ماشاهدته في سامراء بعد اكثر من سنتين (2)!!

 

 

سيد احمد العباسي

saydalabasy@hotmail.com

 بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ 

خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ . صدق الله العلي العظيم . سورة البقرة . اية 6 .

 كنا ونحن في الطريق الى سامراء يداخلنا شعور بالغبطة والألم لأننا اولا حصلنا على بركة زيارة المرقدين وثانيا شعور مزيج من الألم والحسرة اثر التفجير الآثم وماخلفه من احداث خلال السنتين الأخيرتين في سامراء . كان كل من يجلس في الحافلات ترتسم على وجهه علامات من التلهف والترقب وتجد في عيني كل واحد حزن عميق لما جرى على مرقد الأمامين من ظلم ودمار . وكنت اتمى من كل قلبي خالصا ان لايتغير شعورنا هذا وولائنا الى ال البيت عليهم السلام وهذا الشرف الذي نحمله وهذا الوسام بخدمتهم لهو تاج على رؤوسنا ولكن بنفس القدر الذي نقيم فيه المراسم واداء الزيارة ان نخدم العراق بنفس القدر اذا لم يكن اكثر .

فكانت فرصة احد الأخوة المرافقين لنا ان يشارك الجميع في قصيدة ( لطمية ) على ماجرى من تفجير قبة الأمامين العسكرين عليهما السلام وفي وصف تلك الحالة . مسك الورقة التي فيها القصيدة بيده وطلب من الجميع ان يشاركه . وكانت حقا قصيدة معبرة جدا مزجت ماجرى من ظلم الطاغية صدام المقبور الى هذا الوقت في تصوير رائع جعل النفوس تذرف الدموع وتلطم الصدور لوعة وحسرة لما جرى ويجري من الاف السنين وحتى يومنا الحاضر من ظلم على ال البيت عليهم السلام من قبل اعداء الله والدين والمنافقين وخوارج العصر الذين ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم .

كان على جانبي الطريق اعداد كثيرة من القوات العراقية وكنا نرى حين نمر بجانبهم التحيات المتكررة والأبتسامة تعلو وجوههم حين ترفع الأيادي مرحبة بالوفود والزوار .

اقتربنا شيئا فشيئا من مدينة سامراء واحب ان اذكر الحكومة بتوسعة هذا الشارع المؤدي الى سامراء وتعديله اذا اقتضى الأمر لكثرة الحافلات والسيارات التي تمر عليه وثانيا هذا الشارع لم يكن صالحا من الناحية الفنية بكل المواصفات لكثرة الحفر الصغيرة وتأكل بعض جوانبه .   وخيل الي انني في مدينة غريبة نوعا ما لما كنت اشاهده وانا ادخل المدينة . هذه المدينة دخلتها قبل اكثر من 20 عاما لم تكن بهذه الهيئة وهذا الشكل الذي رأيته الان .

واذكر في تلك الفترة عندما زرت الأماميين العسكريين مع عائلتي وفي سيارتي الخاصة اوقفنا ضابط مدني كان يعمل في استخبارت النظام العفلقي وفتش السيارة بدقة متناهية محذرا ومهددا ومتوعدا اذا كنا نحمل في السيارة او في جيوبنا ( شريط ) او ( كاسيت ) فيه تسجيل يذكر فيه الأمام الحسين عليه السلام !!!

هكذا كانوا يعاملوننا ايام زمان . اليوم الصورة اختلفت وتغيرت كل المفاهيم والسلوكيات .

عندما وقفت الحافلات في منطقة قريبة الى ( ملوية سامراء ) على الشارع العام نزلنا جميعا وذهبنا على شكل مجموعات في الطريق الى الحضرة الشريفة .

كانت هناك قوات كبيرة من الجيش والشرطة في المدينة وهي تحرس المكان بشكل جيد جدا .

ادارة محافظة سامراء وقوات سامراء عملت بالتنسيق معا على اقامة حواجز عالية جدا على جهة اليمين واليسار ونحن في الطريق الى المرقدين المقدسين .

وكنا نشاهد بين هذه الحواجز ابواب مغلقة ومحكمة بقفل كبير ولايجوز الدخول الى هذه الحواجز الا بأمر من القوة المرابطة هناك !!!

وقد لفتت نظري هذه الحالة . فقد كان المدنيين من اهالي سامراء وهم خلف الحواجز ومن الذي يملكون مساكنا هناك لايسمح لهم بدخول هذه الحواجز الا بأذن رسمي !!!

وفعلا سمعت طرق على احدى الأبواب من قبل احد سكان المدينة لكي يخرج فأجابه العسكري لانسمح لكم هذا اليوم بالخروج لأن توجد وفود الا حينما تنتهي الزيارة !!!

فقلت سبحان الله هل هذه عقوبة على اهل هذه المدينة التي جرى عليها ماجرى لأنهم لم يحفظوا هذه المراقد المطهرة . ام لايزال هناك بعض الأرهابيين وقوات الجيش والشرطة تأخذ الحيطة والحذر منهم وحسب ماعرفت لايدخل الى هذه المساكن من اهالي سامراء الا ويكون معرفا او يحمل ( باج ) يعرف نفسه قبل الذهاب الى بيته وفي رأي القاصر كان هذا اجراء صحيح !!

وقد صدمت وانا ارى العمارات العالية على الجانبين فارغة تماما ومهجورة وكنت ارى شبابيك العمارات والفنادق العالية اغلبها محطم ويخيم عليها الحزن الشديد .

وبينما كنا نسير في الطريق الى الحضرة كان هناك تقاطعا ليس فيه حواجز من على جهة اليمين واليسار مما يسمح لك بالرؤية على الجانبين لمسافة لاتزيد عن ستة امتار .

وقد صعقت للوهلة الأولى لما رأيت من خراب وتدمير لجميع المحلات التي كانت تشرف على الشارع الرئيسي من الجهتين . كانت اثار رصاص واثار عبوات ناسفة وهاون تراها واضحة على الشارع . ومئات المحلات التي شاهدتها كانت مقفلة ومهجورة تماما !!!

تسائلت مثلما فعل غيري بالله عليكم اين ذهب سكان هذه المدينة ؟ وانني متأكد سوف يعترض على مااذكره الكثير لما سأنقله لكم فأنني لااجامل احدا في الحق واطبق ماقاله سيدي ومولاي الأمام علي بن ابي طالب عليه افضل الصلاة والسلام حين قال ماترك لي الحق من صديق !!

شيء لايصدق وغير معقول . فهذه المدينة كانت تزخر بالحياة والحيوية والنشاط والعمل الدؤوب والحركة الدائمة وجميع المحلات والأسواق عامرة وتعمل ليل نهار .

ولكن ماشاهدته قبل ايام كان اشبه بالخيال من الحقيقة التي نعرفها جميعا .

لاتوجد مطاعم نهائيا . لاتوجد محلات تتسوق منها . لاتوجد اسواق بمعنى الكلمة .

من التقيتهم كانوا جميعا من الجيش في وزارة الدفاع والشرطة من وزارة الداخلية والمرور !!

عندما اقتربنا اكثر واكثر ونحن في الطريق الى الحضرة المقدسة كنا نسمع الهتافات بحق ال البيت وكانت هناك مواكب كاملة ترفع الرايات على شكل ( عزاء ) منظم وكانت هناك ( ردات ) من الشعر وعلى وشكل وجبات تسير بشكل منتظم واحدة خلف الأخرى .

اقتربنا اكثر من الأماميين وكانت القلوب تخفق والنفوس حرى والجميع في شوق للوصول الى قبر العسكريين عليهما السلام للسلام والصلاة واداء مراسيم الزيارة .

وقفنا جميعا على شكل ( طابور ) ( بالسرة ) على شكل مجموعات نفتش اولا قبل الدخول الى الأماميين وكان احد الموجودين من القوات الحكومية ينادي على الزوار اخواني ممنوع كاميرات الفيديو وممنوع الأقلام وممنوع السكائر والقداحات والهواتف الجوالة ونهيب بالجميع ان يلتزموا بذلك . وقد نبهنا كذلك سائق الحافلة بذلك فوضعنا ( الممنوعات ) بالحافلة ولكن البعض لم يلتزم .

وقد شاهدت وسمعت ونحن اثناء التفتيش من احد العسكريين واحد الضباط كذلك وهو يكرر بالصلاة على محمد وال محمد فيضج المكان بالاف الزوار بالصلاة على محمد وال محمد !!!

هذه الصورة لم تكن موجودة سابقا . من كان يجرؤ ان يصلي على محمد وال محمد في شارع ؟ اليوم وبفضل الجهود الجبارة للقوات العسكرية ووضع العراق الجديد اصبحت حرية ممارسة المذاهب في العراق ليست محضورة على احد بل وتساعد الحكومة على ذلك بأقصى ماتستطيع .

دخلنا صحن الأماميين وكانت مفاجأة لنا ونحن نرى التدمير الملحق بالقبة الشريفة والسرداب والمأذنتين . ولاتزال اثار التخريب بادية واضحة على جدران الحضرة وكان البناء والأعمار على قدم وساق ولكنه بطيئا نوعا ما لأن العمل في ألأمامين يتطلب الدقة والمهنية لأظهار هذا المكان المقدس بأحلى مايكون للعالم اجمع .

اقتربت اكثر من قبر الأمامين وكان الأزدحام شديدا لكثرة الوافدين فلم اتمالك نفسي ابدا .

وقبل ان ندخل الى الأماميين كان اغلب الزوار يريدون ان يتوضئوا للتحضير الى الصلاة .

ولم اشاهد هناك مكان نظيف يذهب اليه الزوار . ولااريد ان اخوض في شرح هذه النقطة لأنها ازعجتني كثيرا وقد عانيت انا منها مثلما عانى غيري منها وبكل اسف احمل ادارة الروضة الشريفة وادارة محافظة سامراء في الجانب الخدمي للزوار خاصة وفي هذه الناحية حصرا مفقود تماما . ولااحب ان اوصف مارأيت ولكن عليهم ان يلتفتوا الى هذه الجانب المهم للزوار .

انفجرت بالبكاء لما رأيت ودارت في رأسي احداث تلك اللحظات المؤلمة والعصيبة على شيعة محمد وال محمد في كل انحاء العالم قبل اكثر من سنتين حين سمعت بتفجير قبة الأمامين علي الهادي والعسكري عليهما السلام .

عندما انتهينا من قراءة الزيارة الخاصة بالعسكريين خرجنا للصلاة في الصحن الشريف .

وبعد الأنتهاء من الصلاة كان هناك من يوزع الشاي مجانا ونوع من ( البسكت ) معه . فأخذ كل واحد منا ( استكان جاي ) لعله وعسى يخفف من اوجاع الرأس التي اصبح يعاني منها اغلب الزوار . وسألت اين يتواجد مركز صحي هنا قال لي احدهم عندما تخرج من الصحن الى الخارج توجد سيارة اسعاف ويوجد مضمد فيها تحصل منه على ماتريد .

وقبل ان اخرج كان احد العمال في الحضرة بيده اكياس يوزع لمن يريد ان يأخذ ترابا او احجارا من الذي تهدم اثناء تفجير الأمامين . وفعلا كان هناك ( كوم ) كبير من التراب والحجار المتبقي من اثار التفجير الآثم فاخذت كيسا ووضعت فيه قليلا من التراب والحجر تبركا واخذته معي .

وهكذا فعل جميع الزائرين افضل واحسن مما يرمى هذا التراب والحجر في مكان غير نظيف .

خرجت من الصحن الى الخارج وانا اودع الأمامين بعيون باكية حزينة واتجهت فورا الى سيارة الاسعاف التي ارشدني اليها احد خدمة الأمامين فسلمت عليه وطلبت منه اعطائي اكثر من حبة لأوجاع الرأس فقال لااستطيع غير اعطائك واحدة . ولما أكد لي ان هذه تعليمات رضخت للأمر ولم تكن باليد حيلة ولم تكن هناك ( صيدليات ) لشراء مايلزم .

ذهبنا على اثرها على شكل زرافات الى ( ملوية سامراء ) حيث تجمع كل ( السواق ) هناك .

واثناء خروجنا من الحواجز الى الشارع العام رأيت ( علوة مخضر سامراء ) مهجورة ويستعملها الناس ( تواليت ) مثلها مثل ( علوة اسماك سامراء ) كانت تستغل لهذا الغرض .

وكانت بقرب هذه العلوة اعدادية سامراء كانت مقفلة بقفل كبير ( وزنجيل حديد ) يطوقها !!

فلاتوجد مدارس ولاتوجد حياة صاخبة كما كنت اتصور فالمدينة تمر بمخاض عسير نتيجة مااقترفته ايادي قتلة الأنسان والمذاهب واعداء العراق الجديد عليهم لعائن الله في الدنيا والاخرة .

وكانت ساحة ملوية سامراء كبيرة جدا . وقد اخذ منا التعب مأخذا شديدا ولم نتناول طعاما طيلة ثمانية ساعات فأفترشنا الأرض كما فعل غيرنا لتناول وجبة الغداء وكانت سريعة جدا حيث اتت التعليمات لكل الحافلات بأن تتحرك لأن الظلام سيحل قريبا ويجب ان نتحرك بسرعة شديدة بأتجاه ( سيد محمد ) للزيارة ومن ثم ننطلق بعدها الى زيارة الأمام الكاظم عليه السلام كما كان مقررا في برنامجنا لذلك اليوم وكما يبدو لم يحالفنا الحظ .

ولم يحدث ذلك لأن الوقت تأخر جدا وقد خيرنا السائق بين الذهاب او التأخير عن القافلة ففضل الجميع الذهاب الى بيوتهم بعد رحلة دامت ساعات طويلة ولكنها من اجمل الرحلات وان كان الحزن يخيم على وجوه الجميع على مااقترفه المجرمون من اعتداء على القبة المطهرة والقبر الشريف والمأذنتين . ورغم كان هناك تأخير على الطريق وقلق وتفكيرعدة ساعات ولكنها كانت لحظات فقط كانت من اجمل الزيارات ونحن نملك الرغبة والقوة الشديدة لزيارة الأمامين العسكرين عليهما السلام لزيارتهم مرة ثانية عسى ان يوفقنا الله ويوفقكم لذلك .

 كتبت هذه القصيدة واسمها : ( صح فجرت بس خسرت )

 

شلون حال المصطفه واليوم يتذكر

كبة ابنه تهدمت ماراح يتكــدر

ياسيد السادات وانت تشوف هالأرهاب

مض بينه وجثثنه كام تطشــر

ياعلي الهادي وانت حي تعيــش

ياالعسكري ادعي على اهل الشر

هدمو كبتك وفجرو بيت اللــــــه

وحرقو القران وتـــــــــــــوذر

اضربهم يارب حجاره من سجيـل

وانزل عليهم موتك ألأحمــــر

كل من تعده وفجر ايمة اهل البيت

حركه بجهنم وبيهه خل يحشـر

ياعلي الهادي واحنه كلنه وياك

بهذا الحزن نتمرمــــــــــــــــر

ذكرى وفاتك والحزن ينعـــــاد

وللتفجير نتذكــــــــــــــــــــــر

والفجر العسكريين من الله وين يروح

لايعتقد بس هو يكدر يفجـر

الله اله بالمرصاد ويراوينه بيه الثار

واحنه منه هم نثـــــــــــــــأر

كل عقل اللي فجر طيح ألأركان

وكل عقل اللي فجر فجر ودمـر

مايدري القبر ظل شاخص وموجود

ومجانه بقلب كل شيعي مااثر

صح فجرت وساعدك ألأرهاب

بس خسرت عمرك راح بيه تنضر

رجع شامخ بناء جديد وانت اعدام

احنه ربحنه وانت بحقدك التخسر

ياعلي الهادي وجدك شيعتك ماتنام

مكسورة الخاطر ياحجه ماتظهر

كل هذا الظلم والتكفير والتفجير

دنهض وسيفك سله عالكفاروالكفر

وانت الصبر ضد الرده وتصبــر

بالكرم ابن اجواد وبالفضل معروف

بيه من الخصائص مجد ماينكر

مهذب واخلاقه من طه النبي المختار

وطبعه من طبع الوصي حيدر

يعفي يسامح الغلطـــــــــــــان

ويحب الناس كلهه ومايتكبـــــــر

طمأنينه وقار عليه وهيبة المختار

وعفه واصاله عنده وبــــــــــر

عذب بالأخلاق ونفسه متزكاة

ونزاهه العنده عطر عنبـــــــر

وفي العسكري وهمام عالي جناب

وعليه وقار من تشوفه يتبشــر

ومن يعامل ألأنسان بالأحسان

من طبع جده محمد ماخذ المحضـر

ولو يخطب العسكري بين الناس

ومن يرتقي المنبـــــــــــــــــــر

درر من ال الهدى والحكم والآيات

من يكولهه تنســــــــــــــــــر

فارس بالعلم واهل العلم همه الال

مشعل نور همه بالعلم مصدر

وعلي الهادي لو صلى بالمحراب

من يذكر اسم الله يتغيــــــــر

عاداه الزمان ومال الزمان عليه

وصد اعداه ربك ساعده ويسر

المتوكل وماادراك من عــاداه

والمعتز السمه وزمرة المنكــــر

لأن الهادي من ألآل والمختار

والعاداهم ابن حيض وزنه واكثر

نجوم وبالسمه اقمــــــــار

تضوي على البشر وبنورهه تزهر

من الساده والعلام والاشراف

ونسبهم شرف النه نحبهم ونفخر

تاج على الــــــــرؤوس الآل

وشرف من خدمهـــــــــم وازر

اهل الرساله وسادة اهل البيت

مذكورين بالقران واحدهم مطهر

ياوسفه الحكم جان بيد انذال

واهل البيت الحكم الهم شرعا مقرر

العودة الى الصفحة الرئيسية

Google


 في بنت الرافدينفي الويب



© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com