|
الإعلام العربي بين بوش وصدام
علاء الخطيب/ كاتب وأكاديمي عراقي لقد فتح إعتراف الرئيس بوش بخطأه الذي قاده الى غزو العراق وإحتلاله شهية الكتاب والإعلاميين العرب ليؤكدوا صدق آرائهم السابقة القائلة بخطأ الفعل الأمريكي بغزو دولة مستقلة و ذات سيادة وأنا أوافقهم الرأي شريطة أن يكونوا على مسافة واحدة من الخطأ في عدم الأعتداء على الدول ذات السيادة والإستقلالية وتعريض أمن وسلامة الشعوب للخطر , فهل طالب أحد من هؤلاء بتقديم صدام وأعوانه للعدالة كمجرمي حرب نتيجة غزوه الكويت, إن أعتراف الرئيس الامريكي جاء بمثابة الإحساس بالمسؤولية الاخلاقية إتجاه التاريخ والشعب الأمريكي, وأنه هو من أخطأ بأعتباره فرد دون تحميل بلده الولايات المتحدة هذا الخطأ, ولربما يكون أعترافه للتمهيد الى خليفته أوباما وإعطائه مساحة أوسع للمناورة السياسية في ما يتخذ من قرارات بشأن العراق وهو يصب بالنتيجة في مصلحة أمريكا, ولو أن هذا الاعتراف في رأيَّ شخصيا ً لم يكن صادقا ً أو حقيقيا ً لأنه ينطوي على أهداف أخرى بينتها و تثبتها الأدلة وشواهد ما قبل الاحتلال أي أنه لم يخدع بالتقارير الاستخباراتية بشأن السلاح النووي العراقي كما أدعى وذلك لوجود الـ C.I.A في العراق منذ أن وضع العراق على البند السابع المذل, وما فضيحة سكوت رتر رئيس المفتشين الدوليين عن اسلحة الدمار الشامل في العراق إلا دليل على ذلك, وكذلك قراره بأسقاط النظام الدكتاتوري لم يكن مبنيا ً على تلك المعلومات الاستخباراتية , وهذا ما تؤكده القرارات الامريكية السابقة في شأن العراق ومنها قرار الكونغرس الامريكي أو ما يسمى بـ "قانون تحرير العراق" لعام 1998 (القانون العام 338-105) الذي أعرب عن رأي الكونغرس بدعم جهود الإطاحة بالنظام العراقي الساقط وتعزيز بروز حكومة ديمقراطية لتحل محل ذلك النظام؛وكذلك إلزام الرئيس بوش الولايات المتحدة في 12 أيلول/سبتمبر، 2002، بـ"العمل مع مجلس الأمن الدولي لمواجهة ما اسماه " تحدينا المشترك" الذي يشكله العراق وللـ"عمل لاستصدار القرارات الضرورية . كل هذه الخطوات تؤكد على أن الرئيس بوش تحمل المسؤولية الاخلاقية والتاريخية هو فقط , وأعترف أمام العالم بفعله الخاطئ قبل رحيله من البيت الأبيض, وهذا ما دعى الاعلامين العرب الى نقده ولومه والترحم على القائد الضرورة والتي تمر بعد عدة أيام ذكرى إعدامه وقبره والى الأبد وقد قال أحدهم أنه يجب على العالم أن يقدمه (اي الرئيس بوش) الى المحاكمة بأعتباره أرتكب جرائم ضد الإنسانية , ولعل هذا الاعلامي وغيره من الإعلاميين العرب الذين طبلوا لأعتراف بوش تناسوا وهم في غمرة الدفاع عن الدكتاتور ونظامه أن النظام الساقط قد غزى دولة مستقلة وذات سيادة وجارة وعربية ومسلمة (الكويت) ولم يعترف بخطأه ولم يعتذر لشعبه علاوة على شعب تلك الدولة على ما ارتكبه من حماقات وتهديم للبنى الاجتماعية والاقتصادية والى أخر لحظه كان يتمتع بعنجهية غريبة إذ يعتبر كل ما قام به إنما كان به على صواب ولم يفكر هذا الدكتاتور وأعوانه بالوطن ولم يتحملو مسؤوليتهم التاريخية والاخلاقية بالاعتذار الى الشعب العراقي من عمليات القتل والتهجير واستخدام الاسلحة الكيماوية ولعل أوضح دليل على ذلك ما قاله المجرم علي الكيمياوي حينما سئل هل أنت نادم على ما قمت به من ضرب حلبجه بالاسلحة الكيمياوية وقمع الانتفاضة فأجاب بأنه لو عاد الزمن الى الوراء لفعل نفس الفعل وللأسف يبقى الاعلام العربي يخالف الحقيقة حينما تعلن إحدى القنوات العربية أن المحكمة أصدرت حكم الإعدام على (علي الكيمياوي) نتيجة قمعه لأنتفاضة الشيعة في الجنوب وذلك لكي تعطي إيحاءً للطائفيين العرب أن هذا الحكم جائرا ً بحق هؤلاء وهو مشابه لما أقاموا به الدنيا ولم يقعدوها بأعدام الطاغية المقبور وأنه شهد الشهادتين وأنه كان ماسكا ً للقرآن لحظة إعدامه, ولعل صاحبه حسن العلوي أفصح عن خداعهم ودجلهم حينما قال في كتابه عمر والتشيع وهو يتحدث عن الدكتاتور (إنه لم يشاهد صدام طيلة فترة وجوده معه يقرأ القران أو يحمل القران وأورد قرار للمقبور صدام حينما سمع أن بعض أعضاء الحزب يترددون على صلاة الجمعة فمنعهم وقال أن هذا الفعل من هؤلاء يهدد نظام الحزب). لم يبقَ للرئيس بوش إلا أياما ً معدودات ويرحل عن البيت الأبيض ولكنه كان حريصا ً على الاعتراف أمام العالم بخطأه ولكن كم وكم من الحكام العرب الذين يرتكبون المجازر والفضائع بحق شعوبهم ولم يرف لهم جفن أو يأنبهم ضمير, أتمنى على الإعلاميين العرب أن يكونوا بهذه الحماسة وهذا الاندفاع وبنفس المسافة من كل الحكام المخطئين, نعم لقد أخطأ بوش بأعتماده على المعلومات الأستخباراتية الخاطئة كما أدعى, ولكنه لم يخطأ بأزالة الدكتاتورية ولرب ضارة ٍ نافعة. وأتمنى أن يتحول الإعلاميون الى الإنسانية بدل العصبية القبلية والقومية المضادة فالخطأ هو الخطأ اينما وجد والحق هو الحق اينما يكون.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |