حقوق الانسان في منطقة كردستان!

 

رياض الحسيني/ كاتب

وناشط سياسي عراقي مستقل

zaqorah@hotmail.com

ملف حقوق الانسان في منطقة كردستان العراق كان ولازال محل تعتيم اعلامي قلما تجد له نظير حتى في اسوء انظمة الحكم الشمولي والدول المتهمة بالديكتاتورية، وذلك يرجع لاسباب عديدة اهمها ان الظروف التي كان ولايزال يمر بها العراق بعد الاطاحة بنظام صدام حسين في العام 2003 لاتخدم فتح مثل هكذا ملفات انما يرى المعنيون بها انها سوف تُوظّف لخدمة الارهاب العالمي على اعتبار ان الحزبين الكرديين الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني هما من يقوم بهذه التجاوزات، هذا من جهة. من جهة اخرى ونظرا لحاجة قوات الاحتلال الاميركي مع ضعف حكومة بغداد الى حليف ينفّذ الاجندة من دون تردد فليس من مصلحة الادارة الاميركية الترويج لهكذا ملف انما يضعف هذا الحليف ويضعه في خانة الجاني وليس المجني عليه كما يُشاع! بيد ان الاستمرار في العزف على وتر مظلومية الاكراد بشكل عام انما يرسّخ حكم هذين الحزبين في النهاية وهو وتر طالما استغله هذان الحزبان لاستدرار عطف المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني لسنين طوال!

ترى ماحقيقة مايحدث في منطقة كردستان العراق من انتهاك لحقوق الانسان العراقي عموما والكردي خصوصا؟!

المعروف ان الحزبين الكرديين يسيطران على ثلاثة محافظات عراقية هي أربيل وسليمانية ودهوك فضلا عن مناطق متفرّقة من محافظات عربية اخرى من قبيل الموصل وديالى وغالبية محافظة كركوك. كل هذه المناطق هي في النهاية تحت سيطرة مليشيا البشمركة وفلول الاستخبارات والمخابرات التابعة للحزبين فيما يعرف بـ "الاسايش" وان بدت ليس ضمن منطقة كردستان الجغرافية.

في اكثر التصريحات والمطالبات سخونة بخصوص هذا الملف تبرز دعوة خبير سياسات الشرق الاوسط في معهد المشروع الاميركي مايكل روبن الذي دعا الرئيس الاميركي بوش الابن علانية لاسقاط القيادة الكردية اسوة باسقاط نظام صدام حسين وأرجع السبب الى ملف حقوق الانسان حيث قدّم روبن ادلة مادية تؤكد اخفاء الحزبين الكرديين ملفات ومصير ثلاثة الاف سجين لديهما لم يأت ذكر لهم في ملفات سجون الحزبين ومنع عوائلهم حتى من السؤال او توكيل محامين للدفاع عنهم. واضاف روبن في مطالبته انه على اتصال مع مثقفي الكرد واساتذة جامعاتهم ومتنوريهم وكلهم ابدوا استغرابهم في وقت كانوا متفائلين فيه بأن لحظة التغيير كانت ستشملهم اسوة بما شهده العراق! كذلك اتهم مايكل روبن الحزبين الكرديين بتنفيذ اعدامات عاجلة لسجناء غالبيتهم من الاكراد.

علاوة على ذلك فقد ذكر روبن في تقريره الساخن هذا ان الحزبين الكرديين يسيطران على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها الحساسة اسوة بما كان يفعله صدام حسين من اختزال للدولة في عائلته والمقربين منه والموالين له. في هذا الصدد يذكر روبن بان البرزاني قد عيّن ابن اخيه (نيجرفان بارزاني) رئيسا للوزراء بينما عيّن ابنه (مسرور) لادارة المخابرات الكردية فيما يسيطر اقرباؤه على شركة التلفونات الاقليمية والصحف ووسائل الاعلام وملف الاعمار وتهريب النفط! من جهة اخرى يؤكد روبن ان (هيرو خانم) زوجة الرئيس جلال الطالباني تدير محطة فضائية في وقت يدير احد ابنائهما مخابرات الاتحاد الذي يتزعمه الطالباني بينما يمثّل ابنهما الاخر الحكومة المحلية في كردستان بواشنطن بدرجة سفير! كذلك لايغفل التقرير محاصصة الاكراد في بغداد فيؤكد ان توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة الفيدرالية لم يكن خارج هذا الاطار ففي الوقت الذي اعطى البارزاني وزارة الخارجية العراقية الى خاله (هوشيار زيباري) فان الطالباني اهدى نسيبا له وزارة المياه والمصادر بينما عيّن نسيبا اخر سفيرا في الصين! كذلك قدّم التقرير ادلة حول سيطرة الطالباني والبارزاني على القضاء في منطقة كردستان الامر الذي لايستطيع معه اي مواطن او لاجئ استخدام اية وسيلة لاستئناف قرارات القضاء او الاعتراض عليها! على صعيد متصل ذكر تقرير روبن واحدة من اشد ملفات الفساد المعتم عليها في منطقة كردستان وهي بخصوص استخدام الطالباني لتكتل رجال الاعمال في حزبه والمعروف تحت عنوان (Nokan) حيث اكد التقرير استخدام الطالباني هذا التكتل كوسيط لترحيل العرب من الارض التي يرغب الطالباني بالسيطرة عليها ومنح جزء منها لاعضاء حزبه كجزء مما يسمى " خطة رعاية القائد"!

محليا يتناقل العراقيون احاديث عن مقرّبين وقصص حدثت لبعضهم في سجن (قلة جولان) في محافظة السليمانية التابعة لحزب الطالباني والذي يشبّهه العراقيون بـ (قصر النهاية) السئ الصيت. حيث اكّد اكثر من مصدر ان وسائل التعذيب المتبعة هناك تفوق الخيال ولايصدّقها عقل ونظرا للفوضى التي يمر بها العراق بعد الاحتلال الاميركي فان عملية نقل شخص من بغداد او اي مدينة عراقية اخرى الى هذا السجن امرا طبيعيا خصوصا وان سيارات (الاسايش) لاتخضع لاي تفتيش من اي جهة كانت! اشخاص اخرين اتهموا المخابرات الكردية بتنفيذ عمليات خطف وتعذيب بحقهم وطلب فدية كبيرة من ذويهم في وقت اكدت اطراف سياسية عراقية وشخصيات عربية وتركمانية تورّط المخابرات الكردية في افتعال حرب طائفية بين الشيعة والسنة مما زاد من نقمة العراقيين على هذا الجهاز خاصة والقيادة الكردية عموما بعد ان علم العراقيون ان الشعب الكردي مغلوب على امره ولاطاقة له ولاطريق للاطاحة بهذين الحزبين!

في هذا الاطار تبرز قضية الكاتب الكردي المعارض في فيينا (كمال سيد قادر) الذي تدخلت في قضيته السلطات النمساوية وقامت بالتحقيق مع رئيس جهاز المخابرات الكردي (مسرور البارزاني) في منتصف اب من العام الجاري بعد ان ثبت تورّط الاخير شخصيا بضرب الكاتب مرتين في العاصمة النمساوية فيينا بقصد القتل العمدي مع سبق الاصرار والترصّد وذلك على اثر كشف الكاتب عن معلومات تؤكّد علاقة عائلة البارزاني مع مخابرات الاتحاد السوفياتي السابق (KGB). لم تكتف مخابرات البارزاني عند هذا الحد بل قامت بخطف شقيقة سيد قادر لاجباره على العودة الى منطقة كردستان! واذا كانت المخابرات الكردية فاعلة الى هذه الدرجة في الخارج ليصل بها الاستهتار ان يقدم رئيسها على ضرب مواطن في مكان عام في اوربا فلايبدو من الغرابة ماذكر شهود العيان عن سجن (قلة جولان) وعنها في بغداد!

منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر في نهاية مارس من العام 2006 ابدت قلقها على حياة الكاتب (كمال سيد قادر) الذي اودع السجن في تشرين الاول 2005 وحُكم عليه بالسجن ثلاثين عاما بزعم التشهير بالزعماء السياسيين الكرد! لكن في نهاية مارس 2006 تم تخفيف الحكم بعد ضغوطات من قبل مجاميع دولية تعنى بالحريات والتعبير الى ثمانية عشر شهرا! كما أبدت المنظمة امتعاضها من اسلوب الاحزاب الكردية في التعامل مع قضايا حقوق الانسان وحرية التعبير التي لم يكن الكاتب سيد قادر الا نموذجا واحدا من حالات لاتحصى ولاتعد يقف الى جنبه الصحفي والمعلم (حاوظ حواظي) المتهم بالتشهير ايضا! يذكر التقرير ان سيد قادر قد تمت معاملته معاملة غير انسانية لدرجة انه قد تم حبسه في زنزانة انفرادية مُنع عنه فيها الاكل والشرب ومن استخدام المرحاض لمدة ثلاثة ايام ارغم خلالها على التوقيع على افادة اعتراف بتهمة التشهير التي وُجّهت اليه.

اما (حاوظ حواظي) فيؤكّد تقرير منظمة العفو الدولية انه اعتقل في منتصف مارس عام 2006 على اثر كتابته مقالا في الجريدة الاسبوعية (حولتي) انتقد فيه السلطات المحلية الكردية وقد اكد التقرير الاعتداء وسوء المعاملة التي تلقّاها حواظي ليومين على التوالي على ايدي قوات الامن الكردية في السليمانية قبل اطلاق سراحه بكفالة بتهمة "التشهير" ايضا! الجدير بالذكر ان منظمة العفو الدولية ضمن تقريرها قد وجهت خطابا دعت فيه السلطات الكردية المحلية الى ضمان اسقاط التهم الموجهة الى حاوظ حواظي فورا وبلا قيد او شرط وضمان اجراء تحقيق فوري بشأن الاعتداء الجسدي والنفسي عليه واخضاع المسؤولين عنه للمساءلة! في نهاية التقرير دعت المنظمة السلطات الكردية في شمال العراق الى ضمان حرية التعبير وتعديل القانون الحالي الذي ينص على تجريم ممارسة الحق في حرية التعبير.

هنا يحق لنا ان نتسائل عن السبب الحقيقي الذي تقف معه الادارة الاميركية الى جنب القيادة الكردية وتشارك الحزبين الكرديين كل هذه التجاوزات رغم انها تنتقد وبشدة وعلانية ملف حقوق الانسان في الصين وغيرها من دول العالم الثالث؟ في هذا السياق ترى ماهو المقابل الذي يدفعه الحزبان الكرديان لامريكا تحديدا لقاء التعتيم الامريكي او لنقل غض الطرف عن الممارسات الكردية اللا انسانية بحق الاكراد والعرب والتركمان والمسيحيين وباقي القوميات العراقية؟ اسئلة على طاولة البحث!

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com