|
لنجعل جامعاتنا العراقية منابر علم أصيلة
عانت الجامعات العراقية، مثل غيرها من المؤسسات الحكومية والخاصة، من ضيم كبير أيام الحكم الصدامي وعاشت أياما حالكة خضعت فيها للعسكرة الأجبارية أيام المغامرات المنفلتة والأدلجة المقيتة للمناهج الدراسية، فضلا عن التصرفات الصبيانية لمن كانوا في دفة المسؤولية. وبعد أن كانت جامعاتنا في الستينيات والسبعينيات وماقبل ذلك قبلة للأنظار ومنابر حقيقة للعلم والمعرفة الثرة تحولت في الثمانينيات والتسعينيات الى مايشبه الثكنات العسكرية تولى فيها القيادة العلمية والأدارية في الجامعات من علا شأنهم حزبيا لكنهم كانوا بعيدين كل البعد عن العلم والمعرفة الحقة. وحين ولى النظام الصدامي تنفس علماء البلد الصعداء وبدأت الأحلام الوردية تغزو المخيلة المتعبة ، لكن السنوات الأولى جلبت مصائب أخرى تمثلت بتدخلات الجهلة والأميين (بأسم الدين) في شؤون الجامعات بشكل مقرف وشهدت تلك الفترة حملة وحشية ، شاركت فيها أطراف خارجية مجرمة وحاقدة ومعها أصحاب المصلحة من الداخل، أستهدفت تصفية البلاد من خيرة علماءها وأساتذتها وبدأت شمعة العلم تذوي شيئا فشيئا ، الأمر الذي أدى الى هجرة المئات من أساتذة الجامعات الى الخارج فيما هاجر آخرون الى محافظات أخرى أكثر أمنا وأنزوى آخرون في بيوتهم. أنها كارثة حقيقية!! ولانريد هنا أن نلقي اللوم على الحكومة المركزية لأن أوضاع البلاد تعقدت كثيرا بسب الأحتلال ومصالحه ومصالح مختلف الأحزاب والطوائف التي ألتقت بأنانياتها وأختلفت على وطنيتها! اليوم مطلوب من الحكومة أن توجه جل أهتمامهالهذه الصروح العلمية التي ينطلق التغيير الحقيقي للمجتمع منها؛ لابد من جعل الحرم الجامعي محرما تماما على التدخلات الأيديولوجية مهما كانت ومنع البعض الجاهل من أستثمار هذه المناسبة أو تلك لتحويل الجامعة الى منبر ممل للخطابة لايترك سوى الأثر السيء في نفوس الشباب الذين بدأوا يتذمرون من مثل تلك التصرفات غير المنضبطة ، سيما وأن دول العالم المتقدم حققت طفرات واسعة في ميدان العلم وبدأت الهوة تتسع بيننا وبينهم. نحتاج الى توفير أفضل الأجواء العلمية والتعليمية داخل أروقة الجامعات وتزويدها بأحدث الكتب والمصادر والمعدات الحديثة وفتح الباب على مصراعيه أمام الباحثين وتشجيعهم ودعمهم وتخصيص الأموال الوافية لعقد المؤتمرات العلمية المنظمة. كما لابد من أيلاء الأهتمام الكبير لبنايات الجامعات وفق أحدث الطرز والتصاميم المعمارية المعتمدة في العالم المتقدم وبناء أقسام داخلية لائقة للطلبة تتناسب وثروات العراق الهائلة. أما الملاك التدريسي في الجامعة فقد عانى الأمرين من الأهمال والتهميش ولابد من تعويضهم عمالحق بهم من حيف رهيب في السنوات الماضية . فأولا لابد من توفير السكن اللائق جدا للتدريسيين من خلال بناء مساكن تتناسب ومكانتهم العلمية ودورهم الرائد في بناء البلاد وأستقطاع المبالغ المترتبة على التملك من مرتباتهم الشهرية حيث لايزال الكثير من الأساتذة المهاجرين خارج العراق ينتظرون خطوة رائدة مثل هذه للعودة السريعة الى البلاد سيما وأنهم لاحظوا وضع الأستاذ الجامعي المتميز في أي بلد عملوا فيه فقيرا كان أم غنيا. وليعلم كل من يهمه الأمر أن الأمم لايمكن أن تتقدم بالفعل ألا بعلماءها الأفذاذ أما التصرف خلاف ذلك فيعني دون شك ألقاء المجتمع بأكمله في متاهات لايعرف عقباها ، مثلما كان حالنا على الدوام!!
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |