|
نقابة الصحفيين العراقيين .. تهديد حقيقي لحرية الصحافة
سهيل أحمد بهجت تمثل الصحافة ومكوناتها من تلفزيون وإذاعة وصحافة لبّ الدولة الديمقراطية الحديثة، وإنضاج هذه السلطة الأولى التي تمثل مرآة الشعب لإدراك نفسه وحكومته وواقعه بكل ما فيه من مشاكل ومعوقات، هذا النضوج والتطور سينعكس حتما على الدولة والنظام ككل بشكل إيجابي، لكن إن تحولت الصحافة إلى لعبة بأيدي السلطة والأحزاب – الفاسدة أصلا – فإن الشعب سيبدأ في فقدان إمكانياته في مواجهة الفساد والقمع والتفرد بالسلطة سواء كان هذا التفرد من قبل شخص وجماعة وحتى فكرة. وللأسف يمكنني وصف "نقابة الصحفيين العراقيين" بأنها أحد أكثر الجهات تخريبا وتشويها للصحافة والديمقراطية والحرية، فالنقابة ومنذ أيام المرحوم شهاب التميمي وإلى الآن في ظل مؤيد اللامي، والنقابة تعمل على تمييع الصحافة كمهنة وإظهارها وجعلها فعليا طابورا خامسا للسلطة، وكما نعرف فإن العبد لا يمكن أن يفارق طبع العبودية، فهويستبدل سيدا بآخر وينتقل من طريقة للارتزاق إلى أخرى، وما نخشاه حقا هوأن يرسخ هذا الداء في العراق فنعاني من "العقل القديم" حتى بعد التغيير، وهذا الأمر حصل في دول الاتحاد السوفيتي السابق حيث تسلل "الشيوعيون" وأعوان النظام المنهار إلى مؤسسات الدولة المتشكلة حديثا ليكونوا نواة لدكتاتوريات جديدة، وهنا فعلينا نحن العراقيين أن نستغل التنوع الموجود على الأرض العراقية لصالح التغيير الإيجابي ومنع المرتزقين السابقين من أن يحكمونا مرة أخرى. إن زيارة بسيطة إلى موقع نقابة الصحفيين العراقيين والموقع هو: ستمكن كل زائر من اكتشاف نوعية وماهية الثقافة التي يحملها أرباب هذه النقابة، مع ملاحظة أن الموقع نفسه يظهر حجم الدعم الضخم والمشبوه للنقابة، فالديمقراطية كمصطلح وممارسة غائبة تماما غياب الموتى عن الحياة ولا كلام عن خروقات السلطة – لا المركزية ولا الأقاليم والمحافظات – والإشارة الوحيدة التي يمكننا العثور عليها هنا هوصورة الجندي الأمريكي الذي يفتش صحفيا، وكل البيانات والنشاطات الموجودة تدور في فلك النقابة ورئيسها الذي يريد تكرار تجارب الدول العربية والإسلامية وحتى تجربة النظام المقبور في جعل الصحفيين مجرد "أدباء" يناقشون الخبر والسياسة من جهة البلاغة اللفظية والنحووالصرف وما إلى ذلك من تفاهات الثقافة البائدة، ومن هنا يمكن العبور بالصحفيين ليكونوا جزءا من ماكنة الفساد الضخمة التي تتحكم بالأمور، بالتالي فإن من واجبنا الأخلاقي والوطني والإنساني مواجهة مخططات هذه النقابة الفاسدة والمعروفة بعلاقاتها مع نقابات لا تؤمن إلا بالطاعة العمياء للحاكم الأوحد والثقافة الوحيدة وتمجيد التراث. لوكانت علاقات هذه النقابة مرتبطة بدول عريقة في الديمقراطية وحرية التعبير والتطور مثل أمريكا وبريطانيا وألمانيا، لكان لنا موقف مختلف تماما، لكن حينما تكون مؤسسة ما كنقابة الصحفيين – وهي كمؤسسة تهدد الحريات الصحفية إن تسلل إليها من لا يؤمن بالحرية – على علاقة قوية بدول كالإمارات ومصر واليمن وليبيا والبحرين وغيرها، وهي الدول المعروفة بخرقها لأبسط حقوق الصحفيين بل واضطهادهم واعتقالهم وتمويل ودعم المرائين والمتملقين والمنافقين لذوي السلطة والنفوذ، فإننا بالتأكيد نضع ألف علامة استفهام حول هذه النقابة وممارساتها، وأنها بالتالي لا تملك أي حق في أن تتكلم بالنيابة عن الصحفيين، بل وتحاول أن تخاطب الحكومة والجهات المسؤولة المحلية والدولية كناطق رسمي و"وحـيد" للصحافيين، من هنا نطالب الحكومة العراقية والبرلمان في عدم حصر التمثيل للصحفيين بهذه النقابة كون هذا الأمر يشكل تهديدا حقيقيا لحقوق وحريات الصحفيين. وبالعراقي نقول لهذه النقابة أن تمثيلية – محاولة اغتيال اللامي – لن تنفعكم وبكلمات عراقية نقول: "روحوا دورولكم على غير شغلة" تسترزقون منها، فترتيب الكلمات وتسفيط الحكي لن ينفع أحدا في أن يظهر نفسه كصحفي، وإذا كانوا نجحوا مؤقتا في خداع بعض أبناء الشعب العراقي الذي بدأ للتويتعلم من الديمقراطية، فإن هذا لن ينفعهم في المستقبل، وعلى الصحفيين عمل كل ما يلزم لخلق نقابة جديدة يؤسسها ديـمقراطيون إنسانيون عراقيون حقيقيون يقدسون الصحافة كتجلي للحرية وكرامة الإنسان.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |