|
استخدام المراة في العمليات الارهابية
عام تجمع كلنا عراق ان صناعة الموت جريمة مرفوضة من قبل كل الشرائع السماوية والاديان والقانون والاخلاق وكل ما يمد للانسانية بشىء، لهذا السبب كان وما يزال المجتمع العراقي يرفض هذا النوع من الجرائم، الا ان رفضها لمجرد الرفض لا يحد من هذه الظاهرة ولا ينقذ شبابنا من كلا الجنسين من الانخراط في هذا العمل، اذا ما توافرت لهم الاسباب والمبررات التي قد يجدون فيها ما يبرر عملهم، رغم قناعتنا الكاملة انه لا يوجد اي مسّوغ لتبرير قتل الانسان البرىء، وفي الوقت ذاته نجد ان من يقوم بمثل هذه الاعمال هو الآخر انسان مسكين خصوصاً اذا لم يتجاوز العشرين من العمر، ربما نكون نحن كدولة او مؤسسات او منظمات مدنية دفعنا بهم الى هذا الطريق دون ان ندري، لهذا علينا مراجعة الاسباب والدوافع التي ادت الى انخراطهم في طريق اللاعودة هذا. في البداية اود ان اقول من المؤسف حقاً ان اجد نفسي اناقش موضوع انخراط المرأة العراقية في هذا العمل في وقت كنت اود ان نناقش فيه ما قدمت المرأة العراقية لهذا البلد، الا ان الواجب يتطلب منا جميعاً مناقشة الاسباب وبكل جدية لانقاض ما يمكن انقاضه من النساء اللاتي يعانون من نفس المعاناة، وتحيط بهم نفس الاسباب والتي يمكن حصر بعض منها بـ :- 1- العامل الاقتصادي :- من اهم العوامل التي تؤدي الى انخراط الافراد في الاعمال الاجرامية على مختلف مسمياتها هو العامل الاقتصادي، وهذا ما اتفق عليه اغلب علماء ومفكري السياسة الذين ناقشوا وبجدية موضوع العنف والارهاب منذ سبعينات القون المنصرم، واتفق انا معهم لان الضعف الاقتصادي لرب العائلة او المسؤول عن العائلة سوف يؤدي الى ضعف مستوى الخدمات المقدمة للعائلة، ومن اهم تلك الخدمات التعليم، فنجد مثلاً ان اغلب الذين يعانون من الضعف الاقتصادي تكون نسبة التعليم لديهم قليلة تبدء بالتضائل كلما تقدمنا في المراحل الدراسية، ان قلة التعليم، وفي احيان كثيرة انعدامه يؤدي الى قلة الوعي لتحديد السلبي او الايجابي من المفاهيم، فمن المعروف ان القراءة والمتابعة توسع مدارك الانسان لتحديد الاتجاه الصحيح من دونه، فالتعليم اكثر من ضروري لان الانسان المتعلم يناقش و يقارن ويراجع ما سمع من مقولات مع خزينة الفكري، اما الانسان الجاهل فانه سريع الاصطياد من قبل اي جماعة، ناهيك عن انتقال الفقر من الاب الى الابن فالوظيفة الجيدة تعطى لمن هو اكثر خبرة وشهاده فيكون الدخل هو الاخر جيد، اما ترك الاولاد للمدرسة بسبب الضعف الاقتصادي يعني ان دورة الفقر مستمرة، وهذا يؤدي الى وضع اجتماعي مغلق على هذه المجموعة فهي لا تغير وضعها الاجتماعي نحو الافضل لعدم وجود الامكانات لذلك الا في حالات قليلة فقد ظل الحراك الاجتماعي يتحرك يميناً و يساراً لا يستطيع التحرك نحو الاعلى او الاسفل، اذن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب مع قلة التعليم، وعلى الاصح الجهل حتى بابسط الامور كل هذه اجواء مناسبة لنمو السخط على المجتمع ومحاولة الثورة على الواقع واحياناً كثيرة تولد حالة عنف داخلي تجاه النفس او الاخرين، في محاولة يائسة لتغيير الواقع حتى ولو كان عن طريق الموت، فكان يجب على الدولة التحرك على تلك الفئات لمد يد العون لهم لمساعدتهم وليس المقصود هنا الدولة الحالية فهي حالة مزمنة، كان المفروض علاجها منذ سنين طوال بمساعدة منظمات المجتمع المدني والخيّرين لمعالجة حالات الفقر في بلد غني مثل العراق، آلا انهم ظلوا خارج حدود الدولة ومشاريعها واعمارها وحتى تفكيرها، ليكونوا قنابل بشرية تتحرك في الشارع العراقي لقتل النفس او الآخرين لا نعرف وربما حتى القاتل لا يعرف يقتل من ؟ الا ان دخول المرأة في هذا المجال يعني ان ناقوس الخطر الحقيقي بدء يدق لان الارهاب دخل قلب الجسم العراقي من خلال مشاركة المرأة بهذه الاعمال. 2- العامل الديني :-ان استخدام العامل الديني كذريعة لتمرير المواقف السياسية او الاجرامية كان حاضراً وفاعلاً منذ زمن سحيق، فكل العقائد والفلسفات البشرية يمكن ان تناقش فيقبل البعض منها او يرفض الا ان الاستخدام الديني لتبرير اي قضية صعب جداً لان الانسان الرافض لهذا الاسلوب ربما يتعرض للقتل، حتى ذريعة الدين. فما حصل في العراق خلال السنوات السابقة لم يكن ابداً خلافاً بين اصحاب الدين الواحد الا انه مصالح سياسية واجندات خارجية مخابراتية دخلت العراق لاسباب كثيرة، ولتحطيم العراق كلياً والقضاء عليه، فأدخل الدين بكل ثقله ليكون عنصراً مضافاً لعناصر عدم الاستقرار لانه استخدم من قبل اناس لتحقيق اهداف معينة، بينما كان الدين وعبر عصور كثيرة عامل محبة وسلام فكيف اصبح اليوم قتل النفس والاخرين عملاً مميزاً يستحق الثناء في الوقت الذي نعرف فيه جميعاً ان قتل النفس حرام، ومن ينتحر يعد كافراً، وانا هنا اتحدث عن الاشخاص الذين فجروا انفسهم من كلا الجنسين في الساحات والاماكن العامة والاسواق. ان الاستخدام الخاطىء للدين يستفد من الاسباب المذكورة سابقاً بكل جزيئاته، فمثلاً يتم صرف راتب او مكافأة لمن يقوم باي عمل يكلّف به، فاحياناً يقال ان اشخاصاً قتلوا انفسهم والاخرين من اجل مبلغ زهيد وخطورة الحالة من جانب آخر هي حاجة الانسان لهذا المبلغ البسيط وانا هنا لا اجد مبرر للعمل الاجرامي، ولكني اضع المشكلة كما هي، فريما تستطيع القوات الامنية ان تخمد هذه الحالة او تلك، ولكن الاسباب موجودة، فعلينا وعلى الدولة بكل مؤسساتها دراسة ومعالجة الاسباب للقضاء على الحالة. ولا نعرف ان كان اسلوب الزواج باكثر من واحدة مستخدم بين هذه الجماعات ام لا وهو مقبول حسب الشرع ولكن استخدامهم لمثل هذه العمليات خطر، فان كانت هذه الحالة موجودة فانها كارثة. 3- العامل الاجتماعي :-ان الوضع الاجتماعي البائس قد يؤدي الى الغلو في العقيدة والمفهوم، ناهيك عن ان المجتمع العراقي هو مجتمع ذكوري فما زالت البنت او الفتاة تابعة للاب او الاخ او الزوج وهذا جيد لحد ما ونحن لم نطالب بالخروج عن العادات والتقاليد، ولكن اعتراضنا اذا استغلت المرأة في اعمال ارهابية بسبب هذه الطاعة، واحياناً تجبر المرأة على ذلك، ثم ان التلاحم الاسري في العراق يقف عائقاً امام المرأة اذا ما فكرت في الابلاغ عن الاعمال الارهابية التي يقوم بها الرجل فهي لا تخاف الموت بقدر خوفها من تقديم الشكوى وتبعاتها، واعتقد ان السبب وراء استخدام المرأة بهذه الاعمال خصوصاً في المناطق الريفية هي ضعف او قلة الاجراءات الامنية المتخذة من قبل الاجهزة الامنية تجاه المرأة بحكم العادات والتقاليد هناك، وهذا ما استغلته الجماعات الارهابية. ومن ضمن العادات والتقاليد مسألة الاخذ بالثأر فربما قتل الاب او الاخ او الزوج يدفعها للانتقام والثأر، وهذا الامر معروف لدى العشائر في العراق فربما تجد هي الاخرى لنفسها هذا التبرير. 4- العامل العرقي :- لا يشكل هذا العامل اي مشكلة في بناء الدولة اذا ما استطاعت الدولة المركزية فرض سيطرتها فيكون توزيع الوظائف والثروات متوازي الى جانب احترام حقوق الانسان فكل المواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، اما في الحالات المخالفة لذلك فان مجموعة من الناس تشعر بالغبن والظلم نتيجة حصولهم على اقل من استحقاقهم، اضافة الى ضعف التواجد الامني، فتكون تلك المناطق ارض خصبة بالنسبة للعناصر الارهابية خصوصاً في ديالى التي تتسم بالتنوع العراقي وانعدام الخدمات والامن وتضاريس المتنوعة كلها عوامل مساعدة لعمل العناصر الارهابية التي تعتقد بان الحل هو الانتقام من الدولة بقتل مواطنيها فمن الضروري وبعد بدء العمليات العسكرية في كل مكان ان يرافقها الاعمار وتوفير الخدمات. 5- العامل النفسي :- لقد عانى العراق من حالة الفوضى والعنف خلال السنوات الخمس الماضية فشملت القتل العشوائي من قبل جهات متعددة، فكان نتيجة ذلك زيادة في عدد الارامل يعيشون دون معيل، وفي الغالب دون مورد مالي فهي مسؤولة عن مجموعة من الاطفال والاحداث، اضافة الى تدهور الوضع الاقتصادي العام الذي ادى الى زيادة المشاكل العائلية، والتي تنتهي في الغالب بالطلاق فكانت هناك مشكلة اخرى هي النساء المطلقات في الغالب يعيش الاطفال برعاية الام التي لا تملك شيء تعيل به ابنائها. كل هذه عوامل تساعد العناصر الارهابية على استغلال حاجة المرأة للمال، تبدء بطلبات قليلة تنتهي الى عمل اجرامي كبير، في حالات اخرى ربما تستخدم ضدها اساليب نفسية كأن تقدم ضدها افلام لعمليات بسيطة قامت بها مثل نقل بعض المواد دون ان تدري ما هي المواد، او انها تستلم المال من احد الاشخاص، لهذا السبب تكون محكومة بعامل الخوف اكثر من اي عامل آخر. 6- المخدرات :- من المهم جداً معرفة اهمية المخدرات بمختلف اشكالها وانواعها للتهئية والاعداد للاعمال الارهابية ان هذا الاسلوب لم يكن وليد الساعة، فقد كان لها ( المخدرات ) دور خطير ومنذ عهد صلاح الدين الايوبي حين شكلت مجموعة من القتلة سميت حينها فرقة الحشاشين برئاسة حسن الصباح وهذه واقعة تاريخية ومعروفة، ولكن ليس بالضرورة ان يستخدم نفس الاسلوب، الا ان المادة المخدرة مازالت تمتلك ذات التأثير على الشباب والشابات فالمرأة بوعيها الكامل لا تستطيع ان تقتل هذا الكم من الاطفال والنساء تحت اي ذريعة كانت، كل ذلك يبقى مجموعة من الاحتمالات لان الحقيقة ربما تموت مع اصحابها، لهذا نحن نطالب قوات الامن في حملات التفتيش ان تفتش عن المخدرات خصوصاً في المناطق المشتبه بها كما تفتش عن السلاح. 7- المختل عقلياً :- لقد تم استغلال الاشخاص المختلين عقلياً من الرجال والنساء لانهم يقومون باعمال كثيرة لا يعون حجم مخاطرها، فاما ان يقومون بعملية التفجير واما بفجرون من بعد، والدولة في الاونة الاخيرة اخذت على عاتقها جمع هؤلاء من الشوارع والساحات، ولكن السؤال المهم ما هو مصير الاطفال والاحداث الذين يتواجدون في الشوارع والارصفة لبيع السكائر وما شاكل ذلك خصوصاً الفتيات الم يكونوا عرضة لاستغلالهم او اختطافهم لاجراء عمليات ارهابية هنا وهناك، لهذا السبب لا يجوز ترك هؤلاء فعلى الدولة جمع هؤلاء المتسولين وايجاد السبل الكفيلة للعناية بهم، ويمكن الاستعانة بعدد من منظمات المجتمع المدني لانجاح هذا المشروع وانقاذ اطفالنا من خطر الشوارع. في الختام لابد لنا ان ندرس الحالة كما هي، فان البعض يقول ان من تقوم بهذه الاعمال غير عراقية مبررين ذلك بتمزيق الجثة فلا يبقى شيء يستدل به على شخصيتها، ولكن الحقيقة ان النساء عراقيات على الاقل ما موجود منهم الان تحت قبضة العدالة. اذن المشكلة موجودة، وعلينا جميعاً مسؤولية ايجاد الحل لها، فان اعترافنا بتقصير ادائنا تجاه هذه الشرائح الاجتماعية يعني بداية العمل الصحيح، والتفتيش عن مواطن الضعف والفقر والعازه هي الخطوة الثانية نحو الهدف ولكن الخطوة الاهم والاصعب ماذا ستقدم لهذه الجموع البشرية التي تعيش تحت خط الفقر فعلى الدولة خصوصاً وزاراتها المعنية ان تتحمل المسؤولية كاملة، والا سنكون جميعاً مسؤولين عن هذه الكارثة الانسانية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |