|
ماأشبه حماس الفلسطينية اليوم بالعراقيين بالامس ... حكاية ظلم!
حميد الشاكر أتابع هذه الايام مأزق الاحزاب والفصائل الفلسطينية وغير الفلسطينية المقاومة للكيان الصهيوني المحتلّ مثل حماس والجهاد وحزب الله في لبنان ، واتذكر تلك الايام الغوابر في زمن نظام المقبور صدام حسين وكيف كان العراقيون يصرخون بعالي الصوت مستجيرين بالعرب والمسلمين من الظلم الارهابي الصدامي الواقع عليهم ، ولكن لامن مجيب ولاحتى من متعاطف مع هذه الصرخات العراقية الحزينة فيما مضى !. وكنتُ اتسأل آنذاك وبصدق مع نفسي المدمرة حول هذه المظاهر المخزية ولماذا لايلتفت العرب والمسلمين باعتبار انهم كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى لمحنة الشعب العراقي مع نظامه السّفاك للدماء ، وهو يرى كيفية استهتار هذا النظام بكل القيم الانسانية والمعاني الاخلاقية والتعاليم والمبادئ البشرية والدينية ايضا !. فأما الشباب العراقي فقد أعُدمت ، واما الشيوخ فقد اهينت واما الاعراض فقد انتهكت واما الاطفال فقد ابيدت وهي تحمل محالم الرضاعة في فمها بعد استخراجها من المقابر الجماعية على طول ارض العراق ، فلماذا.. ولاي سبب .. وماهو مبرر السكوت العربي والاسلامي على هذا الظلم ؟. كنت اتساءل بصراحة !. كان المحيط العربي بما فيه الاحزاب الاسلامية وغير الاسلامية ترى المنكر منكرا ولاتنكره ، وترى المعروف غائبا ولاتأمر به ، بل واكثر كانت هذه الاحزاب والدول والشعوب تصفق بحرارة للنظام الصدامي البائد وتدافع بكل قوّة للمزيد من شراسته وتغوّله حتى استفرد نظام الصداميين انذاك باهل العراق واستكبر وتجبّر حتى الطغيان الاخير ، وعندها تبادر الى ذهني هذا المعنى الجريئ في داخل كياني المحطّم والمهشُّم على قارعة طرق المنافي والسجون لاقول : الا يعلم كل هؤلاء العرب والمسلمين وخاصة منهم المظلومين الظالمين لانفسهم ان الظلم اذا دام دمّر !. وأن من يرضى الظلم سياسة لغيره سيأتي اليوم الذي يعاقبه الله سبحانه بأن يتجرع كأس ومرارة الظلم شربات وآهات ، فالراضي بفعل قوم اصبح منهم !. ومضت السنين ودمّر ظلم الصداميين مابقي من بقايا الانسان العراقي بوطنه وكيانه وكل الوجود ، الى ان وصل الى ذاته نفسها فدمّرها الظلم ومزقها شرّ ممزق ، ولم يبقى من الشعب العراقي ووطنه بعد محرقة الظلم الطاغوتية الصدامية الا هؤلاء الناجون من المحرقة بأعجوبة ولكن ليس بعدُ !. فجاء الارهاب التكفيري فكمّل عليهم دورته من جديد ليطحن عظامهم ويحرق لحومهم انتقاما لذهاب طاغية وطيّ صفحة كارثية لاتريد ان تطوى الاببحار من الدماء الغزيرة تغسل الطريق الى المستقبل !. لعل الكثير منكم حتى هذه اللحظة لايعرف كيف بدأت الحكاية( اقصد غير العراقيين من القرّاء) بين صدام حسين بكل جبروته وطاغوته والشعب العراقي بكل عنفوانه وثورته على الظلم ، ولهذا ساروي لكم الحكاية لتعرفوا الشبه بين مظلومية فصائل المقاومة الاسلامية والعربية الفلسطينية بالذات اليوم وبين العراقيين بالامس !. بدأت الحكاية كما ترونها اليوم مع فصائل المقاومة الفلسطينية والعربية والاسلامية ، كمجموعات آمنت بالحرية والاستقلال وكرامة الشعب ، ولكن لسوء طالعها تحت حكومة وطغيان احتلال صهيوني شرس تسنده قوى عظمى مضافا الى مصالح من قبل دول عربية محيطة بفلسطين اقتضت ان تنفض يدها عن كل الحكاية لتعترف بهذا الكيان كشرط لبقائها في الحكم ، ومن ثم لتقتضي مصالحها اكثر من ذالك لدعم هذا الكيان الصهيوني بكل مااوتيت من قوّة لترى في قوى المقاومة الخطر الحقيقي عليها وليس الكيان الصهيوني المحتل للارض فانقلبت المعادلة تماما لحساب المعتدي الظالم على حساب تلك الفصائل الفلسطينية والعربية المقاومة المظلومة التي لا تريد الا ان تسترد حقوقها وكرامتها وتعيش كباقي البشر !. والعراقيون كانوا ايضا كذالك عندما جاء صدام حسين للسلطة بانقلابه على البكر في سنة 1979 م ، كان العراقيون يقاومون وبكل قوّة هذا الصاعد الى السلطة ليسلّخ جلد العراقيين عن عظمهم وليتاجّر بلحومهم لمصالح قوى عظمى تريد منه تصفية حسابات معقدة في المنطقة مع ايران الاسلامية ودخوله لمحرقة حرب لاتبقي ولاتذر ، عندها انتفض الشعب العراقي بوجه النظام كله لينبه العرب والمسلمين الى هذه الكارثة التي حلّت بالعراقيين وبالمنطقة العربية ، ولكن كانت العجلة قد تحركت ، ومصالح الدول الخليجية والعربية والدولية قد اتفقت على قلب رجل واحد يقول : نعم لصدام كلاّ لاي صوت حر من شعبه !. واستمر مسلسل صراخ العراقيين الاحرار والاستجارة بالعالم والنداء للعرب والمسلمين ، كما استمر صمم الاذن العربية وتزايد دعم الدول لوحشية هذا النظام والاسترخاء على جماجم العراقيين وهي تتطاير امام انظار العالم العربي والاسلامي باحزابه وفئاته الاسلامية وغير الاسلامية وهي تدعوا بالنصر لصدام حسين المؤمن !. عندها ادرك الشعب العراقي ان هناك ظلم وان هناك دمار سيزحف على الكلّ ، بمافيهم المصفقون لصدام الان !. وبالفعل ماهي الا جولة واذا بصدام يغزوا الكويت ويضرب الخليج ، ويدمر وحدة العرب وقوميتهم ويدخلهم في نفق لايستطيعون منه مخرجا حتى هذه اللحظة !. هل تعلمون من كان داخل قاعات الهتافات لصدام حسين المؤمن ؟. كانت هذه الفصائل الاسلامية الفلسطينية المقاومة في سبيل الحرية مع الجوقة العربية نفسها ، ولايعتقدن معتقد انني اذكر ذالك لاستجرار الماضي المنتهي او التذكير بما فات من حقب الظلام والارتباك العربية ؟ !. لا بل نذكر ذالك لحكمة ان الظلم عاقبته وبيلة حتى وان كان في التنازل عن قول الحق او المداهنة عليه !. نعم دارت الايام وذهب صدام ، واصبحت اسرائيل بوجودها مصلحة لنظم سياسية عربية واسلامية ، وبدأ الهتاف الرسمي العربي لاسرائيل بالحياة وبالبقاء وبحق الهيمنة ، لتجد نفسها فصائل المقاومة الفلسطينية وحيدة (كحال الشعب العراقي في الماضي ) أمام غول ودولة صهيونية كل الخيوط اليوم بصالحها تفعل ماتريد ، وايضا كحال اول ايام حكم صدام حسين للعراقيين عندما اتفقت المصالح لوجوده وبقاءه وتثبيت حكمه ضد العراقيين ، وهكذا بدأت الحكاية !. اليوم الفلسطينيون المقاومون الطالبون للحرية وللكرامة يصرخون ويستغيثون بالعرب وبالمسلمين من طغيان الظلم الصهيوني الفظيع ، ولكن لامن مجيب ولامن ناصر لهذه الفئة المغلوبة على امرها !. بل اكثر من ذالك وكما كان صراخ وألم العراقيين ضد طاغوتهم الصدامي بالامس يزعج الانظمة والحكومات والشعوب العربية والاسلامية ، اصبح وياسبحان الله صراخ واستغاثة وألم الشعب الفلسطيني في غزة بقيادة الاحرار المقاومين من حماس والجهاد يزعج الانظمة العربية والاسلامية بشعوبها وفصائلها واحزابها السياسية لالشيئ معقد الابسبب ان المصالح قد تغيرت من دعم الاحرار الى دعم الطغاة الصهاينة من قبل هذه النظم والشعوب والاحزاب العربية والاسلامية ؟. صحيح كما تدين تدان !. ان من يرضى الظلم لغيره لابد ان يعود الظلم عليه ليذيقه طعم الكأس نفسه !. اليوم كذالك ان رضينا بظلم الشعب الفلسطيني من قبل نظمنا السياسية العربية وكذا النظام الصهيوني ، فستعود الكرّة على كل من يقبل بالظلم على غيره ليذوق نفس الظلم من الصهاينة والنظم العربية لتكتمل عدالة الله في الدنيا قبل الاخرة !. أما من ينتفض للعدل ويدفع الظلم عن غيره من المظلومين وبالخصوص الشعب الفلسطيني فسيكون مصيره العزّة بلا ادنى ريب او تشكك بهذه النتيجة !. الغريب العجيب ان هناك مفارقة عجيبة اخرى بين عذابات الشعب العراقي في السابق من نظامه الصدامي الاجرامي ومحيطه العربي والاسلامي ، وبين عذابات والام الشعب الفلسطيني في غزة اليوم من جرّاء الظلم الصهيوني المستهتر وبمساندة الواقع العربي السياسي له ، وهي مفارقة ومقاربة ومقولة :(( العمالة للدول الاقليمية غير العربية ؟!.)) ياسبحان الله كان العراقيون بالامس كلما حاولوا التحرّر من نظامهم السياسي القمعي والصدامي الدكتاتوري الارهابي ،ومارسوا المقاومة له ، يقال لهم : ما انتم الا عملاء لايران الفارسية المجوسية وتستحقون كل ما يفعله النظام السياسي العفلقي البعثي بكم !. أما اليوم فالحجة السياسية العربية هي هي في معاقبة الشعب الفلسطيني وحصاره وتجويعه والمتاجرة بدمائه ، وكذا هي هي على حزب الله وعلى كل الفصائل والاحزاب العربية والاسلامية المقاومة التي تريد ممارسة التحرر من الطاغوت !. انها نفس الاسطوانه التي يختبئ خلفها الساسة العرب عندما يريدون مساندة ظلم ما ، والفرق ان بالامس كان صدام حسين هو السوط الذي ضربت به قوى الاستعمار والهيمنة الغربية الشعب العراقي الحرّ بمساندة الدول العربية ، أما اليوم فالسوط الصهيوني هو اللاعب لجلد الفلسطينيين وسلخ جلدهم وطحن عظمهم بمساندة نظم سياسية عربية وقومية تدعّي ان مشروع حماس والجهاد المقاوم في فلسطين ماهو الا عمالة لايران الفارسية المجوسية ايضا !. هل رايتم شبها كهذا في البداية وفي النهاية كالذي هو موجود اليوم بين حماس المقاومة وجهاد فلسطين وبين ماكان ومادار على الشعب العراقي بالامس ؟. اليس غريبا ان نفس التهمة التي كان يتهم بها احرار العراق هي هي نفسها يتهم بها اليوم احرار فلسطين ومجاهديها !. وهل شعر الفلسطينيون (في غزّة فحسب باعتبار ان رام الله من ضمن قائمة المساندين لظلم الصهاينة طبعا ) اليوم كمية القهر والظلم الذي كان يتجرعه الشعب العراقي من النظم والشعوب العربية عندما كان يصرخ فيعتبر ان صراخه ماهو الا دعوة للفتنة ويجب وئدها الى النهاية ؟. هانحن اليوم نرى كيف ان نظم عربية ترى في صراخ الام الفلسطينية والطفل الفلسطيني وكذا الشيخ العجوز ماهي الادعوات فتنة عربية عربية يجب التخلص منها كي لاتفضح المتأمرون الخونة على حكومات الظلم ودعم مسيرتها في الحياة العربية والاسلامية حتى وان كانت هذه الحكومة صهيونية محتلة وقاتلة !. الحقيقة لااعلم هل ان ظلم الفلسطينيين بهذا الشكل المرعب من قبل الصهاينة وبمساندة النظم العربية لهذا الكيان المسخ سيفضي الى الدمار كما حصل لنظام صدام حسين فيما مضى ؟. ام ان حال الفلسطينيين المناضلين سيكون احسن حالا واكرم عقبى ، فينصرهم الله على عدوهم بلا ان تدمر فلسطين كلها كما دمرّ العراق كله ؟.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |