بنت الرافدين

الامام علي نفحة قدسية وهبة الله لهداية البشرية .. (10)

هلال آل فخرالدين

( الامام علي في الذكر الحكيم)

جاء في الذكر الحكيم قال تعالى:(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا آلمودة في القربى) احببت ان اوضح بعض اشكالات القوم في هذه الاية (المودة في القربى) لابين مدى الحقد والتعصب الذي يقود للتلاعب حتى بالنصوص اتباعا للهوى وانسياقا وراء حطام او فتات ليس الا .!!

لم يختلف المفسرون في ان هذه الاية نزلت في قرابة النبي ومودتهم وإنما الخلاف بينهم في من المقصود منهم

قال علاء الدين المعروف بالخازن:وأختلفوا في قرابته(ص) فقيل علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم .وقيل :من تحرم عليهم الصدقة من أقاربه وهم بنو هاشم وبنو المطلب ..تفسير الخازن ج2ص:98

وقال العلامة أبو محمد الحسين الفراء:واختلفوا في قرابته فاطمة الزهراء وعلي وابناهما وفيهم نزل:(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وقيل هم الذين تحرم عليهم الصدقة من أقاربه ويقسم فيهم الخمس ..تفسير البغوي (معالم التنزيل) ج3ص529

وقد اخرج الحفاظ عن ابن عباس قال:لما نزلت هذه الاية قيل :يارسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ فقال (ص):علي وفاطمة وابناهما .اخرجه الامام احمد في مناقبه فضائل الصحابة ج2 ص669ح1141 وابن المنذر في تفسير الدر المنثور للسيوطي ج7ص348 وابن ابي حاتم كما في تفسير القران العظيم ج10 ص3276ح18473 والطبراني في المعجم الكبير ج3ص47 ح2641 والواحدي كمافي شواهد التنزيل ج2 ص130-146 والامام الثعالبي في تفسيره(الجواهر الحسان في تفسير القران) ج3ص128 والكشف والبيان له ايضا ج8 ص310 والامام أبو نعيم في حلية الاولياء ج3 ص210 والعلامة البغوي في تفسيره(معالم التنزيل) ج5ص48 والامام السيوطي في تفسيره (الدر المنثور) ج6ص7 وغيرهمكابن مردويه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس

ورواه ابن حجر في صواعقه عن الامام أحمد والحاكم الحسكاني والعلامة الطبراني عن بن عباس ثم ذكر أبيات ابن عربي :

رأيت ولائي آل طه فريضة على رغم أهل البعد يورثنى القربى

فما طالب المبعوث أجرا على الهدى بتبليغه إلا المودة في القربى

انظر الصواعق المحرقة لابن حجر العسقلاني ص101

قال:وأخرج أحمد عن ابن عباس في قوله تعالى:(ومن يقترف حسنة) قال المودة لال محمد (ص)

وروى الامام النيسابوري في تفسيره عن سعيد بن جبير لمانزلت هذه الاية قالوا يارسول الله من هؤلاء الذين وجب علينا مودتهم لقرابتك؟ فقال :علي وفاطمة وابناهما

قال النيسابوري:إن هذا فخر عظيم وشرف تام ويؤيده ماروى أن عليا شكا الى رسول الله (ص) حسد الناس فيه فقال(ص):أماترضى ان تكون رابع أربعة ؟أول من يدخل الجنة:أنا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا

وعنه(ص)قال:(حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي ومن أصطنع صنعة إلى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها فأنا أجازيه عليها )

وكان (ص) يقول:(فاطمة بضعة مني يؤديني ما يؤذيها )وثبت النقل المتواتر انه (ص) كان يحب الحسن والحسين وإذا كان كذلك وجب علينا محبتهم لقوله تعالى:(واتبعوه) وكفى شرفا لآل رسول الله وفخرا ختم التشهد بذكرهم والصلاة عليهم ) تفسير غرائب القران ج5ص31 بهامش تفسير الطبري الطبعة الاولى اليمنية بمصر

واخرج الحافظ الكنجي في الكفاية عن جابر بن عبدالله :جاء اعرابي إلى النبي (ص) وقال يامحمد أعرض على الاسلام

فقال(ص):تشهد أن لا إله الا الله وحده لاشريك له وأن محمدا رسول الله

قال :تسألني عليه أجرا؟ قال(ص) :لا إلا المودة في القربى

قال:قرابتي أو قرابتك؟

قال(ص):قرابتي:قال:هات ابايعك! فعلى من لايحب قرابتك لعنة الله

فقال النبي(ص): آمين .كفاية الطالب ص90

قال الامام الزمخشري في تفسيره (الكشاف) روي أنها لما نزلت هذه قيل: يارسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟

قال(ص): علي وفاطمة وإبناهما الكشاف ج2ص296 طبعة بولاق

وقال الامام فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير (مفاتيح الغيب)ج27 ص165-166 (الا ومن مات على حب آل محمد مات شهيدا ألا من مات على حب أل محمد مات مغفورا له ألا من مات على حب ال محمد مات تائبا ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمنا ألا ومن مات على حب أل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير ألا ومن مات على حب أل محمد يزف الى الجنة كما تزف العروس ألا ومن مات على حب آل محمد فتح الله له في قبره بابين إلى الجنة ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة .

ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافرا ألا ومن مات على بغض آل محمد لايشم رائحة الجنة.

قال الفخر الرازي وانا اقول :آل محمد هم الذين يؤول أمرهم إليه فكل من كان أمرهم إليه شد حباوأكمل كانوا هم الال

ولاشك ان فاطمة وعليا والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله(ص) أشد التعلق وهذا المعلوم بالنقل المتواتر فوجب أن يكونوا هم الآل

تأويل وتحريف

هنا تجيش النفس الامارة بالسوء الا ان تراوغ وتمعن في الكيد حسدا وتعصبا وتلف وتدور

ويتابع الامام الرازي قائلا: وايضا أختلف الناس في الآل فقيل :هم الاقارب وقيل:هم امته فإن حملناها على القرابة فهم الآل وإن حملناها على الامة الذين قبلوا دعوته فهم أيضا آل –لكن الحقق حصحص- فقال الرازي :فثبت على جميع التقديرات هم الآل أي علي وفاطمة والحسن والحسين (ع) وأما غيرهم فهل يدخلون تحت لفظ الآل؟ مختلف فيه

وهنا يرجع اثباته الآل بعلي وفاطمو وإبناهما على عهدة رواية صاحب الكشاف الزمخشري لكي ينأى بمسؤولية ما يثبته في حقهم امعاننا في الغي وشيطنة في الدس ولكن يأبى الله الا ان يتم نوره

فقال الرازي :وروى صاحب الكشاف أنه لما نزلت هذه الاية قيل:يارسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟

فقال (ص):علي وفاطمة وإبناهما

فثبت ان هؤلاء الاربعة أقارب النبي(ص)وإذا ثبت هذا وجب ان يكونوا مخصوصين بمزيد التعظيم ويدل عليه وجوه

الاول:قوله تعالى:(إلا آلمودة في القربى) ووجه الاستدلال به ماسبق

الثاني:لاشك ان النبي(ص) كان يحب فاطمة(ع) قال(ص):(فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها) وثبت ذلك بالنقل المتواتر عن محمد(ص) انه كان يحب عليا والحسن والحسين وإذا ثبت ذلك وجب على كل الامة مثله:(حب على وفاطمة والحسن والحسين) لقوله تعالى :(واتبعوه لعلكم تهتدون) ولقوله تعالى:(فليحذر آلذين يخالفون عن أمره) ولقوله تعالى:(قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) ولقوله سبحانه:(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)

الثالث:أن الدعاء للال منصب عظيم ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة وهو قوله:اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد وارحم محمد وآل محمد وهذا التعظيم لم يجد في حق غير الآل فكل ذلك يدل على أن حب الاآل محمد واجب وقال الشافعي :

ياراكبا قف بالمحصب من منى واهتف بساكن خيفها والناهضي

سحرا غذا فاض الحجيج الى منى فيضا كما نظم الفرات الفائض

إن كان رفضا حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافضى

التفسير الكبير للامام فخرالدين الرازي ج27 ص165-166

ونكتفي بهذا القدر ولو أردنا ان نمضي في هذا الموضوع من تتبع اقوال المفسرين والمحدثين وتخريج الحفاظ لطال بنا المدى واتسع الموضوع مما لا يتناسب مع ماخترناه من الاختصار وتبيان الحق وايضاح المراد في هذا الباب.

العودة الى الصفحة الرئيسية