|
من ينقذ البصرة الفيحاء من داء السرطان؟!
د. أحمد عبدالله أذا كانت ثمة تداعيات وأرهاصات ترتبت على سقوط نظام صدام المريع في عام 2003 فلابد أن يكون للبصرة القدح المعلى في المعاناة الكبيرة المستديمة. لقد عانى البصريون كثيرا من آثار الحرب العراقية الأيرانية المدمرة وبعدها أحداث عام 1991 وغزو الكويت والحرب الأخيرة على العراق حيث أستخدم اليورانيوم المنضب بكثافة لتدمير الأسلحة العراقية المدرعة والتسبب اثر ذلك في وفاة الآلاف من الناس الأبرياء. ولو أن عشر ماحصل في البصرة قد حدث في أحدى بقاع العالم المتحضر لأعلنت المنطقة منطقة منكوبة ولأمتدت اليها كل أنواع المساعدات الدولية غير المحدودة! العجيب في الأمر أن المسؤولين في الحكومة المحلية في البصرة لم يحركوا ساكنا للفت الأنظار الىالحالة المأساوية للكثير من الأطفال والنساء والشباب وكأن الأمر لايعنيهم! وبدورها لم تلتفت الحكومة المركزية ممثلة بوزارة البيئة الى مأساة البصرة التي أبتليت بالأسلحة الكيمياوية والألغام ومن ثم اليورانيوم لسنوات طوال. ولأن مثل هذه الكوارث لاتنبري للتصدي لها سوى الأصوات المثقفة الواعية الحريصة ومعهم العلماء الأجلاء ، أنطلق صوت القاضي وائل عبداللطيف منذ عام 2004 للدعوة لمعالجة الحال المتردي والتلوث الخطير في البصرة ، لكن صوته ذهب أدراج الرياح فيما ظل ممثلو البصرة في مجلس النواب منشغلين مثل الآخرين بالأمور المتعلقة بزيادة مرتباتهم (المتواضعة!!). ومنذ فترة بعيدة أنطلق صوت الدكتور البطل قيس محمد السلمان الباحث في الأمراض السرطانية لافتا النظر الى المأساة الصحية في البصرة وخاصة مايتصل بتسمم الأسماك والترسبات الزئبقية المكثفة ، التي بدأها الفيلق الثالث في البصرة أبان الحرب مع أيران بأوامر من بغداد حينها للأنتقام من البصرة وأهلها، والتسربات السامة من الألغام المتحللة داخل مياه الأهوار والأنهار في البصرة ناهيك عن تلوث المياه المتجهة من المحافظات الى البصرة. وظل صوت الدكتور السلمان مدويا لاسيما في لقائه التلفزيوني الجريء في برنامج (ساعة حرة) من على شاشة فضائية (الحرة عراق). هنا يطرح البصريون تساؤلاتهم المشروعة بكل قوة، دون وساطة ممثليهم في مجلس النواب: من المسؤول عن وفاة الآلاف من الناس الأبرياء طيلة الفترة الماضية وخاصة بعد عام 2003؟ ألم يلاحظ المسؤولون في العراق كيف تنتفض الدول الأخرى لدى وفاة مواطن واحد فحسب من أبناءها؟ هل غدت أرواح العراقيين ، وخاصة البصريين، رخيصة الى هذا الحد؟! لماذا لاتشكل وزارة البيئة على الفور فريق عمل يقوم يالتنسيق مع الباحثين النشيطين في مركز علوم البحار في جامعة البصرة لوضع الحلول الناجحة لأنقاذ الناس من شر مستطير ومن موت محقق؟ لماذا لاتخصص الحكومة المركزية المبالغ اللازمة، مهما بلغت، للمساهمة في أنقاذ الناس وخاصة المصابين منهم بالسرطان حاليا من خلال توفير الدواء الناجع لمحاربة السرطان وأرسال منيتعذر علاجهم في العراق الى الخارج مثلما هو حال المسؤولين الكبار حين تلم بهم وعكة صحية؟! أسئلة يطرحها البصريون أمام الحكومة المركزية بعد أن يأسوا من حكومتهم المحلية البعيدة عنهم ، حيث لابد من التحرك السريع جدا لأنقاذ مايمكن أنقاذه. كما يتعين مفاتحة الحكومتين الأمريكية والبريطانية لتقديم العون الفني والتقني والمالي لكونهما الدولتين الأكثر تسببا بهذه المأساة المروعة. وندعو في هذا السياق الى تشكيل هيئة وطنية من أعلى المستويات تتابع عملها يوميا من خلال غرفة عمليات مجهزة بأحدث المعدات للتعاطي مع الوضع الصحي الخطير للغاية في البصرة والأستعانة بكل الخبرات العراقية والأجنبية والعمل بكل همة بهذا الشأن. أما البصريين أنفسهم فأدعوهم الى أتخاذ موقف واضح من مثل هذه الكارثة البيئية لكونهم يدفعون الثمن الباهض دوما دون مقابل!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |