تخول الاتفاقية الأمنية أمريكا نشر الدرع الصاروخي في العراق

 

د. حامد العطية

hsatiyyah@hotmail.com

حدثان في العلاقات الدولية كادا أن يبعثا الحياة من جديد في الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا، أحداث جورجيا والدرع الصاروخي، والحدثان مترابطان، وبينما خفت حدة المواجهة في قضية جورجيا لا تزال أزمة الدرع الصاروخي متفاعلة وقابلة للتصعيد ومنذرة بنتائج وخيمة على صعيد العلاقات المستقبلية بين الدولتين وحلفائهما، ولكن ما العلاقة بين الاتفاقية الأمنية والدرع الصاروخي؟ قبل التطرق لذلك من المفيد إلقاء نظرة سريعة على تاريخ أزمة الدرع الصاروخي.

في آب من هذا العام وقعت الولايات المتحدة وبولندا اتفاقية لنشر الدرع الصاروخي في بولندا، وحرصت أمريكا على التأكيد بأن الغرض من ذلك إنشاء خط دفاعي مضاد للصواريخ البالستية الإيرانية، وبالرغم من المحاولات المتكررة لوزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس لطمئنة الحكومة الروسية، قبل وتوقيع الاتفاقية، فقد عبر المسئولون الروس عن غضبهم واستياءهم البالغ من الاتفاق، وكان قد سبق للرئيس الروسي ديمتري مدفيدوف في تموز التهديد برد مناسب على ذلك، كما توعد رئيس الإركان الروسي بجعل بولندا هدفاً مؤكداً للقوة النووية الروسية بعد توقيعها للاتفاق.

عملت الحكومة الأمريكية على إتمام مخططها لنشر الدرع الصاروخي قبل نهاية ولاية بوش الرئاسية، وكانت محطتها التالية الكيان الصهيوني، الذي وافق على نصب نظام الدرع الصاروخي في موقع بصحراء النقب المحتلة، ووفقاً لما نشرته جريدة معاريف الصهيونية كان في نية الجمهوريين لو نجحوا في الانتخابات تحويل هذا الموقع إلى قاعدة دائمية للدرع الصاروخي.

وفقا للاتفاقية الأمنية يحق للطرف الأمريكي إدخال كافة الأسلحة التي يرى الحاجة لها إلى الأراضي العراقية، ولا يستثنى من ذلك سوى أسلحة الدمار الشامل، الذرية والبايولوجية والكيماوية، وبالتالي فبإمكان القوات الأمريكية الاحتفاظ بقوة صاروخية أو درع صاروخي في قواعدها أو مراكز انتشارها في العراق، ولن يستطيع الطرف العراقي الاعتراض على ذلك، فما الذي سيجني العراق من ذلك؟

عندما نصب الدرع الصاروخي في الكيان الصهيوني تخوف قادة الصهاينة من استعداء الروس، ومن الواضح بأن العراق أقرب لحدود روسيا الجنوبية من الكيان الصهيوني، وإذا كان قد سبب نصبه في الأراضي الفلسطينية المحتلة امتعاضاً روسياً فإن نشره على الأراضي العراقية سيجلب غضب الروس على العراق، وبالتأكيد ليس من صالح الحكومة العراقية إغضاب أحد أعضاء مجلس الأمن، والمخاطرة بالتفريط بدعمه في إنهاء الاحتلال وإخراج العراق من ربقة البند السابع.

من ناحية أخرى، تؤكد التصريحات الأمريكية بأن الغرض من الدرع الصاروخي التصدي للصواريخ الإيرانية لذا فمن المؤكد أن حكومة إيران الجارة ستشعر باستياء شديد من الحكومة العراقية، وستعتبر ذلك عملاً عدائياً، مثلما فعلت روسيا عند نصبه في بولندا المجاورة لها، وفي حالة حدوث أي مواجهة عسكرية بينها وبين القوات الأمريكية أو تعرضها لهجوم صهيوني فسترد القوات الإيرانية بقوة على الأهداف الأمريكية على الأراضي العراقية، مما يعرض العراق والعراقيين لمخاطر جسيمة.

بعد إبرام العراق للاتفاقية الأمنية فمن المرجح إقدام القوات الأمريكية على نشر الدرع الصاروخي في العراق، لأن المستفيد الإقليمي الرئيس من ذلك هو الكيان الصهيوني، الذي سيوفر له خطاً دفاعياً متقدماً، للوقاية من خطر الصواريخ الإيرانية، مما سيجعل من العراق حليفاً غير مباشر للكيان الصهيوني، ومشاركاً في الترتيبات الأمنية لهذا الكيان، ومن المتوقع أن يشجع الدرع الصاروخي الصهاينة على تنفيذ وعيدهم بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية، بمفردهم أو بالتعاون مع القوات الأمريكية، ولو حدث ذلك فسيعتبر العراق متواطئاً مع الصهاينة في عدوانهم على إيران.  

ما الذي سيجنيه العراق من نصب الدرع الصاروخية على أراضيه؟ استياء روسيا وعداء إيران ورضا الكيان الصهيوني وتعريض مصالح العراق العليا وسلامة أراضيه ومواطنيه لأخطار جسام، وهذا ما سيتحقق بعد إبرام الاتفاقية الأمنية.

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com