|
قانون العفو العام إلى مَ وحتى مَ ؟
د. مهند الحطاب كلنا يتذكر كيف زغردت أمهات المعتقلين وضحكت أزواجهم فرحا، وصفق الأطفال (بابا راح يجي بابا راح يجي ويطلعنا للألعاب...)، لكن الزغاريد والضحكات والتصفيق كلها ذهبت أدراج الرياح ولم يبقَ الا الأمل الذي تحييه بين فترة وأخرى كلمات من مثل (الله كريم وما يضيع عباده)، وكفى بالله معينا. عندما قلت في مقالات سابقة أن أغلب المعتقلين من الأبرياء سواء كانوا في السجون الحكومية أو المعتقلات الأمريكية هاجمني بعض المسؤولين وتلقيت ردودا بأني أدلس الحقائق، وما هي الا أيام حتى سمعت تصريحات نواب ومسؤولين على مستوى (رفيع في الحكومة) تؤكد براءة أغلب المعتقلين الذين اعتقلوا بطريقة المخبر السري أو بطريقة الاعتقالات الجماعية ومثالها أن يُقتل جندي في منطقة فيُعتقل على إثر الحادث – عشوائيا- مئة أو مئتان من المواطنين كبارا وشابا وحتى أطفالا من بيوتهم ويقضون السنة والسنتين والثلاث ... الاعترافات والتصريحات وحدها ليست كافية، وتضييع الوقت ليس بصالح الحكومة أولا قبل غيرها، وأحد أهم أسباب ذلك أن أطفال بعض المعتقلين لا يجدون من يرعاهم وبالتالي لا تكون سلوكهم بالشكل المطلوب وهلم جرّاً .... المشكلة الحقيقية وراء موضوع قانون العفو العام الذي سعت لاستصداره جهة معينة، أنه لم يجد صدى فعليا داخل أروقة الحكومة التي أقرته ولم تنفذه في إطار أغرب تفسير للقانون وأغرب ديمقراطية في العالم، وبعبارة أدق لم تكن هناك نوايا صادقة وراء الموافقة على هذا القانون الذي ليته لم يُقر، وذلك لأن الحزن بعد الفرحة مباشرة يسمى (نكسة)، والنكسة أشد وقعا من استمرار الألم وهو ما حدث في مسألة قانون العفو العام. مشروع المصالحة الوطنية، ومبدأ الديمقراطية، والعدالة، والقضاء على الطائفية ...كلها تقتضي تنفيذ قانون العفو العام، قانونا وعرفا وأخلاقا ودينا ومرؤة قانون العفو العام واجب، ونحن متفضلين عندما نقول (عفو عام ) والا فما حاجة البريء للعفو وأغلب المعتقلين أبرياء؟، العفو يكون عن المجرمين أما البريء فيطلق سراحه فورا ويُعوّض عن الفترة التي قضاها والأضرار الناجمة عن ذلك له ولعائلته وهذا هو المنطق السديد. ولعلنا لا نجانب الصواب ولا نبالغ حين نقول إن العالم الذي يضجّ بسبب معاملة السجناء السيئة في معتقل (غوانتينامو) إن بحث عن الحقيقة في العراق فسيجد أكثر من غوانتيناموا، وإذا كان هذا المعتقل الأمريكي مكشوف أمام الأنظار بنسبة معينة فإن في العراق سجون سرية السجناء فيها أشباه الأموات، والتي كان سجن الجادرية السري الذي اكتشفه الأمريكان على عهد باقر جبر صولاغ نموذجا لبشاعة المعاملة الطائفية التي يُعامل بها المعتقلون العراقيون في تلك السجون. وما سجن الكاظمية للنساء الا دليل آخر من أدلة المأساة اليومية المتكررة التي لم تنتهي بعد، ومن الغرائب أن إحدى السجينات أتت للسؤال عن زوجها في مديرية استخبارات الكاظمية فوضعوها في السجن وأغلقوا الباب وانتهت الإجراءات إلى هذا الحد !!!!. وبالرغم من كل ذلك فالأمل معقود بالخيرين من أبناء العراق الذي أكلوا من تمر البصرة وشربوا من لبن أربيل وارتووا من ماء الفرات وتغزلوا بدجلة أقول الأمل معقود بهم بعد الله.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |