|
هيئة الإعلام العراقي و"ثقافة الحذاء"!!
سهيل احمد بهجت لم أكن أرغب أن أكتب مجددا في قضية الحذاء الذي أهان شرف العراقيين، فكثير من الإعلاميين العراقيين استنكروا هذا الاستغلال الفاضح للحرية والديمقراطية العراقية واستهداف اسم العراق والمواطن العراقي عبر احتقار وإهانة أبسط المقومات الأخلاقية للضيافة والتعامل مع الآخر، لكن الذي دفعني للكتابة مجددا هوأن الأشرار وأعداء العراق المقيمين داخله من بعثيين وقوميين وشيوعيين يحاولون الآن الإساءة للديمقراطية العراقية عبر الآليات المتاحة للديمقراطية نفسها. فنجد قنوات البعث التلفزيونية كالبغدادية وبغداد والرافدين والرأي وموقع مركز النور وغيرها تروج لبطولة "الحذاء" الذي لا يعكس أي شرف وأخلاقيات أحد أقدس المهن (الصحافة والإعلام) بل يعكس الضعة والجهل والانحطاط والتبعية للعروبة النازية وغيرها من المناهج القومية الإجرامية، فالزيدي أبوحذاء لم يقم بأي عمل شجاع وهولم يقل كلاما يستشف منه أنه مثقف ومطلع على السياسة والثقافة، فالحذاء والسب والشتم لا تعكس سوى عقلية البعث المقبور وتوابعه الإشتراكية والقومية والعنترية، ونحن لم نصل إلى هذه الكارثة إلا لأن الحكومات المتعاقبة بعد إسقاط الصنم لم تقم إلا بمحاولات لإرضاء شريحة دمرت العراق وأهلكت العراقيين ألا وهي شريحة البعثيين وأزلام النظام المقبور، وقد سبق لأحزاب قومية متنفذة أن تبنت أيتام البعث البائد ونصبتهم مسؤولين وإعلاميين ومليارديرية يبيضون المال العام الذي هوملك الشعب، بينما لا يزال الضحايا والمهمشون والذين دمر النظام البعثي حياتهم، يعانون من المآسي والصعوبات. فلماذا يحصل الزيدي وأذنابه على المنح والدعم المادي والدورات التدريبية خارج العراق؟ بينما مئات الصحفيين الذين خرجوا للتوإلى العمل بعد أن كانوا في عداد الأموات أيام المجرم صدام وبعثه الإرهابي لا زالوا إلى الآن يعتمدون على خبراتهم المتواضعة ومداخيلهم الصغيرة لنشر أفكارهم وأعمالهم، أليس هذا عارا على رقاب النظام الجديد الذي يفترض به أن يكون حرا وديمقراطيا ؟ والمصيبة أنه حتى المنابر الإعلامية التابعة للدولة ولهيئة الإعلام العراقي ـ التي لا ننكر أن فيها من هوشريف وعراقي أصيل ـ أصبحت تجد في هؤلاء البعثيين نجوما لشاشاتها وإقلاما لتسويد صفحاتها، مما يعني أن الحرية مهددة الآن بأن يستغلها الصعاليك والمغامرون فيسيئوا إليها أولا ويستفيدوا من هذه الإساءة في تحجيم الحرية وإعادة ثقافة الصراع والتعارك بدلا من النقاش والتعارف، وأخشى أن تتكرر تجربة الجمهوريات التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي فكان أن سيطر الشيوعيون على نظم المنطقة تحت أسماء وطنية وقومية مرسخين الفساد والدكتاتورية القديمة تحت يافطات وعنوانين جديدة. لولم يكن الإعلام العراقي في غالبيته مسيطرا عليه من عقول ملوثة ومريضة من نمط الزيدي وغيره من جلاوزة العهد البائد، لما وقع المالكي وضيفه ضحية إهانة من نمط إهانات الشوارع والأزقة وحسب التعبير الشعبي "العجايا"، وإلا فماذا كان يفعل الزيدي في بيروت مع وفد إعلامي عراقي ذهب لتعلم ودراسة أحدث أساليب "الصحافة"، ولا أستبعد أنهم كانوا يتلقون دروسا من مروجي العنف من أمثال حزب الله وغيره، والسؤال الذي يطرحه نفسه هوعن كل هذا الاستغراب والتعجب الذي أبداه السيد رئيس الوزراء مما حدث من إهانة مع أنني كنت أتوقع حدوث أمر كهذا مع كل هؤلاء الصحفيين "الملوثين" من خريجي صحافة وإعلام البعث، فهل ينتج البعث إلا كل ما هوقذر؟! وهل تنتج ثقافة الكراهية والمؤامرة والعبودية إلا مزيدا من الإحراج والإهانات للعراقيين شعبا وحكومة، ولا أستبعد أن ننعت نحن العراقيون بـ"أبوحذاء" بعد هذه الفضيحة. لا أستطيع هنا أن ألقي باللوم على الأستاذ المالكي وحده، بل على الأحزاب والبرلمان والمتاجرين بالأنفال وحلبجة والمقابر الجماعية وضحايا السجون، فهذه الأحزاب الأثيمة تتغنى كثيرا بالضحايا ولكنها تكرم وتكافيء الجلادين وخبراء السحل والتعذيب، ولوكان منتظر الزيدي شيعيا ـ كما يزعم مركز النور ـ لفعلها في وجه صدام ورمى حذاءه في وجه الطاغية، لكنه وعائلته كانوا يمصون الدم العراقي مع غيرهم من المصاصين، ومن المفارقات أن قناة الرأي لصاحبها الإرهابي مشعان الجبوري تروج لأبوحذاء الزيدي وتعرض مظاهرات مدينة الثورة التابعة لمتدى على أنها مظاهرات "الشعب والجماهير" مع أن أؤلئك المتظاهرين هم أنفسهم من تنعتهم القناة بـ"المليشيات الصفوية" و"عملاء إيران"، غير أن السقوط الأخلاقي وصل إلى حد لا ينفع بعده حديث وكلام.
|
||||
© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved. info@bentalrafedain.com |