|
سنقول للمخطيء أخطأت وللصائب أصبت
عبدالكريم الكيلاني مسارات منحنية غير مستقرة تكاد تجهض خطوات بناء العراق الجديد لنعود كما كنا, قابعين في دهاليز سنوات الضياع، ونلقي بعدها خيبتنا على شماّعة جديدة (مسلفنة) نصبغها باللون الذي نريد له أن يكون ونضع الضحايا تحت طائلة قانون جديد نصوغه بعد أن نغيير من بنود الدستور لصالح أهوائنا ورؤانا الضيقة فقد اعتدنا أن نلقي اللوم على الدستور كلما رأينا أن هذا الدستور يقف حائلا بيننا وبين (مصالحنا الضيقة) وكأن العراق حكر على شخص واحد أو حزب واحد أو فئة معينة وليذهب الآخرون إلى الجحيم، وننسى كل التضحيات والقرابين التي قدّمت من اجل تغيير النظم المستبدة المتعاقبة التي حكمت العراق لحقب طويلة, أكاد أجزم أن الكراسي تغيير النفوس والمبادئ والمعتقدات فما إن يحظى بها أحد منا إلا ويشعر بأنه الواحد الأحد، يحقّ له أن يلغي ويهمّش ويقصي ويقيم الدنيا ويقعدها دون الرجوع إلى الآخرين الذين كانوا معهم في دروب النضال والتصدي للظلم والوعود الكثيرة التي أطلقوها فيما مضى بإعادة الحقوق إلى أصحابها ونشر العدل والمساواة بين الطبقات والشرائح المختلفة والتغاضي عن العهود والمواثيق بعدم إعادة العصور المظلمة بأي حال من الأحوال، أنا هنا لا أحب استباق الأحداث ولكن من رؤيتي لواقع الحال و تصريحات بعض المسؤولين أشم رائحة غريبة لا نريد لها أن تحرق الأخضر واليابس وتعيدنا إلى نقطة الشروع، فالعراق له دستور واضح اتفق الجميع على حكمه و إدارته للعملية السياسية والنظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي فيه, وبدلا من اللعب بمشاعر الآخرين وزرع الإحباط في نفوسهم كان من الأجدى العمل وبجد على توفير الأمن والأمان لكل العراقيين عربا وكوردا, مسلمين ومسيحيين, رجالا ونساءً، شيوخا وأطفالا، فالعراق يرزح الآن تحت معرقلات ومشاكل لا تعد ولا تحصى، ففي العراق الجديد الذي يحتوينا ويظللنا جميعا, لا كهرباء ولا ماء ولا اقتصاد ولا وقود، البطالة عامرة في الأحياء والأسواق والحارات والأزقّة، والفساد الإداري يحلّق في سمائنا كنسر جارح دون أن يمسسه أحد بسوء، وعيون الإرهاب تتربّص بالأبرياء والمخلصين والمغضوب عليهم، شوارع المدن ملطخة بالخوف والتوجّس من المجهول، جسد الفن توقّف عن النبض والحياة وأصبح الفنان مستهدفا إن لم يعلن توبته ويعلّقها على جدران المساجد، الشعراء والقصاصين يخشون من سيوف الجلادين إن هم نطقوا بكلمة تعارض أفكار المجاميع الإرهابية والكثيرون منهم تركوا مهنة الكتابة وغادروا مدن الإبداع إلى صحاري قصيّة ليبتعدوا عن الأعين العور، الصحف التي تنادي للديمقراطية وتقف ضد الإرهاب تباع (من جوة العباية ) كالأفيون والمخدرات خوفا من سطوة الجهلاء والإرهابيين المرتزقة، هناك الكثير علينا أن نعمل من أجله وأن نثقّف من أجل إظهاره أو وأده . إن العراق الجديد عراق متعدد اتحادي فيدرالي، يحقّ لأصغر مكون فيه أن يشارك في القرارات التي تخص مصيره ومستقبله فالجميع متفقون على أن لا عودة للقرارات الفردية وسياسات التهميش والإقصاء، يحق للكوردي كما العربي أن يشارك في الجيش والشرطة، يحقّ له أن يكون في مراكز القرار، ويرفع صوته عاليا أن لا إقصاء بعد الآن، عراقنا واحد، وهدفنا واحد، ومستقبلنا واحد، سندافع عن حقوقنا حتى النهاية كما ندافع عن حقوق الآخرين بنفس الهمّة والقوة، ونقول للمخطئ أخطأت وللصائب أصبت، فدعونا لا ننحرف عن الطريق الصحيح وعن بناء بلد ديمقراطي عادل يحفظ للجميع حقه في العيش، ولنترك الطرق على الأبواب المغلقة التي لن تفتح أبدا، ولنبني عراق المستقبل بأيادي بيضاء ونفوس نقية فكلنا من آدم وآدم من تراب .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |