|
الاكراد ليسوا حجر الميزان في العراق الجديد!
هل معادلة: ((ان الكورد مكوّن أصيل من مكونات الشعب العراقي!.)) هي من المعادلات التي بحاجة الى مناقشة مضمونها السياسي لنتعرف على حقيقة هذه المعادلة ؟. أمّ ان مجرد مناقشة هذه المعادلة يعتبر من المحرّمات السياسية والمقدسات العراقية التي لاينبغي الاقتراب من مضمونها على الاطلاق ؟. بمعنى آخر لو اردنا اكتشاف الدواخل الفكرية والعقدية السياسية بالتساؤل اليوم لاخواننا من القيادات الكوردية الحاكمة في كوردستان لنتعرف على وجهة نظرهم السياسية ب: هل هم يعتقدون ان الكورد مكوّن أصيل من تركيبة الشعب العراقي اليوم ؟. أمّ ان مجرد ذكر المكوّن الكردي وانتسابه للشعب العراقي أمر فيه الكثير من الازعاج للعقل السياسي الكوردي القيادي اليوم من منطلق ان الكورد شعب وقومية مستقلة عن باقي الشعوب والقوميات التي تنتسب اليهم كالعراق وايران وتركيا وسوريا ؟. طبعا مثل هذه الاسألة ربما تثير الكثير من الغضب لاطراف عديدة غير الكورد ايضا من منطلق ان بعض الاسألة ينطبق عليها قول القرءان الكريم (( لاتسألوا عن اشياء ان تبدا لكم تسؤكم )) وفي هذه الحالة يكون السؤال مجرد السؤال مثار لكثير من الاشكاليات السياسية للسائل وللمجيب وللمستمع ايضا، ولهذا فليس من الحكمة دائما ان تطرح الاسألة الا في اوقاتها المناسبة !. صحيح ان بعض الاسألة لايرغب الكثير من سياسيي العراق ومن مختلف القوميات والطوائف والاديان في العراق اليوم من الاستماع اليها او مجرد طرحها للمناقشة، لكنّ هذه الاشكاليات تبرز للسطح بسبب وفي كثير من الاحيان سوء الفهم والطوّية كذالك للكثيرين من سياسيي العراق في هذا العهد، أمّا ان كانت آلة الرياسة وهي سعة الصدر قابلة للانفتاح على الاخر والترحيب بأسألته ليُجاب عنها على اساس فتح النوافذ للعقليات المغلقة ودخول الهواء النقي لدواخل كل سياسي عراقي تعفنت داخليته من كُثر الانغلاق فعندها ليس فقط السياسيون العراقيون لايمانعون بطرح السؤال المصيري والاشكالي ومثير بعض المشاكل، بل انهم سوف يشاركون بمناقشة وطرح المزيد المزيد من الاسألة التي توضّح الرؤية وتقارب بين الافكار وتردم الفواصل لتكون الخطوة الى المستقبل واضحة سياسيا ومتفق عليه جماعيا !. ومن هنا يكون الفرق بين اللص والمخادع والمجرم والوصولي والغبي والتافه والمتعنت .....، وبين السياسي والذكي وصاحب الرؤية والمسؤول عن ادارة مجتمع وتطوير أمة ..... هي الكيفية التي يدير فيها كلا الصنفين من البشر ماهية الاسألة وكيفية الاجابة عليها سياسيا وعمليا ايضا، فأما اللص والمخادع والعصابي ... فهو يميل للمخاتلة والكذب والروغان واللعب، للتملص من استحقاق وضع النقاط على الحروف، وأما السياسي والمسؤول وصاحب المشروع والرؤية، فهو القادر والمتمكن والصريح بالاجابة على هذه الاسألة المصيرية في بناء الامم والمجتمعات وكيفية قيادتها نحو المستقبل !. والان وبعد افتراضنا ان كل سياسينا العراقيين اصحاب رؤية ومسؤولين بمافيهم طبعا ساسة الكورد في الدولة العراقية الجديدة نسأل السؤال من جديد بصيغته القديمة وهي: هل يعتبر الاخوة الكورد انفسهم مكوّن أصيل من مكونات الشعب العراقي بتلوينته العجيبة الغريبة الاثنية والطائفية والقومية ؟. أم انهم ( اقصد السياسيون بالطبع ) يرون انهم شعبٌ منفصل وقومية مختلفة وجغرافية مستقلّة و لهذا هم شعب ووطن ولغة وقومية والعراق وشعبه وقومياته واديانه وطنٌ مختلف ؟. نعم قد اجاب اخوتنا الكورد : بانهم هم من بادر الى المجيئ الى بغداد بعد سقوط الطاغية المقبور صدام حصين ليعلنوا الشراكة مع الوطن، وليضعوا ايديهم و((جلالهم الطلباني )) في رئاسة الجمهورية، وليعلنوا فيما بعد انهم عراقيون من اصول كردية لا غير !. والحقيقة ان هذا الجواب العملي والفعلي لاخوتنا الاكراد شيئ مقدٌر وكبيرٌ ومحترمٌ ايضا، ولكنه في نفس الوقت يسمح لنا بفتح السؤال مرّة اخرى ولكن بشكل مختلف وآخر مفاده : وماهي الرؤية السياسية الكوردية لوظيفة هذا المكوّن العراقي الاصيل ؟. وكيف ترى القيادة الكوردية موقعها السياسي بين مكونات الشعب العراقي الاخرى ؟. بمعنى أكثر وضوحا ومباشرة في الموضوع نقول : هل ترى القيادة الكوردية نفسها كمكوّن اصيل داخل المجتمع واللعبة السياسية العراقية على اساس انها قبة الميزان او بيضته التي بأمكانها تعديل ميلان كفتي الميزان ؟. أم انها ترى في نفسها وداخل اللعبة السياسية العراقية الجديدة انها حجر الغشّ الذي بأمكانه أعطاء الثقل لكفة على اخرى داخل الكيان السياسي العراقي الجديد ؟. في الاونة الاخيرة وربما هذه ظاهرة متكرررة لدى السياسيين الكورد داخل دولتهم العراقية وهي مادعانا للتنبيه لهذه الظاهرة بكتابة هذا الموضوع، وكلما طرحت اشكالية سياسية او صرّح اي سياسي من باقي المكونات السياسية العراقية الحديثة ( شيعة سنة كورد ) بأي شيئ يرى فيه السياسيون الاكراد نوعا من المساس بمصالحهم السياسية او الاقتصادية او الامنية ...، تحرك السياسيون الاكراد على الفور باتخاذ موقف متصلب ليتبلور بعقد اجتماعات سياسية لاحد مكونات الشعب العراقي الاصيلة على الاخرى، كالذي حدث مثلا بعد تصريحات رئيس الوزراء العراقي المحترم نوري المالكي في لقائه الصحفي ابّان توقيع اتفاقية الانسحاب الامريكية، وكيف ان رئيس الجمهورية المحترم جلال طلباني بادر الى دعوة جبهة التوافق والمكون السني العربي العراقي الى اجتماع تنسيقي من اجل ابراز نوعية الردّ على تصريحات السيد المالكي الذي اعتقد بعض الساسة الكورد انه تجاوز لخطوط حمراء كوردية لاينبغي الاقتراب منها ؟!. وكأنما يريد رئيس جمهوريتنا العراقية المحترم جلال طلباني ان يقوم : ان بامكان الكورد السياسيين لعب دور الحجر الذي يوضع تحت كفة من كفتي الميزان في العراق لترجح كفة على اخرى، ومن ثمة لترفع مكون وتسقط آخر بلا ادنى عناء يذكر !. والواقع هذا مافهمه الكثير عندما بادر رئيس الجمهورية وبعد اشكالية عشائر الاسناد وتصريحات رئاسة الوزراء حول المشاركة الكوردية العراقية المتكافئة للدعوة لاجتماع المكوّن السني العراقي في محل اقامته في رئاسة الجمهورية !؟. وهنا من حقنا ان نعيد الكرّة مرّة أخرى لنسأل الساسة من القيادات الكوردية على أمل الشجاعة والصدق في الاجابة لنقول : هل ترغب القيادة الكوردية العراقية في العراق الجديد ان تمتهن لعب دور الحجر الذي يوضع تحت كفة ميزان ما لتكون هي المقرر لميلان هذه الكفة ( السنية او الشيعية ) على تلك من معادلات ميزان العراق الجديد ؟. وهل حقا ان المكوّن الكوردي لديه القدرة الواقعية والفعلية السياسية للقيام بهذا الدور الخطير ؟. أمّا الجواب الظاهر بالنسبة للسؤال الاول : فيبدو انه نعم، ترى القيادة الكوردية العراقية واستحصالا لمصالحها السياسية انها ترغب ان تكون بيضة الميزان العراقي وحجره لتؤمّن مصالحها السياسية في اللعبة، ولتكون فيما بعد المؤثر الاقوى الوحيد في اللعبة بدون التفكير بربما انقلاب الطاولة لتشكل باقي المكونات نفس المعادلة ليكون التحالف العربي السني الشيعي هو الميزان الغير محتاج اصلا بيضة او قبة لامساكه من الوسط !. نعم صحيح انه من الصعب اليوم وحسب هذه التركيبة الطائفية المعقدة والمتناقضة في العراق ان نقول ان هناك تحالف سني شيعي عربي يلوح في الافق ليقلق الاخوة الكورد في العراق الجديد، لكن هذا لايعني ان هناك مستحيل في اللعبة السياسية العراقية لاسيما ان قلنا ان الانتخابات القادمة والتي يتخوّف من نتائجها البعض، ربما ستفرز مكونات عربية سنية شيعية قابلة للائتلاف من جديد في عراق الديمقراطية، وعلى هذا الاساس نكون امام معادلة عراقية مختلفة كثيرا عن خريطة الميزان والبيضة، لننتقل الى خريطة الافعى والسلالم للوصول الى قيادة العراق الجديد !. أما مايختص بالسؤال الثاني وهل ان الاخوة الكورد لديهم القدرة بلعب دور حجر الميزان في عراق اكثر من نصفه شيعة عرب والباقي منه متفرقات شتى ؟. فالحقيقة انه ليس بأمكان أحد في العراق اليوم من لعب دور حجر الميزان لااخوتنا من القيادات السياسية الكوردية ولاغيرهم ايضا، باعتبار ان هناك اكثرية ساحقة تغلب ديمقراطية حكم الاكثرية في الديمقراطية الحديثة مع عدم التجاوز على حقوق الاقلية الديمقراطية، الا اللهم ربي في حال انشقاق وتفكك وترّق الاكثرية الشيعية وانقسامها على نفسها من خلال اختلاف المصالح والتوجهات، فعندئذ بالامكان القول : ان الاكثرية قد تنازلت بطوع ارادتها عن الحكم الديمقراطية لتتحول الى حكم التوافقات والتوازنات المكوّنية للشعب العراقي، وعندها وحتى في هذه الحالة اعتقد ان المكوّن السياسي الكوردي سيصبح مؤثرا بعمق الا انه سوف لن يكون هو الفيصل في كفوف الميزان العراقي !. ان بداية حركة وولادة الدولة العراقية الجديدة ليس كمرحلة ثباتها ووقوفها على الاقدام اليوم وشيئا فشيئا، ونعم استطاع اخوتنا الكورد ان يكونوا من المؤسسين للدولة العراقية الحديثة، وايضا المقررين في بعض المفاصل الزمنية لنوعية قياداتها والاطاحة برمز والمجيئ بآخر، لكن كل هذا لايعني استمرار هذه الحال الى مالانهاية في الدولة العراقية الجديدة، والدليل ان رئاسة الوزراء العراقية اليوم اصبحت اكثر ثباتا وقوة وميلا لمصالح الشعب العراقي الكلية على مصالح التوافقات القومية والطائفية، مما يشير الى ان مستقبل العراق الجديد في وحدته وليس في اقامة كانتونات سياسية ومصلحية ونفعية وقومية وطائفية على حسابه !.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |