|
موقف المرأة من الزواج ألقسري
محمد علي محيي الدين عبر قرون وقرون عوملت المرأة معاملة قاسية وهمش دورها في الحياة بفعل التركيبة الاجتماعية ،فالمجتمعات الكورية لا تمنح المرأة حقوقها كانسان له حقه في الحياة الحرة الكريمة، وجاءت الأديان لتجاري الشعوب في عاداتها وتحقق رغباتها،فليس بإمكان المصلح أقرار التشريعات المخالفة لأفكار النسبة الكبيرة المؤثرة في المجتمع،أو الخروج عن أعراف المجتمعات وخصوصا في مجال حقوق المرأة ،لذلك نرى الأديان دائما إلى جانب الرجل وأن أعطت شيئا قليلا للمرأة ،فقد ضاع هذا القليل في ركام الأحاديث الموضوعة التي جاءت موافقة لرغبات المجتمع ألذكوري، وفيها ما فيها من غبن للنساء،وكان رجال الدين لمختلف الأديان في مقدمة العاملين على غمط حقوق المرأة ومسايرة الرجل للحفاظ على المكانة الاجتماعية ورغد العيش والبقاء. وفي مجتمعنا العربي الذي ورث الكثير من العادات والتقاليد البالية ،اتخذ من الدين غطاء لتمريرها بسكوت رجال الدين عنها ومسايرتهم للمجتمع في تمريرها،وأخذت هذه التعاليم الطابع الديني لمجارات رجال الدين لرأي الأكثرية ضمانا لمحافظتهم على وجودهم ومكانتهم في المجتمع،والإسلام كدين لا يقر الجبر والإكراه في الزواج وأعطى للمرأة الحق بالزواج ممن تريد، دون أن يمنح لقرينها الحق بإكراهها على الزواج ،ولكن رجال الدين القائمين بإبرام هذه العقود طمعا بالأجر الممنوح لهم لا يعيرون أهمية لقبول الطرفين ،ولا يعيرون الموازين الشرعية السليمة في عقد الزيجة وهي اشتراط موافقة الطرفين المتعاقدين،ولا يلزمون الأسرة بأخذ موافقة العروس ،فلولي أمرها الحق بإبرام العقد كوكيل عنها ،ومن خلال ذلك أبرمت زيجات كثيرة خارج ألأصول المرعية في الزواج،وكان لوالد الفتاة الحق بإيجاب الزواج مما أدى إلى حدوث الكثير من المشاكل التي سنتطرق إليها فيما بعد. وأمر آخر عكف عليه المجتمع العربي في الوقوف بوجه العلاقات العاطفية بين الرجل والمرأة فإذا أشتهر أمر الفتاة في حب أحد الشبان يلزم ذويها العرف الاجتماعي تزويجها من آخر خوفا من تقولات الآخرين ،فتقوم الأسرة نكاية بها تزويجها بشخص من غمار الناس وضعاف المجتمع،أو من ذوي العاهات عقابا لها على ممارسة حقها المشروع بالزواج ممن تحب،أو يكون ل(نهوة ) أثرها في ذلك ،فتزف لأبن عمها الذي يكبرها عمرا أو دونها في المكانة والجمال ولا تبادله مشاعر الحب،وهذا الأمر انعكس بشكل كبير على الشعر النسوي الذي يسمى ب(الدارمي) أو غزل البنات ،وهو أغاني شعبية معروفة ترددها المرأة في خلواتها للتعبير عن معاناتها وحقيقة مشاعرها اتجاه ما عوملت به من إجحاف وظلم،فتأخذ هذه الأغاني طريقها إلى النفوس ،وقد أطلق من هذا النوع من الأغاني أسماء عديدة للزوج المكروه،ورسمت له صورة مقززة في الأنظار والأسماع ،والأمر بحد ذاته ثورة سبقت الأفكار الحديثة المطالبة بحقوق المرأة ،وسبقت الطبقات المتنورة في إعلان الثورة على هذا هذه الممارسات الخاطئة وشكلت تيارا معارضا له أثاره في اندفاع النساء للمشاركة في الروابط والمنظمات النسوية ،التي أنشأت للمطالبة بحقوق المرأة وإنصافها ،وفي بعض هذه النماذج خروج على المألوف السائد في تحميل القوة المتخيلة لتسيير الكون والحياة مغبة ما أحاق بالمرأة من ظلم وإجحاف ،ووصم هذه القوة العابثة بالكثير من الصفات التي يتحرج عنها أكثر الناس خروجا على السائد في المجتمعات وخصوصا المتدينة منها: ما يسمع الينخاه والرب تطورش ما كل طرير شعير جنه وتهورش أي (لا يسمع الرب نداء من يلجأ إليه ،وكأنه أكل العلف الحيواني فأصبح لا يعي ما يقوله الناس). وأخرى تندد بعدالة السماء التي بان زيفها من خلا التقسيم غير العادل للحظوظ على قاعدة المكتوب على الجبين لا زم تشوفه العين،وأن ما يجري هو بإرادة منه: الجسم جسم هواي جسم الله باطل ذب طرحي بعركوب وخلاني أماطل وأخرى يجسم الناس وناس جسم الله بالكيف للنايم ارغيفين واليحرس أرغيف وقد أعطت المرأة للزوج المكروه أسماء عدة تطرقنا لمعانيها في كتابنا المطبوع (الدارمي أو غزل البنات) منها ،عفين من العفونة وكعيم أي عقب الباذنجان،والفرد أي الثور ،والهدان وهو الأحمق الذي لا يرجى خيره،والديوس وهو المحتمل لما يناله من سوء في حرمته،والعود أي كبير السن من الإبل وتقال للاستهزاء لأنه يتصرف تصرف الأطفال،والوذر وهو القطعة الصغيرة من اللحم،إلى غير ذلك من الأسماء المعيبة الدالة على الاحتقار والسخرية. تقول أحداهن مخاطبتا أبنها الذي جاء نتيجة إكراهها على الزواج ممن لا تحب: يا بزر الهدانات يبجي ومهزه ولو كونه بزر أهواي جان شمعزه وأخرى أخذ منها السخط مأخذه فتأخذها الحيرة فيما تطلق عليه من أسماء: حيرانه يا هالناس رجلي شأسميه لو أسمه ثور كرود يطلع نفع بيه أي حتى لو أسميته ثورا فأن للثور نفع في حرث الأرض وهو لا يرجى منه أي نفع. وأخرى تجعله ثورا للحرث وتطلب ممن يستخدمه أن يثقل عليه بالعمل ،لأنه أكثر قدرة على التحمل من الثور الحقيقي: يل تكرب على كعيم طوّله مده وأكرب عليه طربيس بالك تهده و:يل تكرب على كعيم ثكل فدانه والعايز أكلاشات كص من أذانه أي من يحتاج إلى حذاء فليقطع من أذني الزوج فأنها صالحة لذلك العمل. وغيرها تنعى على زوجها بطنته،فهولا يشبع من زاد أو طعام ويأكل كل ما يقدم له دون أن يكون له النفع الموازي لما يأكل: لظهن كعيم وكام سطعش كرصة كلما أشجر التنور ياخذله ركصة وفتاة تتذكر حبيبها الذي أقسرتها الظروف على الزواج بغيره: ما ظن ابد بالناس بلوه على بلواى جبت ثنعش مكموع وأنه برجه أهواي وأخرى تتمنى أن يكون ثوب الزواج مصبوغا بالصبغ النيلي الدال على الحزن لأنها أكرهت على الزواج ممن تكره وأطلقت عليه أبو دماغ أي صاحب الرأس الكبير: ثوب العرس بالنيل والشيله بالزاغ ومصخمه بصخام بعرسي لبو دماغ وهذه تصف نومها مع من أقسرت على الزواج منه بنوم المريض ولو كانت مع من تهوى لكان النوم هنيئا رغدا: يكعيم أنام أوياك جن ماني طيبه ولو ولفي نمت أوياه نوةم الحبيّبه وتنعى على زوجها شكواه البرد عندما لجأ إليها ليدفئ نفسه: جاني الوذر بردان حسباله أدفيه ريته بمرض مكروه لو عله تخفيه وتشكو الى الخالق ما تعاني من آثار زواجها وتسلط زوجها عليها: يا ربي الك مشجاي من هذه الهدان عشت بهظم وياه زواده الأحزان وتتمني الموت لتزويجها ممن تكره: ما شفت راحة بال زواده الهموم أتمنه ملك الموت ياخذني كل يوم وتكره النظر لوجهه الدميم : ميلن يداده أهناك عم وجهي روحن كلما أشوف كعيم من وجهه أشوغن وتتمنى له المرض لكثرة صياحه والرائحة النتنة التي تفوح من فمه: الحلك بالطلاط أشعندك أتصيح أدنه ليه ونام حلكه يهب ريح وتعاتب نفسها على اهتمامها بزوجها الذي لا يحضا باحترامها أو محبتها وأجبرت على الزواج منه: ها كثر تتغاوين ولهذا الهدان كل ظني أتظلين بهدوم الأحزان وعندما وردها خبر موته فرحت ولم تحزن واعتبرته كلبا ليس له في قلبها أي ود ومحبة : كالولي رجلج مات موتت جلبنه النخل بيه جريد والصاري عدنه وتصفه بأقبح الأوصاف وتنعته بأردأ النعوت،فعندما قبلها ملأ وجهها بصاقا لتلجلج في فمه: زفزني نص الليل للبرد حيله حبني وترسني سبال من وره الشيله وتهزأ بما يلبس من ثياب ليبدوا صغير السن أمامها رغم أنه يكبرها عشرات السنين: لابسله شطفه عود مودة الويلاد والما تريده الروح جالي على الأفاد ورغم أنها حملت من زوجها المكروه فأن هذا احمل مدعاة لحزنها لأنه سيزيد ارتباطها الإجباري به: شايل فرخ لكعيم مالك يبطني ربطة شفج بعذار حظي ربطني وهناك المئات من النصوص التي مثلت الثورة الجامحة للنساء الريفيات على الظلم الاجتماعي الذي نال منهن يمكن الرجوع إليه في كتابنا الدارمي أو غزل البنات المنشور على مواقع الأنترنيت.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |