|
العراق.. اللا دولة "تنجز إتفاقية"؟!
سهيل أحمد بهجت كثر الجدال واللغط العراقي حول مسألة الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة، فطرف يصر على قبول الاتفاقية لا من منطلق عراقي بقدر ما هومبني على الخوف من إنهيار تجربة حزبية فاشلة، وطرف آخر يصر على رفض الاتفاقية أيضا من مطلق إسلاموي إقليمي هوأبعد ما يكون عن الوطنية العراقية ومتبنيا ذات الخطاب البعثي وخطاب هيئة علماء البعث وقتلة هؤلاء الذين يحتجون الآن بشعارات إيرانية، وقليلون هم أؤلئك الذين ينظرون إلى الاتفاقية من خلال نظرة وطنية وواقعية بعيدا عن المصالح الحزبية الضيقة والقومية العفنة والعقل الخرافي، إن العراق في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة لا زال بعيدا عن أن يكون ضمن صيغة "الدولة" التي لها ملامح واضحة، وهذا ما يجعل العراق بلدا مفتتا غير قادر على إنجاز أبسط الاتفاقيات الدولية. إن الدولة القوية – ونحن لا نقيس قوة الدولة بجيشها وعتادها وإنما بقوة قرارها وحرية مواطنيها – لا يمكن أن تقوم على أكتاف سياسيين عديمي الكفاءة والذين يرفعون شعار الانتماء الوطني بينما هم مؤمنون إما بأيديولوجية قومية وطائفية، وهذا الانتماء هوالذي يرسخ ضعف الدولة وشبه انهيارها وعجزها عن تجاوز الأزمات، ففي كل مرة يهتز المجتمع العراقي بعد أن تتعرض فئة ومجموعة من المواطنين لأحداث مؤلمة وخرق صريح وعلني للقانون، تقيد الأحداث دوما "ضد مجهول" ويهرب المتهم بالجمل وما حمل، وهذا مؤشر على فشل هذه التجربة اللا ديمقراطية، وهي بالتأكيد ليست ديمقراطية لأنها ببساطة طائفية قومية عنصرية، والعراق مقبل على فوضى شاملة إذا ما تكرر التصويت على نفس الأسس التي تم الانتخاب على أساسها ليتم خلق هذا البرلمان والحكومة المالكية الضعيفة والهزيلة، بل إن حكومتنا وبدلا من أن تسارع في حل الأزمات وتطبيق القانون بحق الفاسدين والإرهابيين فإنها تبادر إلى جدال الصحافة – كما فعل الدباغ الناطق باسم الحكومة – حول عدد الضحايا والجرحى والمهجرين وكيف ومتى..!! وإذا كان القاريء العزيز يحسب أننا شططنا عن الموضوع فالأمر ببساطة هوأن كل السلبيات التي تعاني منها الحكومة العراقية هي من ضمن مظاهر الحكومات الضعيفة الفاشلة، فالسيد رئيس الوزراء ضعيف وهزيل في كل المواقف، لكننا نراه حازما وقويا أمام الأمريكيين فقط، ليس لأي سبب إلا كونه ينظر إليهم نظرة "عقائدية" صارمة تعود إلى أيام "النضال"، لكنه لوكان قويا في محاسبة الفاسدين والوزراء والمدراء العامين على سرقاتهم وفسادهم، لكان موقفه قويا مع الأمريكيين أيضا، وأحسب أن النواب البرلمانيين العنصريين والقوميين – الذين ألغوا المادة 50 – يراهنون الآن على الضحك مرة أخرى على ذقون العراقيين ليصوتوا لذات المفسدين "وبعضهم حجز واحتل بعض الوزارات منذ التحرير وكأنها مال أبيه ومال أبوه حسب التعبير الشعبي"، وإذا كان العراقيون سيرتكبون الخطأ نفسه مرة أخرى، فكأنهم سيصوتون مرة أخرى على الفقر وانعدام الكهرباء وسوء الخدمات وشحة الموارد، حينها على الشعب أن يقتنع بكل الألم الذي صوت له، فالسيد العظيم والبطل القومي الكريم وشيخ العشيرة المقدام وحدهم هم من يستحق جني أرباح النفط وهي بالتأكيد ليست كافية لهؤلاء اللصوص والحرامية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |