتها في الحرب واستقامة مسيرتها في الحياة ؟!.

ففي الجانب الاخر للحرب المستعرة بين العراق والارهاب هناك معادلة صعبة يجب الالتفات اليها، وهي معادلة وجوب مراعاة قوانين واوامر الدولة والامام كي تتكوّن ارضية النظام والدفع الى الامام للنصر على الارهاب الضارب للعراق، أما ان كان العراقيون غير ملتزمين بقوانين ونظم الامام والدولة، بل وعاصين لكل اوامرها ومفشلين لكل تدابيرها ومراسيم حكمها، وفي المقابل يكون للارهاب طاعة عمياء لقوانين واوامر قادتهم وأئمتهم والدول الراعية لنشاطاتهم الارهابية في العراق، فحتما عندئذ ستنتصر الطاعة على العصيان والانقياد على التمرد ......، واين من يطيع ويطبق التعاليم ويلتزم بالقوانين ويدعم اللحمة ويزيد من التكاتف  والقوة، من صاحب الفوضى وعدم المبالاة والاستهزاء بالقانون وعصيان الامام وتفرق ذات البين والكلمة  !.

نعم طاعة المجموعات الارهابية في العراق يؤهلها للنصر على عدم احترام قوانين الدولة والالتزام بمقرراتها للشعب وللحكومة، ومن هنا نبه امام جمعة العراق على وجوب تغيير هذه الظاهرة المهلكة لتجربة العراق الجديد لينتصر على اعدائه من خلال الطاعة والنظام والتكاتف والدولة .

رابعا : ثم ذكر امام وخطيب العراق لهذا الاسبوع عليّ بن ابي طالب ع مضافا الى الشرطين المتقديمين في قضية النصر والهزيمة في الحرب بين العراق والارهاب، ان هناك ظواهرا اخرى في عراق اليوم لاتدلل على صحة في الجسد العراقي او عافية في وضعه القائم، فهناك ظاهرة (( خيانة الامانه )) والتي هي بلاء داخلي في دولة العراق الداخلية اليوم، فالفساد الاداري المنتشر في دولة الامام عليّ بن ابي طالب العراقية، حرب غير معلنة داخليا على العراقيين ايضا، وخطرها لايقل عن حرب الارهاب المعلنة على العراق، والفرق بينهما ان الارهاب يريد اسقاط الدولة من الخارج، والفساد الاداري والمالي حرب تريد اسقاط الدولة من الداخل، وطبيعي حسب راي خطيب الجمعة لعراق اليوم، انه اذا تظافرت جهود الهدم لاي دولة من الخارج بحرب علنية ارهابية ومن الداخل بحرب فساد ادارية مختبئ، فان مصير هذه الدولة الزوال حتما !.

نعم قال الامام عليّ ع :((وبأدائهم للامانة الى صاحبهم وخيانتكم، وبصلاحهم في بلادهم وفسادكم ..)) فمثل هذه الظواهر مهلكة حتما لدولة الامام، ومع ان الارهابيين الامويين  قائمة فكرتهم على الباطل والرذيلة الا ان باطلهم ومع الاسف اكثر نظاما اداريا وماليا من اعضاء حكومة الامام المحقة وحاشيته ؟.

أليس هذه كارثة بكل المقاييس ؟.

الارهابيون اكثر امانة وحبا لبلدانهم من موظفي دولتنا العراقية السرّاق والخونة لاماناتهم حسب مايذكره خطيبنا الامام علي بن ابي طالب ع في الكوفة بالامس ؟.

اعتقد انها ليس معادلة صعبة ان ينتصر شيطان امين على مؤمن بالله خائن لامانته ؟.

كما انه ليس من المستصعب ان ندرك انتصار شيطان يحب بلده ووطنه على مصلي كافر بالوطن وحارق للبلد !.

هذه هي المعادلة التي كانت تقلق الامام حقا، وتدفعه لليقين بانه خاسر للمعركة مع ماعنده من الحق المبين ؟.

وكيف ينتصر الامام والدولة العراقية وفيها هذا الكم الهائل من خونة الامانة، وفاسدي الوطنية، وبائعي الضمائر ؟.

وكيف لاينتصر الارهاب والباطل اذا كان ملتزم باداء الامانة وان كان تحت سوط الارهاب، ومحب للوطن والبلد وان كان تحت مسمى الحفاظ على النعمة ؟.

مالفت نظري في خطبة خطيب الجمعة لعراق اليوم علي بن ابي طالب ع، هو كيف جمع الامام علي ع ودولته المباركة في جهة، وهذا الكمّ الهائل من العصاة والفاسدين وبائعي الضمائر والناكرين للوطن ....... حتى وصل الامر الى ان يقول الامام ع نفسه  :(( فلو ائتمنت أحدكم على قعب لخشيت ان يذهب بعلاقته  )) ؟.

فالى هذا الحد وصل الفساد بالناس ؟.

وكيف لأناس وصلوا الى هذا الانحطاط الخطير ان يقيموا دولة وينتصر على الارهاب المميت ؟.

الخلاصة : عوامل الهزيمة والنصر خمسة :

1: - الاجتماع فيه نصر التفرّق فيه هزيمة .

2:- الطاعة فيها نصر والمعصية فيها هزيمة .

3:- الامانة فيها نصر الخيانة فيها هزيمة .

4:- حب البلد وصلاحه فيه نصر غش الوطن ونهبه فيه هزيمة .

5 :- اخلاق الفرد فيه نصر، وانحطاطه فيه الهزيمة .

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com