صـــناعة العراق الجديد... المشاكل والحلول (2)

 

سهيل أحمد بهجت

sohel_writer72@yahoo.com

كيف نستطيع الوصول بالعراق إلى محطة الديمقراطية والأمان والاستقرار؟ في الحلقة السابقة تحدثنا عن النظام البرلماني المطبق في العراق وكيف أن النظم البرلمانية غالبا ما تكون ضعيفة وتعاني من مشاكل وبطأ ً في آليات اتخاذ القرار، واقترحنا كخطوة لتجاوز هذا الخلل أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية من خلال الاقتراع السري المباشر من قبل الشعب العراقي لتجاوز حالة الفئوية والمحاصصة، وإذا كان هذا الأمر قد لا يتم تجاوزه كليا إلا أنه بالتأكيد سيؤدي إلى تخفيف هذه الحالة ويمنع وصول رئيس جمهورية طائفي وعنصري قومي وبالتالي يساهم هذا الرئيس في بناء وزارة "حكومة" ذات تركيبة وطنية عالية الجودة وتقدم أفضل الخدمات فإننا ننصح بتعديل دستوري كهذا.

وتوصلنا في مقالنا أيضا إلى أن لا تلازم بين المركزية والدكتاتورية وأن هناك خيارا ثالثا كبديل عن الخيارين المرّين الدكتاتورية والفوضى!! وهوبناء دولة تعطي صلاحيات كبيرة للمركز مقابل فدراليات تمتلك هي الأخرى صلاحيات قوية لا تتداخل مع المجالات السيادية، وهذا سيعني بالتأكيد إيجاد تغيير جوهري في الدستور الذي نعاني الآن من لغته الضحلة وعباراته العامة التي يسهل تأويلها، فكل الأنظمة الفدرالية في العالم قائمة على أساس جغرافي إداري بحت، بمعنى أن أي إقليم ونظام وولاية من هذه الفدراليات لا تحمل أي هوية قومية عرقية ودينية، لاحظ معي عزيزي القاريء النظام الفدرالي الأمريكي المكون من 50 ولاية، فليست هناك ولاية وفدرالية خاصة بالهنود الحمر والإيريش "ذوي الأصل الإرلندي" والإسبان والبروتيستانت والكاثوليك والمسيحيين والمسلمين، بالتالي فإن أبواب البلد مفتوحة أمام كل المواطنين، ولا تستطيع أي ولاية من أن تمنع من دخول أي شخص بحجة الحفاظ على هوية دينية كانت أم قومية، بل إن تصرفا كهذا يعتبر جريمة وتمييزا عنصريا بين المواطنين المتساوين في الحقوق والواجبات.

أما في العراق فإن العكس هوالسائد لحد الآن، حتى إن هناك من يروج نظريا للفدراليات العنصرية والمذهبية فضلا عن التطبيق المتحقق على أرض الواقع، وهذا ما سيؤدي بالتأكيد إلى خلق صراع بين هذه الفدراليات التي تتشدق بالانتماء إلى العراق كهوية وطنية بينما هي على أرض الواقع تعمل على ابتلاع الأراضي وقضم الفدراليات والمحافظات المجاورة، والحل الوحيد للعراق للخروج من هذه المحنة تحويل المحافظات إلى أقاليم لكون هذا التقسيم الإداري غير قائم على أي أساس طائفي وقومي ونزع صفة "الهوية" عن أي فدرالية من هذه الفدراليات باستثناء الهوية العراقية، إقليم البصرة اللا طائفي والعرقي هوخير مثال ونموذج للعراق إذا ما تم تطبيقه بحيث يصبح إقليم البصرة فدرالية لكل العراقيين، وتأتي أهمية الهوية العراقية طبعا كونها أساس قيام هذه الدولة وأقدميتها من حيث الزمان وأسبقيتها على كل الانتماءات الأخرى.

الأمر الآخر الذي ينبغي للعراقيين التنبه له هوأن لا يتحول العراق إلى مجموعة أقاليم تتفاوت في القوة والهيمنة والنفوذ، فتكون صلاحيات كل الأقاليم متساوية وبغض النظر عن مساحة الإقليم وعدد سكانه، والفدرالية تعني أيضا نزع سلطة "الوزارات" عن الإقليم والفدرالية كون ذلك يتعارض وبناء الفدرالية وأن امتلاك الوزارات يعني نظاما "كونفدراليا" وليس كما هومعمول به في النظام الفدرالي.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com