|
سوق الشيوخ مدينّة الحب والثأر والتأريخ .. دراسة أجتماعية
حميد الشاكر
(( توطئة )) لسوق الشيوخ هذا القضاء الجنوبي الصغير المنتسب لمحافظة ذي قار، والداخل بعنف كعنق طويل في عمق الاهوار والبساتين النخلية الكثيفة، أكثر من بعد معنوي وانساني وتاريخي ووجداني ... لدى اهله الاصليين والقاطنين في جنّته الخيالية وربما ايضا شكلت مدينة سوق الشيوخ معنىً مختلف للزائرين والمارّين مع الزمن والتاريخ ليطأون ارض سوق الشيوخ الطينية المرنة التي كانت في يوم من الايام هي نفس الطينة التي نقش عليها الانسان السومري اول حروفه المضيئة للبشرية جمعاء !. ففي جوانب هذه المدينة المسماة قضاءا لاضفاء طابع الكبر الذي لايمكن ايجاده في الواقع على حجم سوق الشيوخ، يوجد الكثير من الالغاز والاساطيروالحكايات والاسرار والآهات والقصص والخرافات ....، وكذا في عمق هذه المدينة الهادئة والصاخبة في الآن الواحد معا يوجد الكثير من الطلاسم والتاريخ والتساؤلات، وكذا هي الاحزان والافراح والانسانيات !. وفي البدأ هي (مدينة ومدنّية) من حيث انها جمعت ماتتمتع به او ماتتصف به باقي الحضارات من ادوات متنوعة تتبلور في طبقات واصناف البشر المتلونة والمهارات والصناعات الصغيرة المتعددة ايضا، وكذا مختلف السلوكيات والاداب والعقليات المتميزة، وبما فيها الادبيات والموسيقيات والنسويات والخمريات والجماليات ......... وباقي ماتحتاجه اي مدينة حضارية متمدينة، ولكن حجمها المضغوط بقوة من قبل الجغرافية والطبيعة لايكاد يعطي ابعادا واسعة للباصرة والناظرة الانسانية الزائرة لها بسرعة لترى الوسع الحقيقي لهذه المدينة والمدنيّة بنفس الوقت، ولهذا اشتهر عن مدينة سوق الشيوخ ان(( أسمها اكبر من حجمها بكثير))، باعتبار ان لهذه المدينة شهرة ادبية وفنية واقتصادية وسياسية... ربما لاتتمتع به الكثير من مدنّ العراق ومحافظاته الكبيرة والصغيرة، مع مابها من صغر جغرافي يكاد يذرعها اي سائر على قدميه كلها بنصف ساعة من المسير على الاقدام في قلب مدينتها المائية القديمة، وعلى هذا تأتي الاسألة التي تميّزوميّزت مدينة سوق الشيوخ كاحد المدن التي جاورت تلال مملكة سومر في يوم من الايام، لتأخذ من المملكة الامّ التشبث بالتاريخ وعدم الترحيب بالموت من جهة، ولتأخذ ايضا منها أسرارها وخفاياها ومعالمها وثناياها ..... لتفرض مدينة سوق الشيوخ على اهلها التساؤل ربما بنوع من الحيرة والتعجب ب : ماهو السرّ في هذه المدينة الذي يعطيها ويهبها الرائحة واللون والطعم المختلف عن باقي المدن العراقية وبالخصوص عند سكانها الاصليين ومن بناتها الفعليين في العصر الحديث ؟. ولماذا هي كلما تقادم الزمان وذهبت اقوام وجاءوا اخرين يبقى اسمها اقوى ممن جاء وذهب عنها ؟. ثم ماهو الطلسّم مثلا الذي يجعل مدينة صغيرة تكاد تكون قرية متمدينة تنال كل هذه الشهرة والصيت الذائع ربما لانغالي ان قلنا ليس في العراق وحده بل وخارجه ايضا ؟. هل بسبب شعرائها وادبائها ومثقفيها وكوادرها العلمية وعلمائها ..... تفوقت مدينة سوق الشيوخ صيتا حتى على اقرانها المجاورين والبعيدين عنها ايضا ؟. أم بسبب عشائرها وكثرة التكتلات القبلية حولها وحزام التعوصب داخلها نالت سوق الشيوخ شهرتها ؟. ام ان الاسباب لاهذا ولاذاك، بل بسبب تجارّها وتجارتها (( كان جدي المرحوم الحاج عبيد الراشد احد تجّار هذه المدينة الغريبة وله عدة دكاكين في سوقها القديم لبيع الشاي والسكر والرز والدهن و التبغ ...)) واسواقها وماتستقطبه هذه المدينة من حركة اقتصادية ليس فقط لمحافظة ذي قار فحسب، ولكن لمجمل العراق باعتبار ان سوق الشيوخ مركز تجاري قُطب في التجارة النهرية للعراق فيما مضى وربما حتى اليوم ولهذا كانت مدينة سوق الشيوخ مشهورة بهذا الصيت ؟. نعم هناك من يرى ان سبب تفرّد مدينة سوق الشيوخ بهذه الشهرة الواسعة بسبب تنوع هذه المدينة السكاني الذي استقطبته مدينة سوق الشيوخ تاريخيا كأحد المدن الحضارية الصغيرة النادرة في العراق، ومع ان سوق الشيوخ قرية مكبّرة قليلا الا انها استطاعت ان تجمع اكثر من دين ( مسلمين سنة شيعة و صابئة ويهود فيما مضى وبقايا افراد من مسيحيين حتى اليوم ) واكثر من قومية ( عرب ايرانيين اكراد تركمان ) مما اهلها لان تكون مدينة مختلطة فريدة من نوعها بين المدنّ ؟. في الحقيقة ومن وجهة نظري المتواضعة لمدينتي سوق الشيوخ فانني ارى ان كل هذه الاسباب والعوامل هي داخلة في الاجابة على سؤال : لماذا مدينة سوق الشيوخ مختلفة ؟. ومن الغبن لهذه المدينة الحضارية الصغيرة ان يذكر سبب واحد وتترك باقي الاسباب المساهمة في بناء اسم سوق الشيوخ وذيع صيتها في العراق وخارجه، فليس من الصحيح ان نذكر شعراء ومثقفين واطباء ودارسين من ابناء سوق الشيوخ كأسماء لافراد وعوائل لنقول ان سوق الشيوخ مدينة الشعر والشعراء فحسب او ان سبب شيوع وذيوع اسم سوق الشيوخ هم شعرائها او ادبائها او علمائها المذكورين بالاسم لاغير، وكذا ليس من العلمي ان نقول ايضا : ان سوق الشيوخ مدينة العشائر والقبائل والعصبة والتحالفات فحسب، وما سبب شهرتها واسمها اللامع الا تكتلاتها القبلية وروحياتها القتالية والعصيانية فقط ؟!. لا .. لايكفي ذالك فقط بسبب ان كل ذالك لايفي لكل المساهمين في بناء هذه المدينة حقهم مضافا الى ان هذه النظرة او الرؤية هي رؤية محدودة تماما في الدراسات الاجتماعية التي تريد ان تؤرخ لوجود مدينة بعمق تاريخ مدينة ووجود سوق الشيوخ !. نعم للتجّارايضا نصيب في بناء اسم سوق الشيوخ ورفع اسمها عاليا، وكذا ماتميزت به هذه المدينة من تنوع ديني واثني وعرقي اضفى عليها الحجم المعنوي الاكبر بكثير من حجمها الجغرافي، وبعد هذا يأتي الجانب الثقافي ومن ثم الجانب العشائري ليكون لدينا مربع كامل نُرجع له الاسباب الحقيقية التي رفعت واحيّت من مدينة سوق الشيوخ على مدى عقود وقرون متطاولة من الزمن، وعلى هذا نكون قد وضعنا الخطوط الاجتماعية العريضة لاي دارس يريد فهم لغز مدينة سوق الشيوخ القديمة والحديثة بروح علمية اوسع بكثير مما نقرأه من مقالات ودراسات هنا وهناك تتناول تاريخ مدينة سوق الشيوخ !. صحيح ان هناك من يرى ان عاملا خامسا داخلا في معادلة بناء شهرة المدينة الصغيرة هذه الا وهو العامل السياسي الذي يعتبر من من بناة حيوية مدينة سوق الشيوخ واسمها العالي الصوت مضافا لما تقدم كله باعتبار انه عامل ومنتج طبيعي ايضا لمواقفها السياسية الشجاعة التي تبلورت في عدة مفاصل تاريخية مهمة من تاريخ العراق القديم والحديث، مما يعني ان هناك مساهمة مشتركة من كل المكونات الاجتماعية في هذه المدينة خلقت الموقف السياسي المتحرك في سوق الشيوخ والذي قدمها للعراق وللخارج العراقي على اساس انها مدينة التمرد والثورة والحركة والقلق للدولة وللحكومة، وهذا ايضا سبب خامس بالامكان اعتباره من الاسباب الاربعة الانفة الذكر التي جعلت من سوق الشيوخ مدينة مختلفة الرائحة والطعم واللون العراقي الاصيل !. أما ان اكدنا على جانب من جوانب الاجتماع المديني لسوق الشيوخ، كأن يكون الجانب الثقافي والادبي الشعري لهذه المدينة، ونسينا الجانب التجّاري وتجّار واقتصاديي هذه القرية الكبيرة والذي لولا وجودهم لايكون وجودا للمدن والمجتمع اصلا، او ركزنا على الجانب العشائري لدراسة التكوين المديني الاجتماعي، وأهملنا في المقابل الجانب المتنوع لاهل المدينة او الغير منتمين اصلا للعنصر العشائري العربي ...، فقد نكون بذالك قد هدمنا ركن اصيل من بناء المدينة الحضارية التي من اهم صفاتها التنوع والتي ميزّت مدينة سوق الشيوخ عن غيرها !. نعم لامدينة لها رمزية وطلسمية وروحية ومعنوية سوق الشيوخ ان كان فيها اهمال التنوع غير العربي وكذا اهمال باقي الديانات الاخرى والاصول والاثنيات المتعددة في هذه المدينة التي لولاهذا التنوع لما كان لسوق الشيوخ هذه الميزة التي قدمتها على باقي المدن والتي على اساسها نحن نرى معنىً لدراسة مدينة بصغر سوق الشيوخ، كما انه لامدنيّة باهمال الجانب الثقافي والشعري والموسيقى، وكذا التجاري وهكذا السياسي والاخر العشائري !. وعلى هذا ادعو اليوم وارجو ان لاتكون دعوة متأخرة جدا جميع اهالي ومثقفي وتجّاروسياسيي وعشائر وتكتلات المجتمع في سوق الشيوخ للحفاظ قدر المستطاع على هذا التنوع الحضاري الديني والاثني والثقافي، الذي ان ذهب وتلاشى فان مدينة سوق الشيوخ المدنّية ستموت حتما ولايبقى لها اي ميزة اجتماعية تجعلنا نفتخر بان هذه المدينة على صغر جغرافيتها المنظورة الا ان لها اسما ممتدا وواسعا اينما ذهبنا قرأنا او سمعنا صداه يتردد في الاصقاع البعيدة من ارض الوطن !. الخلاصة : ان هناك خمس عوامل اجتماعية نرى انها هي الاسباب الحقيقية والجوهرية الذي جعل من اسم مدينة سوق الشيوخ اسما مميزا بين المدن العراقية، وهي : اولا : التجّار والموقع التجاري لهذه المدينة. ثانيا : المثقفين والشعراء والادباء والعلماء . ثالثا : العشائر والقبائل . رابعا : التنوع الديني والاثني والقومي لهذه المدينة . خامسا : المواقف والحراك السياسي لابناء هذه المنطقة . ولانرى بعد هذه العوامل والاسباب الخمسة أي معنى عندما نكتب عن تاريخ هذه المدينة ان نذكر فقط افرادا هنا من الشعراء وهناك من العلماء او اخرين من العشائر .... لنرمي عليهم ثقل بناء اسم هذه المدينة العريقة، فالمدن المؤثرة الاجتماعية لايستطيع افراد فيها لوحدهم او تكتلاتها منفردة ان تصنع تاريخ مدينة كمدينة سوق الشيوخ !. نعم ان البناء والتاريخ المديني للمدن لايأتي الا من خلال تظافر جهود جماعية متكاملة، ومن العامل الحرفي البسيط الذي بنى اول اساس لبيت في سوق الشيوخ، الى التاجر الذي جلب بضاعته لهذا التلّ الطيني المرتفع الذي سميّ فيما بعد قضاء سوق الشيوخ، الى اول من ادخل ورقة وقلم لهذه المدينة، والى زعيم القبيلة الذي استوطن هذه الارض بعد انكشاف المال عن مهابطها الزراعية، وحتى الموفد السياسي الذي جاء من نجد او من الحويزة او من مركز الدولة في بغداد .... كل هؤلاء هم اصحاب الفضل في وجود سوق الشيوخ اليوم مع اسمها الجميل ايضا . **************** (( 2 )) جغرافية سوق الشيوخ الطبيعية يمكننا القول ان جغرافية سوق الشيوخ الطبيعية هي المؤسس الحقيقي للتكوينة السكانية والطبقية الانسانية والاجتماعية لهذه المدينة الصغيرة، فهذه الجغرافية وان درسناها على اساس انها اكثر من مجرد جهات تحيط بالمكان فسنجد انها شبيهة برحم الامّ الذي يكوّن الجنين ليخرجه للحياة بمواصفات معينة، وهكذا الجغرافية الطبيعية هي الرحم الذي يتكوّن في داخلها اي انسان منّا ويلتقط صفاته الاخلاقية والتربوية من هذه الجغرافية فيما بعد، فأبن الاهوار هو ليس نفسه ابن الصحراء والبداوة، وكذا ابن الشمال والمدينة ليس هو ابن العشيرة والنخيل .... وهكذا لكل جغرافية انسانها الخاص بها وأبنها البار والوفي لتراثها وتربيتها الجغرافية والطبيعية، ومن هنا فنحن عندما نريد معرفة التركيبة السكانية في مدينة سوق الشيوخ لابد لنا من الرجوع الى المحيط الجغرافي الطبيعي المحيط بهذه المدينة اولا، وثانيا الرجوع للتأريخية الجغراقية لندرك الازمنة الحديثة التي خلقت لنا هذه المدينة المسماة سوق الشيوخ اليوم ثانيا، باعتبار ان هوية هذه المدينة من الاسرار والطلاسم التي لايفك شفرتها الا معرفة تاريخية هذه الجغرافية وكيفية تدخلها بتشكيل مجتمع سوق الشيوخ المديني او المدنّي الذي انبنى على اساس هيئتها الطبيعية، فليس لنا المعرفة الحقيقية بحي او شارع او زقاق او محلّة (( النجادة )) مثلا اذا لم ندرك تاريخ الجغرافية التي انحدر منها هذا القسم من الناس، وكذا لايمكن معرفة طبقة التجّار واصحاب الشمال في محلة (( البغادة )) التي كانت مقرا لعائلتي الصغيرة في هذا القسم الجغرافي من مدينة سوق الشيوخ اذا لم ندرك التاريخ الجغرافي الذي نسبت له هذه المحلة اسميا، وهكذا الحويزة في سوق الشيوخ، ومحلة الحضر، باعتبار ان هذه المحلات الاربعة هي التي اسست مدينة سوق الشيوخ الحديثة اليوم، وهذا قبل جفاف مياه الاهوار العالية وظهور اراض جافة صالحة للبناء والتوسع فيما بعد لتبني بعد ذالك باقي احياء ومحلات سوق الشيوخ الجديدة كمحلة الاسماعيلية الواقعة في المنحدر الغربي لهذه المدينة ... وهكذا !. نعم على هذا المستوى من الوعي ودراسة التركيبة الاجتماعية لسوق الشيوخ لايمكن فعل ذالك الابمعرفة التاريخ والواقع الجغرافي المحيط بالمدينة لنفهم فيما بعد لماذا مدينة سوق الشيوخ الذي نعرفها نحن مختلفة ومتميزة بتركيبتها الاجتماعية التي اختلفت بقدر اختلاف وتناقض وصراع جغرافيتها المحيطة بهذه المدينة على الحقيقة !. ******* تقع مدينة سوق الشيوخ للغرب الجنوبي لمحافظة ذي قار على مسافة خمس وثلاثين كيلومترا على التقريب وفي جنوب المدينة وشرقها وجزء لابأس من غربها تحيط الاهوار والمياه وغابات من النخيل التي مع الزمن تأكلت شيئا فشيئا بسبب الاهمال والتوسع في البناء من كل جانب حتى وصولا الى اهوار وانهار جنوب العراق وشرقه الى ايران وما انكشف عن غربها، وفي غرب مدينة سوق الشيوخ مابعد مستنقعاتها المائية تزحف عليها الصحراء والبادية الممتدة حتى ونجد والحجاز من الديار المقدسة وكأنما كُتب لهذه المدينة الصغيرة ان تقع بين فكي حرب الصحراء والبادية من الجهة الغربية، وحرب المياه والانهار والخضرة من جانب الجهة الشرقية والجنوبية من جانب آخر، ولشمالها حيث الصعود الى الاعلى طريق واحد يصل بين سوق الشيوخ ومحافظة ذي قار السومرية التاريخية، ولتصعد مدينة سوق الشيوخ من خلال هذا الطريق الى رحاب الشمال العراقي كمتنفس لهذا العنق المخنوق بين الاهوار والصحراء في الجنوب والغرب والشرق أما من ناحية الشرق بالتحديد فطوفان من المياه الموصلة الى اهوار العمارة والقرنة ومن ثم الى ايران الخصبة والغنية بالثروات الارضية الهائلة والمزعجة ايضا بخنق الهواء الرطب مع حرارة الجو المبخّرة لمياه الاهوار على مدار اشهر عديدة من السنة مما يسبب وخمة ضاغطة على التنفس الانساني الطبيعية، مايعني انعكاس طبيعي على انسان هذه المستنقعات المائية يظهر بشكل اخلاقي ونفسي وروحي وفكري ايضا !. *********** ((3)) جذور التركيبة السكانية لسوق الشيوخ ان هذه الجغرافية المعقدة لمدينة سوق الشيوخ والمتناقضة فيما بينها في احيان كثيرة، ربما هي احد مشكلي الاسرار لهذه المدينة والمدنّية الصغيرة والفقيرة ايضا، بل وهي ان اردنا النظر بعمق للتركيبة السكانية في هذا الحيز الانساني من مدينة سوق الشيوخ احد بناة الانسان في هذه المدينة، الذي قسّم طبقات هذه المدينة وامزجة اهلها الفكرية والروحية والنفسية بشكل عجيب وغريب، وعلى الشكل التالي : *********** اولا: (( البغادة )) البغادة هي المحلة التي تقف في قلب مدينة سوق الشيوخ من القسم الجغرافي الشمالي لمربع المحلات الاربعة في هذه المدينة والتي سنذكر الثلاثة الباقية منها تباعا، وقد اختلف اهلها والمؤرخون ايضا لمدينة سوق الشيوخ حول الجذور الطبيعية والانسانية التي شكلت سكان هذه المحلة من محلات سوق الشيوخ القديمة، ولكن يبدو ان هناك اجماع ساذج وغير موثق او علمي، يقول ان سكنتها هم من الذين توافدوا من العاصمة العراقية بغداد وقطنوا في هذا الجزء الحيوي من المدينة، ولهذا سميت هذه المحلة بمحلة (( البغادة )) نسبة ً الى بغداد !. والحقيقة ان سكنة هذا الحي القديم والاساسي لمدينة الحب والثأر والتاريخ سوق الشيوخ هم ليسوا من الخلّص من اهل بغداد على التحديد، وهذا من منطلق ان تاريخ العوائل التي سكنت هذه المحلة عند تاسيس سوق الشيوخ الحديث ينحدرون من مدن شمالية بالنسبة لسوق الشيوخ مختلفة، فمنهم مٌن يرجع بجذوره للموصل واخرين من بغداد بالفعل وهكذا فيهم من يذكر تاريخه على اساس انه من منحدرات أمارات الحلة القديمة، وحتى من السماوة والنجف .... وباقي مدن العراق التي تعتبر شمالية بالنسبة لسوق الشيوخ !. ولعل الاقرب الى اعتقادي في تسمية هذه المحلة بمحلة البغادة ( وهو رأي اجتهادي ) هو ان سكنة سوق الشيوخ القدماء كانوا يسمّون كل آتي من شمال هذه المدينة هم من البغداديين، اي الاتين من جهة بغداد العاصمة، وايضا لعل في هذه التسمية هناك من الرمزية التي تريد ان تشير الى ان سكنة هذا الحيّ او المحلة في هذه المنطقة هم من التابعين لجهة الدولة العراقية والتي كانت انذاك تحت الحكومة العثمانية التركية فيما مضى من تاريخ العراق، ولهذا فقد قيل لكل منحدر من الشمال في سوق الشيوخ انه من البغداديين فسميت المحلة بالبغادة !. كما ان لهذه التسمية التي اطلقت على اقدم محلة من محلات سوق الشيوخ الاربعة دلالة اجتماعية اخرى، ربما لم تكن بعيدة الغرض ان اردنا فهم لماذية التسمية لهذه المحلات بهذه التسميات، وهي دلالة ( الترف ) الطبقي لهذه المحلة فيما مضى، فمعروف في تاريخ سوق الشيوخ الحديث ان هذه المحلة كانت محل سكنى التجار وطبقة الاغنيار وميسوري الحال، وهذا يدلل على ان هذه الطبقة التجارية كان اهالي سوق الشيوخ ينظرون لها على اساس طبقي مناطقي لايبعد ان تكون فيه غمزة الطبقية المناطقية، باعتبار ان اهل البغادة ولما يتمتع مكانهم الجغرافي من تميز ونسبتهم الى بغداد عاصمة العراق التاريخية وصلاتهم بالتجارة واسفارهم في مناطق العراق المتعددة .... كل هذا جعل من اهل سوق الشيوخ ينظرون الى محلة البغادة على اساس انها محلة الطبقة التجارية التي لها علاقات بحكومة المركز العراقي .... وهكذا !. وهكذا نفهم من خلال تسمية هذه المحلة ودلالة هذه التسمية : ان محلة البغادة كانت الضلع النازل من بغداد بما تحمله بغداد من اسم ومن حكومة ومن ترف ومن تمدن ومن مال ومن عيون للدولة ..... الى الوصول الى ان كل نازل من سكان محلة البغادة من سكنتها من شمال مدينة سوق الشيوخ كانوا يسمّون بالبغادة بهذا الاعتبار، ولكن هذا لايعني ان المحلة كل سكنتها من التجّار واصحاب المهن الاقتصادية العالية من منطلق ان سكنة هذه المحلة هم من الخليط الطبقي الاقتصادي المختلف، ولكن الذي جمعهم وميزهم في مدينة سوق الشيوخ انهم من اهل الشمال الذي انحدروا ليسكنوا في تل سوق الشيوخ ويأخذوا لهم موطأ قدم يجمع كل شتاتهم تحت مسمى واحد هو البغادة، ومن ثم لتكون وظائف بعض البيوت من هذه المحلة هي التجارة !. نعم لاوجود لتواريخ محددة تذكر بالتحديد متى تشكلّت هذه المحلة والمحلات الاخرى، باعتبار ان الزمن هو الذي شكل كل هذه المدينة بشكل طبيعي وتلقائي، لكنّ ماهو مذكور بشكل اكيد هذه التسميات التي نستوحيها كي نعرف تاريخها ولماذا هي اختلفت عن باقي محلات سوق الشيوخ هذا !. ************ ثانيا : (( النجادة )) من البادية والصحراء ونجد والحجاز وقساوتها واخلاقياتها في الغزو والعنف، صعد مجموعة من الناس غربا حتى وصولهم الى شريعة الاهوار في منطقة الخميسية من سوق الشيوخ، لتشكّل هذه الفئة من الناس فيما بعد جزء من مكونات سكان سوق الشيوخ البشرية و القاطنين في هذه القرية الكبيرة نوعا ما، ليصبح حيّ من احيائها خالصا او محلة من محلاتها خالصةً لاهل نجد ولتسمى المحلة بكافة مكوناتها بمحلة (( النيادة بلغة العامة من اهل السوق او النجادة )) وهم فئة من العرب المسلمين السنة المتمذهبين فيما مضى وحتى اليوم على المذهب الحنبلي ايضا الذين وفدوا من الصحراء والبادية النجدية لهذه المدينة النهرية ابتغاء هدفين اساسيين لهذه الفئة من الناس : الاول : الهدف الاقتصادي . في التجارة والمبادلة والتبضع والتسوق والتزود باسباب القوت من تمور ورز وطحين ...... وباقي مايجلبه تجار سوق الشيوخ وماتنتجه المدينة محليا، ومبادلته ببضائع البادية بالابل والماعز والخراف وباقي انتاج واستهلاك البادية المعروف من الصوف والجلد وغير ذالك واعادة تصدير هذه البضائع للبادية، مما جعل او دفع هؤلاء البوادي ومع الزمن والتردد على مدينة سوق الشيوخ من التفكير بأتخاذ سكنى لهم ومواقع للاستقرار في هذه المدينة فخُلقت محلة النجادة لهم فيما بعد وتم استقرارهم في هذه المحلة بانعزال طبيعي لاهل نجد عن باقي مكونات سوق الشيوخ الاجتماعية فيما مضى حسب طبيعة المدن الاسلامية في تقسيم اهلها !. والثاني : الهدف السياسي والديني : وهو واضح من خلال مانقرأه عن وفود سياسية استطلاعية كانت تنطلق من امارات ومشيخات الجزيرة العربية لتصل الى منطقة الخميسية ( الخميسية منطقة تقع في جنوب غرب سوق الشيوخ محاذية للبادية ويفصل بينها وبين مدينة سوق الشيوخ مياه من الاهوار على بعد سبعة عشر كيلو مترا ) لتستقر فيها استقرارا اوليّا ثم لتزحف لمدينة سوق الشيوخ، وكان جلّ سكنة محلة ( النجادة ) يفدون عن طريق هذه المنطقة التي كانت أمارة صغيرة أقامتها عائلة العقيلات برئاسة الشيخ عبدالله بن صالح بن محمد الخميس، في سنة 1303 ه / 1881 م / والذي سميّت الامارة باسمه، وهو رجل من نجد هاجر من قريته القصيعة التابعة لمدينة بريدة ليستقر بهذه المنطقة بحماية شيوخ المنتفك من ال سعدون، وكان لهذا الرجل صلات مشهورة مع الملك عبد العزيز ال سعود ومراسلات ذُكرت في التاريخ، ويبدو ان له اكثر من وظيفة في هذه المنطقة من العراق، ولاسيما ان ادركنا ان ال الخميس كانت لهم ايضا صلات مشهورة مع الانجليز في ايام الاحتلال الانجليزي للعراق وكان اول مذياع انجليزي موجودا في هذه الامارة قبل وجوده حتى في سوق الشيوخ وقد استمعت سكرتيرة المندوب السامي البريطاني منه (كريتد بل) اخبار لندن باللغة العربية في الخميسية سنة 1916 م !. ويذكر ان اول جامع بنيّ في الخميسية كان هو الجامع الذي شيده الشيخ فالح السعدون شيخ قبائل المنتفك في عام 1305هـ، 1883م وتم إنشاء مدرسة تدُرس بها مبادئ العلوم الدينية على مذهب الشيخ أحمد بن حنبل وجُلب الشيخ علي العرفج من أحد البيوت الكريمة من منطقة القصيم للتدريس والإفتاء وأقام الشيخ هناك حتى توفاه الله في عام 1328هـ، 1910م، فحضر شيخ آخر من القصيم هو الشيخ إبراهيم الجاسر قاضي بريدة حينذاك ليقوم بوظيفة الإفتاء والتدريس واستمر الشيخ في عمله حتى توفاه الله، فحضر بعده الشيخ بن سويلم من القصيم للقيام بمهمة الإفتاء والتدريس أيضاً !. وكل هؤلاء المذكورين انفا كانوا على صلة وثيقة بمدينة سوق الشيوخ حتى ان بيت العرفج علم من اعلام واثار سوق الشيوخ الباقية لهذا اليوم !. *************** ثالثا : (( الحويزة )) ومن الانهار والاهوار والشرق والجنوب الشرقي تكونت طبقة سكانية نهرية في سوق الشيوخ تمددت من الشرق منحدرة من ايران الاحوازية العربية لتستقر في هذه المدينة ايضا ومن ثم لتأخذ لنفسها هوية جغرافية تبنى على اساسها منطقة تسمى فيما بعد بمحلة (( الحويزة )) نسبة الى الاهواز الايرانية العربية اللغة، ففي هذه المحلة من مدينة سوق الشيوخ تكونت بواكير تجمعات غير عربية الجغرافيا كانت ترى ( ربما وحسب اعتقادي ) ان مدينة سوق الشيوخ هي ممرا صالحا وقريبا يربط بين الحلقات الجغرافية الطبيعية التي تربط بين ايران والعراق ولكن من جانبه الاخر الممتد مع نهر الفرات صعودا بصورة خاصة، ولهذا كانت مدينة سوق الشيوخ هي المحطة الجغرافية التي رأى فيها الايرانيون الحويزاويون فيما مضى من الزمان الغابر انها صالحة كمحطة راحة ومتنفس بعد السفر المضني والقاطع لوعورة الاهوار الشرقية الممتدة من ايران حتى الوصول لعنق سوق الشيوخ الجغرافي الذي يكون هو المنفذ للانطلاق للشمال العراقي المنفتح الذي يبتغي فيه الايرانيون الصلة مع العراق وفي ذهنهم هدفين اساسيين : اولا: شؤونهم الدينية في زيارات ائمة اهل البيت عليهم السلام وكذا التجارة وباقي الشؤون الايرانية العراقية الاجتماعية على مدى التاريخ. وثانيا : يدرك الايرانيون السياسيون ومنذ غابر التاريخ ان العراق صرّة العالم الاسلامي وجمجمة المنطقة ودرّة الشرق بلا منازع، فهو بلد من الاهمية السياسية والجغرافية والاقتصادية بمكان بالنسبة لايران لايمكن اغفال التعرّف على احواله واقامة الصلات السياسية مع اهله، وكما فعل النجديون فيما سبق في اخذ موقع قدم لهم في منطقة سوق الشيوخ لتخلق محلة (( النجادة )) للتعرف عن قرب الى اهل العراق، فكذا هي الحال بالنسبة لجيران سوق الشيوخ من الشرق، فقد زحفت الجموع التجارية والدينية والسياسية من اهل ايران( العرب بالخصوص منهم ) لتشق لها طريقا الى قلب هذه المدينة ولتكوّن محلة مستقلة لها تسمى بأسمها (( الحويزة )) ولتكن صلة ومستقرا ومنطلقا يربط بين ايران والعراق بشكل قوي، وهذا هو المنشأ السياسي الحديث حسب مانعتقد لتكوين الجالية الايرانية العربية في سوق الشيوخ بمحلة (( الحويزة )) مضافا طبعا اليه العامل الديني الذي ذكرناه انفا، حتى ان التاريخ يذكر لنا ان من المعالم الاثرية التاريخية لمدينة سوق الشيوخ كانت مايسمى بالخانات، ومنه خان العجم حيث كان يأمه الايرانيون بشكل كبير مما فرض على الدولة الايرانية انذاك ان يرسلوا لهم قنصلا فخريا ايرانيا لسيتأجر دكانا له ويرفع عليه علم ايران صاحب شعار الشمس والاسد، وكان هذا القنصل اسمه محمد علي البهبهاني، وذالك حوالي سنة 1921 م / اي في حقبة ولادة الدولة العراقية الحديثة مما يدلل على ان هناك عاملا سياسيا ايضا ساهم في بناء محلة الحويزة كما كان هناك عاملا دينيا ايضا !. ******* رابعا : (( الحضر )) وهذه هي المحلة الرابعة التي كونت في البدئ مدينة سوق الشيوخ !. والحقيقة ان الجغرافية الطبيعية التي فرضت على هذه المدينة في بداية امرها باعتبارها مجرد تلّة مرتفعة عن مياه الاهوار الفيضانية، هي التي فرضت على بدايات سوق الشيوخ ان تحتمل اربع محلات صغيرة جدا لتكوينها الجغرافي والسكاني، فلم يكن يحتمل هذا التلّ اكثر من اربع محلات صغيرة اجتمع عليها سكان مدينة سوق الشيوخ قبل انحصار المياه عن ارض المدينة لتتوسع فيما بعد، ولكن واثناء النشأة لهذه المدينة يذكر لنا التاريخ واهلنا واجدادنا القدماء : ان هذه الاحياء الاربعة هي الجذور وهي الاساس التي كوّنت سوق الشيوخ، كما انهن هنّ الهوية الحقيقية لمدينة سوق الشيوخ وهن السرّ الذي ميّز مدينة سوق الشيوخ عن غيرها، ومهما توسعت المدينة وتغيّر اهلها وتبدلت المعالم فيها، فأن من يريد ان يفهم ويدرك ويعرف سرّ مدينة سوق الشيوخ وسبب كارزميتها الروحية لابد له من البداية من التلّ الطيني الذي بنيت او نبتت عليه هذه المحلات الاربعة، وماقدمته هذه المحلات من روحية غريبة عجيبة لهذه المدينة !. نعم محلة (( الحضر )) هي رابعة محلات مدينة سوق الشيوخ القديمة، وسكانها عادة مايذكرون من انهم من اماكن (متفرقة)، ثم لايذكر لنا الذاكرون والكتّاب جذور سكان هذه المحلة وهويتهم الجغرافية بالتحديد، كما حصل مع البغادة والنجادة والحويزة، وفقط مايذكر عنهم انهم سكان اجتمعوا من اطراف متعددة ليكونّوا هذه المحلة المسمّاة الحضر فحسب !. والواقع اننا لانستطيع القبول بهذه النتيجة فحسب لمحلة تعتبر من المحلات المؤسسة لمدينة سوق الشيوخ في العصر الحديث والقديم نوعا ما، ولعلنا لنا حق الاجتهاد في معرفة الجذور السكانية لهذه المحلة، لنقول : ان هذه المحلة يبدو من اسمها ( الحضّر ) انها انعكاس لسكان العشائر، فاهل العشائر والقاطنين في حزام حديدي حول عنق مدينة سوق الشيوخ يسمّون سكنة المدن المختلطة عادة بأهل الحضر، والحضر كلمة جذورها اللغوية والانسانية تعود الى الحواضر الاجتماعية بالاساس، مما يقربنا ولو على سبيل الظن الذي لايغني من الحق شيئا الى ان سكان محلة ( الحضّر ) في مدينة سوق الشيوخ ماهم بالحقيقة الاسكان العشائر بالاساس الذين فضلوا او ارتأوا ان يكون لهم موطأ قدم وسكنى في هذه المدينة لتكون لهم محلة من خلالها يكون تواجدهم في قلب المدينة مضمونا ومؤثرا ايضا !. نعم ان من سكن في مدينة سوق الشيوخ وتعرف على نمطية الاجتماع فيها وتفكّر في العلاقات الاجتماعية والسياسية والتجارية والنسبية والسببية لهذه المدينة فيما بينها والبين الاخر يدرك ان من المكوّنات الفاعلة والرئيسية في حركة مدينة سوق الشيوخ هي العشائر المحيطة بها، ولايمكن لهذا العشائر ترك مدينتهم التجارية التي تستقطب حياتهم بشكل اساسي بلا صلة بينهم وبين داخل المدينة هذه، ولهذا يترجّح عندنا ان الجذور الحقيقية لسكان محلة الحضر لايبعد ان يكون لفيف من هذه العشائر المحيطة بمدينة سوق الشيوخ والذي تؤمن العين المتقدمة لهذه العشائر التي تدرك جيدا معنى الحرب العشائرية ومعنى وجوب ان يكون لكل عشيرة من عشائر سوق الشيوخ عينا وبيتا في داخل المدينة التي سنذكر شدة الصراع بينها وبين العشائر في الماضي وحتى الحاضر ّ!. ومن هنا نحن نرى ان محلة ( الحضر ) هي فئة من الناس صحيح انها من متفرقات الاجتماع التي تجمعت في محلة واحدة في مدينة سوق الشيوخ، الاانها انعكاس لتواجد عشائري خارجي كان يبحث عن موطأ القدم له في قلب المدينة، وهكذا كانت بداية التكوين لمحلة الحضرّ داخل مدينة سوق الشيوخ القديمة . صحيح لابأس ان يقال ان محلة الحضر هي تكوين اجتماعي جمع خليط مدني متعدد من اماكن عراقية متفرقة ربما لاتميل الى نوع الحياة العشائرية ولهذا سميّت بمحلة ( الحضر) لكن هذا لايمنع ماذهبنا اليه من ان بعض من سكانها عشائريين في الاصل حضريين في السكن !. *********** (( 4 )) تأريخ نشأة سوق الشيوخ حتى وقتنا الحاضر يروى ان مدينة سوق الشيوخ كانت عبارة عن (أيشان) او مرتفع ارضي (تلّة) طيني متقدم للمملكة السومرية القديمة التي كانت محيطة من جهة الشرق بالمستنقعات المائية العظيمة، وكانت هذه التلّة الطينية كمتن خارج في عمق المياه يسمى (( سوك مارو )) او بمامعناه ( سوق الحكيم ) والى هذا الحد لاشيئ آخر يذكر عن تاريخ هذه التلّة التي يوجد عليها اليوم قضاء سوق الشيوخ !. وسوق الحكيم هذا ان اردنا فهمه اليوم لايمكننا ذالك من منطلق ان السوق هذا هل هو سوق تجاري بالفعل كما يوحي بعض الكتاب بذالك عن تاريخ سوق الشيوخ وانه من المدن السومرية القديمة المطمورة المندثرة او انه شيئ اخر مختلف عن سوق التجارة والتبضع والمدن ؟. ومن هو ذاك الحكيم الذي سميّت باسمه هذه التلّة الطينية السومرية القديمة ؟. وهل هو حكيم في الطب ؟. أم انه من سكنة هذا التلّ الذي يمتهن الحكمة والعلم والتعبد والانقطاع عن الحواضر ولهذا سميّ التلّ باسمه ؟. وعلى اي حال كانت تسمى هذه التلّة المتقدمة والغائرة في عمق المستنقعات السومرية القديمة ب ( سوك ماو ) بمعنى سوق الحكيم !. ثم تعاقبت الازمان حتى وجد احد الريفيين او الباعة هذه التلّة المرتفعة الارض والواسعة نوعا ما ليقيم عليها سوقا للبيع والشراء والمبادلة في البضائع، وعند هذه الحقبة الزمنية التاريخية تحوّل اسم هذه التلّة من تلّة (سوك مارو ) الى اسم (تلّة الاسود ) !. وليس ببعيد ان ((الاسود)) هذا المسمى التلّ باسمه كان هو نفس الشخص الذي تتحدث عنه المصادر التاريخية بانه الانسان الذي وجد في هذا التلّ ارضا صالحا لاتخاذها ساحة لبيع وشراء البضائع الواردة من الارياف والمستنقعات المحيطة بها !. ثم بعد ذالك يذكر ان هذه السوق تطورت ونمت وبنيت عليها الصرائف والدكاكين ولتتوسع الارض شيئا قليلا ليتحول اسمّ التلّ نفسه من تلّ الاسود الى (( سوق النواشي )) والنواشي كما يقول عبد الرزاق الحسني فخذ من عشائر بني اسد وكان افراد هذه القبيلة يبتاعون المواشي من الحيوانات ليعتاضو عنها بما يحتاجونه !. وهناك من يرى ان اسم (( سوق النواشي )) هو اسم محرف عن (( سوق المواشي )) وهذه هي التسمية الحقيقية لهذه التلّ !؟. وعليه يكون اسم هذه المنطقة الجغرافية قد تحولت مع الزمن من (( تلّ الاسود )) الى (( سوق النواشي او المواشي )) حسب تطورات الحاجة الطبيعية لسكان هذه المنطقة النهرية المحيطة بهذا التلّ الواسع !. والى هنا ليس هناك تواريخ تذكر ارقاما محددة لتاريخ مدينة سوق الشيوخ العريقة، ولكن بعد هذه الحقبة يحدثنا المؤرخون والرواة بأن أول من نزل هذه السوق من مشيخة العصور الغير بعيدة هو الشيخ عبدالله محمد المانع أخو الشيخ سعدون الذي اشتهرت اسرة ال السعدون باسمه في زعامة المنتفق، وبعد ان حلّ ثويني العبدالله السعدون محلّ ابيه في مشيخة المنتفق في سنة 1175ه /1761 م /_____ 1196 ه / 1781 م /أمر بأن تكون هذه السوق الموجودة على هذا التلّ الطيني ثابتة، ثم وبعد ذالك وما ان انتهت المشيخة الى حمود الثامر السعدون كان المذكور السابق قد بنى بنية اقتصادية في سوق النواشي تكون لهم مخزنا يتكأون عليه عند الحاجة !. ثم بعد ذالك يذكر المؤرخون ان في سنة1728 م / الى 1870 م / في زمن الوالي العثماني مدحت باشا، كان يرى في سوق النواشي بعد تنامي العمران وحركة الاقتصاد المتصاعدة في هذه البقعة من الارض، وتنامي الكثرة السكانية وتشكل محلاتها الاربعة التي ذكرناها فيما مضى، وتزايد الاستقطاب العشائري على اطرافها ... كان يرى مدحت باشا ان هذا العنق الترابي الممتد داخل المستنقعات المائية عنق يثير الريبة والقلق لمركزية الدولة العثمانية فيما مضى وولاتها على بغداد وباقي مناطق العراق الجنوبية لاسيما منها ((سوق النواشي )) وعليه أمر مدحت باشا بتأسيس لواء المنتفق تحت ذريعة نمو العمران وتوسيع الحركة العمرانية للقضاء على نفوذ المشيخات القبلية القاطنة في هذه البقعة، وأمر بالحاق ((سوق النواشي )) كقضاء للواء المنتفق الذي سميّ فيما بعد ب (( الناصرية )) على اسم ناصر باشا السعدون، وتغيير الاسم من سوق النواشي الى (( سوق الشيوخ )) لاجتماع المشيخة بكثرة فيه واقامتهم لاتحادات وتحالفات مريبة لحكم مدحت باشا وكان ذالك كله في سنة 1870 م، وعين حسين باشا قائمقاما لسوق الشيوخ . والى هذا التاريخ ندرك ان اسم ((سوق الشيوخ )) هو اخر اسم اطلقه على هذه التلّة السومرية الوالي مدحت باشا العثماني سنة 1870 م لينطلق تاريخ سوق الشيوخ من تلك اللحظة لبناء مانعرفه اليوم من وجود ومدينة وكيان يُعرف بسوق الشيوخ !. نعم يذكر بعد ذالك لتاريخ سوق الشيوخ هجرة الصابئة من مدينة العمارة هابطين غروبا حتى استقرارهم في الضفة الاخرى من نهر الفرات على الجانب الشرقي الشمالي لمدينة سوق الشيوخ، مع اني لاارى ان وجود الصابئة في سوق الشيوخ اتى من مدينة العمارة، او انه من الوجودات الحديثة على وجود التلّة المائية هذه قبل تسميتها بسوق الشيوخ، بل يبدو ان تواجد الصابئة المندائيون في هذه المدينة اقدم بكثير جدا من هذا التاريخ اذا لم يكن هو وجود اصلي في هذه البقعة من الارض ومن المكونين الاساسيين لحضارية هذه المدينة السومرية القديمة !. وعلى اي حال تواجد الصابئة في الضفة الاخرى من قلب هذه المدينة الذي يفصلها عن الصابئة نهر الفرات من الوسط اليوم ومعهم حرفهم اليدوية الصغيرة ومهاراتهم الفنية بصياغة الحلي والذهب،والحدادة والنجارة، وصناعة السفن والشبك ......... وكذا عاداتهم وتقاليدهم ومزمورهم المقدس، لتتسع معهم المدينة بفضائها عبر النهر وليتسع معها افق الانسان في هذه المدينة !. وما ان حلّ القرن التاسع عشر والعشرين منه حتى اخذت مدينة سوق الشيوخ تتبلور ملامحها كمدينة قوية اقتصاديا وسياسيا وادبيا وفنيا وشعريا الى ان دخل الاستعمار البريطاني ليقضي على الخلافة العثمانية وزمن البشوات والاغوات في العراق، لتشكل مدينة سوق الشيوخ قلقا حقيقيا للوافد المستعمر الجديد البريطاني، فماهي الا فترة حتى صدقت نبوءة مدحت باشا في مدينة سوق الشيوخ وماتوقع لهذا التلّ من قلق يثير الكثير من الازعاج لاي دولة قادمة، وبالفعل من سوق الشيوخ انطلقت الحملات الشعبية الجهادية العظيمة لقتال المستعمر البريطاني في الشعيبة مع اية الله العظمى المرحوم السيد محمد سعيد الحبوب، وحتى بعد صعود المستعمر البريطاني نهريا على خط نهر الفرات كان لمدينة سوق الشيوخ شأنا كبيرا في ايقاف زحف سفن المستعمر البريطاني قليلا حتى مضى مندفعا الى الاعلى نحو بغداد في 1914م / 1915 م / !. أما بعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة في سنة 1921 م / بقيادة الملك فيصل الاول، فكان لسوق الشيوخ اول قائماقميتها الحكومية لينصب صالح الحجاج أول قائمقام لسوق الشيوخ !. وفي هذا التاريخ من عمر سوق الشيوخ نقول وبصراحة ان روح هذه المدينة تفتحت للحياة لتفرض نفسها كمدينة اكبر من حجمها الجغرافي على اليقين، وبقيت هذه المدينة تشعر حتى مع وجود محافظة الناصرية التابعة اسمية لها كقضاء يتبع اللواء رغما عن انفه، ولكن بقت هذه المدينة تشعر بانها اكبر من لوائها واكبر من جغرافيتها واكبر من حجمها الجغرافي المضغوط طبيعيا !. نعم كما ذكرنا اراد الوالي العثماني مدحت باشا التخلص من مدينة سوق الشيوخ وامتصاص زخمها السياسي لصالح لواء المنتفق الذي اسسه بالخصوص ليتغلب على نفوذ المشيخة المسلحة داخل هذه المدينة التي كانت في زمنه غابة من النخيل والانهار تغري اي عاص على الدولة بالتمرد عليها واستنزاف طاقتها قتاليا، ولكن مع وجود لواء المنتفق ومحافظة ذي قار والناصرية فيما بعد بقيت مدينة سوق الشيوخ تشعر بانها هي الاصل وهي الاكبر، ولهذا ترى ان هذه المدينة الصغيرة مع انها قضاءا مهملا من قبل جميع الحكومات التي اتت بعد العثمانيين، الا انها مع ذالك هي المبادرة في الموقف السياسي حتى قبل محافظتها الكبيرة، كما انها هي ايضا المبادرة في شعرها وادبها وعلمها وعلمائها وكذا تجارتها .... وباقي المعنويات التي كنا نستشعرها ونحن صغار ونتساءل حولها ب : لماذا مدينة سوق الشيوخ تتحمل المواقف السياسية والاعباء الفكرية والاخرى التجارية التي تظهرها على انها اكبر من حجمها بكثير ؟. وعندما كبرنا وجدنا ان قدر سوق الشيوخ وتاريخ هذه المدينة وطبيعة وجودها فرض عليها الادوار الكبيرة التي اراد الكثير من ساسة العراق تحجيمها عنه الا انها ابت الا ان تكون مدينة كبيرة !. فمن سنة 1935 م في الزمن الملكي والميثاق الوطني الشعبي الذي دعى له الامام كاشف الغطاء رحمه الله تعالى، وثورة مدينة سوق الشيوخ، وحتى سنة 1991م في الانتفاضة ضد حكم الصداميين المقبور،ومالعبته مدينة سوق الشيوخ من اشعال فتيل هذا المارد العراقي الذي خرج من عنق سوق الشيوخ انذاك ليثور بوجه الطغيان ويأذن بزواله، كان لمدينة سوق الشيوخ شأنا خطيرا في الاحداث السياسية العراقية الكبيرة، فكان للتمرد والثورة والقلق للدولة العراقية بصيبها على يد مدينة سوق الشيوخ برجال السياسة والعشائر فيها، وكذا للعلم والادب والاجتهاد والاكاديمية والشعر ايضا نصيبهن على يد مدينة سوق الشيوخ ففي الدين لسوق الشيوخ مجتهديها الكبار في النجف الاشرف وكذا من الشعر ( لااحب ذكر اسماء محددة التزاما بمنهجي في البحث ان هذه ظواهر يخلقها المجموع العام لمدينة سوق الشيوخ وليس عبقرية الفرد لوحده ) وفي التجارة وفي الابداع وفي ..... باقي الشؤون الاجتماعية الاخرى !. نعم من سومر حتى هذه اللحظة يبقى شيئ ما يميّز مدينة سوق الشيوخ عن غيرها فياتر ماهو ؟. ************* (( 5 )) سرّ الابداع والتميز لمدينة سوق الشيوخ عندما يضع القدر جغرافية ما في طريق التجارة والدين والسياسة والفن، فحتما سيكون لهذه الجغرافية شأنا عظيما عن باقي جغرافيات البشرية الطبيعية والانسانية !. وعندما نقول مدينة بنيت في سالف الدهور على انها ( سوق ) وتجارة فلاريب اننا سوف نتحدث عن تنوع واختلاط ومال واعمال وثقافات واعراق وجنسيات واثنيات ولغات وفنون وبضائع وتبادلات ..... واخذ ورد، وكل هذا يحصل في اصغر سوق في هذا العالم، فكيف اذا كانت سوق اقيمت على تلّة تقع على مفترق طرق من الغرب اهل الصحراء والبادية من نجد ومن الشرق اهل الشمس والحضارة الفارسية من الحويزة ومن الشمال اهل بغداد والدولة العثمانية فيما مضى في البغادة، ومن نفس المحلة اهل الحضر ؟. نعم انها مدينة سوق الشيوخ !. ان الصاعد اليوم الى مكان عالي في هذه المدينة القديمة كأن تكون بناية عمارة او منارة مسجد او جامع من جوامعها، ليرمي ببصره متخيلا محلات مدينة سوق الشيوخ القديمة الاربعة قبل ان تتوسع المدينة وتجف انهارها الفيضانية الغامرة، سيكتشف جغرافيتها القديمة التي تبدأ شمالا بالحضر وشمالا شرقا البغادة وغربا النجادة وشرقا الحويزة، وهذا بحد ذاته فيه دلالة علمية وفكرية ان رجعنا بالتكوينات الاجتماعية لهذه المحلات سنجد ان كل مكّون ينبئك عن منحدره الاصيل وجذره التاريخي القديم، فالحضر والبغادة يولون الوجهة من حيث ماقدموا من الشمال الى بغداد، والنجادة في غرب المحلات القديمة كانها تريد ان تقول من هناك ومن الغرب وعمق الصحراء والبادية كان الجذر والمنحدر، اما الحويزة القديمة فهي لشرق المحلات تلك وكأنما تقول هذه المحلة لساكني المدينة : من رحم الشرق انا اتيت لاسكن في سوق الشيوخ !. ان هذا التنوع لم يخلق بلا اسباب بطبيعة الحال، بل خُلق بسبب ان جغرافية هذه المدينة استقطبت هؤلاء الناس من جهات العالم الاربعة لتصهرهم في بوتقة مدينة واحدة، حتى اصبح سكنة هذه المدينة ( كما تركتهم فيما مضى من زمان ) يرون في مدينتهم كنزا يفوق كل قومياتهم واديانهم ومناشئهم وجذورهم البشرية !. ولكن ماذا يعني استطاعة جغرافية ان تصهر اجناس واعراق واثنيات وثقافات متعددة في بوتقة مدينة واحدة ؟. بمعنى آخر كيف استطاعت هذه المدينة الجمع بين النجدي والحويزاوي، وبين البغدادي والحضري في حيز واحد لتخلق فيما بعد مدينة لم يزل يشعر ابنائها انها مدينة متميّزة فعلاً في التاريخ وارجو ان تكون حتى هذه الساعة ؟. صحيح نحن نعلم، او هكذا نفهم : ان كل حالة صراع اجتماعية انسانية لابد انها ستنتج اما دمارا وبوارا لهذا المجتمع وامّا تكاملا ومدنّية لهذا التقارب !. فياترى كيف استطاعت هذه المدينة مع ما ندركه من تناشز وتضارب وتنافر بين العشائرية والمدنية والاعجمية والعربية والتجار والفقراء والنظام والفوضى .... ان توفق لفترات تاريخية طويلة بين تكتلاتها الاجتماعية بالعيش المشترك لتنتج تكاملا بدلا من الدمار والتنافر ؟. الحقيقة انني في معرض الجواب على هذا السؤال الجوهري الذي يميّز بين مدينة سوق الشيوخ وغيرها من المدن العراقية لااملك في الواقع الا ان اقول : ان الجواب هو من الاسرار التي تميزّت به هذه المدينة فحسب !. فليس لديّ ولاعند غيري اجابة على مثل هذه الاسألة الا كوننا نشعر ان لهذه المدينة سحرا خاصا بها يستطيع ان يوفق بين المتنوعات ويلائم بين المتناشزات !. أمّا ماهو ذالك السرّ ؟. فبالحق اقول لااعلم !. نعم عايشت وسمعت وقرأت وربما عايش الكثيرون من مثقفي وكتّاب وعلماء وتجّار وسياسيي ومثقفي وبسطاء اهل مدينة سوق الشيوخ الكثير الكثير من الاشكاليات الاثنية والقومية والعرقية والدينية بين مكونات هذه المدينة النائمة على ضفاف الفرات، ولكن في كل مرّة تنشب فيها اشكالية بين اهل المدينة او العشائر او بين الطوائف والمذاهب والاديان، او بين الفقراء والاغنياء، تستطيع هذه المدينة وبلمسة سحرية ان تدير المشكلة بسلاسة لتحافظ على الكيان قائما باقل الخسائر واجمل المخارج، لينبض عرق المدينة في كل الساكنين فيها ويغلبون اسم مدينتهم وعيشها المشترك واخلاقها الحضارية على تناقضاتهم وتناشزاتهم الطبيعية والانسانية والدينية والفكرية وحتى الاخلاقية في احيان كثيرة!. وهكذا يقال عندما نرصد ظاهرة العداء المزمن بين الدولة والحكومة والنظام السياسي من جهة، وبين مدينة سوق وتأريخها وحريتها التي منحتها الطبيعة الجغرافية لها، ومزاج الفرد المتمرد في داخلها، وشعرها النقدي وسخريتها الادبية وحدّة علمائها وعبقرية عقولها الاكاديمية والتجّارية وشجاعة عشائرها من جهة اخرى، فاننا امام مثل هذه الظاهرة ايضا لانعلم ماهو السرّ في هذه المدينة بكل مكوناتها الاجتماعية التي ترفض دائما هيمنة الدولة عليها، وكأنما هي مدينة لاترى لوجودها هوية حقيقية غير هوية الاستقلال والحرّية فحسب !. في احيان كثيرة يتبادر الى ذهني ان مدينة سوق الشيوخ تشعر في احيان كثيرة بانها جمهورية مستقلة، ولاترحب مطلقا بتدخل الحكومة والدولة بشؤونها الداخلية، ولهذا ترى حالة التفرد واضحة لهذه المدينة، لابل وتملك روح المبادرة وكأنما تعيش مازالت في بعض المدن السومرية صاحبت الحكم الذاتي لوجودها الانساني !. انها حقا مدينة غريبة، فهي ومن صفاتها المزمنة انها اول من يبادر واخر من يستسلم للامر الواقع !. في ثورة سنة 1935 م التي ذكرناها انفا يذكر ان مدينة سوق الشيوخ او من شارك بالعصيان والثورة على الحكومة والدولة في زمن رئاسة ياسين الهاشمي للوزارة كانت اول من ثار، ولكنها بعد ان تراجع الكلّ في العراق عن العصيان والثورة بقيت هي الوحيدة معلنةً للثورة على الدولة !. وفي انتفاضة شعبان سنة 1991م كانت مدينة سوق الشيوخ هي الشرارة الاولى لانطلاق نار الثورة على حكومة البعث في بغداد، لكنها وبعد ان اجهضت الحكومة الانتفاضة في كل العراق، بقت مدينة سوق الشيوخ آخر قلعة او مدينة في العراق دخلها الجيش العراقي السابق لينتقم من اهلها شرّ انتقام وليمزق من كيانها كل ممزق !. __________ سوق الشيوخ وأنت سوق مفاخر ...........ومآثر فيه المكارم تنــفق لك في ميادين المحامد والعلى ...سبق ومثلك في المحامد يسبق لأشياخ مجدك في الركان أجبل .........ومن السماحة أبحر تتدفق وشبابك الحي المثقف كله...........روح يكادمن الطموح يحلق ولديك خير قبائل عربيـةشم ..........المعاطس بالأبا تتنشـق العز وهو لها شعارّ الوفــا من خلقها.... والصدق وهو المنطق قصيده للشاعر عبد المنعم الفرطوسي *********** سوق الشيوخ وكم طويت بضاعة.....للمجد منه وكم نشرت متاعا كم وقفة شهد العدو بفضلها.............فيها تجاهد عن علاك دفاعا وصحائف منشورة في طيها................أبدى جلالك للورى وأذاعا العلامة السيد مصطفى جمال الدين ********************* العزّ والمجدُ والعلياء من إربي والحزم والعزم والإقدام من حسبي ولم تزل ترتقي بي للعلى همم حتى سموت مناط الأنجم الشهب آية الله المجتهد الشيخ طاهر ابن الشيخ عبد علي بن الحاج رسول الحجّامي
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |