|
مهزلة أسبوع مناهضة العنف ضد المرأة وإقرار قانون تعدد الزوجات من قبل حكومة إقليم كردستان العراق
لم يمر أكثر من أسبوعين على إقرار برلمان كردستان لقانون رجعي ومجحف بحق إنسانية المرأة، مستند على بنود وشرائع عهد الكهوف البالية والمتناقضة مع روح العصر والمدنية، ألا وهوإقرار تعدد الزوجات . نعم لم يمر أكثر من أسبوعين على مأثرة البرلمان التاريخية، حتى فاجأت حكومة إقليم كردستان - العراق العالم بما وصلت إليه من "التقدم والديمقراطية"، التي تدق الطبول لها، وتروج لها الأبواق المأجورة، وخاصة الليبراليين الجدد مثل السيد شاكر النابلسي وآخرون، بل فاجأت العالم في ممالئتها القوى الرجعية المعادية للقيم الإنسانية بمجاملتها ومماشاتها الإسلام السياسي والقوى العشائرية وحفنة من الشيوخ والملا لي المتعفنة عقولهم في معاداة تحرر المرأة وعموم المجتمع من قيود الدين والعادات والتقاليد البالية التي تدفع مسيرة المجتمع إلى الوراء . والأكثر إثارة للسخرية هوأنه لم يمر أسبوعان على مصادقة البرلمان على هذا القانون المعادي للمرأة، حتى أعلنت حكومة كردستان تخصيص أسبوع لمناهضة العنف ضد المرأة . إنها، حقا، لمهزلة كوميدية، أن تستهزئ بشعب كردستان الواعي والرافض لتمرير القوانين القروسطية عليه، والذي أخذ اليوم يعبر عن رفضه واحتجاجه على تلك القوانين المجحفة في اعتراضات واسعة تقوم بها المنظمات النسوية التحررية والقوى والعناصر التقدمية. لقد قامت حكومة إقليم كردستان بمهرجان أسبوعي لمناهضة العنف ضد المرأة والطفل لكبح ردود فعل الحركات النسوية والتحررية ضد إقرار تعدد الزوجات وامتصاص غضبها واحتجاجاتها، وكذلك للتغطية على بشاعة هذا القرار المجحف المناهض لحماية حقوق المرأة وإنسانيتها في المجتمع. أجل، لقد تم تكريس دونية المرأة بكتابة قانون أحوال شخصية يهدف إلى التمييز بحق المرأة الكردية وجعلها مواطنا من الدرجة الثانية وأدنى، وذلك عن طريق إقرار تعدد الزوجات المستند على الشريعة الإسلامية والتي تكرس تبعية المرأة للرجل ومراعاة مصالح الرجل ورغباته على حساب حرية وحقوق المرأة , قانون يجرد المرأة من كرامتها وويخضعها لأنواع مختلفة من الإحباط وعدم الثقة بالنفس وانعدام الأمان والطمأنينة والإحساس بعدم كينونتها. وتعدد الزوجات ظاهرة مناقضة لروح العصر والتمدن المتنامية بفضل الوعي المتنامي للنساء التحرريات والقوى التقدمية الأخرى، عصر تطبيق المواثيق الدولية لحماية حقوق الإنسان وحماية حقوق المرأة. أسبوع مناهضة العنف ضد المرأة يجب أن يكون أسبوع الكفاح لأجل فصل الدين عن الدولة والذي يعتبر من أهم المكتسبات التحررية التي تحققت في بقاع معينة من العالم لصالح المرأة، وأسبوع الكفاح لأجل منع تدخل سلطة الدين والشريعة في سياسة الدولة ومؤسساتها. أسبوع مناهضة العنف ضد المرأة، إن كانت مناهضة حقيقية ينبغي أن يكون أسبوعا احتجاجيا ضد تشريع قانون تعدد الزوجات، لأن من ابرز مظاهر وأنماط العنف ضد المرأة هي شرعية تعدد الزوجات واهانة شخصية المرأة إلى حد اعتبارها سلعة لتلبية نزوات ومتع الرجل اللا إنسانية . ويدعي المشرعون في كردستان بأن القانون المذكور يهدف إلى تقييد تعدد الزوجات ويضع عراقيل أمامه، لكنه معلوم للجميع أنه ليس هناك أسهل من التحايل على القوانين في كردستان العراق وخاصة من قبل المتنفذين وأعضاء الأحزاب الحاكمة. أسبوع مناهضة العنف يجب أن يكرس لمناهضة سلوك أغلب أعضاء حكومة وبرلمان كردستان والمسؤلين الذين يستمتعون بامتلاكهم أكثر من زوجة لرفع مكانتهم الاجتماعية والسياسية وفق القواعد والأعراف العشائرية الرجولية. ولم تكتفي حكومة الإقليم كعادتها بشراء أقلام المثقفين و"الليبراليين" لتمجيد "انجازاتها" في نشر "الحرية والديمقراطية والمساواة بين الرجل والمرأة"، بل قامت أبواقها الدعائية بتتويج مسعود البرزاني إلى " محرر المرأة الكردية"، حين أقرَّت حكومة إقليم الكردستان"مجلة الأحوال الشخصية الجديدة" للمرأة الكردية العراقية. في وقت تؤكد الإحصائيات وتشير إلى مقتل 12.500 امرأة بين عامي 1991 و2007 بدافع الشرف،والانتحار في المحافظات الكردية الثلاث: أربيل، والسليمانية، ودهوك. تحت قيادة وزعامة " محرر المرأة الكردية". " ويا لعار البشرية في القرن الحادي والعشرين في أن تنحط القيم لحد اعتبار تلك المكتسبات المنتزعة للمرأة، وهي في حدها الأدنى مكتسبات عظيمة وحسبانها مكرمة من قادة السلطات الكردية والتي تتم في ظلها عمليات القتل والانتحار وقطع الأنوف ورجم النساء في وتيرة لا سابقة لها في تاريخ المنطقة الحديث. انتقادي لهذا القانون الذي أباح تعدد الزوجات لا ينفي الإشادة ببعض النقاط الايجابية في قانون الأحوال المدنية الحديث في إقليم كردستان، مثل إعطاء العصمة للمرأة في المحاكم وإعطاء حق الشهادة للمرأة بجانب الرجل وحق الميراث وحق الولاية للمرأة عند فقدان الزوج، ما يسجل لصالح المرأة من نقاط ايجابية عديدة، مقارنة بالقوانين السابقة والقوانين الجارية في المناطق المتوسطة والجنوب الخاضعة تحت أحكام وشرائع الدين الإسلامي المطلق البعيد عن كل المواثيق والبنود العالمية لحماية حقوق المرأة وذلك تحت رعاية الاحتلال الأمريكي الداعي إلى جلب "الديمقراطية والحرية للعراق ".. كما هناك نقطة مهمة لابد من الإشارة إليها وهي إن القانون صوت له بفارق أربعة أصوات فقط، وهذا يعني انه من الممكن إلغاءه بنضال المنظمات النسائية والقوى اليسارية والديمقراطية وتلاحم القوى التحررية والتقدمية وتضامنها.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |