|
الرافضون للاتفاقية الأمنية والتعديلات
حمزة الجواهري على الأقل بالنسبة لي، لم يكن غريبا سماع رأي الوزير خضير الخزاعي، وزير التربية، بالاتفاقية من أنه يرفضها، ذلك أن خامنئي كان قد أفتى برفضها على حد قوله، وآخرون يستندون لفتوى رجال دين آخرين معظمهم إيرانيين. إيران ترفض أي نوع من الاتفاق بين العراق وأمريكا، لأنه يقضي على آخر أمل لإيران بالسيطرة على العراق، ولم يكن غريبا سماع الرأي الرافض لها من البعثيين أو القاعديين ومن ورائهم سوريا، لأنها تقضي على آخر أمل لهم بالاستمرار بالعبث بأمن العراق، فمن رفضها ضل منذ اليوم الأول لبدء المناقشات يردد هذا الرفض ومن قبل قراءة أي مسودة لهذه الاتفاقية. قرأنا مئات المقالات والتصريحات التي تصف الاتفاقية بأنها.... وإنها.... وغير أنها... كل ما اعتمدوا عليه من معلومات هو تصورات من وحي نظرية المؤامرة وحكايات تبين فيما بعد تهافتها بالكامل، كان الدافع ورائها هو بث حالة من الذعر بين العراقيين وخلق رأي عام لا يمت للواقع بصلة كنوع من التهيئة الموضوعية لنسف الصيغة النهائية لها، وهذا ما حصل بالضبط بفضل رجال إيران تحديدا في مفاصل السلطة والبرلمان. قبل نشر المسودة على صفحات جريدة الشرق الأوسط، لم نستطع الوصول إلى مسودة الاتفاقية التي يجري التفاوض عليها، نعم كان هناك نسخا منها قد تسربت، لكن كلها كانت موضع شك لأن لا أحد يعرف من الذي سربها، حيث أن المباحثات بقيت طي الكتمان حتى بعيدا عن الكتل السياسية التي لم تستلم أي نص رسمي لها، أما الشعب العراقي المعني الرئيسي بالقضية، فإنه لحد الآن لم يحظ بشرح محايد وحقيقي لفقراتها، وهذا ما أعطى فرصة ثمينة للأطراف التي ترفض الاتفاقية، كعملاء إيران على سبيل المثال وليس الحصر، أن يقولوا ما يشاؤون دون أن يستطيع أحد الرد عليهم، لأن الرد يستوجب وجود الاتفاقية بين يديه، وكان هذا الأمر مستحيلا. كنت ولحيثيات كثيرة من الخائفين من مضامين هذه الاتفاقية، لذا فضلت الصمت كما فعل الكثيرون من أمثالي، لأن هناك مخاوف وحيثيات كثيرة تتعلق بهذه الاتفاقية، فالاتفاقية مع دولة عظمى في حين أن البلاد ضعيفة ينخرها التمزق والتناحر العرقي والطائفي والسياسي ويحيط بها دول مارقة مافتئت تعبث بها بإصرار وبكل همة، الناس مذعورين خائفين بلا إرادة، لأن ولاء معظم ممثليهم لغير العراق، فهو للذي يتربص بالعراق من خلف الحدود. لهذه الأسباب كنت متخوفا من وجود بنود مذلة لهذا الشعب تسلب ما تبقى من إرادته إلى أبد الآبدين. لكن عندما قرأنا مسودة الاتفاقية، كان بالفعل وقعها على النفس بردا وسلاما، بل تعيد للعراقي كل ما سلب منه، الكرامة، وسيادته على أرضه، وإرادته، وأمنه، وبناء بلده وبيته ونفسه المحطمة. وأهم ما فيها هو أنها تقطع أيادي الأوغاد التي تمتد من خلف الحدود لتعبث وتخيف وتسلب وتقتل. ونعود إلى عنوان الموضوع، وهو الطلب العراقي بإجراء بعض التعديلات على الاتفاقية، هنا نجد أن الحكومة محقة بطلب بعض التعديلات، لكن البعض الآخر منها غير منطقي على الإطلاق. التعديلات الواجبة فعلا: أولا: النقطة التي تطالب الحكومة بتعديلها هي أحقية التصدير إلى العراق والاستيراد منه لقوات الولايات المتحدة والمتعاقدين معها، كما ويحق لهم أن يعيدوا تصدير وان ينقلوا ويستخدموا أي معدات أو تجهيزات أو مواد أو تكنولوجيا أو تدريب أو خدمات شرط ألا تكون ممنوعة في العراق، وأن لا تخضع للتفتيش عمليات استيراد مثل هذه المواد ونقلها واستخدامها. الحكومة محقة بتعديلها كي تكون خاضعة للتفتيش، لأن في حال عدم خضوعها للتفتيش يعني أن بإمكان الجيش الأمريكي إدخال مواد ممنوعة في العراق تحت مسمى آخر. ثانيا: النقطة التي تتعلق بعدم تطابق النص العربي مع النص الإنجليزي، هذه الأخرى واجبة وغاية بالأهمية، ولا أعتقد أن الحكومة الأمريكية ترفض تعديلها بما ينسجم مع الفهم العراقي لها، أي النص العربي، لأن في حال وجود تعارض، يعني الدخول في إشكالية كبيرة قد تكون عواقبها على حساب العراق، ففي آخر عبارة في الاتفاقية نقرأ " ويتساوى النصان في الحجية القانونية"، هذا يعني وقوف طرفين أحدهم قوي والآخر ضعيف أمام القانون، هذا بالإضافة إلى أن القانون المعني غير معرف، فهل هو القانون الأمريكي أم العراقي أم الدولي؟ التعديلات الغير منطقية: أولا: نقرأ في الاتفاقية المادة الأولى وهي التي تحدد المجال والغرض، نقرأ النص التالي "تحدد هذه الاتفاقية الأحكام والمتطلبات الرئيسية التي تنظم الوجود المؤقت للقوات الأمريكية في العراق وأنشطتها فيه وانسحابها من العراق". إذا هي تتحدث عن وجود مؤقت وليس دائم، وعن أحكام ومتطلبات رئيسية تنظم الوجود المؤقت والانسحاب. وهنا يأتي السؤال: لماذا تطلب الحكومة تعديل عنوان الاتفاقية بأن يكون "اتفاقية تنظم انسحاب القوات الأمريكية"؟ في حين نقرأ العنوان الحالي بالشكل التالي: " اتفاقية حول الوجود المؤقت للقوات الأمريكية في العراق وأنشطتها فيه وانسحابها منه". إذا فالعنوان الحالي يقول صراحة إنه ينظم انسحاب القوات، فهل المقصود من هذا التعديل إجهاض الاتفاقية؟ أم إذلال الدولة العظمى بهذا العنوان المذل إرضاء لنزق وأهداف إيران والقاعدة والبعث؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ثانيا: إيران والقاعدة والبعث مستعدون للصبر ثلاثين عاما بدلا من ثلاث سنوات التي تنص عليها الاتفاقية، فهم يستطيعون ترك آلاف الخلايا النائمة في العراق تصحوا وقت الحاجة، لذا جاء النص الذي يسمح بتمديد وجود القوات الأمريكية فترة أخرى في حال وجود خطر من هذه الخلايا النائمة حاليا والتي بالتأكيد سوف تستيقظ وتنشط إبان وبعد خروج القوات الأمريكية. كما وتنص المسودة على انسحاب القوات الأمريكية في تاريخ لا يتعدى 31 كانون الأول من عام2011، والانسحاب من المدن والقرى والقصبات في تاريخ لا يتعدى 30 حزيران من السنة القادمة2009، كما وتسمح لكلا الطرفين أن يطلب من الآخر إما تقليص الفترة المحددة أو تمديدها ويخضع قبول هذا الطلب لموافقة الطرفين. السؤال في هذا الصدد: لماذا نطلب من أمريكا والحكومة القادمة، التي نأمل أن سوف لن يكون ولائها إيرانيا أو بعثيا أو قاعديا، إلغاء إمكانية تمديد بقاء القوات الأمريكية في حال تأكد وجود حاجة لها بعد العام2011؟ الأسئلة الأخرى التي تفرض نفسها حول التعديل المطلوب هي: هل أن هذا الطلب ينطوي على نية إيران زرع المدن والقصبات العراقية بكهوف يرقد فيها خلايا نائمة دون تدخل من الأمريكان فيما لو لاحظ عراقي مسكين وجود هذه التهديد؟؟؟؟؟ وهل يجب أن تكون الشروط الإيرانية حاضرة في بنود الاتفاقية؟؟؟؟ وهل هي اتفاقية بين إيران وأمريكا أم هي بين العراق وأمريكا؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ثالثا: حكومتنا تطالب أيضا بتعديل إحدى مواد الولاية القضائية لان المسودة تؤكد أن السلطات الأمريكية هي المرجع الذي يحدد ما إذا كان الجنود الأمريكيون الذين يرتكبون مخالفات أو جرائم يقومون بمهمة أم لا، وتشدد بغداد على أن تكون اللجنة المشتركة هي الجهة التي تحدد ذلك. الحقيقة يحتار المرء كيف يسأل، لأن لا ندري ما المقصود فعلا بهذا التعديل، فهل هؤلاء الجنود في مهمات لكنس شوارع بغداد من الزبالة؟ أم في مهمات لحفظ أمن البلد الذي يعبث به جوار السوء والبعث والقاعدة؟؟؟؟؟ رابعا: أما موضوع البريد، فإن التعديلات المقترحة تطالب الحكومة الأمريكية بإخضاع جميع المواد الداخلة إلى العراق والخارجة منه للتفتيش والرقابة! إذا كان بريد دولة جيبوتي الدبلوماسي لا يخضع للتفتيش وفق الأعراف الدولية، فكيف يريدون إخضاع بريد دولة عظمى وجيشها في العراق وهو مستهدف من قبل جهات اندست بجميع الأجهزة الأمنية العراقية؟ وهل يخضع بريد سفارتي سوريا وإيران ومراكزهم الاستخبارية للتفتيش أيضأ؟؟؟؟؟؟؟
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |