|
آوباما.....الديمقراطية ام الحاجة
نجاح الحسني هي لحظات توقف فيها كل شيء هناك توقفت فيها التكهنات والتوقعات والسجالات والمراهنات، وآخرها أحلام الجمهوريين، هي لحظة أعلان فوز المرشح الديمقراطي أوباما بمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية للسنوات الأربعة المقبلة . نعم وألا بماذا تفسر فوز مرشح أسود البشرة ومن أصول أسلامية ووالده مهاجر كيني ومن حزب لايحكم أبان الترشيح، فأذا لم تكن من المستحيلات فهي من الصعوبة البالغة أقرب اليها مما نتصور في مسيرة هذا الرجل الى البيت الأبيض، فكلها عوامل تجعل منه زاحفاً وليس راجلاً كما كان يتصور البعض ماكين، ولايخفى أيضاً ما لصغر سنه وحداثته في عالم السياسة من أثر أجل وأعمق في هذه المنافسة، فقبل ولادته بثلاثة أعوام كان ماكين قد تخرج من الكلية العسكرية ومن المفروض أن يخدمه هذا التاريخ العسكري والمهني ويجعله في فارق التجربة السياسية بمكان وهي من ضمن ما أفرزه فارق العمر بينهما والبالغ ربع قرن تماماً . ورغم الكثير من المعوقات، فاز أوباما ... فهل هي الديمقراطية ! أم هي نظرة المجتمع الأميركي في أختيار الأصلح بغض النظر عما أسلفت ! أم هو شيء ما خلف الكواليس لتثبيت صلاح أمر ما من عدمه ؟ كلا فقد عزف أوباما على أوتار حساسة جداً في مقاطع سيمفونية الشعب الأميركي، وعرف كيف يقود الأوركسترا ليداعب أسماعهم بما يطربون له، ومنها الحلول السياسية والتفاوض قبل أي ضربة أستباقية، وحل الأزمة الأقتصادية، والأنفتاح السلمي على العالم، والأنسحاب من العراق بهدوء يماثل درجة الطيش عند أحتلاله وغيرها . فقد مل الشعب من حروب في كل بقاع العالم، كان أقل أثارها أن حمّلته فوق طاقته من المعاناة الأقتصادية في مفردات حياته اليومية ومثلها من المعاناة النفسية لحالات القتل في صفوف أبنائهم الجنود، وكذلك معاداة الشعوب فصاروا رمزاً للظلم والكراهية ولا نغفل عن الأزدواجية في المعايير في مجالات شتى ومنها الديمقراطية ذاتها، فحالة الملل واليأس هي التي أتت بالريح لتصل بسفن أوباما الى ساحل النجاة، ولو كان الشعب الأميركي سليماً معافى لظل صاحبنا تائهاً في الأمواج المتلاطمة ولن يبصر الساحل حتى، نعم لو كان الشعب بكامل وعيه ولم تفقده رشده تلك الحملات العسكرية والعداءات المحمومة والأنتكاسات الأقتصادية وغيرها، لكان له كلام غير هذا قطعاً ولكان له رأي لايجد فيه أثنان أختلافاً في أن ماكين هو الأصلح والأنسب، فهم الآن كمن يمد يده لينتشلوه من ظلمة لا يعرف قرارها وسيان عنده كف ملاك أكانت أم لشيطان، وهنا غابت الديمقراطية في صورتها الحقيقية، وهي ليست كما يتراءى للبعض فيمجد في وصفه لها دالاً بما حدث بأنه خير برهان، فهي يد أمتدت، وهم أنتخبوا الكف فقط. فأعود لأقول، أن الديمقراطية لم تكن حقيقة مفتاح الحل في بلد يصدر القتل والدمار للشعوب وبأعذار شتى، وبها يستعبد الآخرين ويلف حول أعناقهم حبال القطن بدل سلاسل الحديد بحجة الخوف عليهم والرحمة بهم من تلك القيود . وهي لم تكن اليوم سر نجاح أوباما، ولكن ربما ستكون سبب غيابه المفاجيء عن السياسة، أو رحيله عن الدنيا بأسرها وعندها، سيدوي صوت الديمقراطية ليعلن تشريف الرئيس الحقيقي .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |