بنت الرافدين

بــــــغـــــــداد

المهـنـدس وحـــيـد شـــلال

عـشقتُ الحـورَ فيك ِ والعـذارى
وقومــا ً أسـّسـوا للـمجـد ِ دارا
بنى المنـصورُ عتبة َ كـُلّ َ مجدٍ
إذ اخــتـطـت يـداه لكِ الــمَـدارا
عـشـقـتُ النهرَ يســقي جانبيكِ
عـلـى الأيـام ِ عــزا ً وازدهـارا
فـَمـِن أقداح ِ دجلة َ وهـو صـافٍ
بغير ِ الـخـمـر ِ تحسـبـُنا سُكارى
وإن جـــاشَـتْ غـوارُبـه لأمــر ٍ
فـطـعـمُ الـمرّ َ يـصـنعـهُ إبتكارا
كـذا حــالُ الـعـراقـيـيّـنَ طـــرا ً
يُريكَ الـلـيـنَ طـورا ً والـنـِفـارا
أيا بـغـــداد أصـبـوا ثـم أنـسـى
وما انـسى لـبـسمـتـك ِ إفـتـرارا
خـيـولُ الـطـامعـينَ وإنْ أثارتْ
عـلـى بـرديـكِ في يـوم ٍ غــبـارا
فـليستْ غـير زوبعةٍ وتـمـضي
ويبقى وجهـكِ الــصافــي منارا
سلاني النومُ حتى غـــابَ عني
فـمــــا يـنــتـابــي إلاّ مـِـــرارا
تذكّرتُ الحضارة َ وهي تـضفي
على بـــغــدادِ مــن حــلـل ٍ إزارا
وأبحثُ فـي سـطـور ٍ أو نـقــوش ٍ
عـن الـمـاضي وقـادتـــهِ الغيارى
رأيتُ الـغـابــريـنَ لـهـمْ سـريـــرٌ
وهـــــارونــا ً يجـللـّهُ وقـــــــارا
يخافُ وعيده الشرقُ القــصــيُ
وتـرتـجفُ الـمغاربُ إن اشـــارا
وخـيـلُ الله فـي ارض ِ الأعـادي
لتسـقـيـهم بـكـأس ِ المـوتِ عـارا
بنو الـعبـاس ِ إذ صـالوا وجـالـوا
بركن ِ الأرض ِ وأقتحموا الغمارا
فـكـانوا الـمانعـيـن بـها جـــوارا
وكانـوا القاطـعـيـن بهـا شـفــارا
بـني الـعباس ِ هـذا الـمجــد بـاق ٍ
يــكـللُ هـــامـة َ الأحـفــاد ِ غـارا
مـلـكـتـمْ سُـدّة َ الـدنـيـا فـكـانـتْ
إمـــاءً تــقــتـنــوهـا أو أســارى
أراد الـــعـالـمـون بـكـم لـحـاقــــا
فما أجـتــنبـوا بـخطـوهم العـثارا
أيــا بـغــــداد رجـعٌ مـن حـديـثٍ
وبـعــضٌ مـنه يـمـلؤنـا فــخــارا
أينفعُ من حديثِ الأمـــس ِ شـيءُ ؟
لــقــوم ٍ يــبـتـغـونَ بــه ِ مــــثــارا
نـعـمْ إن الـحـديـثَ دلـيـلُ ســــــار ٍ
إلــى العــليـاء ِ يملـكـها إقـــتـسارا
وإن الأمُــنـيـات ِ تـُــنـالُ قــســرا ً
ومــا تــركـتْ لـطـارقـهـا خـيــارا
فــشــدّوا فــي ركــــائِـبـهـا وردّوا
حـديثَ الأمــس ِ زهــوا ً وانـتـصارا
يهونُ بسعيكمْ في الـدرب ِ خطــب ٌ
إذا رمــتـــمْ مــن الــدنـيـا كـِــبــارا
بـني قـومـي وإن الـعـلـمَ حــصـن ٌ
بــهِ نـحـمــي ونـأتـمـنُ الـذمــــارا
وأن الأرضَ يــمـلـكـهـا فـــريـــقٌ
لنهج ِ العـلـم ِ قــد رفـعـوا شــعــارا
بـنــي قـــومـي لـكـمْ مـجـدُ تـلـيــدٌ
حـبــا فـــي ظــــلـّـه دهــرٌ وســـارا
ألـسـتـم أول الـهـاديــن حـــرفـــــا ً
لـقـوم ٍ شـاركـوا والـــوحش غـارا
ألـسـتـمْ مـن شـريـعــتـكـم أنــارتْ
بـلـيـل ِ الـجـهـل ِ للــــدنـيـا فــنـــارا
أرى بـغـدادَ تـسـعــى نحــو عـلـم ٍ
لـتـقـطـفَ جـَـنـْـيَـهُ الآتــي ثـــمـارا
وتـبعثَ في نـفـوس ِ الجـيـل ِ وقــدا ً
وتـكـسـو وجـــهَ حــاضِرها نـضــارا
وتـنـشرَ فــي ظلام الـكـون نـــورا ً
وتــشـعـــل فـي رمـاد الـيـأس نارا
بـــنـي قـومي حـُماة الـضادِ سـقـما ً
تـغـلـغــلَ في عــصـائـبـنا وغـــــارا
ولـيســتْ غــيــر وحــدتـنا طـريـقـا
بهـا نشـفــــي مـصائـبـنا الـكــبـارا
عــلامَ الـخـُـلـف بـيـنـكمْ ويـجـنـي
أعـاديــكــــم بــفـرقـــتـكـم ثــمـارا
عـجـبــتُ لأمـــةِ الألــمان ِ هـَـبّــتْ
وصـاغـتْ فـي تــوحـدهـا قــــرارا
وأوربــا شـعــوبــا أو قــبــيــــــلا
تــجـمّـع رغـم هــلــهــلـةٍ ديــــارا
مَـشَـوْا للوحـدةِ الـكـبـرى خـفـافـا ً
وشـــدّوا فـــي تـــوحــدهـــم إزارا
وقــومـي عـن تـوحـدهــم أغـــان ٍ
وفــلـسـفـة يـلـوكـوهـــا إجـتــرارا
مـتـى يـوم الـتـوحــد يـا كــهــــولا ً
فـمذ خـمـسـين ارقــنـي إنــتـظـارا
وهــل أنـي أعـيـش إلــى زمـــان ٍ
أراكم فـتـيـة ً صـنـعـت نـهــــارا !!

العودة الى الصفحة الرئيسية