ما المشترك بين آلبوكمال في سورية وآلبومالك في طويريج؟

 

د. حامد العطية

hsatiyyah@hotmail.com 

سيجيب قراء صفحات التسلية وهواة حل الكلمات المتقاطعة بأنها الحروف المتكونة منها الكلمتان: الكاف والميم والالف واللام، وهذا جواب صحيح، ولكنه ليس بيت القصيد.

أعظم القواسم المشتركة بين آلبومالك وآلبوكمال العقيدة، وإن اختلفا في المذهب والانتماء الطائفي، فما تجمعه العقيدة الأسمى لا تفرقه الاختلافات المذهبية، ولو اختلفا فلن يصعب عليهما تجاوز ذلك، لأن اللغة أيضاً مشتركة، بل واللهجتان متطابقتان، ولا تقتصر وشائج الأخوة على الدين والعنصر واللغة بل تمتد لأخوة الماء، فالأخوة بالرضاعة شرع رباني وبالماء سنة من سنن الكون، ويشهد على ذلك نهر الفرات.

بالأمس ازدادت قائمة المشتركات، أغارت قوة أمريكية على آلبوكمال السورية، فقتلت وجرحت ودمرت، بذريعة وجود إرهابيين، ومن قبل تكرر نفس المشهد، ضربة بضربة، في قرية طويريج، بجنوب العراق، وكان الضحايا من آلبومالك، عشيرة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ويومها استنكر العراقيون، المسئولون والمواطنون، الغارة الأمريكية، وكذبوا ادعاءات الأمريكيين بأن الضحايا إرهابيون وخارجون عن القانون، فهل يشترك آلبوكمال وآلبومالك في كونهم إرهابيين كما يدعي الأمريكيون أم يشتركون في كونهم ضحايا للأكاذيب الأمريكية ومشاريعهم التسلطية والقمعية في العراق والمنطقة؟

ثلاثة أفرقاء: آلبومالك وآلبوكمال وآلبو أمريكان، ما المشترك بينهما؟ لا شيء.

يهمنا تمييز الصادق من الكاذب، لو صدق الأمريكيون بخصوص واقعة آلبومالك لرجحنا بأنهم صادقون أيضاً بشأن غارة آلبوكمال، ولكن لو صدقنا إتهامهم لبني مالك بالإرهاب فلابد من تكذيب كل العراقيين، وهذا محال، لذا استنتج المحللون بأنهم تذرعوا بأسباب ملفقة ليغيروا على أخواننا من بني مالك، وكان هدفهم من تلك العملية الغادرة والجبانة ممارسة الضغوط على رئيس الوزراء المالكي وحكومته، ولم تكن تلك أول كذبة أمريكية، ولا مبالغة لو قلنا بأن الله وحده قادر على إحصاء أكاذيبهم، لذا نرجح أن يكون ادعاؤهم بأن غارتهم بالأمس على آلبوكمال استهدفت وكراً إرهابياً كذب أيضاً.

السر في التوقيت، عند اشتداد الإرهاب الطائفي، وفي الزمن الذي كان يسقط فيه يومياً المئات من القتلى والجرحى من العراقيين الأبرياء ضحايا للعمليات الإرهابية، وكانت أمريكا توجه أصابع الإتهام للحكومة السورية بالتورط في تسهيل عبور الإرهابيين للحدود الشرقية، أو على الأقل التغاضي عنهم، لم تفعل أمريكا سوى الإحتجاج، ولم تقصف أهدافاً داخل الأراضي السورية، واليوم بعد انحسار حدة العمليات الإرهابية، كما تقول أمريكا، وتحول الحاضنات للإرهاب في المنطقة الغربية إلى صحوات معادية للإرهابيين، أقدمت القوات الأمريكية، ومن دون إنذار أو تحذير أو بلاغ مسبق، بهجوم مباغت على موقع حدودي سوري، بدعوة وجود إرهابيين فيه، ولو كان لأمريكا سوابق في مباغتة الإرهابيين داخل الأراضي السورية لصدقنا ادعاءهم بخصوص الغارة على آلبوكمال بالأمس.

ما المختلف بين الغارة على آلبومالك بالأمس والهجوم على آلبوكمال اليوم؟ المستجد اليوم هي الاتفاقية الأمنية، فأمريكا تريد تذكير الحكومة العراقية بأن العراق محتل، ولا سلطة للحكومة العراقية على قوات الإحتلال الأمريكي، وباستطاعتها متى ما شاءت تأزيم علاقات العراق مع جيرانه وإثارة المشاكل لحكومته بعمليات عسكرية عبر الحدود، فبالأمس سورية ولربما غداً إيران، وهذا الأمر قابل للتكرار مادامت القوات الأمريكية متواجدة في العراق بوضعها الحالي، أي قوة إحتلال، وما تريده أمريكا بهذه العملية الضغط على الطرف العراقي لإبرام الاتفاقية الأمنية، التي يفترض أن تمنح الطرف العراقي سلطة مشتركة على العمليات الأمريكية، وبالتالي ينتفي، نظرياً، احتمال تفرد القوات الأمريكية باتخاذ قرار بشن عمليات مماثلة لعملية آلبوكمال.

ليس القصد من العملية الأمريكية قتل الإرهابيين في آلبوكمال، بل إرهاب الحكومة والبرلمان العراقي في بغداد، والضغط عليهم لإبرام الاتفاقية الأمنية، إنها عينة من "العواقب الوخيمة" التي توعد الأمريكان العراق والعراقيين بها، فهل سترضخ الحكومة وأعضاء البرلمان العراقي للإبتزاز الأمريكي؟ من الخطأ الافتراض بأن الاتفاقية الأمنية ستقيد القوات الأمريكية، وتمنعها من تنفيذ عمليات مشابهة، بما في ذلك شن عدوان واسع على سورية أو إيران أو كليهما خدمة لمآربها والمصالح الصهيونية، وإقحام العراق في صراعات مسلحة مع جيرانه رغماً عن إرادة شعبه وحكومته، ويكمن الضمان الوحيد لأمن العراق واستقرارالمنطقة في رفض الاتفاقية الأمنية والإنسحاب العاجل لقوات الإحتلال.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com