|
صديقٌ معارض لسياسة المجلس الاعلى الاسلامي في العراق !
ظاهرة طبيعية في العراق عندما تزور او تُزار من قبل صديق ان يكون الحديث السياسي فاكهة المجلس العراقي، وأن كانت هذه الفاكهة من الفواكه التي تصعد بضغط الدم احيانا وربما بارتفاع بمنسوب السكري وكثيرا ما يكون هذا الحديث السبب بفوران الدمّ وظهور بوادر شقاق شخصي، ولكنّ وبما ان الحديث الذي دار فيه وجهة نظر تستحق الاستماع لها ومناقشتها فكريا وسياسيا ارتأيت ان انقل مادار من حديث حول المجلس الاعلى الاسلامي بزعامة السيد الحكيم، ليس باعتبار انني من المتبنين لهذه الرؤية فكريا، بل بسبب ان طارح هذه الرؤية هو من اصحاب الرأي الاخر الذي من حقه ان يطرح رأيه ونستمع له!. وعلى اي حال زارني صديق من المنتمين فكريا وليس حزبيا للتيار الاسلامي العراقي، وبعد السلام والترحيب والسؤال عن الاحوال بدأ الحديث عن آخر التطورات السياسية العراقية وهي : قرُب الانتخابات المحلية، والخلافات الكوردية العربية بين رئاسة الجمهورية وخط كوردستان، وبين رئاسة الوزراء وخط الائتلاف العراقي الموحد، وعندها وجدت ان صديقي هذا وبكثير من الغضب طرح عليّ السؤال التالي : الى متى يساهم المجلس الاعلى الاسلامي بقيادة السيد الحكيم باضعاف العراق وبيع الشيعة والجنوب والوسط العراقي للمصالح الكردية لالسبب الا في سبيل المصالح الحزبية الضيقة؟. والحقيقة انيّ صُعقت صمتا عندما طرح هذا الصديق العزيز هذا السيل القوي جدا من الاسألة التي بدت لي على اساس انها الف استفسار سياسي في سؤال واحد، فبادرت بتهدئة الموقف واعادة صياغة السؤال لافهم المُراد والمعنى فقلت : ياصديقي هدئ من روعك واعد عليّ رؤيتك قليلا قليلا وادفع الى فهمي القاصر عن الادراك الموضوع من البداية، وقل ليّ : من اين استقيت ان المجلس الاعلى الاسلامي مساهم باضعاف العراق ؟. وكيف رأيت ان هذا المجلس الاسلامي بائعٌ للشيعة ؟. ولماذا اعتقدت ان المجلس الاسلامي العراقي الاعلى مفرّط بحقوق الجنوب والوسط ؟. وماذا قصدت بقولك في سبيل مصالح حزبية ضيقة ؟. واخيرا كيف ربطت كل هذه الخطايا للمجلس الاسلامي الاعلى ومصالح اخوتنا الكورد ؟. وكعادة الانسان العراقي السياسي عندما تسأله اسألة بحاجة الى ترتيب فكري هادئ وهو لم يزل غاضبا، فانه حتما سيعود ليسألك انت اسألة مضادة بدلا من اجابتك مباشرة على الاسألة ليأخذ قسطا من الوقت لتهدئ اعصابه ويفكر بالاجابة، فسألني صديقي المحترم : كيف ترى انتَ، وبماذا تفسر مواقف المجلس الاسلامي الاعلى مع الاخوة الكورد، وهو يبدو في احيان كثيرة كورديا اكثر من الكورد انفسهم ؟. قلتُ : افسر هذه الظاهرة الكوردية المجلسية الاسلامية على اساس ان المجلس الاسلامي يرى في الكورد حليف سياسي مصيري بالنسبة له، وكذا وكلما ظهرت بوادر نقد للتحالف الكوردستاني من قبل اي فئة حزبية عراقية فانه يسارع بالقول : الحذر الحذر من زرع الفتنة القومية بين العراقيين، وان يقال كورد وعرب، مما يدفع ليّ الاعتقاد ان المجلس حريص جدا بعدم افتعال اي ازمة مع اخواننا الكورد مرّة لتاريخهم المشرف مع المعارضة، ومرّة لثقلهم السياسي في العراق ؟. فرجع صديقي المحترم مرّة أخرى ليسألني من جديد بدلا من الاجابة على اسألتي المذكورة فيما مضى ليقول : لوفرضنا ان مصالحنا السياسية الجنوبية والعراقية والشيعية صادفت ولو لمرّة انها متناقضة مع مصالح الاخوة في كوردستان من السياسيين فيها وفي بغداد، فهل تعتقد انت ان المجلس الاسلامي الاعلى بقيادة (ال الحكيم) سيغلب مصالح العراقيين والشيعة والجنوب والوسط على حساب مصالحه الحزبية مع الكورد ؟. أو انه سيطيح بمصالح الطائفة والجنوب والعراق في سبيل الحفاظ على مصالحه مع كوردستان والساسة الكورد ؟. وعندها وبسرعة البديهة البطيئة التي امتلك قلتُ له : ياصديقي هذا سؤال يطرح على اصحاب الشأن في الموضوع ولايطرح على مسكين معتّر لايملك الادماغه وقلمه في هذه الغرفة، ولكنّ لوسألتني رأيي لقلت ان المجلس سيغلب مصالح شعبه وطائفته وبلده ان وصل الى الامر للاختيار الواحد فقط لاغير !. فالتفت ليّ صديقي وقد بدت عليه أمارات الهدوء والراحة النفسية وترتيب الافكار بشكل حاد ليسألني قائلا مع ابتسامة تنم عن الشعور بالانتصار في المناقشة ليقول ليّ بثقة وقوّة : أعيد عليك السؤال بصيغته الاخرى وزاويته المختلفة لاقول : لوفرضنا ان المصالح الكوردية السياسية قد اتجهة باتجاه حاد جدا لتتناقض مع مصالح الائتلاف العراقي الحاكم بقيادة رئيس المجلس الاسلامي الاعلى في العراق السيد الحكيم، فهل تعتقد ان الاخوة الكورد سيغلبون مصالحهم الكوردستانية على كل المصالح العالمية فضلا عن العراقية ؟. أم انهم سيفكرون طويلا قبل اتخاذ القرار لانحيازهم لمصالحهم الكوردية ؟. وللحقيقة وفي هذه الوجهة النظر من سؤال صديقي المحترم شعرت انه ليس في داخلي اي تردد في الاجابة على هذا السؤال بعكس السؤال الاول عن المجلس الذي ترددت فيه فقلت : نعم لاشك عندي ولاماتحت الصفر بالمئة ان الاخوة الكورد مصالحهم السياسية لايفكرون اصلا وضعها قبالة اي مصلحة سواء كانت مصلحة حزبية مع المجلس او مصلحة وطنية مع العراق !. أذن ( أجاب صديقي على الفور ) :لماذا لانتعلم من اخوتنا الكورد ان مصالحنا الجنوبية والوسطية والشيعية والعراقية هي فوق مستوى اي نقاش يذكر او مقارنة تُثار ؟. ولماذا عندما يختلف احد مكونات الائتلاف العراقي الموحد بقيادة السيد الحكيم كالمكوّن الدعوي او غيره بقيادة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي مع الاخوة الكورد على المصالح الوطنية، نجد ان المجلس الاسلامي الاعلى بزعيمه السيد المحترم يأخذ جنبة المصالح الكوردية ويضعف جنبة المصالح الائتلافية والعراقية والشيعية ؟. وبماذا تفسر لي وبغض النظر عما مضى من زمان : ان كل اختلاف يختلفه احد قيادات الائتلاف العراقي الموحد والذي هو الممثل الشرعي لمصالح الشعب العراقي مع قائمة التحالف الكوردستاني نجد ان المجلس الاعلى ينحاز بكليته وفي سبيل مصالح سياسية حزبية ضيقة ليطيح بقوة الائتلاف ولينتصر لقوّة الكورد ؟. قل لي بدينك :هل المجلس الاعلى الاسلامي كوردي ونحن لانعلم ويمثل المصالح الكوردية ؟. أم انه شيعي عربي جنوبي وسطي عراقي يمثل هذا الشعب ومصالحه السياسية والاقتصادية والاجتماعية ؟. أليس هذا بربك هو اضعاف للائتلاف العراقي وبيع لمصالحه الشعبية والوطنية عندما يسحب البساط المجلس الاعلى الاسلامي من تحت اقدام رئاسة الوزراء لارباك ثباتها، وليدعم بنفس الوقت مطالب التحالف الكوردستاني السياسية باسقاط هذا من الائتلاف ورفع ذاك من غيره ؟. والحقيقة عند هذا السيل من القنابل التساؤلية شعرت ان هناك انجراف قوي جدا من قبل صديقي المحترم، وان تركته يسترسل بهذا النوع من الاسألة، فنحن لانعرض التحالف الكوردي العربي للخطر فحسب، بل وسوف ندخل في صفارة انذار تنبأ عن الخطر الذي سيفتك بالائتلاف العراقي الوطني نفسه، فقررت التدخل وقلب الطاولة على رأس صديقي لافهم الموضوع فقلت وبصوت فيه الكثير من الغضب والحدّة كي يكون هناك ضوء احمر للتوقف : وهل يعني هذا من قولك واسألتك الا تهديم وتصديع وجود الائتلاف العراقي الحاكم الذي انتخبناه بدمائنا كي يكون الامين على مصالحنا السياسية ؟. وهل تريد الائتلاف ان يشنّ حربا على قائمة التحالف الكوردستانية لالشيئ الابسبب اختلاف سياسي هنا وهناك ؟. ثم وماذا بعد ذالك واين المخرج ؟. ومن المستفيد من كل هذه الضجة بين الكورد والشيعة العرب غير الصداميين واعداء العراق المحيطين به من كل جانب ؟. وبدلا من ان ترى ان المجلس الاسلامي يقوم بدور الوسيط الهادئ الذي يذلل العقبات لماذا رأيته بشكل المفرط والبائع لمصالح العراق والعراقيين على الجملة ؟!. صمت الكلّ بما فيهم صديقي العزيز المحترم بعد هذه الحرب الكلامية التي ربما تفضي الى حرب حقيقية دموية، ومن ثم ليتنفس بعمق صديقي وهو يحاول بكل ماأوتي من قوة ان يضبط من انفعالاته الفكرية والنفسية والروحية، وبعد برهة ليس بالطويلة استأنف الكلام بالقول : ياعزيزي يابو محمد نحن عندما نقول انه يجب على المجلس الاسلامي ان يكون وفيّا لمصالح شعبه ووطنه، وأمينا على الامانه التي وضعها شيعة العراق في عنقه، لانقول لاسامح الله انه يجب ان يفتعل الحروب بين طوائف وقوميات العراق المتعددة، ولكننا نقول : ان الدفاع عن حقوق الشعب الذي انتخب الائتلاف العراقي الموحد، وعدم المداهنة مطلقا على حساب هذا الائتلاف، وعدم اظهار اي ضعف لباقي المكونات السياسية الاخرى في صراع الارادات العراقية الطبيعية ...، كل هذا لايعتبر عارا او شنارا على قيادة الائتلاف العراقي الموحد المتجسدة برئيس المجلس الاسلامي العراقي الاعلى السيد الحكيم ان هو اظهر كباقي الاطراف السياسية العراقية بمافيها الكوردية انه لامجال ولالحظة تفكير امام مصالح الائتلاف العراقي الموحد، ومن هنا ربما كان اظهار نوع من التراخي بالدفاع عن المواقف والمصالح الشيعية الجنوبية الوسطية العراقية من قبل المجلس الاسلامي الاعلى هو مغمز القدح وليس العكس !. نعم نحن نطالب من المجلس الاسلامي ان يكون وفيا اولا لشعبه، وثانيا ان لايغلب مصالح المجلس الاسلامي السياسية مع الكورد على مصالح الشعب والائتلاف العراقي الموحد، وثالثا ان يظهر للكورد وغيرهم : انكم مثلما انكم لاتسمحون بالنقاش حول مصالحكم السياسية الكوردية فنحن كذالك ايضا لانسمح بالتفريط بمصالحنا الشعبية والسياسية، ورابعا لايعتقد المجلس الاسلامي مطلقا ان احد في العراق اليوم هو صاحب فضل سياسي على شيعة العراق في الجنوب والوسط ليحكموا العراق، فهؤلاء الناس يحكمون انفسهم وارضهم ويقتسمون ثرواتهم مع الاخرين، فلا فضل لاحد من الشمال او الغرب عليهم في حكم انفسهم، وعليه فما الداعي لمداهنة الكورد او غيرهم لاستحصال مصالح الشعب العراقي الذي يمثله الائتلاف ان كان هو يحكم في ارضه وعلى ثرواته وبين ناسه ؟. يابو محمد الا يشعر المجلس الاسلامي الاعلى انه ينظر للامور بشكل فيه الكثير من العقد النفسية والفكرية وحتى الروحية ؟. الحقيقة المجلس الاسلامي العراقي وكما ذكرتُ لك في السابق انه رهين عقدة الصداميين وعقلية المعارضة والمؤامرة، وحتى بعد قيادته للدولة انا قلت لك : ان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق سابقا بحاجة الى جيل كامل ليتخلص من عقلية وعقدة الصداميين والمعارضة، وهذه العقدة هي التي تدفع بالمجلس ليرى في التحالف الكوردستاني انه القوّة الاقوى والنصير الاوحد له على الساحة العراقية، من منطلق ماكان يوفره هذا التحالف الكوردي ايام المعارضة من ملاجئ ومناورات في زمن صدام حسين الدكتاتوري !. نعم توقف العقل السياسي للمجلس الاعلى الاسلامي عند نقطة واحدة ليرى في الساحة التحالف الكوردستاني كقوّة يجب ان لايفرط فيها حتى وان كان على حساب مصالح شيعة العراق كلهم ؟. بل وتوقف العقل السياسي المجلسي في محطة ان هناك فضل لباقي المكونات العراقية الاخرى بالتفضل والسماح للائتلاف العراقي الموحد بحكم العراق، مع ان الائتلاف العراقي الموحد بانتخاب الشعب العراقي له هو يحكم اليوم، ويحكم اهله وارضه وثرواته فقط لاغير ولايسمح له مطلقا ان يحكم غير ذالك !. اذن اذا كان المجلس الاسلامي الاعلى والائتلاف العراقي الشيعي العراقي يحكم ارضه وناسه ويدير ثرواته فحسب فاي شيئ يجعل المجلس الاسلامي يشعر بالنقص امام غيره او يدفع له الشعور بانه ان تشبث بمصالحه ومصالح شعبه السياسية يكون قد اغضب هذا الطرف او ذاك ؟. ولنقل ان هذا الطرف الكوردي في يوم من الايام غضب من مواقف الائتلاف العراقي الموحد وارتأى ان يغير تحالفاته مع الصداميين او غيرهم فهل هذا سيؤثر على الائتلاف العراقي الموحد الذي يحكم شعبه وعلى ارضه وفي ثرواته أم انه سيؤثر على المكون الكوردي الذي خاطر بتبديل الذي هو اسوأ بالذي هو خير ؟. يابو محمد متى نرى انفسنا باحجامها الطبيعية ومتى نحترم انفسنا ليحترمنا الاخرون ونثق بقدراتنا ليثق بنا الاخرون ونعتمد على شعبنا ليعتمد شعبنا علينا، ونحن نرى ان احترامنا لانفسنا ومحاولة ثقتنا بها والاعتماد على شعبنا كلها مشاريع يعتقد المجلس الاعلى الاسلامي انها بالضد من مصالحه الفئوية والحزبية والسياسية !. انتهت الجلسة ودقت الساعة الثانية فجرا.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |