|
ورجلٌ لايدريّ انهُ لايدري فذالك احمقٌ فاجتنبوه .. قصة ابو حسن!
كاظم شلتاغ في يوم من الايام استضفت احد الاصدقاء العشائريين في بيته المتواضع، والذي تلتقي فيه شلّة من النطيحة والمتردية والمنخنقة والموقودة من البشر، تتجاذب اطراف الحديث في السياسة والادب والشعر .... وحتى سوالف النسوان ومكرهن في بيته ذاك، الى ان وصلنا لمناقشة شيئ فيه نوع من العمق الفكري والفلسفي المختص بالامور العقلية التي هي بحاجة الى كثير من الكفاءة الفطرية الطبيعية التي يوهبها الانسان خلقيا ولايكتسبها علميا، فحاولت عند هذه النقطة ان انسحب من المناقشة بهدوء بحيث لااثير انتباه صديقنا صاحب البيت العصبي جدا باعتبار انني افهم طبيعته المزاجية عندما يحاول ان يدخل نفسه في شيئ هو غير محيط به ولامؤهل فكريا لمناقشته، ولكنّ مشكلة صديقنا هذا انه يحب ان يعرف ويتعلم ايضا ولكن بدون ان يظهر للاخرين انه يريد ان يتعلم !. بمعنى اخر ان صاحبي هذا في القضايا الثقافية التاريخية العقائدية .... صفر على الشمال، لكنه بنفس الوقت الذي يحب فيه ان يتعلم من الاخرين هو بنفس اللحظة يحمل انفة وعصبية وعشائرية منقطعة النظير من التعلم من الاخرين او اعطائهم شعور بان فيه نقص علمي والاخرين يساهمون في ارشاده فكريا، ولهذا هو يستخدم اسلوب السؤال، وعندما تعطيه الاجابة وافية جدا، يعود ليلعن سلفة سلفاك بأرائه المناقضة مئة بالمئة لرايك الذي سمعه منك، وبعد ايام عندما يجلس في مجلس آخر تسمع صاحبنا هذا يتاجر (بخلالات العبد) التي تعلمها مني ومن غيري اثناء زياراتنا له في منزله المجاور لكراج سكراب فدعة الدلاّلة التي كسدت تجارتها فتحولت الى تجارة بيع السمج في الصباح وبيع الخرّيط بعد الظهر !. عودا على الموضوع الذي فتحناه للمناقشة ووصول هذا الموضوع الى نقاط تخرجه من جلسة الانس الى التفكير المركز ومحاولة تملصي منه بشفافية، تفاجئت بأن صديقي العشائري يلتفت ليّ بالخصوص ليسألني عن الراي في الفكرة، والتي كانت هي عبارة عن كلمات للحكماء من خلالها يتم تصنيف الناس الى اربعة او تصنيف الاشياء الى اربعة، فمثلا احد الجالسين قال : الشعراء اربعة شاعر يجري ولايُجرى معه، وشاعر يخوض وسط المعمعة، وشاعر لاتشتهي ان تسمعه، وشاعر لاتستحي ان تصفعه !. فاجابه المتردية من اصدقاء السوء الحاضر معنا بالقول : الناس اربعة جاهل ومتعلم وعالم واحمق !. ثم جاء دوري ليقول لي صديقي العشائري ابو حسن : يالله وانته خلي نسمع بالله ؟!. فقلت لايحضرني شيئ من الرباعيات ابو حسن ولكن ان اردت ذكرت لك : ابصرت فاعتبر !. فقال لا، لابد من الرباعية وان تكون للامام عليّ وتكون لمعادن الرجال !. وعندها وللحقيقة توجستُ في نفسي خيفه من هذا المنعول السلفة، لانني اعرف دماراته عندما يريد ان يحوّل الجلسة الى معركة وغزوة عشائرية لينبش الاول والاخير، فقلت في نفسي لاحول ولاقوة الابالله أمري لله، صمتُ قليلا فتبادر الى ذهني مقول للامام علي ع يقول : الرجال اربعة، رجل لايدري ويدري انه لايدري فذالك جاهل فعلموه، ورجل يدري ولايدري انه يدري فذالك غافل فنبهوه، ورجل يدري ويدري انه يدري فذالك عالم فتبعوه، ورجل لايدري ولايدري انه لايدري فذالك احمق فاجتنبوه !. صفن كثيرا صديقي العزيز على هذه الكلمات العلّوية ليتأمل فيها وفي معانيها، وبعد فترة ليس بالقصيرة من الصمت هزّ الرأس ابو حسن من على الكتفين،و توقعت منه ان يسألني كالعادة ليحوّل الجلسة الى جحيم فحضرتُ في خاطري الجواب الذي يفوّت الفرصة عليه تماما لافتعال مشكلة، وبعد دقائق رفع رأسه من على الارض ليقول لي : اولا ممكن تشرحلي القصة ؟. فشرحت القصة له على اساس ان الامام عليه السلام يتحدث عن الناس وعلومهم، ويقول : منهم الجاهل الذي يريد ان يتعلم وهو يعلم انه جاهل وبحاجة للعلم، فهذا الذي هو لايدري ويدري انه لايدري، اي هو واعي لجهله ولايستنكف من تعلّم العلم، فالامام يقول هذا جاهل فعلموه!. الصنف الثاني من البشرية يابو حسن (قلت له): هو صنف يحمل من العلم والثقافة والادراك الا انه غير ملتفت لعلمه ويعتقد انه لايحمل علما او معرفة لعدم اختلاطه بالناس اهل المعرفة، لذالك قال الامام : ورجل يدري ولكنه لايدري انه يدري فذالك الغافل فنبهوه!. اما القسم الثالث فهو الجوكر ياخوية يابو الوليد مثل علي بن ابي طالب يدري وهوه يدري انه يدري فهذا عالم فيجب ان نتبعه فيما يقول ويأمرنا به !. وبقي القسم الرابع ياخوية يابو حسن الوردة، وهذا هو الصنف الاحمق الذي لايدري يعني جاهل منحط منتهي الصلاحية، لكن مشكلة هذا المنعول الوالدين انه لايدري انه لايدري، يعني جهله مركب ياخوية يابو حسن، حشاك مثل الحمار لايدري انه لايدري!. عند هذه المحطة الاخيرة من الدارين وغير الدارين اخذ صديقي ابو حسن دورة كاملة بوجههي الصبوح على ارجاء كل الجالسين معنا ليعود من جديد بوجهه نحويّ ولكن مع عينان يتطاير منهم الشرر والعياذ بالله ليختم الجلسة بهذا السؤال ليّ شخصيا : يعني شنو الي قصدته بالجاهل المايدري انه مايدري ؟. يعني تقصد انني لاادري ولاادري اني لاادي ولذالك آني احمق فيجب ان تجتنبوني مو ؟. يعني تقصد ان كل الجالسين لايدرون وحضرتك فقط المثقف والعالم والذي يجب ان نسمع ونطيع لجنابك العالي ؟. شويّة تواضع، فهمنا طلبنا منك كلمة لكن ليس لنعل والدينا بهلشكل !. عندها استخلفت الله بالجلسة وعلمت انه لايجالس الرذيل امثال ابو قبح ويسيّر عليه الا الرذيل مثله !.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |