|
معالجة البطالة وتأثيرها في بناء المجتمع
جاسم محمد جعفـر/ وزيـر الشباب والرياضة informationiraq_2005@yahoo.com قال رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) ( أللهم اني أعوذ بك من العجزِ والكسل ) وقال (من أمسى كالا من عمل يديه أمسى مغفوراً له) لم يكن عبثاً أن يجعل الشارع المقدس مقام العمل بمقام العبادة لأن في العمل تصان كرامة الانسان وتحقق انسانيته ولو رجعنا حديثاً لنظريات علم النفس لوجدنا أن العلماء يشيرون الى أهم عقدتين تتحكم في سلوك الانسان هما عقدتا النقص والكبت وبالعمل يعبر الانسان عن نفسه ويطلق مكوناتها ويحرر طاقتها المكبوتة ليكمل بعد ذلك ما يتطلبه من احتياجات ومستلزمات . . أذن البطالة آفة خطيرة متعددة التأثيرات في كل مجتمع وفي مجتمعنا العراقي ذو الامكانيات الاقتصادية الكبيرة تفشت البطالة بين صفوف الشباب نتيجة عوامل معروفة ليس أقلها النظام الاقتصادي المتخبط وأحتكار الثروة من قبل أزلام النظام وليس أكبرها تلك الحروب العبثية الدامية وعسكرة المجتمع بل الطامة الكبرى قتل روح الابداع الذاتي وزرع ثقافة الاعتماد على الدولة في كل شيء مما أفقد الشباب ثقتهم بأنفسهم وعطل أمكانياتهم وخذلانهم من قبل الحكومات مما خلق فجوة بينهم وبين مفهوم الدولة بشكل عام وأثر على مستوى الولاء والانتماء للوطن ولم يتسنَ لحملة شعلة التغيير في العراق بعد سقوط النظام البائد في 9/4/2003 أن يحدثوا تغييراً ملحوظاً وأن يجدوا حلولاً سريعة لهذه الظاهرة نتيجة هجمة الارهاب الشرسة والتحديات الامنية الكبيرة من جانب ومحدودية الخبرة في مواقع المسؤولية من جانب آخر واخرت بعض الشيء المعالجات المطلوبة حيث ليس بالنوايا الطيبة وحدها تبنى الاوطان . وبعد النجاح الباهر الذي حققته خطة فرض القانون في نهاية عام 2007 والتصاعد النسبي في الامن والاستقرار خلال العام 2008 نعتقد أنه من الضروري وضع حلول عملية لزرع الامل وأحياء روح المبادرة والعمل للقضاء على البطالة واعطاء اهمية كبيرة لهذا الموضوع من خلال منحه الوقت الكافي ودراسته بشكل جدي لما له من تأثير سلبي في الواقع المعاشي للمواطنين والوطن وهنا نؤشر جملة من الملاحظات منها : - المؤسسات الحكومية والاهلية مسؤولة عن إيجاد ارضية مدروسة ومنظمة للقضاء على البطالة . - هناك عمالة كاذبة وغير حقيقية وهناك حركة تشغيلية لا تبشر بخير وتحتاج الى اعادة النظر في عدد الكليات وانواعها ومدى تاثيرها السلبي في إيجاد البطالة بدلا من القضاء عليها . - نظام التربية والتعليم العالي بدلا من ان يكون مساهم بالقضاء على البطالة الان هو الذي ينتج البطالة فهناك خريجي كليات ومهنيين لا مكان لهم في العملية التشغيلية العراقية ومثال ذلك كلية التربية الرياضية التي تخرج سنويا (1800) طالب فالبلد لا حاجة له بهذا الاختصاص لاكثر من (200) طالب سنويا اي هناك (1600) طالب خريج بطالة في السنة وهنا لابد من تطوير النظام التعليمي الحالي لكي تتوافق مخرجاته مع سوق العمل . - العمل على توفير بيئة العمل المحفزة والجاذبة للشباب من اجل القضاء على البطالة وهذا ينطلق من فرضية كبرى وهي ( أن القطاع الخاص ونظام السوق المفتوح هو الحل الوحيد لتوظيف الشباب مستقبلاً ) وان الشباب لديهم القابلية للأنخراط في كافة الانشطة الاقتصادية . - ان تكون جهودنا منصبة على تهيئة هذا الموضوع وتحويله الى بيئة عمل جذابة للشباب وبحلول مبدعة وان إيجاد هذه البيئة يتطلب القضاء على مايعانيه الشباب العاطل من مشاكل استدلالية وتوجيهية وتشجيعية وتنويعية ومعرفية وادراكية . - توفير ما يحتاجه الشباب من آليات تحفيزية وتمويلية مع تقديم امثلة تشغيلية نموذجية ناجحة للشباب لاحداث التغيير النوعي المطلوب في عقليات الشباب التي تتركز حالياً على نمطية التشغيل والتوظيف لدى الحكومة وهذا جرس انذار وخطرلواقع البطالة في العراق . - هناك مسائل محبطة تحتاج منا التوضيح والتوعية منها : 1. الجهل وضعف الدافعية ( الجاذبية ) ونقص القدرة حيث يجهل الشباب فرص العمل المتاحة والمناسبة لهم في السوق اضافة الى جهلهم في عمل السوق العراقية واخلاقيات العمل . 2. نحتاج الى مؤسسات وجهات حكومية وأهلية مخصصة ومتخصصة تؤدي خدمات أستدلالية . 3. على المؤسسات التربوية تقديم برامج للشباب المبتدئين وبأمثلة بسيطة نموذجية واقعية لقصص نجاحات الشباب . - تحديد ساعات العمل وهذا واحد من اهم العقبات التي تشجعهم للانخراط في الاعمال الحرة بشكل عام حيث ان الاخيرة مضرة للشباب لان وقتها محدد (8-12) ، (4-9) وهذا يوثر على نفسية الشباب ويؤثر على حياتهم الاجتماعية والاسرية وعلاقاته وحتى اوقاته الترفيهيه . - امام الشباب خيارين في موضوع طلب العمل في القطاع الخاص هما ( اما يعمل لحسابه الخاص أو لحساب غيره ) كلا الاعتبارين لايشجع الشباب على الاقبال لان السوق المفتوحة في العراق مخيفة وغير مستقرة وغير منتظمة . - عدم وجود حد ادنى للاجور وعدم وجود نظام التامين الاجتماعي ... الخ هذه الامور تعتبر طاردة للشباب لدخول هذا الاتجاه لذلك يبقى هاجس التوظيف الحكومي عند الشباب بما يوفره من ( أمان ، وضمان ، ومزايا ، واجازات ، ورتابة , وكسل في بعض الاحيان وعدم وجود المحاسبة احيانا ) هو المحرك على تشجيع الانخراط في الوظائف الحكومية اذن الحل يكمن في إيجاد دوافع ومحفزات وقروض وسلف من الحكومة ( كما تقدم الحكومة للفلاح مثل هذه المحفزات ) . - تقليل محفزات التوظيف الحكومي وخصخصة بعض الشركات الحكومية من العوامل التي ستشجع على الانخراط في السوق الحر كما ان زيادة رواتب الموظفين آفـة قاتلة لأقتصاد البلد ومضعفة لحيوية الشباب وداعمة للبطالة . - العمل بهذا الاتجاة صعب وليس مفروش بالورد فالنجاح يتطلب جهدا كبيراً في البدايات تشترك فيه الدولة بكامل مؤسساتها وتتحمل وزارتي العمل والشوون الاجتماعية والشباب والرياضة الدور البارز في إنجاح مثل هكذا مشاريع وان هذا العمل يحتاج الى جملة من التسهيلات الحكومية للكيانات والمسارات المقترحة لعمل الشباب المبتدئين مثل ( سرعة منح التراخيص ، التقليل من الاجراءات الروتينية المطبقة والمعوقة وخدمات التعقيب لدى الحكومة والاعفاءات الضريبية والكمركية والمزايا التشجيعية والتنافسية وتقديم القروض والمنح الميسرة ) . - ان الشباب امانة في اعناقنا وعلينا تهيئة الوسائل الممكنة سواء من الحكومة أو مؤسسات القطاع الخاص وتأهيلهم بما يساعد على توعيتهم بالشكل الذي يؤدي الى تطوير قابلياتهم للانخراط في سوق العمل وعدم تركهم قنبلة موقوتة قد تستغل لتنفجر في أي لحظة وتشوه وجه المجتمع ولعل الستراتيجية الوطنية لتنمية الشباب التي تمت المصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء وأنتقلت الى مجلس الوكلاء لتنفيذها هي الكفيلة بحل المشكلة اذا ما تفاعلت معها المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والقنوات الدولية لتفعيلها بالشكل الذي يؤدي الى تطوير قدرات الشباب فضلاً عن عقد المؤتمرات وورش العمل المتخصصة وتهيئة الارضية المناسبة لحل مشكلة البطالة في العراق.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |