للمرأة العراقية مواقف وطنية وبطولية في تأريخ الدولة العراقية الحديثة


جبار العراقي

 jabbar.dillaa@inode.at

تجربة المرأة العراقية الوطنية ومواقفها النضالية والبطولية تبلورت بمشاركتها الأولى إلى جانب الرجل في ثورة العشرين من القرن المنصرم.

 حيث تبلورت هذه المشاركة من خلال المساعدات التي قدمتها إلى الثوار التي تمثلت بنقل المؤن والأسلحة وكذلك معالجتها للثوار الجرحى وتشجيعهم على مواجهة القوات البريطانية عبر الأهازيج والأشعار التي ترفع من معنوياتهم الثورية للتصدي لقوات الاحتلال البريطانية، وفي العاصمة بغداد شكلت لأول مرة لجنة نسائية لدعم الثورة وتضامنها مع الثوار.

وتمثل نشاط هذه اللجنة بجمع التبرعات ونشر أهداف الثورة التي ترفض الاحتلال وخروجهن بمظاهرة تشجب وتدين الاحتلال البريطاني للعراق ورفعها للمذكرات الاحتجاجية على الأساليب والممارسات القمعية التي تعرض لها الثوار على أيدي قوات الاحتلال والاعتقالات التي طالت الوطنيين الذين وقفوا ضد الاحتلال مطالبات بإطلاق سراحهم والعفو عنهم دون قيد أو شرط .

وكانت هذه هي الباكورة الوطنية والنضالية الأولى للمرأة العراقية والتي من خلالها نما وعيها السياسي ومفاهيمها الوطنية وكذلك وعيها اتجاه حقوقها الشرعية كعنصر فعال ومهم في تأسيس وبناء المجتمع المتحضر الذي يضمن لها حقوقها كإنسانة تمتلك الوعي والقدرة على مشاركتها الرجل في جميع نواحي العمل وحتى النضالية منها.

 حيث تجسدت هذه التجربة بالمواقف الوطنية والبطولية للمرأة العراقية بالتصدي والوقوف مع الرجل ضد معاهدة (بورثسموث) الاستعمارية في عام (1948) ومشاركتها في انتفاضة وثبة كانون الثاني المجيدة من العام نفسه، وكانت رمزا للبطولة والتضحية حينما تصدت وبشجاعة لرصاص الغدر على جسر العتيق (جسر الشهداء) واستشهدت فتاة الجسر (بهيجة) وهي شامخة متحدية حكومة نوري السعيد العميلة والرجعية، واستمرت في نضالها الوطني حتى يوم ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة عام ( 1958 )

 وكانت ثمرة ذلك النضال الوطني والبطولي مشاركة المرأة في أول حكومة وطنية وجمهورية حيث أنيط بالمناضلة الراحلة الدكتورة نزيهة الدليمي حقيبة وزارة البلديات وهي أول امرأة تشغل منصب وزاري في الشرق الأوسط.

 ثم جاء يوم الثامن من شباط الأسود عام ( 1963 ) يوم الانقلاب ألبعثي الفاشي الذي مارس أبشع أنواع الجرائم والقتل بحق كل الشيوعيين والوطنين الذين وقفوا ببطولة وشجاعة متحدين عصابات ألبعث الفاشي.

 وهنا أيضا كان للمرأة دورا مشرفا وبطوليا كما كانت عليه سابقا، إذ وقفت شامخة بوجه المجرمين القتلة من عناصر عصابات الحرس القومي ورغم تعرضها إلى أبشع أنواع أساليب التعذيب الوحشي والقتل وكذلك تعرضها أيضا إلى الاعتداء الجسدي الغير خلقي وإنساني على يد زمرة الانقلابين الفاشست.

 لقد قدمت المرأة العراقية الكثير من التضحيات على الصعيدين الاجتماعي والسياسي طيلة حياتها ونضالها الوطني مثل حملها السلاح إلى جانب الرجل مقارعة النظام المقبور في صفوف الحركة الأنصارية في جبال كردستان وتحملها للظروف الصعبة والقاسية على قمم وسفوح الجبال متحدية أشرس نظام دكتاتوري وفاشي شهده العراق.

 ولأن طيلة هذه السنين من الكفاح البطولي والمرير الذي خاضته المرأة العراقية وبجدارة على جميع الأصعدة سواء كانت سياسية أم اجتماعية وفي ظل بما يسمى العراق الجديد عراق دولة القانون والدستور والمؤسسات الذي ناضلت وضحت من أجله عراق تسوده الحرية والعدالة الاجتماعية ويضمن لها حقوقها الشرعية كعنصر فعال في بناء المجتمع المتطور والمتحضر الذي يصون كرامتها كامرأة شاركت الرجل في النضال والإبداع على جميع المستويات.

 ولكن مع الأسف في ظل العراق الجديد الذي أعتمد فيه رئيس الوزراء نوري المالكي على العشائر من خلال مجالس الأسناد الذي تبناه هو عراق يسوده الصراع بين الكتل والقوى ألسياسية المتحالفة في ما بينها من أجل المكاسب الحزبية والطائفية والقومية لازالت المرأة العراقية هي الضحية حيث تعرضت إلى القتل على يد عصابات فرق بما تسمى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في محافظة البصرة المدعومة من قبل المليشيات المسلحة، أن الكائنة الرقيقة والجميلة التي وقفت وبشجاعة متحدية كل القوى الرجعية والمتخلفة الذي لازالت تعيش عصر الظلام والعبودية، تعيش الآن وفي القرن الواحد والعشرين متعرضة  للاضطهاد والقتل بحجة  غسل العار في العراق الجديد الذي أعتمد رئيس وزرائه على العشائر التي تؤمن ( بغسل العار ) ؟؟

ومن واجب كل القوى الديمقراطية والعلمانية التي تؤمن بالمساواة وحقوق المرأة الشرعية أن تقف ضد هذه الأفكار والمعتقدات الظلامية والرجعية والوقوف إلى جانب المرأة العراقية التي ناضلت ولا زالت تناضل من أجل عراق تسوده العدالة والمساواة الاجتماعية.

فألف تحية للمرأة العراقية التي ناضلت ولا تزال تناضل من أجل العدالة والمساواة الاجتماعية والحرية في عراق خالي من التقاليد العشائرية المتخلفة التي تحلل قتل المرأة وذبحها بحجة غسل العار.

تحية أجلال وإكبار إلى كل شهيدات الحركة النسائية الديمقراطية والوطنية اللواتي وهبن أرواحهن ثمنا للحرية والعدالة الاجتماعية

   العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com