"اوباما" والمصباح السحري !

 

عبد السلام مدني

almedeni@yahoo.com

هذا ليس عنواناً لطبعة جديدة – مزيدة ومنقحة - بروح امريكية - لقصة (علاء الدين والمصباح السحري) الشرقية الشهيرة. انما هو رأيي حول انتظارات العالم وتوقعاتهم لما يمكن ان يؤول اليه الوضع بعدما تسلم باراك اوباما كرسي الرئاسة للولايات المتحدة الامريكية. لايخفى على احد ان هذه الانتخابات كانت مميزة بكل المقاييس. نوعية المرشحين ، توقيت الانتخابات، المشاركة الجماهيرية الفعالة، والشبابية منها خاصة، كون اوباما يجسد الحلم الامريكي، كونه رجل ينحدر من اسرة فقيرة ومن اصول افريقية، اسود البشرة، يترشح للرئاسة ويفوز بها، بعدما كان هذا الحلم محط تساؤل، ولم يعد اهل امريكا انفسهم يصدقون ان هذا الحلم اصبح متاحا للجميع!، كون امريكا موجودة في كل العالم تقريبا – ترغيبا او ترهيبا – برضا او بغير رضا الناس وحكوماتها - ، وجعلت العالم تمر بمرحة عنق الزجاجة باعتبارها القطب الاوحد في كل الامور، واكبر قوة اقتصادية في العالم والراعية الاكبر للنظام الرأسمالي. وامور اخرى وامور، جعلت من هذه الانتخابات محط اهتمام كل العالم، والمرشحون اصبحوا اشبه برموز وايقونات فنية او رياضية، ولهم معجبين ومعجبات في الداخل الامريكي وخارجه. في كل هذا الخضم وبعد فوز اوباما ووسط ترحيب دولي متفائل بفوزه رأيت الناس وكأنهم يرون ان اومابا لديه المصباح السحري الذي سيعالج به كل الامور. داخليا وخارجيا. (هو الرجّال نفسه قال في خطابه: يمعودين طره الشغلة مو هينة، وينرادلها وقت. والسما مو دايماً راح تصير صافية وزرقة!). فموضوع التغيير ليس بتلك البساطة التي تفرحنا عندما يأتي خطاب انتخابي حماسي يلهب مشاعرنا، العملي اصعب، والواقع له محدداته الكبيرة جدا والتي لايمكن تجاوزها بسهولة، واحيانا حتى بصعوبة لايمكن تجاوزها. (بعدين الرجّال باقي اربع سنوات – يعني حتى لو راد ينظف اللي وسّخه بوش بـ 8 سنوات ماراح يلحّق -). من جانب اخر رأيت العالم بدءاً من افغانستان والصين وروسيا وانتهاء بامريكا اللاتينية والولايات المتحدة الامريكية نفسها، وطبعا مرورا بالشعب العراقي العظيم وفلسطين ودور الجوار الاعزاء وكل حكومات المنطقة، الكل يعتقد انه الحمل الوديع، المستعد للسلام والوئام، (واللي ماكان عنده اي مشكلة ولامسوي اي مشكلة) لولا ان العمين (بوش الاب والابن) هم من (خرّب) عليهم الدنيا. وبمجيء اوباما سيغيّر امريكا، وسيغير العالم!! وتصبح (الحياة بمبي – على قول المرحومة سعاد حسني – او كما يقول المثل الكوردي – شامي شريف - ). (ادري يعني كل مايدور في العالم هو – فقط - بسبب امريكا؟!). انا اعرف ان امريكا بشعة، ولكن اليست هذه الحكومات هي نفسها التي اغرقت شعوبها في المصائب؟ اليست هذه القيادات – واحيانا الشعوب نفسها – لاني لااظن ان الشعوب من كوكب والقيادات من كوكب اخر، وكما تكونوا يوّل عليكم -  هي التي لاتعرف الحوار ولاالديمقراطية ولاالحلول السلمية ولاالتنازل عن الكرسي، واحيانا اجزم انها لاتعرف حتى السياسة، وهي بارعة في تكميم الافواه وتقطيع الاعناق والارزاق! هؤلاء الم يراجعوا انفسهم؟! هل اوباما هو من سيغير؟ وكف سيغير؟ والى اي اتجاه؟ هل هو سيزيد التنمية في بلادنا؟ هل هو سيعلمنا ان لايقتل الاخ اخاه؟ هل كنا بانتظاره حتى لانمزق البلد بناء على انتماءاتنا ومصالحنا؟ هل ان "اوباما" هو من سيقنع حكامنا ان التداول السلمي للسلطة هو من صلب الديمقراطية ؟! وكيف سيقنعهم؟ بمحاضرة؟ ام بعسكره؟ وان فعلها هل سيكون محررا ام محتلا؟ ومحرراً لمن ومحتلاً لمن؟ هل هو من سيحاسبنا على الفساد الاداري والمالي الذي غرقنا فيه الى مافوق الذقون؟!

مبروك لـ "اوباما" الفوز، ومبروك لامريكا ولشعبهم انتخاباتهم وديمقراطيتهم، والاولى بنا ان نبدأ نحن ايضا بالمراجعة بعيدا عن منهجي اللعن و الانبهار، ولنعلم جميها انه "ماحكّ جلدك مثل ظفرك".

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com