|
الديمقراطية .. (31)
هلال آل فخرالدين الاسلام حرب على التخلف والتطرف والاستبداد ان الاتباع المطلق لهوى السياسة واطماع الدنيا يعمي ويصم قال تعالى :(ولاتكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لايسمعون *إن شر الدواب عند الله آلصم آلبكم آلذين لايعقلون *ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولوأسمعهم لتولوا وهم معرضون) الانفال:21-22-23 ..ليقلب كل النصوص ويسير بالاتجاه المعاكس ليس فقط للتطور بل وللنصوص المقدسة اولا ثانيا :ان الاسلام هو امتداد لكافة الرسالات والمكمل والخاتم لها وان مفاهيم الاسلام تتعارض مع التعصب والتطرف ومن اسس عقائد الاسلام الامربالايمان بكافة الرسل والكتب ومن غير تمييز او تفريق قال تعالى:(قل ءامنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وآلاسباط ومآأوتى موسى وعيسى وآلنبيون من ربهم لانفرق بين أحدا منهم ونحن له مسلمون) ال عمران:84 ثالثا: الاسلام جاء ثورة على الجهل والتخلف والتقليد (هو الذي بعث في آلاميين رسولا منهم يتلوا عليهم ءاياته ويزكيهم ويعلمهم آلكتاب وآلحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) الجمعة:2 وقد نزلت سورة باسم القلم وبدأت بقوله تعالى :(ن وآلقلم وما يسطرون):القلم :1 ومن اشهر تفاسير (ن) انها الدواة او اناء الحبر او المداد الذي يكتب به ويسطر العلم بالقلم قال تعالى :(الذي علم بالقلم *علم الانسان مالم يعلم) العلق :4 و5 كما وحث على طلب العلم وجعل مقياس المفاضلة بين الناس العلم قال تعالى :(هل يستوى الذين يعلمون والذين لايعلمون) .. رابعا:وفي سياق من الحوار الشفاف والاسلوب المنطقي وقاعدة(بشروا ولاتنفروا)هو الذي تؤكده الآيات الكريمة بوصفه الميزة التي اختصت بها الدعوة الإسلامية التي أرادت السمو بالإنسان إلى ملكوت الله تعالى والارتفاع في مصاف الرقي والموضوعية في الطرح قال سبحانه:(وجادلهم بالتي هي احسن )كما يصفها بعض المفسرين هي: التي تدخل القلب برفق، وتعمق المشاعر بلطف لا بالزجر والتأنيب في غير موجب ولا بفضح الأخطاء التي قد تقع عن جهل أو حسن نية. خلفاء الاستبداد وشيوخ التعصب فكانت الطامة الكبرى ان يتبنى محفل الجماعة في زمن الخلافة العباسية قرارا ملزما بالغاء كل ماكان من المذاهب والتي بلغت مايقارب العشرين مذهبا او مدرسة فقهية واقتصارها على الاربعة فقط (المالكي والحنفي والحنبلي والشافعي) واقرت بابوية مدرسة السقيفة هذا القرار واصدرت فرمانات بفرض عقوبات على المخالفين له وكتب به محظر وقعه وامضاه مشايخ الاحبار وعمموه على حواضر البلاد ..!! هذا والا وثانيا :يذكر المؤرخون انه في سنة 645 هجرية أحضر مدرسوا المدرسة (المستنصرية) إلى دار الوزير فطلب منهم ألا يذكروا شيئا من تصانيفهم وألا يلزمو الفقهاء بحفظ شيء منها بل يذكروا كلام المشايخ السابقين تأدبا معهم وتبركا بهم ...! فاجاب (الحنبلي (جمال الدين عبد الرحمان بن الجوزي ) بالسمع والطاعة وقال المالكي (سراج الدين عبد الله الشرمساحي ): ليس لاصحابنا تعليقة أما النقط من مسائل الخلاف فمما ارتبه وقال الشافعي (شهاب الدين الزنجاني) والحنفي اقضى القضاة (عبد الرحمان بن اللمغاني ) :إن المشايخ كانوا رجالا ونحن رجال فاوصل الوزير ما اجابوا به الى الخليفة (المستعصم) وكان قد تولى الحكم بعد ابيه (المستنصر) فأحضرهم أمامه وطلب منهم جميعا ان يلزموا ذكر كلام المشايخ ويحترموهم فأجابوا جميعا (بالسمع والطاعة ) ..واخيرا حصرت المذاهب بالاربعة والغي ما سواها ..!! اخر الوسائل الكي في الهيمنة على العلم .. ويقول الاستاذ عبد المتعال الصعيدي أحد علماء الازهر في كتابه (ميدان الاجتهاد) :(فلما رأى بنو العباس ان وسائلهم في القهر لاتجديهم أردوا ان ياتوا الناس من باب التعليم فيتولوا امره بانفسهم ليربوا العلماء على الخضوع لهم ويملكوهم بالمال من أول أمرهم وكانت الامة هي التي تتولى امر التعليم بعيدا عن الحكومة فيقوم في المسجد حرا لايخضع لحكم ملك أو أمير ويتربى العلماء بين جدرانها أحرارا لايراقبون إلا الله في عملهم ولايتأثرون بهوى حاكم ولاتلين قناتهم لطاغية أو ظالم فأراد بنو العباس ان يقضوا على هذا التقليد الكريم ويتولوا بانفسهم امر التعليم بين المسلمين فاخذوا ينشؤن المدارس بدل المساجد ويحبسون عليها من الاوقاف الكثيرة ما يرغب العلماء فيها ويجعل لهم سلطانا عليها واخذت الممالك التابعة لهم تاخذ بهذه السنة حتى صار التعليم خاضعا للحكومات ..وتحت هيمنتها وتوجهه حيث تشاء ..!! والمدهش انهم يتبجحوا دائما باقوال المصطفى (ص) وقوله ان الاختلاف رحمة لمافيه من تعدد الاجتهادات : (اختلاف امتى رحمة) انظر الفيض القدير ..!! فلماذا طمسوا على الرحمة بسد ابوابها ..؟! وهو كذلك يخالف دعاوى الجمهور ومايدعوه من احترام (السلف) والدفاع عن (السلفية)..!! فكيف يدعون الاخذ من السلف ويصرون على تقليد السلف وهم يسفهونهم بالغاء مذاهبهم وعدم جوازالعمل والتعبد بها ..؟؟! علما بان مدرسة السقيفة ابتدعت قاعدة يفتى بموجبها حتى الجاهل والضال وبرروها (اجتهد فاخطأ) او (من اجتهد فاصاب فله اجران ومن اخطأ فله اجر واحد ) فكيف التفوا على كل قواعدهم والغوا حتى النصوص اتباعا للعصبية وعبودية للمخلوقين ؟ وتبقى هذه مؤشر خطير في مناهجهم على لي النصوص وتغيير المواقف حسب الطلب ووفق المنافع ومن(بيع الدين بدانق) اليس الغاء المذاهب واقتصارالقرار الكنسي للجماعة على الاربعة فقط اضاع كنوزا من ثمار العقول وثروة فقهية كبيرة وقفل الابواب بالشمع الاحمر امام ابداع العلماء وكان جناية لاتغتفربحق الامة والعلم ..؟ اليس اغلاق باب الاجتهاد ليس فقط مخالفة صريحة للنصوص بل وخيانة كبرى للامة ؟؟!! فاجتمعت على الامة كوابيس الشر الثلاثة :كابوس الاستبداد ..وكابوس التقهقر ..وكابوس التشدد..!!! (قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا*آلذين ضل سعيهم في الحياة آلدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)الكهف :103 -104 وكان هذا القرار الجهنمي مبعث كارثة معرفية وعلمية للامة لازالت لحد الان تأن من وطأته واثاره الكوارثية الرهيبة من الطغيان والتطرف والانغلاق .. (قل لايستوى الخبيث والطيب ولو اعجبك كثرة الخبيث) لذلك فان التشدد يقود الى المروق من الدين ..كما وان التعصب يقود الى الزيغ عن الحق ..وان الله وهب للانسان عينين ليرى الامور بهما بمنظور الحقيقة والصواب لاان يرى الحق والواقع من منظور التعصب المذهبي للدين بل ان يبصر العاقل بمنظورالدين القويم الى المذهب ولم يحضرذلك المجمع الكنسي للمذاهب ولم يوقع على محاضره سوى المذهب الامامي الشيعي فقط بل رفضه وندد به) فحين يجمع المجتمع على الاخذ بالفكر المرن والمنفتح وبالسلوك المنظم وبالفعاليات المنتجة وحيث يبقى الوعي ضرورة ثقافية مادام إدراكا مستنيرا وسلوكا يقظا وبناء وهنا نؤكد على ان الوعي بالعلم ينطوي على ثقة المجتمع بنظرات العلم وقواعده وتوجهاته مع الاخذ بأسسه في التعامل مع القضايا والمشكلات والالتزام بضوابطه المنهجية ذلك أن الشروط تؤلف أسس التفكير العلمي الذي يعد العلم وليدا له وإذا وجدنا مجتمعا تكبله المشكلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتنظيمية والانتاجية فإنه من الممكن الحكم بأن مرجع ذلك يعود _أولا- إلى قصور في حركة العلم لان العلم ما وجد إلا من أجل وضع حلول للمشكلات وإذا كان المشتغلون بالعلم يلتزمون بتفاصيل المنهج العلمي فإن الوعي بالعلم على مستوى الجمهور يفترض ان يسبغ العلم بظله على المجتمع وأن تسود –في المجتمع- رؤى ومنطلقات العلم ..فاذا افرغت هذه الاسس والمناهج من محتواها اصبح العلم اداة يتعامل بها في اسواق النخاسة وفق تهريج المهرجين سنن الطغاة في المصادرة والفرض بحد الحسام المعلوم ان فتاوى العلماء لاتتخذ صفت الالزام والجبر بل الاخذ بها لابراء الذمة لكن أئمة الجور جعلوا من ارائهم نصوص مقدسة لايمكن الخروج عنها او العدول الى غيرها وكان من جراء تفرعن الحكام ان يشرعنون اهوائهم لتصبح في مقام الفتوى الشرعية للمعصوم من حيث الالزام هذا من جهة ومن جهة اخرى فتح باب شر مستطير ويتطور المشهد بان تقاد الامة للعدول عن مذاهبها او مذهبها والاخذ بمذهب معين او حصره بمذهب السلطان وبحد السيف ..فكانت السياسة السبب الاول والرئيسى في نشر مذهب و مصادرة مذهب ففي سنة 537 هجرية وفي الاندلس امر الحاكم (تاشفين بن علي) بعد ان اصبح امير المؤمنين كتب رسالة الى القضاة والوزراء والفقهاء في (الاندلس) يؤكد لهم على اتباع مذهب مالك بن انس (فلاعدل لقاضى ولا مفتى عن مذهبه ولا يأخذ في تحليل او تحريم إلا به ومن حاد عن رأيه بفتواه ومال من الائمة الى سواه فقد ركب راسه واتبع هواه ومتى عثرتم على كتاب بدعة او صاحب بدعة فاياكم وإياه وفقكم الله .وكتب أبي حامد الغزالي فليتتبع أثرها وليقطع بالحرق المتتبع ضدها ويبحث عنها وتغلظ الايمان من يتهمهم بكتمانها) وهذا هو عين التبشير الكنسي الذي ساد في القرون المظلمة في اوربا ولعل الكنيسة اقتبسته من حكومات المسلمين المتسلطة بالقهر وهذا المسلسل من الاستبداد والتشدد والتخلف قاد الى مشاهد اكثر رعبا وتطرفا برمي كل من لا يسير في ركابه (بالكفر) او لايتبع منهجه او لا يتابع مواقف السلطة ومؤسستها الدينية يرمى (المروق) وهذا ما حدث مع العلامة (ابن عربي )ليدخل منطقة الهزل فقد افتى العلماء باتلاف كتبه وتكفيره حتى إن كتابه (فصوص الحكم) تم ربطه في ذيل كلب ..واستمر هذا اللون من الاحكام القرقوشية الجائرة ساريا في الامة حتى عصرنا الحاظر ويحذو حذوه كل يتشدق و يدعي الوسطية والاعتدال امثال قرضاوي واضرابه المستنكرون لاغلاق باب الاجتهاد صحيح ان الهوى والافاق الضيقة والبعد عن الرسالة قاد الى تبني الجماعة لالغاء الاجتهاد وسد ابواب التطور المعرفي لدى السنة لكن النبهاء والنجباء ابوا الا الاستنكار والشجب لذلك القرار الجائر الظالم الذي اصاب الشريعة مقتلا وفي هذا المجال يستنكر العلامة العبيدي غلق باب الاجتهاد:(الاجتهاد مجبلة اليسر وليس من اكبر مقاصد الشريعة وأبدع حكم التشريع بالاجتهاد يتلاطم موج الرأي فينفذ جوهر الحقيقة على الساحل الحوادث لاتتناهى والعصور محدثات فاذا جمدنا على ما قيل فما حيلتنا فيما يعرض من ذاك القبيل ؟ سد باب الاجتهاد اجتهاد فقل للقائل به إنك قائل غير ماتفعل )النواة في حقل الحياة ص136 إن مشكلة الادبيات الاسلامية والفقه الاسلامي التاريخى الذي هو من نتاج الانسان المتعلقة بالشريعة هي انها الى اليوم لم تميز هذه الخاصية لكي تستعملها بيسر وسهولة وتكون مقنعة لغير المسلم قبل ان تكون مقنعة للمسلم نفسه .. ورفض الامام محمد عبده مبدأ ( التقليد) الذي دعى اليه السلفيون وما زلوا يدعون اليه وقد اكد ان الاسلام لا يمكنه ان يرسخ اقدامه عبر الزمان اذا ما استمر معتمدا على التقليد واكد :(و انه بدون استخدام العقل سوف يتعذر على المسلمين تحقيق اي تقدم او تطور ) لمزيد من التفاصيل راجع رشيد رضا - تاريخ الاستاذ الامام. لكن الامام محمد عبده يابى الا ان يرشدنا الى ما يجب ان نختار.. يكتب وكانه يعلمنا كيف نكتب عنه وعن اهدافه ومنطلقاته :( ارتفع صوتي بالدعوة الى امرين عظيمين : الاول تحرير الفكر من قيود التقليد وفهم الدين على طريقة سلف الامة قبل ظهور الخلاف والرجوع في كسب معارفه الى ينابيعها الاولى وعتباره من ضمن موازين العقل البشري التي وضعها الله ). وانه على هذا الوجه يعد صديقا للعلم باعثا على البحث في اسرار الكون داعيا الى احترام الحقائق الثابته مطالبا بالتعويل عليها في ادب النفس واصلاح العلم كل هذا اعده امرا واحدا وقد خالفت في الدعوة اليه راى الفئتين العظيمتين اللتين يتركب منهما جسد الامة طلاب علوم الدين من على شاكلتهم وطلاب علوم هذا البلد ومن هو في ناصيتهم - يشير الى معركته مع المتزمتين من رجال الازهر وغيرهم كاالمثقفين الشوام - . اما الامر الثاني فهو اصلاح اساليب اللغة العربية في التحرير - وكذلك الادب العربي ظل جامدا على الاطر الرسمية للدولة لدورانه في فلكها لذلك عدم من الخيال والابعاد الانسانيه - وهنا ك امر اخر كنت من دعاته والناس جميعا في عمى عنه رغم انه الركن الذي تقوم عليه حياتهم الاجتماعية وما اصابهم من الوهن والضعف والذل الا بخلوا مجتمعهم منه وذلك هو ا ن تميز بين ما للحكومه من حق العدالة وما على الشعب من حق الطاعة . ويرى الشيخ رشيد رضا في مقالاً له في المنارعدد أغسطس 1904 ص28 مشخصاً انحطاط المسلمين وتقهقرهم يرجع الى عاملين رئيسيين: (إن مرض المسلمين يكمن في امرين هما إستبداد الحكام والتقليد في الدين الذي إستلزم التقليد في كل شيء. وكلا الامرين مخالف للاسلام ) حيث سعوالالغاء العقل والتحجير عليه ماستطاعوا الى ذلك سبيلا وهذا الذي حدابالامام محمد عبده في دعوته الاصلاحية الى التجديد والاستناره واعمال العقل وما جناه ادعياء العلم على الامة من طامات وتقهقر مؤكدا :(ابدا أدعوا الى ان العقل يجب ان يحكم كما يحكم الدين فالدين عرف بالعقل ولابد من اجتهاد يعتمد على الدين وعلى العقل معا حتى يستطيع المسلمون إن يواجهوا الاوضاع الجديده في المدنية الحديثه مقتبسين منها ما يفيد وينفع واذا كان المسلمون لا يستطيعون ان يعيشوا في عزله فلابد ان يتسلحوا بما يتسلح به غيرهم واكبر سلاح في الدنياهو العلم )الاخبار27 مقال للشيخ حسن الباقوري هذا الرجل لماذا يظل هدفا للمهاجمين ؟ وكان المنطلق الاساسي لمحمد عبده هو تصميمه على:( إن الاسلام لم يتعارض ولا يمكن إن يتعارض مع العلم فالعلم مثل العقيدة يكشف للناس اسرارالطبيعة ) khadduri-ibid-p.63. واكد الامام عبده بضرورة البحث العلمي وتقدم نظم التعليم والاستفادة من الوسائل العصرية والتكنلوجيا المتطورة ..فهو يخطو خطوة جديدة شائكة لكنها حاسمة فهو يدعوا الى تحديث الفكر الاسلامي فقد كان يرى ان الاسلام لا يمكن ان يرسخ اقدامه عبر الازمان اذا ما استمر معتمدا على التقليد وكم هاجم محمد عبده دعاةالسلفيه والتقليد و اكد :(انه بدون استخدام العقل سوف يتعذر على المسلمين احراز أي تقدم او تطور ) khadduri-ibid-p.61.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |