المواطن العراقي والانتخابات القادمة

 

سهيل احمد بهجت

    sohel_writer72@yahoo.com

"لا تصويت حسب القداسة والعرق والعشيرة بل للكفاءة فقط"

من المهم جدا وخلال هذه الفترة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات القادمة لمجلس المحافظات أن يهتم المواطن بنفسه ـ قبل الحكومة والجهات الإعلامية ـ بتثقيف نفسه للبحث عن أفضل المرشحين وأكفأهم وأكثرهم نزاهة، فالمواطن يجهل حتى الآن في العامّ الأغلب علاقة الخدمات والظروف المعيشية بالانتخابات ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، فللأسف تم الفصل "فكريا ونفسيا" بين وجود شخص غير كفوء في موقع المسؤولية وبين الظروف السيئة ومعاناة المواطنين، إذ أصبحنا نربط ضعفنا ومعاناتنا بالله والقضاء والقدر وكأن الله لم يقدر علينا إلا كل سوء.

إن البيئة الملوثة والفساد الإداري وفقدان الخدمات له علاقة مباشرة بآليات الديمقراطية ومدى وعي المواطن ورقابته للحكومة، فعلينا أن نرفض ثقافة المكرمات والمنح وعبادة الأشخاص، وكأن الأفكار لا تتجسد إلا في الصور والأشخاص، وهذه العقلية مردها إلى أن الإنسان العراقي ـ وهوجزء من الثقافة الشرقية ـ يشكومن ضعف في الاطلاع واستيعاب الأفكار والبرامج السياسية فيلجأ إلى عبادة "الصورة" و"الشخص" الذي تحول في ثقافتنا إلى القائد والمناضل والبطل.

إن المناضل والبطل والقائد الحقيقي هوذلك المواطن الخباز والمعلم والسائق والبائع وربة البيت والممرضة والخياطة، أعني أن حقيقة الدولة ووجودها لا معنى له إذا لم تكن هذه الدولة مسخرة لهذا المواطن البسيط، من هنا مطلوب من المواطن الذي سيدلي بصوته أن يقيس المرشحين بمقياس إيمانه بالحرية ونزاهته والتزامه الديمقراطي، أما إذا تكررت مهزلة السنوات الماضية حينما صوت البعض على أساس الطائفة والعنصرية والمشروع الانفصالي التقسيمي وتم التصويت للبعض الآخر على أساس طــول لحـيته ومسبحته ولأن أباه "كــــــان" مناضلا ضد النظام المقبور!! فإن الأزمة الحالية والمشاكل ستستمر وتتكرر بل وتزداد.

لكن يجدر بنا هنا أن لا نحمل المواطن تبعات كل الإخفاقات والفشل للمواطن، فالأحزاب الطائفية والقومية العنصرية الإنفصالية لها الدور الأبرز في إخافة المواطن الذي يعاني في الغالب من تشوه رؤيته للواقع وكون هذه الأحزاب تساهم عبر المليشيات وأساليب التهديد والوعيد في أن يصوت المواطن لجهة لا يرغب بها وبالأحرى يكرهها، من هنا يتحتم على الحكومة أن توفر التنافس العادل والمتاح للجميع، لا أن يتم تقسيم المناطق بين هذه العصابة وتلك.

إن الديمقراطية هي نتيجة ثقافة قبل أن تكون ممارسة، لأن الممارسة تأتي كنتيجة للثقافة والفكرة ومن خلال الممارسة تتوضح الصورة أمام عيني المواطن الباحث عن الخلاص، إن الآلام والمعاناة هي نتيجة لأفعالنا ولا علاقة لها بالله والإيمان لأن الله ببساطة لا يفعل الشر بل الإنسان، من هنا على الإنسان في العراق أن يتحمل نتيجة أفعاله ولا يربطها بالله والشيطان لأن الله والشيطان يتجسدان في أفعال الإنسان ذاته ومن خلال هذه الحرية يتم التكليف والمسؤولية الإنسانية.

إن الحكم شأن إنساني بحت ولا أحد يمتلك عصمة وقداسة وحصانة في الديمقراطية، من هنا نجد أن بعض الأحزاب وبرغم إعلان المرجعية الدينية أنها لا تدعم أي طرف في الانتخابات وأن الأمر متروك للمواطنين، نجد أن هذا الحزب يصرّ على وضع الصور الضخمة للسيد السيستاني في احتفالاته و"مناسباته"!!، وهذا ببساطة احتقار للعقل العراقي وتجاهل واضح وصريح لتصريحات المرجع، وهوأيضا موقف لا ينم عن نضوج سياسي ومؤسساتي مما سيعني مقدما أن هذا الحزب يحضّر نفسه مقدّما للفشل والخروج من العمل السياسي، والمؤكد أن هذا الحزب ولكونه لم يمارس الديمقراطية في هيكله التنظيمي بل تغيرت زعامته عبر الوراثة وتعاقب الرئاسة في الآباء إلى الأبناء، يدرك تماما أنه بدون الخداع وهالة "التقديس" مهزوم لا محالة.

 العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com