|
الاستعجال بالتبريرات
محمد الياسري من المنطقي بمكان ان يبرر الناس اسباب اعمالهم والدواعي التي تكمن ورائها، ويجدوا الذرائع والحجج التي دفعتهم لهذا العمل وذاك، شرط أن لا تكون متناقضة وأن لاتكون ذرائع تختلف الواحدة عن الأخرى. وهكذا حال ينطبق على اعمال وافعال الحكومات والسياسيين ، حيث يتسابقون لايجاد المبرر المقنع، وغير المقنع احياناً كثيرة، لتمرير كلام معسل يشرحون فيه ذاك الفعل وهذا وكأن هؤلاء السياسيين يبغون اقناع عامة الناس بالاكراه وكأنهم يستهزئون بعقول العامة ومدى ادراكهم وفهمم لواقع الساسة . الجميع يتذكر تبريرات الساسة الامريكان خلال العشر السنوات الاخيرة فيما يتعلق بضرب العراق ومن ثم احتلاله والان السعي لتوقيع الاتفاقية الأمنية معه، والكل يتذكر كيف كانت هذه التبريرات مضحكة للجميع بما فيهم الشعب الأمريكي. اردت اسوق هذه المقدمة لأعلق على تسرع الناطق بأسم الحكومة العراقية الدكتور علي الدباغ وتبريره للغارة الأمريكية على الأراضي السورية، وكأن الدباغ ناطقاً رسمياً بأسم القوات الامريكية وليس الحكومة العراقية، الأمر الذي وضعه ووضع الحكومة في مأزق لا تحسد عليه. الدباغ استعجل وبرر العملية فور وقوعها بأنها ضرورية لأن تلك المنطقة تشكل مصدر لتجمع عناصر ارهابية قبل دخولهم العراق ، في الوقت الذي التزمت القوات والحكومة الامريكيتين الصمت ولم يصدر عنها اي تبرير، بل حتى لم تكلف نفسها حتى التعليق بشيء في حين ان الدباغ تحدث بمبررات تدل على انه على علم بما جرى. الغريب بالأمر ان اطرافا عديدة من أحزاب سياسية وبرلمان ادان العملية وانطلاقها من الأراضي العراقية مما يعني تهديداً لدول الجوار، والأغرب ان الحكومة العراقية دانت العمل الامريكي، والأشد غرابة ان الدباغ بذاته هومن اعلن بيان الحكومة العراقية بادانة العمل. والامر الذي يتعدى كل الغرائب ان " العراق يوبخ امريكا حول الغارة على سوريا عندما لجأت سوريا الى الامم المتحدة"، وفقا لما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية بعددها الصادر في بوم الأربعاء 29-10-2008، فكيف برر الدباغ ضرب الطائرات الأمريكية لهذه المنطقة التي تعد وكراً للارهابيين ؟ ثم تقوم الحكومة بتوبيخ الأمريكان على فعلتهم هذه أليس هذا من عجائب السياسة العراقية الجديدة؟ الجميع يصرح ويبرر ويدلوبالنيابة عن الحكومة ثم يأتي في اليوم التالي ليتنصل عما قاله ويتحدث حديثا آخر يناقض حديثه الأول. قد يكون التسابق في التبريرات والظهور على شاشات التلفزة نوعاً اسماه احد زملائي والسؤال الذي يشغل عامة الناس في العراق : لماذا هذا التهافت الاعلامي من جميع السياسيين، مشاركين في الحكم أم لا، على التصريحات بموضوعات تخصهم ام لا، وكأن من يخرج يوميا على الملأ من على القنوات الفضائية سينال جائزة الوجه الحسن الكبرى؟ اليس حري بالسياسي والبرلماني ان يلتفت لهموم شعبه ويترك التبريرات والتصريحات لأصحاب الاختصاص؟ وأخيرا نهمس بأذن الدكتور الدباغ، وهوالرجل الاكاديمي والسياسي وصاحب التجربة، ان لا يستعجل باطلاق التبريرات والتصريحات التي لاتستند الى معلومات واقعية ومتكاملة
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |