|
وجع بقسوة الطغيان
احمد مهدي الياسري سابدا من حيث انتهيت وسابحث في الآلام والاوجاع بعشوائية تشبه الايام التي تشابهت في قسوتها حتى غدا الامس واليوم واحداً الا مارحم ربي؟ وساتجول بين هذه وتلك الهموم كيفما تناديني الآهات بعد ان وصفت هي حالها , متجسدة في كتل متحركة اسمها الانسان العراقي ينتظر الفرج والتغيير الحقيقي بفارغ الصبر ومزيد من التضحيات الجسام الجسام .. ساترك المداد يتحدث عن اوجاع الانسان والعراق وجع يتلو الاخر يتلوى في الصدور الحرى والقلوب المكلومة وكما رات عيني وسمعت اذني.. هل اتحدث لكم عن الرؤوس التي قطعت واخرى تنتظر وام واطفال صغار يأنون وجعا داميا يصرخون من خلف قضبان الظلم والطغيان الوهابي اخجل ان ارفع سماعة الهاتف بعد الوعود والبيانات من قبل المسؤولين عن هذا الملف الهام حينما يتصلون بي يوميا وفي كل ساعة ودقيقة يطاردونني باسئلتهم وهمومهم ومآل مصيرهم ولا اعلم بم اجيبهم وارد عليهم وماذا اقول لهم وكيف ابرر لهم هذا الهوان والنسيان وظلم الانسان لاخيه الانسان ؟؟ سالت من سالت عن مصيرهم وعن فجيعتهم والوعود الخضراء والصفراء والحمراء فقيل لي ان مصيبتهم ضاعت بين قرارات مجلس الوزراء بت بها ووافق على الاتفاقية الامنية بين العراق والسعودية وانتقل مشروع الاتفاقية الى اقبية مجلس النواب الممتلئة باتربة الماضي والحاضر وان اوراقهم قد تكون في ادراج المشهداني ومجلس النواب المنشغل بامور الاخرين , هموم امريكا والبعثيين الصداميين ومحنة المجرمين من اركان الطغمة الصدامية البائدة ومطالب الدليمي والعاني والمطلك , مجلس النواب الذي هو اليوم منشغل في عزف سمفونية الشقاق والنفاق كلماتها تقول ان رضى الدليمي والعاني والدايني والمطلك وعلاوي وعلي الكيمياوي ورغد وسلطان هاشم ووووو فوق رضى الله والعراقيين وعظام الشهداء وان مشاعر القتلة الصداميين البعثيين الذين قست بحقهم القوانين والعدالة الجديدة الجائرة اغلى من دمع العجوز ام اياد مناع وابيه واطفاله الجياع , اياد المنتظر قطع راسه على يد الجلاد الوهابي في كل ساعة او طفلة الشهيد الحي محمد الشمري التي جاعت يوم فارقها ابيها ينتظر راسه الذي سيتدحرج في أي ساعة ولم تعرف بطنها معنى الشبع و اضلعها الرقيقة المنحنية الملتصق عليها الجلد التصاق العاشق بذكرى حبيبته تحكي للتاريخ قسوة الايام وجور من ائتمنتهم وابيها وجدتها على مصيرهم .. ساترك الحديث عن ظليمة مئات الاسارى لنقل انهم مخطؤون وانهم مجرمون بحق الوهابية وال سعود ولكن كيف للتاريخ ان ينسى ان هناك ثمة من كان يهمه ان يوصل ابناء البغايا من حثالات الاجرام الوهابي التكفيري الانتحاري الى احضان الغواني ولاترف له جفن ضمير لاطفال رضع وامهات تتوجع وعيون انهكها البكاء وجرحها وادماها الدمع تنتظر عدل العهد الجديد !!؟؟ هل احدثكم عن عينة من عشرات الدموع والاوجاع تتكرر في كل بقعة من جنوبنا المتوجع .. قرى في ناحية الفجر قرب الناصرية عدد نسماتها قارب الثلاثة آلاف نفس طيبة غالبيتهم اطفال وشباب ونساء وشيوخ , رمتني الصدفة بينهم دون سابق ميعاد , اناس طيبون كرماء ودودين يذبحون ابنائهم للضيف ان لم يجدوا في بيوت الطين ما يفي بحق الضيف , سالتهم عن احوالهم فانسالت سيول الآهات حمما كانت تغلي بين الصدور تنفث حرائقها هنا وهناك تكاد تنفجر غيضا حتى انني بررت لهم ما كانوا عليه من حال سابق لا بل ايقنت عندها ان من الطبيعي ماكانوا يفعلوه من افعال ساتي على ذكرها لاحقا رغم استنكاري لها كخلق وسبيل في الحياة .. الشاب حسين ابن تلك المنطقة والمثقف الوحيد فيها قال لي هل تعلم يا احمد ان هذه المنطقة وغيرها مما جاورها والابعد لم تعرف طعم الماء الصالح للشرب ولم تنعم بالكهرباء ولم تفتح فيها مدارس منذ عهد سومر حتى اليوم وان كل من فيها في جهل وتخلف ولايعرفون القراءة والكتابة وفيها المئات من العوائل اقل عائلة 10 انفار !!؟؟ قلت له هل تعني ماتقول ام ان في الامر مبالغة ؟؟ فاقسم لي انهم لم يعرفوا طعم وصفة هذه الاشياء رغم ان القرية المجاورة لهم والتي اشار اليها بيده السمراء المتعبة البارزة عظامها حتى انها تبدو عظاما لم يغطها جلد ولحم وقال لي هل ترى تلك الاعمدة للكهرباء والبيوت ؟؟ قلت له نعم اراها بوضوح هل هي لدولة مجاورة ؟؟ فابتسم بالم وقال لا انها قرية رفيع تنعم بكل الخدمات المحرومين منها نحن ابناء منطقة الفجر ونائبها من جبهة التوافق كل ابنائها وعوائلها من طائفة انفسنا السنة وقد رفع النائب عنهم في البرلمان قضية افتقارهم لتلك الخدمات فلبي طلبهم وتمت تغذية قريتهم بكل الخدمات والكهرباء حتى ان الامريكان ساهموا بانشاء تلك المنشآت الخدمية ومنها اعمدة وكابلات الكهرباء والماء فيما بقينا نحن والقول للشاب حسين وابناء القرى المجاورة على حالنا واردف بحسرة وغيض قائلا انتظر يا احمد لاجلب لك مئات الاوراق والعرائض التي رفعناها الى المحافظة والى بغداد والى وزير الكهرباء والتربية والبلديات وووووو حتى لقناة الفرات الفضائية ولكن اسمعت لو ناديت حيا ولاحياة لمن تخاطب والقول لما يزل للشهيد الحي حسين ابن القرية البائسة الواقعة على طريق الكوت الناصرية قرب منطقة الفجر.. بينما كنت اتحسس آلامه واحلامه واستمع الى اناته فاجئني وقال لي هل سمعت يا احمد عن السلابة وقاطعي الطريق في هذه المناطق ؟؟ قلت له نعم سمعت عنهم الكثير من القصص المؤلمة وهناك قصص تروى عنهم وعن افعالهم ؟؟ فاسرع بالقول وكاني به يريد ان يحذر وينذر الجميع ان من الممكن ان يكون الامر كما كان سابقا ولن يلومهم احد بعد اليوم ان عادوا للانتقام لانفسهم ولمصير اطفالهم وكبارهم وعملوا بشرعة الغاب اجبرتهم قسوة الانسان ان يمارسوها غير راغبين بل مجبرين .. تابع حسين قائلا هل ترى تلك المجاميع من الشباب هناك وهناك واشار الى مجاميع تجلس مع بعضها او ترعى هنا وهناك على مد البصر ؟ اجبته نعم اراهم انهم بعمر الشباب وفيهم حيوية وطاقة كبيرة وللعلم تعدادهم اكثر من الف شاب في تلك المنطقة فقط بعظهم فتح اكشاك لبيع المرطبات على الطريق العام وقسم منهم افتتح مقهى لبيع الشاي هو ما دعاني ان انزل لشرب الشاي عندهم وهناك علمت بمصيبتهم ومأساتهم التي علق عليها احد الشباب وقال لو كان تحتهم نفط لرايت المحافظات المجاورة تتنازع على ان يكونوا منها علما انهم يقولون نذهب للناصرية تقول لهم انتم تتبعون المثنى والمثنى تقول لهم انكم تتبعون الناصرية وهكذا ضاعوا بين هذا وذاك .. اجابني حسين وقال هؤلاء يا اخ احمد كانوا بالامس القريب سلابة يقطعون الطريق على المارة في سياراتهم لايفرقون بين حكومة وغيرها همهم الانتقام من كل من نسيهم ولم يفكر بظليمتهم ومايفعلوه انما هو نتيجة طبيعية للحرمان والجوع والفاقة .. وهل تعتقد ان ينتج الجهل والفقر والحرمان والظلم والنسيان غير ذلك ...؟؟ لن اطيل و ساترك قضيتهم لتكون موضوعا مستقلا بحد ذاته بعد ان اضع لكم وقتها كل الوثائق والاسماء والاوراق والمراجعات والصور الدالة على تلك المحنة وبالطبع هناك غيرها الكثير في انحاء العراق ولكن لا اخفيكم انني بت مقتنعا ان من ذهب منهم الى السعودية لطلب الرزق ويقولون انه اجرم هناك وغالبية الشباب الاسير هناك من تلك المناطق وماجاورها او من على شاكلتها او من بقي في تلك الارض المنسية ليمارس التسليب والسرقة او من هو بالامس القريب واليوم مشروع قاتل او سارق او مشروع ارهابي ممكن ان يشتريه الدولار الاجرامي القادم من خلف الحدود ليضع عبوة هنا او هناك انما هم صنيعة ايادي حكمت بالامس واخرى تحكم اليوم بذات المنهج للاسف الشديد .. المشهد الاخر ..... ذهبت مع احد الاصدقاء لكي يجلب طفلته كالعادة يوميا من المدرسة الابتدائية بعد انتهاء الدوام , و انتظرنا تحت اشعة الشمس الحارقة بعض الوقت وخرجت الطفلة الجميلة بظفائرها المتدلية على اكتافها فامسكت بيدها الصغيرة وقبلتها وسالتها عن المدرسة هل تحبها ام تكرهها ؟ فاجابتني بحسرة انها تتمنى ان تبقى في البيت وان لاتذهب للمدرسة !! قلت لها لماذا ياحلوة ؟؟ فاجابت ببراءة وعفوية ان المعلمة قاسية تضربهم والمديرة تشتمهم وان الصفوف وسخة وان الجو حار ولايوجد ماء للشرب وقالت لي بلغتها الجميلة " عمو صار ساعتين ماعدنة دروس المعلمة غائبة ولكن المديرة تصر ان نبقى في الصفوف الحارة حتى نهاية الدوام وممنوع ناكل ونشرب أي شي ..!! بالطبع انا لم احتمل انتظار ربع ساعة تحت اشعة الشمس خارج المدرسة رغم اننا كنا نجلس في سيارة ننتظرها فكيف تقضي هذه الطفولة الغضة الرقيقة ساعات وساعات في تلك الاجواء القاسية من الاتربة والغبار والشمس الحارقة وقسوة من يسمون معلمين ومعلمات لن اعمم فثمة هناك من هم طيبون ولكن حالهم اسوء من ان ينتجوا خيرا لانفسهم فما بالك ان يقدموا خيرهم للاخرين .. سالت عن حال بناية المدرسة وماجاورها من مدارس وعن حال الصفوف فقيل لي ان في كل صف جهاز "سبلت " تكييف وهن في حالة جيدة و لايتم تشغيلهم الا في حالة واحدة ونادرة وهي عند قدوم أي مشرف او مفتش يبلغ الادارة قبل قدومه للتفتيش ليتسنى للمعلمات تشغيل المكيفات وتنظيف الصفوف بواسطة تلك الطفولة البريئة وووووووو ماشاكل ذلك من بيع الضمير والشرف .. موضوع التعليم في العراق وطرق التدريس والتربية المدرسية تحتاج بحوث ودراسات فمن غير المعقول ان تبقى الطريقة المتبعة منذ زمن على حالها والا بربكم قولو لي ماجدوى ان يدرس الطفل او الشاب الكيمياء والفيزياء ومختلف العلوم وعند مرحلة ما يتخذ مسار القسم الادبي لينتقل بعدها الى كليات التربية والاداب او القانون وغيرها مما لايمت للفيزياء والكيمياء بصلة وحينما تحسب الجهد والوقت الذي قضاه التلميذ والاستاذ في تدريس تلك المواد بدون فائدة فيما بعد تجده وقتا واعصابا واموالا تهدر بغير مكانها من المفروض وضع اسس وضوابط جديدة تتلائم مع هذا العصر وياحبذا لواستعنا بتجارب الدول المتقدمة للاستفادة منها والتي تتخذ من مستويات وميول ورغبات الطلبة الحقيقية الوسيلة والطريق لوضع التلميذ في مكانه المناسب في البناء والتقدم ومن غير الممكن القبول بما يجري حيث يتساوى المبدع والذكي والمميز مع غيره من المستويات المتدنية فيما يتوجب على الشارع التربوي ان يؤسس لقوانين واسس تربوية تعتمد على البحث النفسي والعلمي لسبر اغوار مدارك الطلبة ومنذ مراحل الابتدائية ليتسنى للمشرفين معرفة ميولهم وابداعهم وبالتالي وضعهم في امكنتهم المناسبة وفق اسس التخصص لكي يكون الابداع نتاجهم في نهاية المطاف وما اكث طلبة وخريجي كليات علم النفس وما اقل انتاجهم وللحديث شجون وتكلملة .. انتقل بكم الى موضوع اخر وساكلمكم عن مشهد لاب موجوع مكلوم يحمل طفلته الصغيرة مصابة بتضخم في القلب حالتها خطيرة تتطلب علاج عاجل خارج العراق ويتوسل ابيها المسكين بالطبيب المعالج ان يكتب له تقريرا عن حالة ابنته ليذهب بها الى بغداد ليتوسل المسؤولين ومن انتخبهم ان يعاملوها معاملة اولادهم اذا اصابتهم الحمى ينقلون فورا الى لندن وغيرها فيما يتلوى هؤلاء المساكين الما ووجعا , ولكن كان رد الطبيب له بالرفض واللامبالات , مبررا الامر بانها صغيرة وموتها ممكن في أي ساعة كما يقول الطبيب وان علاجها موجود في خارج العراق ومكلف ولان ابيها في حال يرثى له من الفقر البارز بوضوح عبر تقاسيمه الموجعة الموزعة على جسده ووجههة المنهك بجور وطغيان الزمن والطغاة فرأي الطبيب انه من المستحيل له ان يتمكن بحالته الرثة تلك من اقناع أي مسؤول في بغداد او المحافظة بالاستجابة لطلبه وقال له بالحرف الواحد وسمعت ذلك باذني " ايها الرجل انها ميتة قريبا , لماذا تتعب نفسك بالمستحيل وحالتك المادية والاجتماعية واضحة فلاترهق نفسك وهي ميتة قريبا " وبالطبع الطبيب كان ينتظر خروج هذا المسكين بعد ان يضع امامه مابحوزته من نقود كاجرة الكشف والحديث القاتل الذي سمعته بين الاثنين ولم يفكر بكل الوسائل الممكنة لانقاذ حياة انسان ماخلقه الله بهذه الحالة الا ليكون درسا وامتحانا للجميع الاب والطبيب والام ومن سمع بمصيبتها ولم ينصرها ومن ائتمنهم الشعب ليغيروا حياته من زمن الجور والظلم الى مايعتقدوه ان يكون دولة الانصاف والقانون وحق الانسان أي كان جنسه ومعتقده ..!! ليتني ماسمعت ولا رايت تلك المصيبة وغيرها الكثير والتفت لاسمع الرد من ذلك الاب ويالمرارة ماسمعته قال الرجل المكلوم للطبيب بالحرف والشرر والغضب والحسرة والوجع يتطاير من عينيه ينفث العبرات حمما وبراكين "انك لست بأ لاه او رب لتقرر الموت والحياة لطفلتي واقسم انني ما دمت حيا وبي رمق واستطيع بيع نفسي وما املك من اجل ابنتي سافعل ذلك , واعلم انني سافعل كل مابوسعي وساتوسل واقبل الاقدام والايادي من اجل ابنتي الصغيرة هذه وحياتها وان مضت بعد ذلك الى الله ميتة تشكوه ظلمكم وجوركم فعندها ساقول لربي انني حاولت وسعيت واجتهدت لانقاذها بكل ما املك ولكن امرك ماضي وقضائك لاراد له .. " كانت غرفة الطبيب الخاصة ممتلئة بالمرضى بينهم والدي الذي جلبته لاقرب طبيب لفحصه فيما اقنعته وقتها بترك هذا الطبيب لانه تاجر بقلوب البشر وليس بطبيب يعالج مرضى القلوب , واقول غرفة الطبيب الخاصة أي التي يفحص فيها المرضى وتذكرت انني تركت العراق والطبيب ومريض واحد في الغرفة و لايدخل الاخرين حتى ينتهي من المريض الاول وهكذا , ولكن ياللحسرة والالم في العراق الجديد الطبيب ومن يزرق الابر والصيدلية كلهم في رواق وغرفة واحدة .. تجار اكثر منهم مؤتمنين على ارواح وصحة العباد وباجورهم !! هذا هو حال العيادات الخاصة , فكيف ياترى سيكون حال المستشفيات العامة ؟؟ الجواب متروك لكم عزيزي القارئ. لاترك بقية المأساة لخيالكم وتصوارتكم واذهب الى امر اخر وليس اخير واتسائل من منا لايحب المطر وخيره وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم "وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ أفلا يؤمنون" الأنبياء 30 ..؟ فمن المؤكد انه سيكون حال العراقي والعراق المتصحر الجاف في عشق لرؤية قطرات المطر وهي تحول الاتربة والجو والارض الى طيب واستقرار واخضرار وخصوصا وان العراق يمر منذ سنين عجاف بحالة تصحر وجفاف قاسية جعلته في حال يرثى لها وخصوصا وانت تنظر اليه من اعالي الاجواء التي ترسم لك الحقيقة الكاملة و ما ان تطل عليه من شباك الطائرة تراه كخريطة من البؤس والشقاء وسترى الفارق الشاسع بين الجوار القريب أي كان وبين ماكان يسمى ببلاد النهرين ومايسمى بارض السواد لكثرة الخضرة والنماء فيه .. وهنا بالطبع لا اعني به عراق اليوم بل عراق كان ياماكان في سالف العصر والزمان ..!! وكنت في احد الايام في زيارة لاحد الاماكن المقدسة مع مجموعة من الاحبة والاصدقاء وسالت صديق بجانبي لماذا لاتصلون صلاة الاستسقاء وتدعون الله ان ينزل خير عطائه وبركات امطاره وقلت له ان رحمة الله واسعة وهو القائل ادعوني استجب لكم وانتم مظلومين ودعوة المظلوم مجابة ..؟ اتعرفون بماذا اجابني هذه الصديق العزيز ؟؟ قالها بجدية واضحة وبالنص " مروتك احمد خليهة جافة وناشفة الله يخليك ترة ماعايزين قهر " .....!!!! استغربت رده واعتقدت انه يمزح او انه يائس من رحمة الله نتيجة مايجري ولكنه اصر على الامر وخصوصا حينما قلت له ساصلي ركعتين قربة الى الله ادعوا فيهما لعراقنا الحبيب بالخير والمطر فانه من سيحول ارضنا العطشى الى سابق عهدها المخضر والمورق فرد علي "الله يستر عليك استر علينة واكعد راحة ترة راح اصلي وراك اربع ركع اطلب بيهم ان يمنع الله المطر عنا " فضحكت منه ورغم كل شئ دعوت الله ان ينعم على وطني بعميم خيره وان ينزل الماء مدرارا ليحيل بوار الارض وقسوتها واتربتها ارض خير واخضرار ونعيم .. عدنا الى بيوتنا ونسينا الامر ومرت ايام وتبعتها اخرى وفوجئنا يوما بغيوم تملأ السماء حولت نهار العراق ظلاما بسبب ماتحمله من خير وانزلته امطار لم يسبق للعراق ان شهدها منذ وقت طويل وتفجرت اساريري فرحا وغبطة فقد سامت الاتربة والغبار والجو المشبع بهما وما اجمل العراق وتربته الطيبة برائحتها المميزة وهي تلامس قطرات المطر فتحيل الاجواء والارض انتعاشا واخضرارا لامثيل له يتحسسه من ذاق مرارة الجفاف والتصحر والحرارة الشديدة .. تناولت الهاتف واتصلت بسرعة بصديقي العزيز لأهنئه بهذا الخير العميم فاذا به وصوته يقول انه في اشد حالات الحزن والكآبة والتذمر ...!! استغربت حالته وقلت له يا اخي هل هناك من يرفض النعمة ؟؟ اجابني بسرعة نعم نحن في العراق لانريد هذه النعمة النقمة كما اسماها مع عبارة " استغفر الله قالها بحسرة وندم " فاستفسرت منه عن السبب فاجاب وبتحدي قائلا اما عني فانني لن اخرج لنتجول ونقضي امورنا بسيارتي في الايام القادمة مادام المطر على هذا الحال, وكنت قد تعودت ان نتحرك فيها كل يوم حتى باتت جزء مني رغم انها متعبة جدا وهو يرفض ان يستبدلها رغم الحاحي عليه , وتحداني ان استطيع الوصول اليه والى بيته بسيارة تكسي او أي سيارة اخرى ..!! خرجت اليه متحديا واستاجرت سيارة تكسي كان مصيرنا انا والسائق ومجاميع اخرى من السيارات المختلفة الغرق والعطل وسط برك الماء المتجمعة في اغلب الشوارع الرئيسية والفرعية وكان ان بقينا ساعات نحاول ونحاول الخروج من تلك البحيرات التي اصبحت فيما بعد تسلية للاطفال الصغار يلهون بها سباحة ولعبا علما ان تلك الحالة كانت في كل مكان نزل في المطر في ارض العراق مع العلم ان اغلب الطرق كانت مبلطة حديثا ولكن تسليطها على شكل احواض وحفر ..!! عندها علمت السبب الذي دعا صديقي ان يقول لي ارجوك احمد لاتدعوا لنا بنزول المطر لان المطر في كل البلاد هو خير ونماء الا في العراق فانه دمار وبلاء وفيضانات نتيجة سوء تبليط الشوارع وعدم وجود مجاري تصريف مياه الامطار علما ان هناك الكثير من العوائل رزقها يومي أي يوم بيوم و ان عملوا يومهم شبعوا وان توقفت اعمالهم بسبب هكذا فياضانات جاعوا ومرضوا وفي مثل هكذا حالة من المستحيل وصولهم الى اعمالهم بسهولة ويسر .. اما دوائر الدولة وطرق التعامل مع المواطن فهنا للحديث شجون وشجون لايمكن لمجلدات وصفها .. شاب يحمل والدته العجوز على ظهره يصارع من اجل الوصول الى الشباك الصغير يتجمع عليه العشرات بل المئات في بعض الاحيان والسبب لكي تبصم المسكينة للحصول على راتبها الزهيد جدا من الرعاية الاجتماعية .. ذات المشهد تراه في دوائر الجنسية والصحة ووووووووو الكهرباء والماء وفي بقية دوائر الدولة ... مشهد شاهدته بنفسي عشرات الرجال والنساء شيوخ وشباب يتقاتلون من اجل الوصول الى الموظف عبر شباك صغير جدا وعالي نوعا ما ومكشوف للفضاء وحرارة الجو فيما بجانب الشباك خلفية المكيف التي تنفث الهواء الساخن على المواطن فيما الموظف ينعم بالتبريد والماء البارد وهؤلاء كلهم بعظهم ملتصق بالاخر التصاقاً.. كنت موجودا لاتمام معاملة خاصة بي حالي حال المواطن اعاني معه مايعانيه وتجمعنا امام الشباك الصغير في صراع مرير من اجل الوصول الى الموظف الغير مبالي بكل تلك المعانات ولا حتى المدير الذي يرى هذه المشاهد كل يوم ولايحرك ساكنا وفي خضم الصراع هذا برزت احدى الحرائر العراقية الاصيلة مخاطبة الجمع من الرجال ومدير وموظفي الدائرة قائلة : " الا يوجد بينكم رجل ليصرخ وينادي المدير او أي مسؤول ويقول له هل يسمح لامه او زوجته او اخته ان تعاني مثل هذه المعانات ام ان مايحتاجوه من وثائق تصلهم الى البيت دون عناء ومشقة واضافت للجمع لو كنتم رجال لصرختم بوجوههم لقد زال الخوف بزوال صدام ام انكم تعتقدون ان صدام لازال موجود وتخافون منهم الى متى السكوت هل اصبحتم اموات لاحياة فيكم ؟؟" قلت لها أي والله ايتها الحرة لما يزل صدام وطغمته موجودة ومادام هذا الفساد الاداري والمهني والاخلاقي موجود فان البعث وطغمته الفاسدة لم تسقط بعد ووعدتها ان اتكلم مهما كلف الامر واليوم هذه العينات التي اضعها امامكم هب جزء مما سنتحدث عنه فارهاب الفساد والجهل اشد مضاضة من تفجيرات الارهاب الخارجي والداخلي وغدا التفاصيل بالصورة والوثيقة .. اتعلمون ان مشهدا رايته اصابني بالذهول واليكم المشهد : امراة كبيرة بالسن قادمة من احدى النواحي الريفية القريبة من النجف الاشرف تريد عمل شهادة للجنسية وكانت وسط الزحام تحمل اضبارة المعاملة في الدور المبعثر الصاخب اكثرهم يتجاوزها اما عنده واسطة او هو ذو صحة وعافية تجعله يتجاوز الضعفاء والمرضى بكل سهولة ويسر وبعد ساعات وصلها الدور امام الشباك الصغير جدا وحالما تصفح الموظف معاملتها صرخ بوجهها ... الصور يجب ان تكون خلفيتها ملونة وليست بيضاء ورمى المعاملة بوجهها وهي تتوسله ان يكملها وستجلب له الصور ولكنه اصر ان تعود بالمعاملة من حيث اتت وتاتي بها كاملة ولن ستلمها منها رغم الوقت الذي قضته لكي تصل اليه ..!! للعلم المراة العجوز المسكينة اتت من مكان بعيد ومنذ الصباح الباكر في هذا الدور المئوي من المراجعين ووصلها الدور قبل نهاية الدوام بقليل فلكم ان تتصوروا المعانات فيما لو اتت مرة اخرى ووصلها الدور والمسكينة نسيت ورقة او طابع او مضبطة السكن او البطاقة التموينية او اواو من الامور التعجيزية الغير مبررة لعمل وثيقة كشهادة الجنسية العراقية ..!! لم اترك الامر يمر مرور الكرام وقابلت احد المسؤولين في الدائرة ولم اكشف له عن شخصيتي وكلمته عن الموضوع واصلاح الامر وكان احد الضباط برتبة ملازم يجلس في الغرفة قربه والتفت لي قائلا هل جئت لتنظر لنا نحن نعرف عملنا لانحتاج الى نصائح ..!! اهملته وتحدثت مع المعني بالامر وقلت له ببساطة يمكنكم وضع اوراق صغيرة مكتوب عليها ارقام من الواحد الى ال 500 مثلا وحسب استيعاب الدائرة اليومي للمعاملات الممكن انجازها وحساب ذلك بسيط اذا ما قلنا ان كل معاملة تحتاج دقائق معروفة وتحسب هذه الدقائق على عدد المواطنين متناسبة مع ساعات العمل المحددة فتكون هناك نتيجة معروفة والمواطن حالما يصل يعطى رقما ويقال له اجلس في الرواق حالما تسمع رقمك اذهب للشباك لوحدك لتتكلم مع الموظف بيسر وراحة وحتى الموظف يكون مرتاحا بدل الضوضاء والجلبة والصخب والازدحام وعندها تنجز المعاملة بهدوء ويسر للجميع , اما بالنسبة لشروط اكمال المعاملات وللوثائق المتعددة فحري بالدائرة وضع لافتة على الحائط توضح بها شروط ونوع الوثائق والصور ومراحل المعاملة في باقي الدوائر البعيدة ليتسنى للمواطن اكمالها دون ان يضطر للازدحام وسؤال الموظف عن تلك الامور واغلب المواطنين هكذا يفعلون وبالمناسبة هناك مسنين ومسنات كثيرون لايعرفون القراءة والكتابة ويجب وضع مكان في كل دائرة فيه موظف او اكثر ليشرح للمواطن متطلبات كل معاملة وما اكثر الموظفين يجلسون ويدورون في داخل الدوائر وخارجها بدون عمل يذكر فيما ياتي اخر الشهر ليقبضوا رواتبهم ولا ادري كيف يحلل هؤلاء لقمتهم واطفالهم ..؟! هذه العينات غيض من فيض الفساد الاداري وهو نموذج بسيط لبعض الدوائر مثلها الكثير في الاماكن الاخرى تتشابه في النوعية والحال ونتمنى ان تنتهي هذه الظواهر وان يكون الرجل المناسب في المكان المناسب واعني بذلك لاخير في مدير لدائرة يشاهد هذه المعانات ولايحرك ساكنا ... ولاخير في مواطن لايتكلم ويشتكي على هؤلاء الفاسدين او الفاشلين ولاخير في مواطن يعطي الرشوة لاتمام معاملته ويخرج بعدها ليتذمر ويتباكى من دون ان يستخدم حقه القانوني في شكوى هؤلاء المفسدين امام القانون .. احد الاخوة قال لي عندما كلمته عن الحلول المتاحة احدها الشكى ضد هؤلاء المجرمين المفسدين .. هل تعلم يا احمد ان من هم من المفروض ان نشتكي عندهم هم من يرفض تقبل الشكوى الا برشوة ودفع .. !!؟؟ عندها فقط ايقنت ان عراق فيه العدل والقضاء فاسد لن تقوم له قائمة.. وان عراق يتحكم في مفاصله الجهل والتخلف لن تقوم له قائمة .. وان عراق لاتتحرك فيه غيرة الرجال لنصرة المظلوم والعاجز لن تقوم له قائمة ... وان عراق يبجل ويعظم فيه ذوي النفوذ والسلطة والمال ويحقر فيه البائس والمسكين والانسان البسيط وتمرر معاملات المعارف وذوي العلاقات الخاصة بالمسؤولين دون معاناة وجهد لن تقوم له قائمة .. لايعتقدن احد اننا نضع المشاكل دون حلول وفي قادم الايام ستكون هناك تقارير متكاملة للمشكلة وحلها وبالصور لتكون المقارنة ابلغ من أي مقال او حديث وليكون النقد البناء والبديل الناجح هو السبيل للتقويم بعيدا عن التسقيط والاسائة الغير مبررة .. قد يعتقد الكثير انها النهاية ولافائدة مما يقال ويكتب ولاكني في قرارة نفسي فاني متيقن ان عراقنا لن يبقى في هكذا الحال الى الابد مادامت في عروقنا دماء تجري وفي صدورنا قلوب تنبض بحبه وحب اهله الطيبين وللحديث بقية .
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |