|
الانتخابات والمرحلة الراهنة
من الواضح أن الأحداث المتسارعة في العراق تمر بمنعطف تاريخي تزداد تعقيدا حسب الخارطة السياسية وما تمر به من تحديات لها دور كبير في رسم السياسة الدولية ومعالم البناء التاريخي، فسرعة الأشياء والاعتبارات تسير بما يغير من قوامها وأهميتها النسبية وربما المطلقة للاداء الأنموذجي والاستراتيجي، وهو ما يحتاج من الجميع لمزيد من الرصد والتحوط، ففي الوقت الذي نثمن فيه التعاون الدولي والانفتاح الاقليمي على العراق، نحن سعداء بالعمل الجاد الذي تقوم به بعثة الامم المتحدة لمساعدة المفوضية العليا للانتخابات وحريصون تماماً بحضور اكبر عدد من المراقبين، وهو دليل جلي ان العالم يشارك العراقيين حرصهم التام لترسيخ مفاهيم النظام الديمقراطي في العراق، ونحن أيضاً تواقون لاتخاذ الحكومة الإجراءات الأمنية المناسبة لتوفير المناخات الأمنية المناسبة لمجريات العملية الانتخابية ليبقى التنافس في إطاره السياسي أي- البرامج والمشاريع - وان لايمتد الى ما يسيء الى العملية السياسية او يعكر صفو العلاقة بين القوى المتنافسة، فان الجماهير العراقية تنتظر بأهمية كبيرة هذه الانتخابات كونها تسهم في تعزيز العملية الديمقراطية وتقنينها بشكل أوضح وإرساء دعائمها في المجتمع العراقي، فضلا عن انها ستساعد في إشراك قوى سياسية لم تتوفر لها فرص مناسبة للمشاركة في الانتخابات السابقة بسبب ظروف أمنية او غيرها. واستكمالا لمفردات السيادة الوطنية فان اﻻتفاقية اﻷمنية المثيرة للجدل مع الوﻻيات المتحدة وطريقة سير المفاوضات حولها نعتقد أن تسير ضمن الاتجاه الصحيح، وان الحكومة استلمت التعديلات، ومن المفترض ان تبدا عملية التفاوض للوصول إلى سقف يؤمن السيادة الوطنية، الأمر الذي من شأنه أن يحقق إجماعا وطنيا من خلال انسحاب القوات اﻷميركية الموجودة في العراق بعد أن تستكمل عملية تسريع تأهيل قواتنا العسكرية واﻷمنية، واستعادة السيادة الكاملة والسيطرة على كامل الملفات السياسية واﻻستراتيجية، وبالتاكيد فهذا كلّه، يتطلب وجود اتفاقية رسمية بين العراق والجانب اﻷميركي تسمح بإعادة تنظيم انتشار القوات اﻷميركية في العراق كمقدمة ﻻنسحابها من العراق بشكل كامل، لذا فإن الاتفاق مع الحكومة العراقية هو لغرض تنظيم الوجود الاجنبي وهي مرحلة مهمة لإحداث التحول في الاطار الاستراتيجي، وبالتالي ما حصل من مباحثات لحد الآن يعكس درجة عالية من الحرص الوطني لاخراج العراق من الوصاية الدولية. نحن نؤكد على السيادة الوطنية لدول الجوار والمنطقة ونعتقد اننا بحاجة الى تعزيز وتعميق هذه العلاقات وتبادل المعلومات والحرص على سلامة الحدود بالطريقة التي توفر المزيد من الأمن والاستقرار للعراق ولدول المنطقة، وهذه هي المعايير والمباديء التي نقيّم على أساسها التفاصيل الجزئية، اذ يعد انفتاح الدول العربية على العراق هو ضرورة مهمة للعراق وللدول العربية نفسها، وهو ايضاً توّاق لتعزيز ذلك الانفتاح وتبادل المصالح، كونه منشدا لبناء العلاقات المتوازنة والحيوية مع الدول العربية والعالم وبناء هذه العلاقة وتشابك المصالح وتبادلها مع الدول تعتبر ضرورة اساسية لتعزيز اطر التعاون والعلاقات الدولية والاقليمية، فان اصل التواصل مع المنظومة الدولية هو بالتالي لتبديد الهواجس والمخاوف التي كانت دوماً تمثل سلاحا عقابيا للتجربة العراقية الجديدة، وحالت دون ان تواكبه في تواصلها مع التطورات التي احاطت به، مما جعلت العديد من الدول العربية تتردد في الانفتاح على التجربة العراقية، وتتريث بطبيعة تعاملها في بناء علاقاتها مع تجربتنا الرائدة، ولاشك ان دعم دول الجوار للعملية السياسية ومشروع المصالحة الوطنية هو تاكيد دعمها ووقوفها الى جانب العراق في مواجهة الارهاب بكل أشكاله وصوره لارساء الامن والاستقرار ليضطلع العراق بدوره ومسؤولياته الدولية.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |