|
البصرة من منظور أحد أبناءها المغتربين
د. أحمد عبدالله بعد غربة قاهرة وقاتلة تواصلت سبعة عشر عاما حط صديقي الرحال في مدينته العزيزة البصرة. أطلق العنان لدموع الفراق الطويل المفروض وبكى بحرقة بعده عن الأهل والأحباب والأصدقاء وأفتقار حنان مدينته الخالدة وعراقه الكبير. في الأيام اللاحقة لوصوله أزداد كآبة وحزنا وهو يرى بصرة العلم والمعرفة والفلسفة مزدانة بالأوساخ والأهمال الرهيب ولسان حاله يقول: هل يعقل أن لاتتوفر سيارة بلدية واحدة، واحدة فقط، في المدينة يمكن أن تخفف من هذا المظهر الذي يقبض النفس ويترك أسوأ الأثر لدى الناظر والساكن! ترى ، ماذا تعمل البلدية وماذا يعمل أعضاء مجلس المحافظة؟ لماذا أصبحت مناطق مثل الحيانية والموفقية القديمة وبعض المناطق في أبي الخصيب وغيرها الكثير مناطق أوبئة من كثرة أهمالها وتركها على حالها سنين طوال؟ أحقا هذا شط العرب الجميل الذي كان يزهو بالماء النظيف الرقراق ويعج بالزوارق الصغيرة الملوّنة والزوارق السياحية في الستينيات وماقبلها؟! وهل حقا هذه منطقة الجنينة النظيفة الهادئة ، كما عهدناها سابقا، والتي كان يضرب فيها المثل في السابق وكيف آل اليه حال شوارعها والمياه المتجمعة فيها صيفا وشتاء؟ أين بصرة الثقافة والمعرفة الأصيلة وهل يصح أن يتخندق أدباؤها وفنانوها في بناية تكاد أن تكون مهترئة في الوقت الذي ينعم فيه أعضاء مجلس المحافظة بالخيرات غير المحدودة؟ أي منطق بشع هذا؟!ثم اين هي الحكومة المركزية من كل مايجري اليوم على أرض البصرة من نهب وأستغلال للناس البسطاء ومليء الجيوب بالسحت الحرام؟ كم كانت صدمة صديقي المغترب كبيرة حين سمع من بسطاء الناس في الشارع البصري كيف أن المقاولات مهما صغرت لايمكن أن يتم التوقيع عليها دون دفع الرشوة التي لاتقل عن أربعة آلاف دولار وتتعاظم كلما كان المشروع دسما لينتهي (المنجز) الى كيان هزيل من جراء أستنزاف الأموال! وحين زار صديقي المغترب المهضوم مستشفيات البصرة أزداد نحيبه وأشتد ألمه بعد أن شاهد بأم العين مأساة الدمار والأهمال الشديد والامبالاة وأنتشار الأوساخ في كل مكان: أهذه هي ذات الأماكن التي كانت في يوم من الأيام مدعاة فخر للعراقيين جميعا؟! لملم صديقي العزيز حاجياته بعد أن جاء ليحط الرحال الدائم في بصرته العزيزة وأستعد للرحيل من جديد الى ديار الغربة القاتلة ولسان حاله يقول: مسكينة بصرتي العزيزة ، لقد هربنا من جحيم نظام البعث المجرم وهانحن نرى البصرة تحكم من أبناءها الذين أبدوا العقوق الكبير لها ولم يرأفوا بحال أهلها الطيبين ، فهل من مغيث لهذه المدينة المنكوبة دوما في القادم من الأيام أم سنظل نبكي على الأطلال المندرسة مثلما كان يفعلها الأجداد من قبل؟! أما البصريون الطيبون فيتعين عليهم أن ينتبهوا جيدا في الأنتخابات القادمة فيبتعدوا عن العواطف التي لاتجدي نفعا لينتخبوا أبناؤهم المثقفين المتعلمين الأكاديميين كي ينعموا بحياة يستحقونها لهول الثروات داخل أرضهم الذهب!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |