صــابر وصبرية والإتفاقية الأمنية..!!
 

 

سهيل أحمد بهجت

sohel_writer72@yahoo.com

شاهدت على أحد المواقع العراقية كاريكاتورا للفنان المبدع سلمان عبد يجسد بحق واقع المجتمع العراقي الذي يشهد كارثة في ظل حكم كتل مليئة بثقافة الشعارات والوطنيات التافهة التي يأكلون بها رأس المواطن الفقير، في الصورة المبدعة رجل – اسمه صابر – وهورث الثياب ذوأسنان متساقطة يتحدث إلى زوجته "صبرية" التي لا تختلف عنه في مظهرها الفقير وآلاف الحشرات والذباب يهاجم أطفالهما العراة والمرضى، وسط هذا المشهد المضحك المبكي يسأل زوجته:

ـ صبرية ما كَلتيلي شنورايك بالإتفاقية الأمنية.."؟!

فالمواطن العراقي أصيب بما يشبه الحيرة من واقع الخدمات الرديء وسوء الأحوال المعيشية والصحية والمستقبل المجهول، وبين حكومة تتشدق كل يوم بشعارات وهتافات عن الإنجازات المتحققة والخطوات الكبيرة التي تم إنجازها وبرلمان الجامع الذي أصبح شغله الشاغل "القضية الفلسطينية" والاحتجاج على الكاريكاتور "المسيء للنبي"!! والروايات الصربية "المسيئة للإسلام"!! متناسين أن أكبر إساءة وجهت للإسلام وللنبي هوهذا البرلمان "البعثي" بامتياز، وكيف لا نصفه بالبعثي وهويتبنى ذات الخطاب الصدامي ويا "مرحبا بمعارك المصير"!! ويشرع قوانين تناسب فعلا "دولـة العراق الإسلامية"!! وسيادة المالكي "البطل" يتحفنا بكلماته المباركة عن "العراق دولة القرآن والقرآن دستور العراق"!!، نحن لسنا ضد القرآن والإسلام ولكننا بالتأكيد ضد هذا النفاق الذي يسعى إلى استغلال الدين لأغراض سياسية تزيد الحاكم "عصمة" والشعب بؤسا.

ولنعد إلى الاتفاقية الأمنية، وما سيجره الموقف الحكومي المتردد من أخطار على البلد والشعب، فكلنا يعرف أن العراق الآن هودولة "غير مكتملة" وهذا البلد يحيط به جيران يتحينون الفرص للهجوم ولتهميش هذا البلد الغني بالبشر والموارد، فالعراق ليس محميا بالبحار كبريطانيا واليابان وسنغفورة، بل على العكس، فهوأسهل بلد من حيث إمكانية اختراق حدوده واقتصاده، والولايات المتحدة هي بمثابة الوالدة القوية التي أنجبت هذا العراق الجديد والتي يجب أن تستمر في رعاية هذه التجربة إلى أن يستطيع العراقيون فعلا حكم أنفسهم، لكن الإشكال الكبير يكمن في أن الكتل البرلمانية كلها بدون أستثناء – نستثني بضعة نواب – لا زالت غير مؤمنة بالعراق والمواطنة العراقية، فالبعض يسعى وراء أمته القومية المقسـمة بين جيران العـراق ووراء أمة إسلامية مزعومة من موريتانيا إلى إندونيسيا.

من جانب آخر، فإن الكتلة البرلمانية الأكبر "الائتلاف العراقي الموحد" لينة في كل القضايا إلى حد أن هذه الليونة أصبحت أشبه بضعف وتهاون لا سابق له في تاريخ العراق، اللهم إلا في الشأن الأمريكي فإن هذه الكتلة قوية "لخاطر عيون آية الله خامنئي"!!، وهذا المنهج بالتأكيد يهدد مستقبل المصالح العراقية ويهدد بجعل العراق ساحة صراعات سعودية إيرانية بدلا من جعله منطقة قوة تخلق توازنا إقليميا وتجعله دولة منتجة يحسب لها حساب، لكن إذا ما كنا سنستمر في بناء دولتنا بالمسابح واللحية والعمائم والشعارات القومجية والنضال القومي المزعوم، فنحن مقبلون على كارثة حتمية وحقيقية وبما يكون ما حصل من إنهيار أمني أعقب إسقاط السرطان البعثي سيصبح "نزهة" بالنسبة إلى ما سيرافق انسحاب قوات التحالف وقيام "دولة العراق الإسلامية"!! التي سيتنازع عليها القوميون والمتطرفون، ويا صابر ويا صبرية لا تنتظروا الفرج..!!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com