بانوراما السكرية في الصحافة العربية والأجنبية – 1 -

 

صلاح الدين بلال  

salaheldinbilal@hotmail.com

الحلقة الأولى

في مساء الأحد السادس والعشرين من أكتوبر 2008  وفي قرية السكرية غرب البوكمال داخل الأراضي السورية المحاذية للحدود مع العراق،  تم أنزال جنود مدججين بأنواع متطورة من أسلحة أوتوماتيكية ويرتدون زى مختلف عن لباس الجنود السورين ونوعية أسلحتهم, عرف فيما بعد أنهم جنود أمريكيين وليسو سوريين, حيث فتحوا النار بشكل كثيف على مسكن قيد البناء, كان يحوي عددا من الرجال والنساء, أشارت الأنباء على أن العملية أسفرت عن مقتل ثمانية أفراد، يقول الأمريكيون والعراقيون أنهم إرهابيون ويدّعي السوريون أنهم مواطنون أبرياء.

 فيما بعد ...

 أعلن مصدر إعلامي سوري مسئول أنه في حوالي الساعة الرابعة وخمس وأربعين دقيقة من بعد ظهر الأحد، قامت طائرات أميركية بعملية إنزال في قرية شمال شرق سوريا محاذية للعراق أوقعت ثمانية قتلى ...

وكتبت صحيفة "تشرين" الحكومية "قتل بدم بارد وجريمة حرب بالمعنى الكامل للعبارة ضحاياها ثمانية مواطنين مدنيين سوريين هذا هو الوصف الحقيقي لما أقدمت عليه القوات الأميركية المجوقلة القادمة من العراق في الأراضي السورية بعد ظهر أمس وفي قرية وادعة تبعد عن الحدود العراقية ثمانية كيلومترات".

 الموقف العراقي ...

 أكّد علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة العراقية " أن هذه المنطقة كانت مسرحا لنشاط تنظيمات إرهابية معادية للعراق تنطلق من سوريا، كان آخرها مجموعة إرهابية قتلت 13 منتسبا لوزارة الداخلية العراقية في قرية عراقية حدودية  مع سورية .

وفي 16 تشرين الأول/أكتوبر أعلنت السلطات العراقية توقيف سبعة "إرهابيين" من الجنسية السورية في محافظة ديالى في شمال شرق بغداد التي تعتبر ملاذا لعناصر القاعدة والمسلحين.

يذكر أن هذه العملية جاءت بعد نحو أسبوع من تصريح ورد على لسان قائد القوات الأميركية غربي العراق الميجور جنرال جون كيلي قال فيه إن الحدود الأردنية والسعودية مع العراق مضبوطة "أما الحدود السورية فهي بحث آخر".

وأكدت مصادر لبنانية وغربية متطابقة ل"يقال.نت"أن المدعو أبو غادية الذي أعلن مصدر أميركي مقتله  في الإنزال على منطقة البوكمال في محافظة دير الزور السورية ،هو خليفة محمود غول أغاسي الملقب أبو القعقاع  ،الذي اغتيل في حلب الجديدة، امام جامع الإيمان ،بعد صلاة الجمعة، قبل أحد عشر شهرا.
وقالت المصادر إن أبو غادية ،ووفق التحقيقات المتوافرة في لبنان وعدد من الدول العربية ،هو الذي تولّى موضوع تمرير مجموعات "فتح الإسلام " الى لبنان ،بعدما تولى أبو القعقاع تجنيد عناصر من جنسيات عربية لتغطي الأكثرية المؤلفة من سوريين أو من فلسطينيين مقيمين في سوريا .
وتقول المصادر إن أبو غادية هو الأقرب الى المخابرات العسكرية السورية وتحديدا الى المسؤول عن التنظيمات الإسلامية  في هذا الجهاز جودت الحسن .

 فمن هو أبو غادية أو أبو غدية .....

 في شهر فبراير الماضي، صنفت جهات رسمية أميركية أبو غادية على أنه أغلى قائد في تنظيم القاعدة  / مطلوب رأسه مقابل مبلغ كبير / وهو مسؤول عن تهريب الأموال والأسلحة والإرهابيين والموارد الأخرى إلى تنظيم القاعدة في العراق. كما قالت بأنه مسلم سني ولد في أواخر عقد السبعينيات من القرن العشرين،وقيل أنه كان مساعدا لقائد تنظيم القاعدة في العراق، أبو مصعب الزرقاوي، الذي قتل في عام 2006 .

 ابو غادية هذا، تصنفه الاخبار من دون تاكيدات موثوقة انه كبير مهربي الاسلحة والانتحاريين الى العراق، وان ‏السوريين يغضون الطرف عنه، ذلك ان غرفة عمليات (البو كمال) تنطلق منها خطط العمليات في بعقوبة ‏والموصل. ‏

ابوغادية هو بدران تركي هيشان المزيدي عراقي من الموصل، تجاوز الاربعين ومتزوج اكثر من مرة من نساء ‏يوصفن ب ( المجاهدات ) يعملن معه. لكن سكان الموصل وغرب العراق يشككون في نسبه العراقي، فاسم ‏عائلته ليس متداولا في العراق، ويرجحون ان يكون يمنيا أو سوريا بحسب أناس خبروه وعملوا معه في السابق .

قاتل "ابو غادية"، الى جانب أبي مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق، الذي قتل في غارة أميركية ‏في عام 2006، وبعد مقتله ظل ابو غادية وفيا له ، لبس طاقيته واتبع اسلوبه وقاد الكثير من العمليات داخل ‏العراق، حتى تركز نشاطه في الفترة الاخيرة في الموصل ومناطق الحدود مع سوريا. ‏

وأبو غادية اصولي متشدد، ملتزم بمبادئ القاعدة واهدافها. تدرب في العراق، وشب على تعاليم الزرقاوي، ‏واسهم في ادخال اعداد كبيرة من المتطوعين الى العراق، ومطلوب من القوات الاميركية من فترة طويلة، ففي ‏شباط الماضي جمدت وزارة الخزانة الأميركية أصول أربعة في سورية، قالت إنهم سهلوا تدفق أموال وأسلحة ‏وإرهابيين عبر سورية الى تنظيم «القاعدة» في العراق من بينهم أبو غادية. ‏

والأربعة هم بدران تركي هشام المزيدي المعروف أيضاً بأبي غادية، ويدير الشبكة في العراق، وكان يقيم في ‏الزبداني بسورية .

  الردود السورية ......

 جاء رد وزير خارجية سوريا وليد المعلم يوم الاثنين 27 / 10 / ... على ما حدث لسوريا واصفا إياه على أنه اعتداء إرهابي وإجرامي مهددا بالرد الانتقامي إذا تم انتهاك حدود بلاده ثانية !!!، ومعلنا أنهم سوف يدافعون عن أراضيهم. وفي نفس الوقت استخدم المعلم الحدث من أجل التعبير عن غضب بلاده من رئيس الولايات المتحدة جورج دبليو بوش ومن نظرته التي ينظر بها للحقبة التي ستأتي بعده، حيث وصف المعلم الإدارة الأميركية الحالية بأنها جاهلة، وذلك أثناء حديثه للمراسلين الصحفيين في لندن يوم الاثنين الماضي وفق ما ذكرته وكالة رويترز. حيث أضاف المعلم بأنه لن يضيع وقته مع هذه الإدارة.

 أسهب وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم في الحديث عن الغارة الأميركية على منطقة البوكمال، وعندما سئل المعلم عما إذا كانت بلاده سترد على أي هجوم مستقبلي من أميركا قال" إنه طالما أن صيغة السؤال شرطية فإن الإجابة هي أنه في حال فعلتها واشنطن مرة أخرى فإن سورية ستدافع عن أراضيها، أي في المرات القادمة وليس الآن" ....و سنتحدث عن تصريحات المعلم بشكل مفصل لاحقا  .

كم كان المعلم شبيهاً بالصحاف، وهو يتمرجل من لندن...

 في حين قال فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري أن دمشق تطالب واشنطن بتقديم اعتذار و تعويضات عن خسائر الغارة الجوية التي شنتها حوامات أمريكية على قرية السكرية القريبة من الحدود العراقية  وتسببت بمقتل 8 أشخاص.
ورفض المقداد التقرير الأمريكي الذي قال أن الغارة أتت على أحد قادة تنظيم القاعدة ويدعى أبو غدية الذي كان يحضر للقيام بعمليات إرهابية في العراق.
وأكد الدبلوماسي السوري أن جميع الضحايا هم من المدنيين ، وأضاف أن عمليات البحث عن المدعو أبو غدية مستمرة بقيادة الأجهزة السورية والوكالات الدولية الأخرى.

وردّت سوريا باستدعاء القائمة بالأعمال الأمريكية في دمشق، لتعبّر عن "احتجاج وإدانة سورية لهذا الاعتداء الخطير، وتحميل الإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عنه". كما استدعت القائم بالأعمال العراقي "للغرض ذاته". وطالبت دمشق الحكومة العراقية "بتحمل مسؤولياتها وبالتحقيق الفوري بهذا الانتهاك الخطير ومنع استخدام الأراضي العراقية للعدوان على سوريا".

ردود النظام السوري على الغارة الأمريكية لم تتأخر، فقد قرّر مجلس الوزراء السوري يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من أكتوبر 2008 (إغلاق المركز الثقافي الأمريكي والمدرسة الأمريكية في دمشق، وذلك احتجاجا على الغارة التي نفذها الجيش الأمريكي داخل الحدود السورية، وطلب من وزيري التربية والثقافة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتنفيذ بالتنسيق مع الجهات المعنية). وهذا الإجراء سوف يرضي المصفقين والمطبلين لنظام الممانعة (أشباه الرجال)، لأنهم سوف يتخيلون في أحلامهم أنّ المتضرر من هذا الإغلاق هو الشعب الأمريكي، قافزين عمدا عن أنّ هذه المدرسة الأمريكية غالبية الدارسين فيها هم من الطلاب السوريين، وكذلك المركز الثقافي الأمريكي فالمستفيد الوحيد من نشاطاته ودوراته المتعددة هو المواطن السوري، بدليل أنّ هذا المعهد والمدرسة مفتوحان في عاصمة الممانعة منذ ما يزيد على أربعين سنّة برضا النظام ومعرفته، والجميع يعرفون أن غالبية الطلاب السوريين الذين يدرسون في المدرسة الأمريكية هم أبناء وزراء النظام وضباط مخابراته ورجال أعماله .

وقال وزير الثقافة السوري رياض نعسان أغا إن المدرسة الأمريكية والمركز الثقافي سيغلقان لأجل غير مسمى. وأضاف "كنا ننتظر من الولايات المتحدة إن تقدم لنا ثقافة راقية.. أن تقدم لنا علما ومعرفة وتكنولوجيا أما أن تقدم لنا جثث أبنائنا في الشوارع فهم لا يريدون الحوار فعلام نبقي إذا على مراكز ثقافية لا تملك أسسا معرفية سوى إنها تنشر الإرهاب الدولي المنظم".

جاء في تعليق أحدهم على صفحة أحدى المدونات السورية ساخرا  ...

بدل أن يقطع بشار ما تبقى من علاقاته الدبلوماسية مع واشنطن، يسارع الأسد إلى معاقبة شعبه بإقفال مدرسة ومركز ثقافي .

أكدت معلومات سرية إن الغارة الأمريكية التي شنتها الطائرات الأمريكية على إحدى قرى البوكمال السورية على الحدود العراقية استهدفت القيادي السابق في البعث المنحل عبد الباقي السعدون ونجل وطبان إبراهيم الحسن ( احمد ) , نجل وزير الداخلية في النظام البائد كما قتل في العملية قيادي آخر في البعث هو أبو طليطلة الذي كان يشغل منصب أمين سر حزب البعث المنحل في صلاح الدين .

 الردود الاسرائلية ...

الصحف الإسرائيلية كتبت عن الغارة الأميركية على الأراضي السورية.  وكتب المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" اعتبر الغارة "رسالة مهينة إلى سوريا"، وكتب: "لقد قرر الأميركيون أن يرسلوا رسالة علنية مهينة وصاخبة .

إسرائيل أيضاً بعثت برسالة لفظية إلى السوريين، ولكن تنضوي على التهديد باستخدام القوة. فقد التقى وزير الدفاع ايهود باراك امس قائد اليونيفيل وحذّر من بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات التي نُقلت من سويا الى حزب الله. فاسرائيل تعتبر ذلك خرقاً للقرار 1701 ونقل وسائل قتالية مخلة بالتوازن فالصورايخ تعرض للخطر تحليق الطيران الاسرائيلي". أما المعلق رون بن يشاي في الصحيفة عينها، فرأى ان ادارة بوش قررت أن تخلع قفازاتها وتغيير سياستها ضد التنظيمات الارهابية التي تنشط في أفغانستان والعراق. فكما يقصف الأميركيون قواعد "القاعدة" على الأراضي الباكستانية فإنهم قرروا ايضاً قصف هذه المراكز الموجودة في سوريا. لكنه  لمح في هذا السياق الى عامل آخر قد يكون وراء الغارة، وكتب: "في تقدير مصادر مطلعة ان هناك فجوة بين النظام في سوريا وعناصر القاعدة التي تنشط في لبنان والعراق. وهذه التطورات هي التي دفعت الأميركيين الى التفكير في أن دمشق لن تغضب اذا هاجمت الولايات المتحدة بنجاح قاعدة تابعة للجهاد العالمي، حتى لو كانت موجودة على الاراضي السورية".

في حين ذكرت شبكة تلفزيون سكاي البريطانية أن بيرغمان، الذي يعمل محللا أمنيا واستخباراتيا في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، استند في مزاعمه على تصريحات لاثنين من كبار المسؤولين الأميركيين، أحدهما كان موظفا رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأميركية.
ونقلت شبكة سكاي عن بيرغمان قوله إن الغارة وقعت بعد الضغط المكثف الذي مارسته الولايات المتحدة على سوريا لوضع حد للنشاطات التي يقوم بها تنظيم القاعدة عبر الحدود السورية-العراقية.
وأضاف بيرغمان أن السوريين لم يكونوا مستعدين لمواجهة المسلحين المرتبطين بالقاعدة كي لا يظهروا أمام الرأي العام وكأنهم انحنوا للضغوط الأميركية، وفي نهاية الأمر قرروا إعطاء الضوء الأخضر للأميركيين للقيام بالمهمة بأنفسهم.
ونقلت شبكة سكاي عن بيرغمان قوله إن الحكومة السورية أبلغت الأميركيين أنها ستمنحهم ممرا لضرب المسلحين ولن تؤذي قواتهم.

 أجواء العاصمة دمشق ...

شهدت العاصمة السورية في اليوم الثالث للعملية  تظاهرة صغيرة شارك فيها العشرات من العراقيين المقيمين في دمشق، وحمل المتظاهرون شعارات تندد بالغارة الامريكية، وتؤيد الحكومة السورية. ومرت التظاهرة قرب السفارة الامريكية في دمشق ، لكن رجال الأمن حالوا دون مرور المتظاهرين أمام السفارة.

بينما احتشد الآلاف من المتظاهرين وسط العاصمة دمشق اليوم الخميس للاحتجاج على الهجوم الأمريكي الذي تعرضت له إحدى قرى مدينة مدينة البوكمال الحدودية مع العراق.

وتجمع المتظاهرون في ساحة يوسف العظمة أمام مبنى محافظة دمشق حاملين لافتات تندد بالهجوم الأمريكي, ورددوا شعارات مؤيدة للرئيس بشار الأسد ومناهضة للرئيس الأمريكي جورج بوش وبعض الدول التي لم تدن الهجوم.

 وللأحداث بقية ....

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com