صـــناعة العراق الجديد .. المشاكل والحلول (4)

 

سهيل أحمد بهجت

sohel_writer72@yahoo.com

كيف نستطيع الوصول بالعراق إلى محطة الديمقراطية والأمان والاستقرار؟ هذه المرة سنتحدث عن حقوق المرأة في العراق، وهوحديث متشعب ويتعلق بكثير من الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدين والثقافة العنصرية والقومية، إن القيام بحملات "إعلامية" هنا وهناك ضد ما يسمى بـ"جرائم الشرف" لا يعدوأن يكون قرقعة إعلامية فارغة خصوصا حينما تتبنى أحزاب تؤمن بحكم العرف العشائري كبديل عن القانون وبالتالي هي حملات ـ تخدير ـ يتم بعدها العودة إلى المربع الأول في تفشي الجريمة وإيجاد مخرج ومهرب للقاتل المجرم الذي قتل فتاة وامرأة هنا وهناك.

والمثير للحزن والسخرية في آن واحد هوأن هناك أجهزة شرطة ـ تتبع حزبا بعينه ـ تقوم بإيجاد صيغ جنائية لتخليص القتلة من المحاسبة، فتتم تسوية وتقيد الجريمة كحادث عرضي، إما احتراق بفعل مادة حارقة وسقوط من سلم وانتحار وعبث بـ"قطعة سلاح"!! وما إلى ذلك من مهازل، إن حملات التوعية تجاه إيقاف العنف ضد المرأة لا نفع له في مناطق تتحكم بها "العقلية الذكورية" حيث تقبع هذه المرأة ـ السافرة كمظهر والمحجبة المقيدة كعقل ـ في زاوية من زوايا الحياة منتظرة أن تتعرض للأذى والقتل على يد أب وأخ وزوج لا لسبب إلا لأن العرف العشائري يأمر بذلك.

فهناك مناطق في العراق تتفاوت في هذا الشأن، ففي بعض المدن والمناطق تقل هذه الجرائم إلى الحد الأدنى، وفي أماكن أخرى حيث تكون الديمقراطية غائبة وحكم العرف العشائري والمظاهر الدينية النفاقية ـ التي لا علاقة لها بالإيمان ـ تكون هذه الجرائم في أعلى مستوياتها، وطبيعي جدا أن تكثر هذه الجرائم في ظل شرطة ومحققين لا ينظرون للجريمة بمنظار تطبيق العدالة بقدر ما يهمهم إرضاء هذه العشيرة وتلك وتخليص إبن المسؤول الحزبي وفلان الملياردير وما إلى ذلك.

لكن للحقيقة نقول أن حكومة بغداد ـ رغم بعض الأخطاء ـ تفعل أكثر مما يتوقع كثيرون، وإذا كنا نريد من الحكومة أن تنجح في إغلاق هذا الملف الشائن من أقصى الشمال وحتى أقصى الجنوب، فإن هذا يتطلب من النخب المثقفة والسياسية تقديم الحلول والعلاجات القانونية، كسد باب الذرائع أمام القتلة وأنه لا يحق لأي شخص قتل أي شخص آخر (فضلا عن كونه امرأة) بحجة ارتكابه عملا لا أخلاقيا حتى لوكان هذا الفعل حقيقة، إذ لا يمكن لأي حزب وجهة وعشيرة وشخص أن يقوم بدور القاضي والجلاد ويلغي الولاية القضائية للدولة، بينما نرى في بعض مناطق العراق تهريجا إعلاميا ضـخـما في شجب واستنكار قتل النساء بينما على أرض الواقع يتم إعفاء القاتل وتخفيف العقاب إلى أقصى حد، وهذا نفاق ما بعده نفاق، بل إن هناك من يعلن بصراحة عديمة الحياء أنه لا يجوز قتل المرأة "إلا بأذن من الحزب"، مما يعني أن مصاريف المنظمات الدولية على هذه الحملات تبذير لا معنى له لأنه بلا فائدة ولا يغير من الواقع المؤلم شيئا.
الأمر الأهم، ها هنا، هوأن المرأة في مجتمع العراق لا تملك دخلا كافيا يجعلها مستقلة عن إرادة الرجل ـ أيا كانت درجة ونوع قرابته منها ـ كما أن رجال الدين وللأسف لهم دور سلبي جدا في تصوير المرأة عورة وذات نقص وأنها بدرجة الطفل إن لم تكن أقل، كما أنهم ربطوا مصيرها ربطا محكما بالرجل وبالتالي يتحكم بمصيرها وقراراتها، فعدا قتل المرأة هناك أنواع من الامتهان والإهانة كالزواج القسري والمبكر وإبقاءها حبيسة الدار ومنعها من التعلم والحصول على شهادة واختيار شريك الحياة.

أخيرا نقول ـ أليس من المشين أن تموت المرأة من دون زواج وأن يكون هناك رجل في الستين وهوغير متزوج؟ إن قتل المرأة هونتيجة وليس علة، إنها نتيجة ثقافة وقيم مريضة وأحزاب مرعوبة من فكرة السقوط الذي حاق بأبيهم القومي صدام البعث ـ

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com